(القلب له أحكام) وكوبري بولاق أيضا!!
بقلم : سامي فريد
(لعل هذا الفيلم أن يكون ثاني الأفلام التي تناقش علاقة كوبري (أبي العلاء) أو (كوبري بولاق) كمسافة معلقة فوق النيل تفصل بين حيين شديدي التنافس.. بين الأرستقراطية والثراء (حي الزمالك) وبين الحي الشعبي الفقير في المقابل وهو حي بولاق.
كان الفيلم الأول هو فيلم (الأسطى حسن) بطولة فريد شوقي وهدى سلطان وزوز ماضي.
أما هذا الفيلم فهو من بطولة أحمد رمزي (حمدي) ابن الزوات من الزمالك.. وكريمة (فاتن حمامة) الفقيرة بنت حي بولاق الفقير.
وتجمع بين الاثنين (حمدي وكريمة) كلية الطب التي لا تعرف الفرق بين بولاق والزمالك كحي أرستقراطي والثاني شعبي غير الاستعداد العلمي والكفاءة لدخول الكلية.. ويبدأ مشوار الحب بين (كريمة وحمدي) من طرق واحد هو طرف كريمة وهو حب صادق بيعد عن الغرض أو المنفعة، وحمدي الفتي ابن الزوات العابث المفتون بثراء أسرته وولده (سراج منير) رجل الأعمال الكبير.
ثم ومن عبث ولهو الشباب يلاحظ أصدقاء ابن الوحيدة التي لم تستجيب لعبثه هي كريمة فيتحداهم أن يوقع بها من أول لقاء!!
ويكون التحدي وفي حديقة الأسماك ومن خلال موعد ضربه لها تستجيب البنت البرئية والتي تشجعها المعلمة زنوبة (زينات صدقي) على المضي في مشوار حبها فهي تعرف الحب وتعرف أنه هو الوحيد الذي لا يعرف أيه فروق بين الغني والفقير.
وتذهب كريمة للقاء حمدي خالية الذهن عن لعبته غير البرئية أو ـنها لم تكلمه إلا لمجرد إثبات دونجوانيته أمام أصدقائه الذين يراقبون ما يحدث حتى يسفروا عن أنفسهم ويهنئونه على نجاحه في الإيقاع بها.. ولكن يا لها من صدفة أو لطمة يتعرف لها كل كيان كريمة المحبة المخلص البرئ فلا تلقى في المقابل إلا اللهو وعدم الادراك فتبتعد وتطوي قلبها على حزنها وصدمتها وتجربتها التي أرادتها أن تكون كما تمنت.. لكن!!
كان حمدي بعد أن استيقظ ضميره يكتشف أنه كان “سافلا” على حد قوله لأصحابه بد ما قبل صدق حب كريمه بكل هذه الدناءة فيقرر أن يصحح الوضع بالاعتذار لها والتقرب إليها.. وتسامحه كريمة بتشجيع من المعلمة زنوبة، لكن كريمة تقرر أن تطلع حمدي نجم الكرة أيضا على حالها وأهلها ومجتمعها الذي تعيش فيه ليقرر ما يريد بعد أن يعرف عنها كل شيء.
ويدخل حمدي بسيارته الفارهة إلى حواري بولاق مندهشا يسأل نفسه ويسأل كريمة أين يذهبان ويدهش أشد الدهشة شكل ذلك الحي وتكل الحارات التي يدخلها لأول مرة ويسألها عمن يكونوا هؤلاء الذين يذهبون إليهم إن كانوا أصدقائها أو بعض زملائها من وجه الحقيقة التي تصارحه بها كريمة وهي أنهم هؤلاء هم أهلها الذين نشأت بينهم ولا تعرف غيرهم وهم الذين مازالوا يرعونها حتى تكون الطبيبة زميلته.
ولا ينطق حمدي ولكن ينصرف دون كلمة فتتأكد كريمة أنه يرفض أن تكون فتاته من هذا الوسط الفقير البعيد عن كل ما يعرفه!
هذا في الوقت الذي يعرف فيه حمدي أسرة كانت ارستقراطية ثم أفلست لأسباب كثيرة وأصبح كل همها أن تدفع بالفتي حمدي في براثنها ليزجوا ابنتهم (سمية أيوب) بتدبير بين الأب المفلس الذي وقع في هوة الديون ومساعدة أنور (عبدالسلام النابلسي) صديق العائلة الذي يتشدق بكرامته التي هي عنده أهم ما في حياته والحقيقة غير ذلك فهو يبيع صديقه حمدي الثري الذي يقضي سهراته عند هذه الأسرة التي تصور له الحب والاهتمام فيما تشير كل الأمور إلى التدبير لإيقاعه في شراك ابنتهم.
وفي لعبة يلعبها (أنور) النابلسي مع ستيفان روستي يطلب (أنور) النابلسي من حمدي ان يضمنه بتوقعيه على الشيك ليسدد به النابلسي دينا عليه لاستيفان روستي بالاتفاق مع والدة سمية أيوب لكن النابلسي مستقلا ثمالة حمدي يضيف أربعة أصفار إلى المبلغ المكتوب في الشيك لاظهاره عند اللزوم لو فشلت مسالة زواج حمدي من ابنته ستيفان روستي وزوجته ميمي شكيب.
ويدعو حمدي كريمة إلى حفل تعارف يقيمه في الفيلا في الزمالك بعد أن يكون قد اشتري لكريمة ثوب جديد فاخر يليق بها وان كانت هي مازالت ترى أنه لا يريد ان يعرفها أبوه على حالها الذي هو به وهو كما يراه حمدي مسألة سوف يأتي أوانها فيما بعد!!
ولا يعجيب الحال الأستاذ أنور والذي يدعي الكرامة (النابلسي) فيذهب متعقبا حمدي إلى بولاق حيث يلتقي الحانوتي (عبدالفتاح القصري) مستغلال أنه يحب كريمة ويريدها زوجة جديد اضافة إلى زوجاته رغم تصدي المعلمة زنوبة له إو يكون الرأي عند النابلسي أن تذهب الحارة إلى حفل الزمالك ضيوفا مع كريمة.. ويكون الرأي عنده ايضا ان يحضر البك المفلس استيفان روستي وزوجته وابنته مع بعض البلطجية لافشال الحفل وتغريم الشيك المغلوط لو رفض حمدي الزواج من ابنتهم..
وبين ضيوف الحفل من أصدقاء حمدي في أهل حارتها وبلطجية (استيفان روستي) تبدأ المعركة بعد انكار حمدي انه قد وقع على شيك بمثل هذا المبلغ لتدور المعركة ونري فيها إحدي معارك السينما الأمريكية الكوميدية في أواخر الأربعينات واوائل الخمسينات من التقاذف بالتورتة وما يصاحبها من مناظر مضحكة حتى تصيب الأب الذي كان يحاول سؤال كريمة عمن تكون في جيرانهم في الزمالك وتحاول كريمة أن تشرح له لكن حمدي يتدخل ويعارضها ثم تقع المعركة حتى يصاب الأب رجل الأعمال.
ويبدأ يستعد لدخول المعركة بنفسه وتساله تري المعلمة زنوبة الصيديري الذي مازال يلبسه تحت ملابسه فتعرفه وتسألع عن أمه جارتهم في بولاق لتكتشف ان سراح منير رجل الأعمال الكبيرة أوصله الحراك الاجتماعي الصاعد من بولاق إلى الزمالك وتنتهي المعركة بهزيمة روستي ومن معه بعد أن انتصر ابناء الحارة المخلصين عليهم ثم يصرخ رجل الأعمال الكبير في الجميع (ما حدث ينتقل من هنا) ويسمعه الجميع وهو يصارحهم بأنه ذاهب إلى المأذون ليعقد لابنه حمدي على حبيبته كريمة بعد أن يكون قد اكتشف من هي ووجد أنها من بولاق مثله!!
وينتهي الفيلم تلك النهاية السعيدة ويكون الكوبري الذي يفصل بين بولاق والزمالك هو نفسه الكوبري الذي يجمع قلبي الحبيبن حمدي وكريمة!
كتب قصة الفيلم حلمي حلمي وهو أيضا مخرجها فيما كتب الحوار السيد بدير بينا كتب السيناريو على الزرقاني وقام بتصوير الفيلم أحمد خورشيد.. والفيلم من انتاج عام 1956م