(نمبر وان)
بقلم : ثروت الخرباوي
سؤال مباشر ينتظر إجابة واحدة، من هو “نمبر ون” من الفنانين في شهر رمضان؟ .. للأسف لن تجد إجابة واحدة، ولكن ستجد إجابات مختلفة ومتنوعة، فهكذا هي طبيعة الناس، خلقنا الله مختلفين في الأفكار والأذواق والآراء، كما أنه من المستحيل أن يكون فنان ما هو (نمبر وان)، فنمبر وان هى قمة تتسع لعدد لا حصر له من الفنانين، الساحة يا سادة تتسع للجميع، كل واحد من الممكن أن يكون له نظراء في التفوق، وقد يتفوق نظيره عليه في شيء ويتفوق هو على نظيره في شيء آخر، الله وحده يا سادة هو الواحد الأحد، الذي ليس له نظير، ليس كمثله شيء، هو الواحد لأنه واحد، وهو الأحد ليقطع النظراء عنه فلا نقول هناك ثان أو ثالث أو رابع أو خامس له، إذ ينقطع العد عند الواحد ليصبح لا عدد بعده ولا عدد قبله، فهو الذي لا نظير له.
ولأننا نتكلم في الفن، وقد كثر في الفن منذ سنوات قليلة محاولة الاستئثار بـ (نمبر وان)، فلذلك نقول لهؤلاء اعرفوا أنه لو اتفقت الأذواق لبارت السلع كما يقولون في الأمثال، فستجد مثلا أن الشباب الصغير في المناطق الشعبية من أصحاب الثقافة المحدودة يختارون الممثل صاحب العضلات الذي يقوم دائما بدور الفقير البلطجي الذي يقف ضد رجال السلطة ورجال المال الأغنياء، وسيفرح الممثل البلطجي بهذ الشعبية في هذا الوسط المغلوب على أمره ظنا منه أن الاختيار كان بسبب عبقريته، والحقيقة هي أن الاختيار كان لأسباب نفسية من باب تفريغ طاقات الغضب الموجهة ضد من يتصورون أنهم ظلموهم وأفقروهم، يا سيدي البلطجي الاختيار كان للشخصية التي تؤديها، ولو قمت بغيرها لهجرك هذا الجمهور وبحث عن غيرك، ولا تظن أن هذا الأمر خاص بطبيعة الإنسان المصري، ولكنها طبيعة الإنسان العالمي، فشخصية (أرسين لوبين) اللص الفرنسي الظريف الذي اخترع شخصيته الروائي الفرنسي (موريس لبلان) تحظى بشعبية جارفة، وكل ممثل أدى هذه الشخصية في السينما الفرنسية أو العالمية نال شعبية كبيرة ونسبة مشاهدة عالية جدا، سواء كان الذي أدى الدور هو الفرنسي الراحل (جورج ديكريير) أو الفرنسي ذو الأصل السنغالي (عمر سي) الذي يقوم حاليا بدور مستوحى من قصص (أرسين لوبين) على (نتفليكس) الذي أصبح منذ الموسم الأول للمسلسل أشهر ممثل فرنسي على الإطلاق وفي طريقه ليلحق بسماء العالمية.
وانظر كذلك لشخصية (روبن هود) اللص الذي يسرق من الأغنياء ليعطي للفقراء، والذي يقف في مواجهة السلطة، وكيف أن من أدى هذه الشخصية في السينما العالمية نجح بشكل كبير بالرغم من الأداء المتوسط للنجوم الكبار حينما جسدوا تلك الشخصية، ولكي لا نطيل الكلام حول هذا الأمر أقول إن كبار المنتجين في السينما العالمية يستعينون بعلماء كبار في علم النفس الاجتماعي ليدرسوا طبيعة الشخصيات التي من الممكن أن تجتذب عددا كبيرا من الجمهور، وآخر استشارات هؤلاء العلماء أنتجت لنا شخصية (الجوكر) في الفيلم الأمريكي البشع الذي نال شعبية ونسبة مشاهدة غير مسبوقة، ورغم ذلك ندخل رغما عن أنوفنا إلى (نمبر وان) في الأعمال الفنية في رمضان، سنجد أن مسلسل (الاختيار 2) هو المسلسل رقم واحد أو (نمبر وان) بالنسبة للمسلسلات، أقول ذلك بالرغم من أنه أقرب إلى العمل التسجيلي، ولكنه حفل أيضا بتسلسل درامي معقول، ورفع من قدر هذا المسلسل الفنان العالمي، أقول العالمي، العالمي ونص وثلاثة أرباع كمان، كريم عبد العزيز، هو في الحقيقة (نمبر وان)، ولا أخفيكم سرا أنني بشكل شخصي أحب كريم عبد العزيز، وأرى أنه شخصية من النوادر في السينما المصرية، فمع خفة الظل الطاغية، تجد قدرة فائقة على تقمص الشخصية التي يؤديها، والذي جعله يصل إلى تلك المرتبة هو أنه فنان مثقف، صاحب ثقافة متنوعة، وقد حباه الله بذكاء غير عادي، وله كاريزما غير مسبوقة، حاولت ذات مرة أن أقول إنه يماثل الفنان الراحل أحمد رمزي ولكنني وجدته أعلى منه، فهو يؤدي الأكشن مع الدراما مع الكوميدي باقتدار يتفوق على رمزي بكثير، ولا أريد أن يظن أحد أن شهادتي لكريم عبد العزيز مجروحة لحبي له، ذلك أنني لست في موضع الشهادة من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن أداء كريم يجبرك على احترامه، فالذي يحترم الجمهور يجب أن يقابل باحترام.
وقد كنت أتمنى أن ينجح أحمد مكي في دوره في الاختيار، ولكن سأضع ألف أسف وأسف، فمع احترامي وحبي وتقديري له إلا أن هناك أشياء أوقفتني تجاهه في المسلسل، منها أن نبرة صوته غير واضحة وقد يكون هذا بسبب مشكلة ما في حنجرته أو في أحباله الصوتية، وعليه أن يأخذ هذا الموضوع بجدية، كما أن تعبيرات وجهه كانت واحدة في السراء والضراء، لا تغيير فيها، وقد كان حريا على المخرج أن يوجهه في هذا الأمر، إذ أن لغة الجسد عنده لم تكن متفاعلة مع الأحداث بالقدر اللازم، ولأن يحي الفخراني متميز بطبيعته لذلك فقد قام بدوره في مسلسل (زركش نجيب زاهي) باقتدار ليس جديدا عليه، لذلك يستحق أن يكون هو الآخر (نمبر وان) مع كريم عبد العزيز، ولكن الذي يخفض درجته قليلا فلا يجعله الأعلى من الجميع هو أن مستوى التأليف للكاتب عبد الرحيم كمال تراجع كثيرا، فأصبح مسلسله مهلهلا، ويبدو أن الملل أصاب عبد الرحيم خاصة مع تأليفه لعدد كبير من المسلسلات لذلك غرق في بحر التلفيق والتوفيق، وهو يماثل بحر الظلمات تماما، وأتمنى له أن يتريث قليلا ويقلل من الكتابة حتى يعود كما كان، أوووه للأسف ستجدني كتبت اسم المسلسل خطأً فالإسم الثلاثي للمسلسل المأخوذ من إسم البطل أربكتني تماما وكان ينقص المؤلف أن يكتب في عنوان المسلسل الرقم القومي للأخ (نجيب زاهي زركش) حتى نتحقق جميعا من شخصيته .
وطالما تحدثنا عن عبد الرحيم كمال فمع حبي له سأقول إنه ساهم بشكل كبير في سقوط مسلسل (القاهرة كابول)، فهذا هو المسلسل الذي كنت أنتظر منه أن يقوم بالرد على أفكار جماعات الإرهاب بشكل علمي مؤثر، ولكن ليس كل ما يتمناه المشاهد يدركه، ولك أن تعرف أن منطق الإرهابيين في المسلسل كان هو الأعلى رغم تهافته، وقد دل ذلك على أن الرد على المنظومة الفكرية للإرهاب ليست من بضاعة المؤلف، ولا داخلة في إمكاناته، نعم أنا معكم في أن مسلسل (الاختيار) لم يقم بدوره هو الآخر في الرد على أفكار الإرهابيين بشكل متفوق، ولكنه على الأقل لمس أمورا مشاعرية بمنتهى الاحتراف جعلتنا مشاعريا نرفض الإرهابيين ولو كانوا أولي قربى.
ولكنني لن أجرد المسلسل من مناطق التفوق، فطارق لطفي يستحق في هذا المسلسل أن يكون هو الآخر (نمبر وان)، وكذلك فتحي عبد الوهاب، ولأنني كتبت من قبل عن طارق لطفي فمن العدل أن أكتب عن فتحي عبد الوهاب الذي أخرج كل ما لديه من موهبة وهو يؤدي شخصية هذا المذيع العميل اللزج، لم يقتصر الأمر على موهبة فتحي عبد الوهاب فقط، ولكن ظهر من أداءه أنه درس شخصية هذا المذيع بشكل متعمق، وعاش فيه، وفكر مثله، حتى أنني كرهت فتحي عبد الوهاب، ولأنني كرهته وكذلك معظم من شاهده في المسلسل لذلك فهو الآخر يستحق أن يكون (نمبر وان)، وستكون حنان مطاوع هى الأخرى (نمبر وان) فهى فنانة موهوبة ورثت الموهبة والتألق من والديها وقد قامت بدورها بإخلاص شديد فنالت وسام الاحترام.
ومع مسلسل (لعبة نيوتن) الذي ينال هو الآخر مرتبة (نمبر وان) كعمل شبه متكامل، ولكن معه يجب أن تنال منى زكي مرتبة (نمبر وان) بجانب حنان مطاوع، فهذا هو أنجح أدوارها على الإطلاق، وسيظل محمد ممدوح متأخرا درجات حتى يتخلص من مشاكل النطق والتنفس، ولن أكتب عن مسلسل (نسل الأغراب)، فالمثل يقول: (اذكروا محاسن موتاكم)، ونسل الأغراب ليست له محاسن ولكن له مي عمر و ريم سامي ومحمد سامي، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
قال لي أحدهم ألن تكتب عن موسى؟ قلت: موسى من؟!، قال: مسلسل موسى؟ قلت: أنا أعرف سيدنا موسى، وأعرف منطقة عيون موسى، وأعرف عمرو موسى، ولكني لا أعرف مسلسل موسى!!.