المشير طنطاوي بطل الحلقة (29) من هجمة مرتدة
كتب : محمد حبوشة
فى حياة الشعوب رجال تختارهم الأقدار فى وقت المحن، وفى لحظات فارقة من عمر الزمن يحملون على عاتقهم المسئوليات الجسام، رجل من هؤلاء الرجال هو المشير محمد حسين طنطاوى الذى تمتد مسيرته فى خدمة مصر لأكثر من نصف قرن من العطاء والتضحية والفداء، بداية من انخراطه كضابط بالمشاة وتدرج فى جميع المناصب حتى صار وزيرًا للدفاع ثم رئيسًا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وإدارة شئون البلاد عقب ثورة يناير، ومن ثم كان بطل حلقة الأمس في الحلقة 29 من مسلسل (هجمة مرتدة)، والتي بدأت الحلقة بأحداث 25 يناير ونزول الجيش للشوراع وحتى لحظة تنحي الريئس الراحل حسني مبارك، فقد كان أمل الموساد أن تعم الفوضى في البلاد من خلال حرب أهلية تم التخطيط لها بعناية فائقة من قبل.
حلقة الأمس من (هجمة مرتدة) كانت غاية في السخونة محملة بقدر هائل من التوتر حيث تناولت الصراع الدرامي على أرض مصر في محاولة حثيثة لإسقاطها، حيث نشطت أجهزة المخابرات العالمية وبالتنسيق مع عملاء الداخل مثل (سعد الدين إبراهيم والإخوان)، وحاولت تلك الجهات تطبيق سيناريو الفوضى وإغراق مصر في براثن حرب أهلية تؤدي إلى خرابها وتقسيمها إلى ثلاث دويلات بحسب المؤامرة التي دبرت بليل، وذلك من خلال هبوط الجاسوس الإسرائيلي (ريكاردو / قيس شيخ نجيب) على أرض القاهرة في بداية أحداث 25يناير وبالتنسيق مع (إيزاك / باسم قهار) الموجود في مكتب الموساد في أوروبا، وفي ظل تزايد حدة التوتر والغصب الشعبي تمكن (ريكاردو) من التسلل داخل صفوف المتظاهرين الذين كان يلتقيهم على (قهوة البوصة) كما ظهر في الحلقة، ولكن تدخل المشير طنطاوي ونزوله إلى الميدان أفسد كل مخططات الموساد التي تريد إفشال الدولة المصرية.
يظهر (إيزاك) في كادر مواز للأحداث الساخنة في ميدان التحرير، وعندما يشاهد تدخل الجيش يبدى دهشته وغضبه من إفشال السيناريو، قائلا لزميله (داوود) هذا الرجل (المشير طنطاوي) ليس سهلا، لقد هزمنا مرة من قبل في معركة (المزرعة الصينية) في حرب أكتوبر 1973عندما أخفي جنوده عن أعين قادة جيشنا، ثم دار وضرب ضربته الموجهة التي أهلكت جيشنا، حيث كان قائدا للكتيبة 16 مشاة، والتى حققت بطولات كبيرة خلال ملحمة عبور قناة السويس وتحرير سيناء، فقد دخل المشير طنطاوى فى مواجهة مباشرة مع القوات الإسرائيلية وتحديدا مع إريل شارون أثناء حرب أكتوبر73، وتحديدا يوم 12 أكتوبر حيث تم الدفع بإحدى الوحدات التى كان يقودها طنطاوى لتأمين الجانب الأيمن للفرقة لمسافة 3 كيلومترات، وتمكنت الوحدة بقيادة (طنطاوى) من الاستيلاء على نقطة حصينة على الطرف الشمالى الشرقى من البحيرات المرة، وكان جنود هذه النقطة من الإسرائيليين قد اضطروا للهرب منها تحت جنح الظلام، وتم إحباط عملية (الغزالة المطورة) الإسرائيلية، حيث تصدت بالمقاومة العنيفة لمجموعة (شارون) ضمن فرقتى مشاة ومدرعات مصريتين فى الضفة الشرقية، حدث هذا فى منطقة (مزرعة الجلاء) المعروفة باسم (المزرعة الصينية) حيث كبدت الكتيبة بقيادة (العميد طنطاوى) الإسرائيليين خسائر فادحة.
إنها الخديعة إذن – يقول إيزاك – ولايمكن أن يهزمنا مرتين، ومن ثم أصدر تعليماته لريكاردو بتنفيذ الخطة (ب) من السيناريو الأسود، وحاول الجاسوس الإسرائيلي – الذي أحكمت المخابرات المصرية قبضتها عليه – أن يقوم بإدخال سفن محملة بالذخائر والأسلحة إلى غزة لتمر عبر الأنفاق كي يتم تنفيذ عمليات تفجير لمنشأت داخل العاصمة المصرية، لكن (عين الصقر) من خلال (سيف العربي) كانت تراقب حركة ريكادرو وعملاء الداخل من الإخوان وحركة حماس على الحدود الشمالة الشرقية في سيناء، وفي الوقت المناسب تم السيطرة على الموقف ومنعت المخابرات المصرية الكارثة التي كان يمكن أن تؤدي بالبلاد في تلك اللحظات الحاسمة من عمر وطن اجتمعت عليه كل قوى الشر في الخارج والداخل خاصة أن تم تسرب أكثر من سبعين جاسوسا وقتها لميدان التحرير من الصحفيين والحقوقين وسفراء ومنتسبي المنظمات الدولية في القاهرة.
وفور تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى مسئولية السلطة فى البلاد، استطاع فى وقت قصير الحفاظ على هيبة ومكانة القوات المسلحة المصرية فى العالم، وكان الضامن الأمين للتطور الديمقراطى فى مصر، وألقى عليه أعباء عهد جديد على مصر والمنطقة، وقد نجح فى كل الاختبارات التى تعرض لها بنجاح منقطع النظير، ورغم كل محاولات الاستفزاز التى تعرض لها الرجل وتعرضت لها القوات المسلحة فى تلك الفترة الدقيقة إلا أنه كان بمثابة حائط الصد و(القميص الواقى) الذى يتلقى الضربات عن الشعب، وظل حتى قيام الشعب بانتخاب رئيس آخر وتسلم منصبه فى 1 يوليو 2012 استكمالا لخارطة الطريق، ثم بعد ذلك منح قلادة النيل وعين مستشارًا لرئيس الجمهورية.
الحلقة كانت مكدسة بالأحداث العصيبة، حيث رصدت وقائع ما حدث في ميدان التحرير ومنطقة وسط البلاد، حيث كانت تدار المؤامرات من جانب (ريكاردو) وأعوانه من مركز الجبرتي (مركز ابن خلدون)، وأيمن نور في حزبه المشبوه، حيث انخرط الجاسوس (مايكل) وسط مجموعات الشباب الذين حكمت السيطرة عليهم (دينا أبو زيد) وعلى رأسهم (أحمد حرارة) الذي انجرف رغما عنه في صفوف المتظاهرين، وعلى أثر فقده لعينه واكتشافه للمؤامرة التي تدار من خلف الستار بأصابع سعد الذين إبراهيم والإخوان حاول الخروج الآمن من اللعبة القذرة، لكنه كان قد تورط مثله مثل أبرياء كثر أكل عليهم خونة الأوطان وشربوا حتى استنفدوا كل طاقتهم التي راحت سدى بفضل بطولة الجيش بقيادة (المشير طنطاوي)، وبيقظة تامة من جانب المخابرات العامة المصرية حيث كانت (عين الصقر) لاتنام في سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ونجحت بالفعل في وقف السيناريو الأسود الذي حاول النيل من وحدة الشعب المصري وتكاتفه مع جيشه الباسل ضد قوى الشر العظمي.
ظني أن مسلسل (هجمة مرتدة) سيظل محفورا بحروف من نور في عقول المصريين وسترسخ في الذاكرة المصرية الحية من خلال أحداثه الساخنة عبر حلقاته الأخيرة التي رصدت محاولات القوى العظمي بالتنسيق مع عملاء الداخل والتسلل داخل صفوف المتظاهرين وتحفيزيهم على القيام بعمليات تخريبة من شأنها أن تسقط الدولة المصرية في المستنقع الذي هدفت إليه حروب الجيل الرابع ودحضت كل نظريات (برنارد لويس)، المؤرخ اليهودي البريطاني الأمريكي صاحب أخطر مشروع في هذا القرن لتفتيت العالم العربي والإسلامي من باكستان إلى المغرب والذي وضع مخططا لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات وحظي بتكريم إسرائيل وتركيا وأمريكا، ووضع برنارد لويس مشروعه بتفكيك الوحدة الدستورية لجميع الدول العربية والإسلامية، وتفتت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية، كما أعد خريطة تشير إلى تقسيم مصر إلى أربع دول هى: مسيحية في الصحراء الغربية وعاصمتها الإسكندرية، ونوبية في الجنوب، وإسلامية في الدلتا، وسيناء والصحراء الشرقية التي سيتم ضمها إلى إسرائيل الكبرى.
وفي النهاية لابد من توجيه تعظيم سلام واحترام المشير طنطاوى الذي يظل محل تقدير من جميع قيادات القوات المسلحة وعلى رأسها الرئيس السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة والذى قال عنه بعد حمايته مصر فى أصعب فتراتها: (المشير طنطاوى تحمل ما لا تتحمله الجبال)، فضلا عن أننا لاننسى أنه كانت له مواقفه المشهودة فى زمن حكم الرئيس الراحل مبارك، حيث كان مرتابًا فى حكومة رجال الأعمال طوال الوقت، وكان يقف بالمرصاد لمحاولات بيع البنوك والتفريط فى شركات القطاع العام الناجحة، كما كان يحذر من تردى الأوضاع، باختصار لأنه كان يعرف تماما أبعاد المؤامرة وخطورتها، وكان يقول دوما: (الوطن هو المستهدف) .. بالطبع يقصد أعداء الداخل والخارج على حد سواء .. فتحية تقدير واحترام لسيادته.