دراما رمضان ترفع شعار: (الملائكة لا تعيش على الأرض)!
كتب : أحمد السماحي
(الملائكة لا تعيش على الأرض) .. هذا هو الشعار الذي رفعته بعض مسلسلات رمضان هذا الموسم، فقد اتبع كثير من صناع دراما رمضان هذ العام أسلوب الاستعطاف لإقناع الجمهور بأعمالهم التى غلب على بعضها الاستسهال، واستغلوا إن هناك الكثير من الناس محكمون بعواطفهم بحيث يكون التأثير العاطفي قوي على عقولهم وسلوكياتهم، لذا يكونون فريسة سهلة الوقوع في شرك المستعطفين، الذين يحسنون استخدام أدواتهم الهجومية بما يمتلكونه من وسائل الاقناع العاطفي، والتحايل واستدرارعواطف الجمهور بالمنازل ولجأوا إلى حيلة نفذوها جميعا على مدى حلقات أعمالهم في الشهر الكريم، وهذه الحيلة هى موت شخصية محبوبة في المسلسل بحيث يضمنون التفاف ومحبة الجمهور وإشعال مواقع التواصل الإجتماعي، خاصة وأن الجمهور المصري بطبعه عاطفي ويتعاطف مع الشخصية الطيبة و(الجدعة) والتى تتمتع بأخلاق الفرسان.
موسى
أول الأعمال التى لجأت لهذه الحيلة مسلسل (موسى) تأليف ناصر عبدالرحمن، إخراج محمد سلامه، حيث شهدت نهاية الحلقة 26 وبداية الحلقة ( 27 ) التى عرضت أمس قيام (نوفل / منذر رياحنة) بقتل (شهاب باشا / صبري فواز) في مصنع العطور الخاص به، هذا الموت الذي فاجأ الجمهور، حيث أن شخصية (شهاب) تمثل النبل والفروسية والأخلاق، وتندر الجمهور بسبب كثرة الموت فى الحلقة حيث رحلت (صباح / عبير صبري) بعد إصابتها بالكوليرا التى كانت منتشرة عام 1947 وحصدت أرواح ما يقرب من 20 ألف شخص، وكان عدد سكان مصر فى ذلك الوقت 18 مليون نسمة! .
مقتل (شهاب) هذا الرجل المحبوب، يأتي بعد موت أكثر من شخصية محبوبة فى المسلسل، حيث شهدت الحلقة (7) غرق قرية (مصاخة) مسقط رأس موسى بسبب السيول، التى تسببت في تدمير القرية وفي مقتل الفتاة البريئة الرومانسية (نجاة / تارا عماد) حبيبة (موسى)، الذي حاول إنقاذها ووضعها على سطح أحد المنازل، وذهب لإنقاذ والدته (حنفية / عارفة عبد الرسول)، وعندما عاد مرة أخرى لها وجدها قد فارقت الحياة.
وشهدت الحلقة (9 ) وفاة (حنفية / عارفة عبد الرسول) أم موسى والتي فقد المسلسل بريقه بعد موتها، وتراجع الأداء حتى وصل إلى الدرك الأسفل من التراجيديا الإنسانية من فرط فقدان الأداء العذب، نظرا لأن لتلك الشخصية التى التف كثير من المشاهدين حولها ورأى فيها البعض صورة لأمه أو جدته، وأثار موتها بكاء رواد (السوشيال ميديا)، وجاءت التعليقات كالتالي: (إحساس صعب جدا لما تحس إن سندك في الدنيا راح ومش هيرجع وبالذات الأم، بجد خسارتها حاجة صعبة ومحدش يقدر يستحملها، ربنا يخليلنا أمهاتنا ويحفظهم، ويجعلهم من أهل الجنة ونعيمها اللهم آمين).
الطاووس
شهدت الحلقة (28 ) التى عرضت أمس من مسلسل (الطاووس) سيناريو وحوار كريم الدليل، وتصوير وإخراج رؤوف عبدالعزيز، وفاة (أمنية / سهر الصايغ) بعد حادث السيارة المدبر التى تعرضت له من قبل (زين شاهين / عابد عناني) المتهم الأول بقضية اغتصابها، انتقاما منها على إقامة دعوى قضائية وفضحه وشركائه أمام الرأي العام بمساعدة المحامي (كمال الأسطول / جمال سليمان)، وبدأت الأحداث بنظرة حزن وبكاء على وجه (كمال الاسطول) وهو بجانب (أمنية) فى الرعاية المركزة بعد توقف جهاز قياس نبضات القلب، ثم مشهد العزاء.
موت (أمنية) هذه الفتاة البريئة التى وقع عليها ظلما شديدا من المجتمع ومن شلة من المنحرفين فاجأ الجمهور وأصابه بحالة من الحزن والأسى، وأشعل أمس مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن كثير منهم كان يتوقع أن تظهر براءتها وتتزوج من (توفيق) الشاب الريفي البرئ الذي يعمل في مكتب (كمال الأسطول) وتنتهي الأحداث نهاية سعيدة، وتساءل الكثير منهم هل نهاية (أمنية) لحتمية درامية أم لاستدرار عطف الجمهور كما يفعل النجم (نمبر ون) فى ملحمته المزعومة والتي شبعها بكثير من الدم والعنف والقسوة والبلطجة؟!
حرب أهلية
لم يقتصر موت الشخصيات المحبوبة على (موسى) و(الطاووس) فيبدو أن دراما رمضان هذا العام رفعت أكدت على شعار (الملائكة لا تعيش على الأرض)، في أكثر من مسلسل، فقد شهدت الحلقة (22) من مسلسل (حرب أهلية) تأليف أحمد عادل وإخراج سامح عبد العزيز، قتل (نور / مايان السيد) يوم خطوبتها، هذه الفتاة التى تحمل ملامح بريئة، و كانت طاقة (نور) تضيئ طريق (مريم / يسرا) المظلم المليئ بالنصابين والحرامية، حيث أنها كانت بمثابة النسمة الرقيقة التى تهب على حياة (مريم) فتنعشها وتجعل للحياة مذاق آخر، بسبب طيبتها ورقتها وحنانها الشديد.
ضل راجل
كما شهدت نهاية الحلقة ( 23 ) وبداية الحلقة ( 24 ) موت الزوجة الوفية (هدى / نرمين الفقى) زوجة (جلال / ياسر جلال) هذه السيدة التى تتميز بالطيبة والحنان والدفء، والتى وقفت بجوار زوجها وساندته فى رحلته مع الحياة، مما جعل رحيلها يسبب له ألما كبيرا، وتساءل الجميع هل موتها لضرورة درامية أم زريعة ليتزوج من الدكتورة (ملك)؟ .. هذا ربما ستجيب عليه الحلقات القليلة الباقية.
الاختيار 2
أما مسلسل (الإختيار 2) فجاء استشهاد الشخصيات الوطنية واقعيا، وليس فيه حيلة أو تلاعب من قبل صناع العمل، بل على العكس تماما فقد أثار موت كل شخصية من شخصيات العمل الوطني إلهام وتعاطف كبير وحبا وردود فعل قوية من الجمهور، وأظهر الكثير من الحقائق حول رجال أمن الدولة والعمليات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب، وكيف يعيشون في ظل مغامراتهم ومشكلاتهم اليومية للقضاء على الأفكار التخريبية، ومن أبرز هذه الشخصيات شخصة الشهيد ضابط الأمن الوطني (محمد مبروك / إياد نصار) حيث أثار مشهد استشهاده تفاعلا كبيرا من رواد (السوشيال ميديا)، ووصل الأمر إلى حد البكاء، وجاءت التعليقات كالتالي: (الله يرحمه ويغفرله، دموعنا نزلت النهارده بوجع مفيش كلام يوصفه، وبكينا كلنا ربنا يرحمه ويغفرله).
فضلا عن ذلك شهدت الحلقات من (25 إلى 27) من (الاختيار 2) أكثر من حادثة استشهاد أيضا ومن أبرزها استشهاد العقيد أحمد زيدان / أحمد سعيد عبد الغني) مع 15 من زملائه الضباط والجنود، والذين لقوا جميعا مصرعهم في حادث الواحات الذي أبكي ملايين المصريين ليلة الخميس الماضي، وزدات حدة التراجيديا الإنسانية وبلغت ذروتها بموت أكثر من 305 من المصلين في مسجد الروضة ببئر العبد بشمال سيناء، من جانب تنظيم (داعش) والمؤلم في هذا الحادث البشع أنه كان من بينهم 27 طفلا بريئا ليس لهم ذنب ولا جريرة سوى مصاحبة أبائهم في صلاة الجمعة، وهذا الحادث كان له أكبر الأثر في نفوس الجمهور المصري والعربي جراء هذه الجريمة النكراء التي نفذتها الجماعات الإرهابية بدم بارد، حتى أنهم وقفوا أمام المسجد ومنعوا دخول سيارت الإسعاف، فضلا عن زهوهم وتنافسهم المريض فيما بينهم على من قتل عددا أكبر من هؤلاء المدنيين العزل، ويبقى عزاؤنا أنهم ذهبوا شهداء عند ربهم يرزقون.