موريس اسكندر منتج أغاني وردة سبب منع ظهور فيلم (قضية حب)
كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى التاسعة لرحيل المطربة الكبيرة (وردة) التى غنت للثورات وللأوطان وللحب، التى صافحت رؤساء، وعايشت عمالقة الزمن الجميل، وخاضت ثلاث زيجات، وعانت أمراضاً وعمليات كثيرة وأحاطت بها الأضواء من كل صوب، إنها أكثر من حياة تلك التي عاشتها، والتى لم تكن مجرد مطربة حققت نجاحاً وشهرة ونجومية، ولم تكن مجرد حصان رابح للمنتجين والمخرجين، و لم تكن مجرد فتاة أحلام للشباب والرجال يتهافت عليها المعجبين، ولم تكن مجرد صوت موهوب تغير لونها الغنائي باستمرار ليكون ذلك تعويذة نجاحها وسر استمرارها، بل قطعة من قلب الغناء العربي، والسينما الغنائية في مصر، عقلها رسم بأعمالها تاريخها وحدد مسارها وعبر عن فلسفتها وأبرز أهميتها.
ربطت بيني وبين العظيمة (وردة) صداقة وطيدة وتحديدا في سنواتها الأخيرة حيث أجريت معها أكثر من حوار لجريدتنا الغراء (الأهرام) كما نشرت لها كل تصريحاتها الأخيرة، التى نقل عنها واستشهد بها كثير من الزملاء .
قدمت (وردة) للسينما الغنائية ستة أفلام، وكان من المفروض أن تكون هذه الأفلام سبعة، لكن الفيلم السابع تم تصوير جزء كبير منه، وسجلت أغنياته لكنه هذا الفيلم لم يظهر للنور لماذا ؟! هذا ما سنوضحه خلال السطور التالية.
تعود تفاصيل فيلم (قضية حب) إلى بداية الثمانيات من القرن الماضي، عندما قرر المنتج السعودي (فؤاد جمجوم) أن يعيد (وردة) لشاشة السينما بعد توقف حوالي ثلاث سنوات بعد فيلمها الأخير (آه يا ليل يا زمن)، بطولتها أمام النجم السينمائي رشدي أباظة، الذى حقق نجاحا كبيرا، وعرض عليها سيناريو فيلم (قضية حب) الذى نال إعجابها الشديد، خاصة أن قصته تدور في أجواء شديدة الرومانسية، وبالفعل اتفقت مع المنتج على كل التفاصيل الخاصة بإختيار الأبطال فوقع الإختيار على (محمود ياسين وزيزي مصطفى، والشاعر حسين السيد) كأبطال بجوارها، وإخراج حسين عمارة.
لكن المشكلة الكبرى كانت أغنيات الفيلم! حيث كانت (وردة) تريد أن تكون فى مستوى أغنيات فيلمها الأخير التى حققت نجاحا كبيرا ورددتها الجماهير المصرية والعربية، خاصة رائعتها (حنين)، وكانت المشكلة التى واجهتها فى هذا الوقت طلاقها من العبقري (بليغ حمدي) الذى وضع ألحان هذه الروائع، فطمئنها (جمجوم) من هذه الناحية، واتفق مع مجموعة كبيرة من كبار الشعراء والملحنيين على وضع أغنيات الفيلم منهم الموسيقار العظيم (محمد الموجي)، والمبدع (حلمي بكر) والشعراء الكبار (حسين السيد، عبدالوهاب محمد، عبدالسلام أمين) الذين وضعوا مجموعة من الأغنيات الجميلة مثل : (لازم نفترق، وأهلا يا حب، وعلى عيني يا حبة عيني جيالك هوا، والحلم).
وبعد دوران الكاميرا ومرور أسابيع على تصوير الفيلم توقف التصوير فجأة بسبب نشوب خلاف بين منتج الفيلم (فؤاد جمجوم)، ومصوره (رمسيس مرزوق)، لأن المادة الخام التى قدمت للمصور لاستعمالها كانت موضوعة فى أحد المخازن مما جعلها غير صالحة للتصوير، فاختلف المنتج والمصور حول مكان تحميض ما تم تصويره من الفيلم، حيث اقترح (مرزوق) أن يتم التحميض فى معامل باريس ضمانا للجودة ولأن معامل باريس تعتمد على أحدث التقنيات، لكن المنتج تجاهل هذا الأمر، وبدأ تحميض ما صور فى القاهرة، فانسحب (مرزوق) من الفيلم، وقدم شكوى ضد المنتج متهما إياه بالتدخل في شئون ليست من اختصاصه، فاتخذت نقابة السينمائيين موقفا فى صف المصور ضد المنتج، مما جعل المنتج يعاند ويوقف التصوير.
وما جعله يعاند أكثر أن (وردة) وبعد وقف تصوير الفيلم تماما، أن قامت بغناء الأغنية الرئيسية في الفيلم وهى (لازم نفترق) فى الحفلات العامة، وفور غنائها لها سارع المنتج (موريس إسكندر) صاحب شركة (موريفون) إلى طبع الأغنية على أشرطة كاسيت، وطرحها فى الأسواق باعتباره صاحب الحق فى استغلال الأغنية.
وقد ثار منتج الفيلم (فؤاد جمجوم) واعتبر إطلاق أغنية (لازم نفترق) بمثابة عملية حرق للأغنية سينمائيا لأن الجمهور لن يتلهف على سماعها عن طريق الفيلم، وعندما هدد باللجوء إلى المحاكم أبدى الأستاذ (محمود لطفي) مستشار جمعية المؤلفين والملحنيين فى القاهرة رأيه فى الموضوع، فقال إنه لا يحق لمنتج الفيلم أن يعترض إلا إذا استغلت الأغنية في فيلم سينمائي آخر، وليس له أيضا أن يعترض على تسجيلها على أشرطة كاسيت لأنه هو شخصيا لا يملك إلا حق استغلال الأغنية سينمائيا.
وحزنت ورده لوقف تصوير الفيلم وأصيبت بالإحباط، وقررت بعد فترة أن تفرج عن أغنيات الفيلم وغنائها في حفلاتها العامة، وبالفعل قدمت بعد (لازم نفترق) أغنية (على عيني) لإنهما مناسبتين لأجواء حفلات الثمانينات، لكن ظلت (أهلا يا حب، والحلم) حبيسة الإدراج، وتعتبر أغنية (الحلم) تحديدا من أجمل الأغنيات الكوميدية، وهى ديالوج غنائي بين (وردة والكورس) عن حلم بطلة الفيلم بمحموعة من الأحلام تخص فارس أحلامها.