كوفيد 25 .. خزعبلات وأداء بارد و خطأ في التوقيت
كتب : أحمد السماحي
تساءل كثير من الجمهور المصري على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن المسئول عن عرض مسلسل (كوفيد 25) هذه الأيام؟!، حيث رأوا أنه مسلسل فقير الخيال في سذاجة متعمدة، ومسروق من أفلام أجنبية كثيرة، كما أنه يبث روح التشائم واليأس من الغد، ويزيد من اكتئاب المشاهد ويقلقه نفسيا، ولسوء الحظ عرض المسلسل والمعركة دائرة بين الشعب المصري والفيروس في موجته الثالثة، وفى ظل اتخاذ الحكومة لمجموعة من الإجراءات الإحترازية المهمة يعصف كوفيد 19 بعائلات بكاملها في ظل تحوره اللعين الذي أودى بحياة الملايين على وجه الكرة الأرضية.
وبعد عرض الحلقة الأولى شن عليه هجوما حادا من الجمهور على اختلاف طبقاته ومشاربه، وخاصة مواقع وسائل التواصل الإجتماعي التي كان (كوفيد 25) لقمة سائغة في فمها، وكأنها كانت تنتظر صيدا ثمينا يؤكد على رداءة الفعل الدرامي في بعض أعمال رمضان 2021، وربما ما أثار حفيظتهم أن المسلسل مسروق من أكثر من فيلم أجنبي – دون الإشارة إلى ذلك بتعالي شديد من جانب المؤلفة – حيث جاء على طريقة من كل فيلم أغنية! أوبصورة دقيقة من كل فيلم مشهد، وقارن هؤلاء الشباب الغاضبين بين المسلسل وثلاثة أفلام أجنبية هي ((I’m Legend،( World War)، Bird Box))، وقال أحدهم أن الفيلم الأخير( Bird Box) هو الأقرب للفكرة بسبب انتقال العدوى عن طريق العين! .. الخلاصة: الفكرة مسروقة و بطريقة مبتذلة كالعادة لا ترقي إلى مستوى الإنتاج القيم الذي عمدت إليه شركة (سيرنجي) في موسم رمضان 2021 على مستوى القيمة والمعنى والهدف والرسالة.
ولأننا عادة لا نجنح نحو الغلو في النقد من وجهة نظرنا الشخصية، بل نورده على لسان الجمهور من رواد التواصل الاجتماعي الذين يرقبون مسلسلات رمضان عن كثب وبوعي شديد حتى أصبح رد الفعل يأتي على الهواء مباشرة وكأن شاشة التليفزيون تحولت إلى خشبة مسرح، وهو ما عبر عنه بصدق شاب آخر يدعى (محمود آدم): أنا ندمان على كل ساعه انتظرت فيها مسلسل (يوسف الشريف) من بداية الشهر الكريم، أولا معظم المشاهد مسروقة من السينما الأجنبية، ثانيا: (وده الأهم، مشاهد أقل ما يقال عنها سيئة، ومرعبة، و ترهب المشاهد، دي مش قاعة سينما لك حرية التعبير .. أنت داخل بيوتنا يا يوسف وتأثيرك المباشر ينعكس بصورة سلبية علي أولادنا ).
وقال صوت عاقل : فى ظل الظروف الصحية الصعبة التى نحياها هذه الفترة، ينتظر الشعب المصري والعربي شهر رمضان لأنه شهر مودة ورحمة وبركة، شهر مليئ بالخير والصلاة والصيام، وفى نهاية اليوم وبعد تأدية المواطن المصري فروضه التى أمره الله بها، يجلس ليستمتع ويرفه عن نفسه بما يعرض له من دراما وفنون على شاشات التليفزيون والفضائيات، ويعتبر نفسه محظوظا لأنه يرى عددا كبيرا من الأعمال الدرامية التى تناقش مشاكله وهمومه وتبث فيه البهجة والسعادة، لا ان يصاب بالرعب والفزع الذي يضج مضعجة بهذه الصورة الفجة عبر خيال مريض وساذج لا يفيد إلا صاحبه.
ويضيف هذا الصوت العاقل: لكن هذا المواطن المصرى الذي يحتمي في منزله خوفا من فيروس كورونا المستجد، فوجئ بأن الفيروس طل عليه من شاشة منزله ويطارده يوميا، على جناح (خزعبلات) لاتدور سوى في رأس (إنجي علاء) زوجة يوسف الشريف مؤلفة مسلسل (كوفيد 25) المليئ بالسموم والمغالطات العلمية الفجة التي تستخف بعقول مشاهدين اعتادوا على مشاهدة أفلام خيال علمي قائم على العقل والمنطق وليس بهذه المعالجة الساذجة التي تنم عن جهل وفقر في الخيال، ولذا نهمس في أذن (سينرجي) قائلين: ياسادة كان حريا بدلا من عرض هذا المسلسل أن نعرض آخر كوميدي بعد مسلسل (أحسن أب) كي يقوم بالتسرية والترفيه على جمهور يعيش أزمة كورونا بدلا من بث الرعب في نفوسها مع إطالة أمد الفيروس اللعين بعد تحوره إلى (عام 2025) والكارثة أنه جاء بطريقة ساذجة لا تليق بالإنتاج الجيد.
وبدورنا ننبه (يوسف الشريف) إلى قاعدة مهمة وضعها خبراء التمثيل: (إن كل دور يلعبه الممثل يجب أن يضع جزء من روحه به، وإلا أصبح الدور كذبة، لاشك أن جمال الممثل/ الممثلة لايلعب الدور الرئيسي بأداء الشخصيات وتأثر الناس بها فقوة الممثل تظهر بالأدوار الصعبة التي يجسدها، وكم سيتفاعل الناس معها)، وهذا ببساطة معناه أن أدوار يوسف الشريف كلها أكاذيب ومنها بالطبع دوره في (كوفيد 25) الذي جاء على غرار دوره العام الماضي في مسلسله الأكثر سوءا (النهاية) الذي كان يجنح نحو الخيال العلمي أيضا على طريقته الساذجة، لأنها لا تحمل أي جزء من روحه، كما أنه لا يتمتع بأي قدر من الوسامة الصارخة التي تفرض نفسها على الدور، فضلا عن جمود الوجه والسحنة الباردة، وفقدان حرارة التجسيد، ناهيك عن إحساس دائم بأن نشاطه الرياضي مفتعل ولا يعكس أي نوع من القوة التي تصنع الجاذبية.
يا سيد يوسف: أرجوك راجع نفسك واختر طريقا آخر يمكن أن يعكس قدرك الضئيل من الموهبة، فليس الممثل هو الذي يتصنع في دوره ويؤديه أداء آليا سطحيا زائفا خاليا من الإحساس والمشاعر الصادقة، وينعدم فيه الإيمان الحي والحياة الواقعية الطبيعية، بل هو الذي يخلق روحا إنسانية في دوره، وهو مالم يفعله على الإطلاق (الشريف) في أدائه في (كوفيد 25) أو غيرها مما سبقه من مسلسلات، ودعونا من كونه صاحب مبدأ من عدمه فيما يتعلق بالمصافحة والقبلة والمشاهد الساخنة، وسواء أيده بعض الجمهور أو انتقدوه فهذا لايهمنا، وتعالوا نقيمه كممثل فقط بعد كل الفرص التي منحت له دون أي نوع من الاجتهاد في خلق أي نوع من الإبداع، ولنحاسب من أعطاه الفرصة أصلا، لأن منظور الدور – سواء احتوى على مشاهد ساخنة أو عدمه.
ربما يرى البعض إلى أن أداء يوسف الشريف يأتي حسبما كتبه المؤلف الدرامي في نهاية المطاف، ومع أنه قريب إلى حد ما من منظور الفنان الممثل إلا أنهما يفترقان أحيانا، ومنظور الفنان معناه تقنية السيكولوجية في لحظة الإبداع، وفيه يجب أن يفكر الفنان في مستقبل دوره، أي أن يكون المنظور في اعتباره على الدوام، وفي توازن بين قوى الإبداع الداخلية وإمكانات التعبير الخارجية، وتلك صفات للأسف لا تتوفر في (يوسف الشريف)، فهو بليد الإحساس ويفتقر إلى التدريب على مايبدو، وذلك قياسا على الوتيرة الإيقاعية الخارجية والداخلية عنده، فيخلو أداءه تماما من الإيقاع الذي يعني العلاقة الكمية والأطوال الفعلية (الحركة ، الصوت) فحركته في التمثيل تشبه حركة الريبوت، والصوت ضعيف للغاية ولا يحمل أية شحنة عاطفية أو حتى نبرات مميزة توحي بالشر الذي جعله منهجا في أدائه في كافة أدواره، ومن ثم يفتقد لكل من المنطق والترابط معا.
ومعروف أن للمنطق والترابط أهمية بالغة في أي عمل إبداعي، لذلك فإن منطقية الفعل والشعور وترابطهما هما عنصران هامان من عناصر الإبداع، لذا جاءت معظم ردود فعل الجمهور على هذا العمل الفني السيئ (قصة وأداء)، وحتى إخراج رغم براعة (أحمد جلال) إلى حد كبير معه في مسلسل (القيصر) تحديدا الذي كان ناجحا بفضل ضمه نجوما كبارا أثرو العمل من حيث الشكل والمضمون، ناهيك عن أن (كوفيد 25) غير مناسب إطلاقا للعرض فى هذه الأيام المفترجة وكان يفضل عرضه بعد إنتهاء أزمة كورونا أو على الأقل بعد إنتهاء شهر رمضان.
جدير بالذكر أن مسلسل (كوفيد ــ 25) تأليف إنجي علاء، إخراج أحمد نادر جلال، بطولة (يوسف الشريف، أحمد صلاح حسني، أيتن عامر، ادوارد، إيناس كامل، راندا البحيري، ميدو عادل، أمير صلاح الدين، ميرنا نور الدين، ديانا هشام، إسلام جمال، زكي فطين عبد الوهاب، عماد رشاد) وآخرين.