عبدالكريم الكابلي .. أسطورة الطرب السوداني الذي غنى لعبدالناصر
كتب : أحمد السماحي
المطرب (عبدالكريم الكابلي) أو سفير الغناء السوداني واحد من عمالقة الفن السوداني الذى أمتعنا بالعديد من الروائع الغنائية، وله مكانه خاصه في قلوب السودانين وسائر الجماهير في أنحاء الوطن العربي وفي العديد من الدول الأوربية، حيث ﻳﻀﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺤﻦ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﺣﻼﻭﺓ ﺻﺎغها من وجدانه، ﻭﻳﻀﻴﻒ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻋﺬﻭﺑﻪ ﺗﺸﻔﻰ ﻓﺆﺍﺩ الصب من أشجانه، أظهر اهتماما عميقاً بالتراث الشعبي السوداني بصفة عامة، والغناء الشعبي في مناطق السودان التي تأثرت باللغة العربية بصفة خاصة، ولم يقتصر إبداعه على الغناء فقط ولكنه كتب ولحن العديد من أغنياته، فضلا عن التأليف الموسيقي.
تعدد المواهب لدي (الكابلي) تعود إلى البيئة التي نشأ فيها فوالده كان يتمتع بصوت عذب يطرب له جلساؤه في حلقات السمر التي كان يقيمها، وكان من الشباب المبدعين والمثقفين الذين شاركوا في النشاطات الثقافية والفنية والاجتماعية في مدينة (بورت سودان) في أربعينات القرن الماضي، وقد ورث (الكابلي) كل تلك الصفات والمواهب المتعددة من تجربة والده التي صقلته ليكون بعد ذلك أحد رواد التجديد للأغنية السودانية.
غنى (الكابلي) لكبار شعراء السودان والعالم العربي سواء القدامى أو من العصر الحديث منهم (يزيد بن معاوية، أبوفراس الحمداني، محمود عباس العقاد، أحمد شوقي، علي محمود طه، محمد الفيتوري) وغيرهم، وغنى أكثر من أغنية للزعيم (جمال عبدالناصر) مثل (جمال العربي، وناصر) وفي أغنية (جمال العربي) حكى تجربته مع الرئيس المصري عندما غنى (الكابلي) أمام (أبو خالد) ونال غنائه إعجابه فقام بمصافحته.
ويعتبر(الكابلي) أول من خلط ايقاعات (الزار) الإفريقية مع (الروك أند رول)، وغنى بهذا الإيقاع أغنيته الشهيرة (سكر.. سكر .. سكر)، وتميز بأدائه الجامع للطبقات الصوتية، فهو يمزج في الأغنية الموسيقية الواحدة بين القرار، وجواب القرار.
هذا الأسبوع نتوقف مع ألبومه (يا حلو) الذي تضمن 6 أغنيات كلها من تلحين (الكابلي) وهى (أراك عصي الدمع) كلمات أبوفراس الحمداني، (نالت على يدها) كلمات يزيد بن معاوية، (روعة الليل) كلمات عوض أحمد خليفة، (يا حلو) كلمات الكابلي، (دناب) تراث، (الشاهد قمر) كلمات الكابلي وصديق مدثر.
الألبوم إنتاج المطرب وتوزيع شركة روتانا، وجمعت أغنياته وتم إعادة تسجيلها فى لندن عام 1994، وتميز الغلاف بالشياكة والبساطة والجمال، وتضمن صورة للمطرب في فترة الشباب فى الداخل، وعلى الغلاف الخارجي صورة له وهو في مرحلة النضج الفني والإنساني بالأبيض والأسود.
ودعونا نتوقف عند بعض أغنيات الألبوم، ولتكن بعض أبيات من قصيدة (يزيد بن معاوية) التى لحنها وقام بغنائها الكابلي:
نَالَتْ عَلى يَدِها مَا لَمْ تَنَلْهُ يَدِي
نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَدِي
كأَنَّهُ طُرْقُ نَمْلٍ في أَنامِلِها
أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْها السُّحْبُ بِالْبَرَدِ
كأَنَّها خَشِيَتْ مِنْ نَبْلِ مُقْلَتِها
فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها دِرْعاً مِنَ الزَّرَدِ
مَدَّتْ مَوَاشِطَها في كَفِّها شَرَكاً
تَصِيدُ قَلْبِي بِهِ مِنْ داخِلِ الجَسَدِ
وَقَوْسُ حَاجِبِها مِنْ كلِّ نَاحِيَةٍ
وَنَبْلُ مُقْلَتِها تَرْمِي بِهِ كَبِدِي
وَعَقْرَبُ الصُّدْغِ قَدْ بَانَتْ زُبانَتُهُ
وَنَاعِسُ الطَّرْفِ يَقْظانٌ عَلى رَصَدي
إِنْ كانَ في جُلَّنارِ الخَدِّ مِنْ عَجَبٍ
فَالصَّدْرُ يَطْرَحُ رُمَّاناً لِمَنْ يَرِدِ
وَخَصْرُها ناحِلٌ مِثْلِي عَلى كَفَلٍ
مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكى الأَحْزَان في الخَلَدِ.
………………………………
بعض أبيات من قصيدة (أراك عصي الدمع) التى لحنها الكابلي لحنا مختلفا عن الألحان التى غنتها أم كلثوم :
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ، أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة، ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ!
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى، وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي، إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ
معللتي بالوصلِ والموتُ دونهُ، إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!
حفظتُ وضيعتِ المودة َ بيننا، وأحسنَ منْ بعضِ الوفاءِ لكِ العذرُ
و ما هذهِ الأيامُ إلا صحائفٌ، لأحرفها من كفِّ كاتبها بشرُ
بنَفسي مِنَ الغَادِينَ في الحَيّ غَادَة، هوايَ لها ذنبٌ وبهجتها عذرُ.
……………………………..
تقول بعض كلمات أغنية (يا حلو):
آه آه يا حلو
يافرحة أيامي الغلو، يا لون جديد في أولو
قبل الربيع طل الزهر، وأهداك منو قرنفلو
جات الطيوب أعواد تميس، من طيبا أهدت صندلو
واتجمعت كل الطبائع، قالوا ليك طبعك براك،أعزلوا
و عزلت طبعا كان معاي، من ما وعيت بتخيّلو
كنت فاكرو المستحيل، لكن بديع الكون إذا ما
أهدى مين البسألو.