سامر المصري .. الشر الجميل على طريقة استيفان روستي
كتب : أحمد السماحي
أدوار الشر دائما تكون الأكثر تأثيرا فى العمل الفني، فإما أن يحب المشاهدون من يقدمها ويتفاعلون معه، وإما لا يقتنعون بأدائه ويرون أن ما يقدمه من شر غير مبرر دراميا، وفى مسلسلات رمضان هذا العام لدينا الكثير من النجوم الذين أجادوا فى تقديم أدوار الشر، ومن بين هؤلاء النجوم، الفنان السوري (سامر المصري) الذي قدم فى مسلسله (كله بالحب) تأليف ورشة محمد الشخيبي، إخراج عصام عبدالحميد، دور المحامي (صبحي العلاف) الذي استغل معرفته بدهاليز القانون وبدأ ينصب على الناس، في البداية كانت الشخصية ناعمة، لكن بمرور الحلقات بدأت تتضح ملامحها، ووجدناها شخصية واضحة بل وصريحة فى الشر إلى حد كبير، فهو يحكي عن خططه ومؤامراته بلا حرج ولا حساسية خاصة مع القريبين منه (دهب، وشربيني)!.
وقد برع (المصري) فى تقديم شكلا مختلفا من الشر، وهو الشرير الوسيم الذى يبرز عكس ما يفعله، ويخفى وراء تلك الوسامة الكثير من ملامح الشر وممارساته، وقدم الدور بوعي وفهم يستحيل أن يأتي وليد الصدفة مبتعدا به عن أن يسقط فى هاوية (التنميط)، وقدمه على طريقة (زكي رستم، وإستفان روستي، وتوفيق الدقن) وغيرهم من النجوم الذين أمتعونا بشرهم التمثيلي المتقن، وحقق مستوى من التلقائية والطبيعية وصل به وبالمعاني المتضمنة في المسلسل إلى الجمهور في سلاسة وبساطة.
جاء (سامر المصري) للدراما المصرية بعد مجموعة من الأعمال الرائعة التى قدمها ــ وما زال ــ في الدراما السورية، وللحق قدم دور(صبحي العلاف) بمزاج عالي، جعلت المشاهدين فى الحلقة 27 وهو يسمع (إبراهيم كراكيبو) تسجيل صوتي لزوجته (شهد) يؤكد خيانتها له، يسبونه ويقولون: (يا ساتر يا رب.. هو فيه كده)، وهذه الجملة من المؤكد تبرز نجاحه فى العمل، وفى تقديمه تلك الشخصية، خاصة وهو يقول لـ (كراكيبو) كلمات مسمومة ولكنه يقولها بذكاء ودهاء وخبث لكي يدفعه لقتل زوجته : أنا لو كنت أعرف أن ردود أفعالك هتكون عنيفة بالشكل ده ما كنتش سمعتك التسجيل!.
وعندما يطلب منه (كراكيبو) أن يعيد تشغيل الرسالة الصوتية التى تؤكد خيانة زوجته (شهد) مع (الدكتور طارق) مرة أخرى، يرفض وبهدوء شديد يقول له وكأن قلبه عليه ويهمه مصلحته: أنت بتحرق نفسك، أنت شوية وحترتكب جريمة، خلاص يا هيما تعالى نستر عليهم، خلاص ربنا يسامحهم.
وينظر إلى (هيما) – وهو مذهول مما سمعه – بنظرات كلها مكر وخبث وبعيون تلمع بالدهاء ليعرف تأثير كلماته المسمومة عليه والتى تحمل رسالة مبطنة بالقتل ويقول له بصوت أشبه بفحيح الأفاعي: ايه يا هيما بتفكر في أيه؟ عايز تعمل ايه؟! وعندما يرد عليه إبراهيم قائلا : أنا عايزهم يا يا باشا، عايز أقطعهم بسناني.
فيرد عليه صبحي : مش عارف أقولك ايه أنا لو مكانك كنت هحتار كده زيك، مش عارف أسامح، ولا أخد حقي!
فيقول هيما: أنا عايزهم؟
صبحي : لو أنت فعلا عايزهم يبقى بالعقل تسمع اللي أنا هقولك عليه، وتنفذه بالحرف ومن غير ولا غلطة، عشان تاخد حقك وتمشي بين الناس رافع رأسك وتبات فى فرشتك.
دقق عزيزي القارئ فى هذا المشهد، وفي الطريقة التى يعكس بها (سامر) شعورين متباينيين، أحداهما ظاهر لـ (كراكيبو) والآخر لا يفهمه إلا الجمهور، في مؤامرة مشتركة مع الممثل، وتطبيق نموذجي لأسلوب في الدراما اسمه (ASIDE) والذي يعني إشراك الجمهور فى حوار أو معنى أو تعبير لا يسمعه ولا يدركه بقية الممثلين فى العمل.
و في الحلقة (28) وبعد أن يقتل (إبراهيم كركيبو) زوجته (شهد) يتصل (صبحي العلاف) به هاتفيا ويقول له بكل برود أعصاب: أيوه يا إبراهيم إيه .. عملت إيه؟ .. خلصت!، البقية في حياتك يا حبيبي تعيش وتفتكر!، إجمد يا إبراهيم أنت عملت اللي أي راجل كان هيعمله!.
وضحك الجمهور كثيرا و(المصري) يردد هذه الكلمات، وتذكروا النجم الراحل (ستيفان روستي)، لأنه يقول الجملة وكأنه يبارك لـ (هيما) أو كأن (هيما) لم يقتل!.
فى النهاية نستطيع أن نقول أن (سامر المصري) بعد نجاحه في فيلم (الخلية) مع النجم أحمد عز، نجح بقوة في أول أعماله الدرامية المصرية من خلال مسلسل (كله بالحب)، وتمكن من إجادة اللهجة المصرية، وقدم شخصية (صبحي العلاف) بشكل رائع، واستطاع اكتشاف النص المكتوب وتحويله إلى شخصية من دم ولحم باللفظ والحركة وبالطاقة السيكولوجية المكبوتة، وبشكل يؤدي إلى وصول الرسالة المقصود تبليغها من خلال العمل الفني، والأجمل من كل هذا أنه جذب شريحة كبيرة من البنات والسيدات الذين بحثوا عن صوره وأعماله السابقة، لكن (المصري) لا يهتم بهذا الجانب حيث أنه لا يخون الست الحاجة!.