* طفولتي تميزت بالهدوء الشديد، وابتعدت عن كلية الشرطة بسبب مواد القانون
* صلاح ذوالفقار كان أستاذي فى كلية الشرطة، وأشيك وأجمل ضابط رأيته فى حياتي
* السينما لم تظلمني، ويكفيني أن أيفهاتي الجيل الجديد من (المضحكين الجدد) حافظينها ويرددونها
* أنا معجب بنجوم مسرح مصر، خاصة علي ربيع وحمدي الميرغني
أجرى الحوار : أحمد السماحي
منذ حوالي أربع سنوات وبالتحديد في مثل هذه الأيام تم الإعلان عن تكريم النجم الراحل (سمير غانم) في الدورة التاسعة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي، وفي هذه الفترة طلب مني صديقي الكاتب الصحفي (محمود موسى) رئيس صفحة السينما في جريدتنا الغراء (الأهرام)، إجراء حوار مع نجم الكوميديا الكبير بهذه المناسبة، وفي الحقيقة تباطأت وتكاسلت بعض الشيئ نظرا لمعرفتي أن النجم الراحل لم يكن يحب إجراء الحوارات الصحفية ويهرب منها، بحكم علاقتي به من خلال إعداد البرامج، وأيضا بسبب تعرضه لأزمة صحية نقل على أثرها لأحد المستشفيات الخاصة نتيجة آلام حادة في القولون فى هذه الفترة.
وحتى يغريني صديقي (محمود موسى) قال لي : تخيل لو عملت هذا الحوار سيكون أول حوار لـ (سمير غانم) في (الأهرام) وعندما قال لي هذه الجملة تحمست جدا لإجراء الحوار، وبالفعل اتصلت بأسطورة الكوميديا الارتجالية الذي بمجرد نطق اسمه يصبح عنوانا للبهجة، وأعماله دعوة للضحك النابع من القلب، وشخصيته تدعو للتأمل، وبعد اطمئناني على صحته وكانت بجواره زوجته نجمتنا الكبيره (دلال عبدالعزيز) – عفاها الله وأتم شفائها – سئلته: مزاجك حلو يا أستاذنا نجري حوار لـ (للأهرام) ضحك وقال لي: ده راجع لأسئلتك يا حماده لو حلوة ودمها خفيف مزاجي هيتعدل.
وبالفعل حددنا ميعاد وأجرينا هذا الحوار الذي لم نتوقف عن الضحك أثناء إجرائه، فالحوار مع الراحل كان متعه تجعل أمر إنهائه صعبا، فهو مبدع قيل فيه وعنه الكثير الذي لايوفيه حقه، فإليكم حواري معه هذا النجم الذي لن يتكرر:
* فى البداية يهمنا الاطمئنان عليك ومعرفة آخر أخبارك الصحية؟
** الحمد الله أنا بخير، ومن خلال (الأهرام) أحب أشكر جمهوري الحبيب الذى لم يتوقف عن السؤال عني طوال فترة مرضي، وأشكر أيضا أصدقائي وزملائي في الوسط الفني لسؤالهم عني، وحاليا مشغول فى أعمالي التى ستعرض خلال شهر رمضان الكريم، حيث أشارك ابنتي دنيا فى مسلسلها الجديد (في الـ لا لا لا ند)، كما أشارك داليا البحيري في مسلسل (يوميات زوجة مفروسة أوي)، وأحضر مفاجأة لعشاق الفوازير حيث انتهيت من تسجيل أول 10 حلقات من فوازير (سمورة وفطوطة)، والمقرر إذاعتها عبر راديو(90.90)، إخراج حسين إبراهيم، ويشاركني بطولة الحلقات الفنان عمرو عبد العزيز.
* قلت له : مبروك تكريمك فى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وحصولك على جائزة )فاتن حمامه التقديرية) التي ستتسلمها فى حفل افتتاح الدورة التاسعة والثلاثين، والتى تنطلق أعمالها فى الحادى والعشرين من نوفمبر المقبل ما تعليقك على هذه الجائزة؟
** ضاحكا جائزة من أي فاتن حلوة!، واستكمل كلامه قائلا: الحمد الله وربنا يسهل ونعيش لشهر نوفمبر القادم، وحقيقي لقد سعدت جدا عندما أخبرني الناقد السينمائي (طارق الشناوي) بحصولي على هذه الجائزة، التى تمثل لي قيمة كبيرة فى حياتي، ولي الشرف أن أحصل على جائزة باسم سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، لأنها بلا شك قامة كبيرة في حياتنا الفنية ورمز من رموز السينما المصرية.
* هل حدث وعملت مع سيدة الشاشة فى أي أفلام سينمائية؟
** للأسف الشديد لم يحدث أي تعاون فني بيننا، لكن قابلتها مرتين فى الحياة الاجتماعية، وهى ست – الله يرحمها – كانت على درجة كبيرة من التحضروالرقي والشياكة.
* بمناسبة تكريمك فى مهرجان القاهرة السينمائي يهمنا أن نتوقف معك عند محطات مهمة فى مشوارك ونبدأ بالطفولة: ما الذى كان يميز طفولة سمير غانم؟
** قال ضاحكا هتستغرب لما أقولك: الهدوء الشديد، والخجل، (معرفش أعمل زيطة ولا عفرته)، وهذا الخجل ظل يصاحبني فترة طويلة من شبابي، لدرجة أنني عمري (ما عكست واحدة ست)، وعندما أجد ست رائعة الجمال، ولا أستطيع أن أمنع نفسي من معاكستها، أقف بكل احترام وأقولها: (تسمحي أقولك انتي زي القمر)! وأتركها وأمشي!
* يوجد لدي سوال محيرني لماذا التحقت بكلية الشرطة بعد انتهائك من المرحلة الثانوية، ولم تتجه لأي معهد فني ؟
** ضاحكا هذا راجع لحبي لـ (الشو)، فملابس طلبة كلية الشرطة كانت تبهرني، وهى السبب وراء التحاقي بهذه الكلية، وأيضا لأن كل عائلتي من خريجي كلية الشرطة، ولقد استمررت فى الكلية لمدة عامين سعدت فيهما جدا، خاصة بحفلات السمر، والجو الذى يصنعه الطلاب داخل الكلية، وكان أستاذي فى الكلية النجم (صلاح ذوالفقار) قبل عمله بالفن، وكان أشيك وأحلى ضابط رأيته فى حياتي، ورغم وسامته كان شديدا جدا، والكل يخاف منه ويهابه، وبعد عملنا فى الفن كنت أذكره دائما بأيام الدراسة، ولقد تركت الكلية بعد سقوطي المتكرر فى مواد القانون، بعد ذلك التحقت بكلية الزراعة فى الإسكندرية، وهناك بدأت مواهبي الفنية تظهر وساعدني المناخ الفني الجميل الموجود فى الكلية.
* من هم الأشخاص الذين تعتبرهم الشموع الذين أضاءوا لك الطريق، وساندوك فى مشوارك الفني؟
** ربنا سبحانه وتعالي وأهلي وموهبتي فقط، لكن هذا لا يمنع حبي وإعجابي لنجوم كثيرين وقفوا بجانبي وساندوني منهم (عبدالمنعم مدبولي، فؤاد المهندس)، أما العظيم (نجيب الريحاني) فقد تأثرت به كثيرا، وتمنيت أن أراه، أوأرى شكله وهو شاب، فهو عشقي الأول، ومن القلائل القادرين على تقديم (الكوميديا الباكية) فهو يبكيك ويضحكك فى نفس الوقت، وحتى الآن لا أمل من مشاهدة فيلمه (غزل البنات)، وفى هذا الفيلم مشهد عبقري للريحاني يستحقه عليه جائزة (الأوسكار) العالمية، وهو مشهد بكائه أثناء غناء عبدالوهاب لأغنية (عاشق الروح)، هذا المشهد يمكن أن أشاهده يوميا دون أي ملل.
* لأننا نجري حوارا لـ (صفحة السينما) فحديثنا سيكون قاصرا فقط على مشوارك السينمائي، وهنا يهمنا معرفة أهم ما يميز أسلوب سمير غانم الكوميدي فى الأفلام التى قدمها؟
** فى البداية لابد أن يعلم الجميع أن الكوميديا موهبة وروح، وأهم ما يميزني، تقديمي لكوميديا غير متوقعة للجمهور والمخرج الذى أعمل معه، بمعنى مفاجآتي للمخرج الذى أعمل معه بإضافة (إيفهات) وليدة اللحظة، هذه (الإيفهات) لا تكون مكتوبة، ولكني ألتقطها من (رد فعل) الزميل الذى يقف أمامي، فمثلا أثناء عملي مع المخرج العظيم (بركات) في فيلم (حسن بيه الغلبان) كنت أفاجئه أثناء التمثيل بإضافة (إيفهات) غير مكتوبة، والرجل من عظمته كان يضحك ويتركني أعمل ما أريده، كذلك المخرج المسرحي (حسن عبدالسلام) فى المسرح، فمثلا دخولي في مسرحية (المتزوجون) لم يكن متفق عليه، و(حسن عبدالسلام) نفسه فوجئ بهذه (الدخلة)، والحمد الله أن الكوميديا التى قدمتها عايشة حتى الآن.
* ما الفرق بين كوميديا عادل إمام وسمير غانم؟
** عادل أستاذ كبير، وفى السنوات الأخيرة كسر القاعدة واستطاع الجمع بين تقديم الكوميديا والتراجيديا، بنفس القوة والنجاح، وهذه مسألة صعبة، لكن لأن بداخله كوميديان خطير فهو يستحضر الكوميديان بداخله فى أصعب اللحظات التراجيدية ويقدمها بشكل متفرد، خاص به وحده، الكوميديا عندي شاملة بمعنى قدرتي على تقديم كافة الأشكال الكوميدية، بما فيها كوميديا الحركة.
* هل تتذكر أول عمل فني قمت بأدائه وكان سببا في شهرتك؟
** إسكتش (دكتور إلحقني) من تأليف صديقي (عادل ناصيف)، وهو يعمل حاليا فى الخارج، هذا الاسكتش الذى قمت بتلحينه، كان (وش السعد) علينا، بعد ذلك كونا فرقة (ثلاثي أضواء المسرح)، وقام المخرج (محمد سالم) بتصوير (دكتور إلحقني) وحقق نجاحا كبيرا، حتى أن الجميع كان يطلق علينا فرقة (دكتور إلحقني)، بعد هذا الاسكتش قدمنا اسكتش آخر بعنوان (كوتوموتووووو يا حلوة) الذى حقق لنا تواجدا فنيا وانتشارا كبيرا فى كل مكان، وبالمناسبة كل الاسكتشات التى كانت على الإيقاع من تلحيني.
* هذا عن أول عمل غنائي ماذا عن أول فيلم سينمائي؟
** مجموعة من الأفلام قدمتها على التوالي في عامي 1963 و1964 وهي (القاهرة في الليل، منتهى الفرح) إخراج مكتشفنا (محمد سالم)، وفي عام 1964 قدمت فيلم بعنوان (آخر شقاوة) إخراج (عيسى كرامة) الذى لفت نظره النجاح الكبير الذى حققناه فى التليفزيون والحفلات، فقدمنا فى فيلمه الذى قام ببطولته (أحمد رمزي، محمد عوض، حسن يوسف)، وحقق نجاحا كبيرا، وكان أجري في هذا الفيلم خمسين جنيها.
* ما هى أهم الأفلام التى تعتبرها علامات بارزة فى مشوارك الفني؟
** كثيرة لا تحضرني حاليا، وأخشى أن أذكر لك أفلام وأنسى أخرى!.
*وبعد إلحاحي فى السؤال نفسه؟
** قال ضاحكا : (خد عندك): فى البدايات قدمت أفلام كوميدية بسيطة مع نجوم السينما اللامعين ومن هذه الأفلام (صغيرة على الحب، شباب مجنون جدا، مدرسة المشاغبين، 24 ساعة حب، خلي بالك من زوزو، أميرة حبي أنا، شبان هذه الأيام، فى الصيف لازم نحب، البعض يذهب للمأذون مرتين، أذكياء لكن أغبياء، حسن بيه الغلبان، الرجل الذى عطس، الجواز للجدعان، سمورة والبنت القمورة، يارب ولد، تجيبها كده يجيلها كده هى كده، رمضان فوق البركان، نوع من النساء)، وغيرها الكثير.
* ما هي المواصفات التى يجب أن يتمتع بها مخرج الأفلام الكوميدية؟
** أهم شيئ يكون (دمه خفيف)، واستطرد ضاحكا: (مصيبة سودا) لو مخرج (دمه تقيل) قام بإخراج فيلم كوميدي، لو حدث هذا (عليه العوض) فى الفيلم، وثانيا يجب أن يكون لديه حس كوميدي عالي فى شخصيته وروحه، وعنده ثقة فى النجم الذى يديره وهو يقوم ببطولة فيلمه، وأخيرا يجب أن يقوم المخرج (بتدليع) النجم الكوميدي حتى يدخله فى (مود حلو) فيقدم أفضل ما عنده.
* من أهم نجوم الإخراج الذين يتمتعون بخفة ظل وأكتشفت ذلك أثناء عملك معهم فى أفلامك الكوميدية؟
** للأمانة كثير، منهم وأهمهم الأخوين (محمد وعمر عبدالعزيز)، والآن (أحمد الجندي)، فهذا الشاب لديه طاقة كوميدية مرعبة، و(سنس) عالي تجاه الفن الكوميدي.
* هل أنت سعيد بمشوارك السينمائي أم أن السينما ظلمتك؟
**سعيد بمشواري السينمائي جدا، والسينما لم تظلمني، فقد قدمت فيها مجموعة كبيرة من الأفلام الكوميدية التى رسمت البسمة على وجوه الناس ودخلت كل البيوت المصرية، ويكفيني فخرا أن الجيل الحالي من (المضحكين الجدد) حافظين عن ظهر قلب (إيفهاتي) التى قلتها سواء فى الأفلام أو المسرح، وفوجئت بأحدهم عامل دراسة لكل أعمالي، ومتابعها بدقة.
* هل تتابع ممثلي الكوميديا الجدد؟
** طبعا ويعجبني جدا (الولاد) الذين قدمهم الفنان (أشرف عبدالباقي) فى (مسرح مصر) خاصة (علي ربيع) الذى يعجبني (استيله) جدا فى الكوميديا، و(حمدي الميرغني) تحفة!.
* أخيرا ما رأيك فى المشهد السياسي الحالي؟
** بسرعة قال … أبعدني عن السياسة، لكن كل ما أستطيع أن أقوله ربنا يحمي البلد من العين، ويحمي المسئولين عنها، وربنا معاهم، ويقدروا يوصلونا لبر الأمان، ويطلعوا بالبلد لأعلى مكانة، لأن مصر تستحق أن تكون (درة) الدول على مستوى العالم.