كتب : محمد حبوشة
حزن متشح بالسواد خيم أمس على ملايين المصريين من مشاهدي الحلقة 25 من مسلسل “الاختيار 2″، والتي تخللتها مشاعر ألم شديد مع استعادة الأهالي لذكريات فقدان أبنائهم الذين استشهدوا على يد الإرهاب الغاشم، الأمر الذي دفع بعض الأهالي لانتظار الحلقة قبلها بساعات، فيما فضل بعضهم الآخر تجنب مشاهدتها، واستعرضت “الحلقة” تفاصيل الحادث الإرهابي الذي وقع في الواحات، حيث بدأ بتحرك قوات الشرطة يوم 30 أكتوبر 2017 – والذي وافق يوم (الجمعة) مثل أمس نفس يوم وقوع الحادث الأليم والذي ربما يكون موافقا أيضا أمس لليلة القدر – إلى منطقة الواحات، بعد أن علمت قوات الشرطة بمكان اختبائهم، في الكيلو 135 بطريق الواحات البحرية، ولكنهم وجدوا صعوبة فى الوصول إلى المكان المتمركز فيه العناصر التكفيرية واثناء سير المدرعات يشاهدهم أحد العناصر التكفيرية ويبلغ قائد التنظيم، الشيخ حاتم “عابد عنانى” بتحركات الشرطة، ليتحرك بصحبة التكفريين لمواجهة قولت الشرطة من فوق الجبل.
يطلق التكفيرى حاتم دانة “أر بى جى” في الدقيقة الثامنة تجاه المدرعة الأولى للقوات ويفجرها، ويبدأ هجوم التكفيرين على الشرطة وسط إصابات شديدة من قبل الضباط، والبعض الذى استشهد، فيما يواصل الإرهابيون الهجوم بأسلحة ثقيلة وسط مقاومة شديدة من الضباط الذين أسقطوا عدد كبير من التكفيرين المختبئين فوق الجبل ويطلقوا الصواريخ والمتفجرات على مدرعات الشرطة، ويصل التكفيرون إلى مدرعات الشرطة بعد تفجيرها واستشهاد شهداء حادث الواحات، للتأكد من قتل كل الضباط الموجودين، يخبر التكفيرى الشيخ حاتم “عابد عنانى” عناصره التكفيرية بعدم قتل العساكر حتى يعودوا إلى قياداتهم لحكاية ما حدث لهم، ليخرج النقيب “أحمد شوشة” ويواجه التكفيرين بكل شجاعة ويضربوه بالرصاص، فيما يعود بعض المجندين من المأمورية.
هذه الأجواء الحزينة ألقت بظلال كثيفة على مشاهدي “الاختيار 2” من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين أقاموا ما يشبه بسرداق العزاء على صفحاتهم، ناعين بمزيد من الأسى والحزن شهداء الواجب من أبناء الشرطة الذين استشهدوا في هذه المعركة الشرسة، خاصة أن الحلقة حركت مشاعر ملايين المغردين الذين عايشوا 4 شخصيات من الأبطال طوال أحداث المسلسل ومنهم “العقيد أحمد فايز، والمقدم أحمد جاد جميل، والمقدم محمد وحيد، والنقيب كريم أسامة فرحات”، والذين كان هدفها الأسمى من وراء تلك المهمة هو صد فلول الإرهاب ووقف زحفهم إلى المنطقة المركزية، حيث كانوا يقصدون “كرداسة” ورفع العلم الأسود عليها باعتبارها ولاية إسلامية تمهد لقيام الدولة حسب مزاعمهم وخططهم الشريرة.
صحيح أن قوات الشرطة انتقمت لشهدائها في اليوم التالي حيث وجهت ضربة قاصمة عقب انتهاء العملية لأحد مواقع تمركزهم بالمنطقة الصحراوية المشار إليها بتاريخ 31 أكتوبر 2017، أسفرت عن مصرع جميع تلك العناصر وعددهم 15 عنصرا، وهروب آخر وضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة “مدفع مضاد للطائرات – سلاح متعدد خاص بالمدرعات – قواذف وقذائف آر بي جي – رشاشات وبنادق آلية وخرطوش – طبنجات – قنابل F1 – كمية كبيرة من الذخائر متنوعة الأعيرة”.
وكانت أشارت معلومات قطاع الأمن الوطني – وقتها – إلى اضطلاع عناصر هذه البؤرة باستقطاب 29 شخصًا من العناصر التي تعتنق الأفكار التكفيرية بمحافظتي “الجيزة – القليوبية” تمهيدًا لإلحاق بعضهم ضمن عناصر هذا التنظيم، وتولي البعض الآخر تدبير ونقل الدعم اللوجيستي لموقع تمركزهم بالمنطقة الصحراوية؛ حيث أمكن ضبطهم جميعًا عقب تتبع خطوط سيرهم وتحديد أوكار اختبائهم، كما أوضحت المعلومات تورط بعض عناصر البؤرة المشار إليها في تنفيذ حادث استهداف حافلة تقل بعض المواطنين الأقباط، أثناء توجههم لدير الأنبا صموئيل بالمنيا، بتاريخ 26 مايو 2017، إذ أثبت الفحص الفني سابقة استخدام بعض الأسلحة المضبوطة في تنفيذ ذلك الحادث.
وعكست المعلومات والمعطيات أن جهود تتبع العناصر الإرهابية المشار إليها والتي أسفرت عن القضاء عليهم وضبط المرتبطين بهم، أدت إلى إجهاض مخطط إرهابي موسع يستهدف العديد من المنشآت الهامة والحيوية ودور العبادة المسيحية بهدف زعزعة أمن واستقرار البلاد، وقد تمكنت قوات الأمن من القبض على أحد العناصر الإرهابية المشاركة في العملية، مؤكدة أن اسمه “عبدالرحيم عبدالله – ليبي الجنسية”، مقيم في درنة بليبيا، وأنه شارك برفقة آخرين لإقامة معسكرات للإرهابين بالواحات، أكدت عمليات البحث والتحري عن الأبعاد التنظيمية لتحرك عناصر البؤرة المشار إليها إذ بدأوا تكوينها بمدينة درنة الليبية، بقيادة الإرهابي المصري المتوفى “عماد الدين أحمد محمود عبدالحميد” الذي لقي مصرعه في القصف الجوي للبؤرة، وتلقيهم تدريبات بمعسكرات داخل الأراضي الليبية على استخدام الأسلحة الثقيلة وتصنيع المتفجرات.
وعلى الرغم من عدم بث أحداث عملية الانتقام التي ربما تتضمها حلقة الليلة رقم (26) إلا أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي نشطوا في تعليقاتهم على الصفحات التي ظل يخيم عليها الحزن ليلة أمس حين ذكرهم مسلسل “الاختيار2” بمشاهد أحداث القتل التي راح ضحيتها 16 من الضباط والجنود في ملحمة وطنية لشهداء الشرطة الباسلة، وأشادوا بالعملية العسكرية الأمنية المشتركة التي نفذتها القوات المسلحة والشرطة لاستهداف العناصر الإرهابية المتورطة في القيام بعملية الواحات، وذلك استمرارا للجهود المبذولة لملاحقة العناصر الفارة من الضربة الجوية التي نفذتها قوات الشرطة في اليوم التالي.
جدير بالذكر والإشادة أيضا أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية برئاسة تامر مرسي، اعتذرت قبيل عرض الحلقة لأهالي الشهداء عن صعوبة الحلقة وما تضمنته من مشاهد قاسية على قلوبهم العامرة بحب الوطن، داعية الشعب المصري لمعرفة الدور العظيم الذي لعبه هؤلاء الشهداء في الحفاظ على أرواح المصريين الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن، وقال المتحدث باسم الشركة حسام صالح إن عمل وتنفيذ هذه المشاهد كان يمثل ضغطا نفسيا كبيرا على فريق العمل الذي استمد حماسه من قوة وصلابة أهالي الشهداء، موضحا أن الهدف هو توثيق بطولات الشهداء حتى تعرف جميع الأجيال ماذا قدموا لهذا الوطن من تضحيات.
كما نشيد أيضا بصناع مسلسل “الاختيار 2” بداية من المؤلف وانتهاء بالمخرج مرور بطاقم الممثلين من المسشاركين في تنفيد المهمة على أكمل وجه، والذي تحلوا بالأداء البطولي، فضلا عن الموسيقى التي أظهرت الحماس الوطني، ونثمن جهود الشركة المنتجة في إذاعة أغنية المطرب الكبير “محمد منير” من كلمات الشاعر المبدع نصر الدين ناجي، وألحان وتزيع أحمد فرحات، والتي تقول كلماتها:
ضالين.. تاهو فى العنوان
ملاعين فكل كتاب.. ما يعرفهم مكان
ضالين.. حتى يوم الدين
هوه اللى صان عرض الوطن زى اللى خان
النور.. فى السما عناقيد
أطهر شبابك يا بلد.. هايبات شهيد
ويا عين.. ودعى الجدعان
رايحين سوا ع الجنة إيد بتشد إيد
وجع الفراق يا حبايبى طعم الصبر
والصبر علم ناسنا تتحمل
حلم الشهيد جوانا حى وحر
عنكم نشيل الحلم ونكمل
الغدر صابكم يا نضر عيني
يا ورد مصر اللى اتقطف بدري
نوركم هايفضل ضيه فجبيني
يا أحلى صحبه فى وردنا البلدي
وقد واكبت الأغنية مشاهد تشييع جثامين كل من “العميد امتياز إسحاق والمقدم أحمد فايز الذي جسد دوره في المسلسل أحمد سعيد عبد الغني، والمقدم أحمد جاد جميل الذي جسد دوره أحمد رفعت والمقدم محمد مصيحلى الذي جسد دوره أحمد علي والرائد محمد عبد الفتاح سليمان والرائد أحمد عبد الباسط الذي جسد دوره عمر متولي والنقيب كريم فرحات وجسد دوره عمر زكريا، وأيضا النقيب أحمد زيدان والنقيب إسلام محمد حلمى على مشهور والنقيب عمرو صلاح عفيفى والنقيب أحمد أبو شوشة ورقيب شرطة أنور محمد الدبركى والمجند بطرس سليمان مسعود الذي يجسد دوره أحمد صبري ومجند محمود ناصر رجب ومجند حسن زين العابدين والمجند عمر فرغلى أحمد.
كما بدا لافتا للنظر أيضا حرص الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية إهداء أغنية “راب” لشهداء رجال الشرطة فى حادث الواحات الإرهابى على اليوتيوب ومواقهع التواصل، وذلك تزامنا مع نزول الستار الأسود مستعرضا صور الشهداء في نهاية الحلقة، وجاءت كلمات الأغنية : أحمد شوشة دا زيه مفيش، واقف فى الواحة بطل مجريش، لما نزلوا يصفوا فيهم، كان واقف بيرد عليهم، قال إخواتى أموت وسطيهم، يالى رايح الواحات، حاسب على خطوتك، أصل شوشة مات هناك، كان بيحرس حضرتك، أحمد جاد المصري بجد، اللى شجاعته مالهاش حل، من زي محمد وحيد، راجل جد وقلبه حديد، قالوا رايحين مش راجعين تانى، واستشهدوا علشان إنت تعيش، قالوا رايحين مش راجعين تانى، واستشهدوا علشان إنت تعيش”.
تحية تقدير واحترام لصناع مسلسل “الاختيار 2” لبراعتهم في تجسيد بطولات الشرطة المصرية وتقديم نماذج مشرفة لشهداء قضوا في معارك الشرف والكرامة وضحوا بأروحهم في سبيل رفعة هذا الوطن .. تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر.