محمد علاء يودعنا في (الاختيار 2) بمزيد من الإبهار
كتب : محمد حبوشة
سقط الإرهابي الخبيث (همام عطية) الذي جسد دوره بهدوء وأعصاب باردة النجم (محمد علاء – جاميكا)، وسجل حضورا طاغيا طوال الحلقات الـ 19 من عمر المسلسل، وهو يتبع تكنيكا خاصا في تجسيد شخصية الإرهابي الهادئ والبارع في صناعة العبوات الناسفة، وقدم الشخصية بإحساس صادق وبساطة وإيمان شديد وقد بدا ذلك وهو يؤدي دوره على نحو مغاير، حيث قام بلعب الشخصية بكل جوارحه وعواطفه، منذ ظهوره في ميدان رابعة، ومع تطور الأحداث انشق عن فصيل (أنصار بيت المقدس) المنسلخ عن الإخوان وأسس حركة (أجناد مصر)، التي بدأت نشاطها عام 2013، وكان أول أعمالها محاولة تفجير قسم شرطة الطالبية، وقنبلة مترو البحوث، ونفذت الحركة خلال عام ونصف أكثر من 26 عملية إرهابية.
ولأن محمد علاء مدهش بعفويته وبساطته، بتصرفه العادي والسلس، لا يتصنع طريقة أداء، ولا يبالغ في سلوك، يحافظ دوما على هدوئه طوال الوقت لإظهار براعته، فالحماسة تدفعه إلى هذه البراعة، بل وتجعله متألقا، وتمنحه الرغبة في إثبات الذات على جناح العفوية التي يتمتع بها، والتي تتيح له التصرف بحرية كبيرة، وبتحرر واضح من قواعد وتقنيات الأداء التقليدي الذي يخلو من المشاعر، لذا يبدو لك أداءه مدهشا في قدرة فائقة على كشف الانفعالات، مشوقا في بساطته الشديدة حين يلعب الشخصية المراد تجسيدها، حيث يعيش مسارها وتحولاتها حتى تبدو لنا في النهاية مثيرة للمتعة البصرية.
ومحمد علاء كما بدا لنا في (الاختيار 2) هو واحد من صناع الشر على جناح الدهشة والإبهار، اعتمادا على مقولة المخرج الروسي (قسطنطين ستانسلافسكي) التي تشير إلى (أن الممثل الحقيقي هو الذي يندمج في دوره، فيعيشه بكل جوارحه الشعورية واللاشعورية، ويؤدي دوره عن طريق المعايشة الحقيقية القائمة على الصدق الفني، والإيمان بالدور الذي يؤديه)، ولاشك أن (علاء) تمتع في تجسيد لشخصية (همام عطية) بتكنيك فائق الجودة كممثل اندماجي اعتمد على قدراته الداخلية التي تتمثل في العقل، والإرادة، والشعور، والتخيل، والتخييل، والتحكم في دوافعه الداخلية الشعورية واللاشعورية، واعتماده الذاكرة الانفعالية على مستوى التخييل والتشخيص، لذا لاحظنا اتباعه هذا التكنيك الخاص في الأداء الذي يجنح نحو الحرفية، فقد حرص على مبدأ المعايشة الحقيقية القائمة على الشعور الصادق، والإحساس النابع من القلب والعاطفة والوجدان.
وفي مسلسل (الاختيار 2) استطاع (علاء) من خلال تجسيده لحياة الإرهابي (همام عطية) أن يجعل منها علامة بارزة في مسيرته الفنية، فمعروف عنه أنه يختار أدواره بتأن شديد، وهو يعد واحد من الممثلين القلائل الذين يبحثون عن قيمة الدور وليس مساحته، ومن خلال متابعتي له لاحظت أن كل يشغل تفكيره دائما مدى تفاعل شخصيته مع الخط الرئيسي للأحداث الدرامية داخل العمل الفني؛ لذلك يبقى دائما ما يختاره من أدوار يرتبط بالعمق والوعي الكبير في عدم الوقوع في اختيار شخصيات نمطية ومستهلكة، بل متنوعة على مستوى الشكل والمضمون، لذا تبقى أدواره مفاجئة لجمهوره في العادة؛ وذلك باختصار لأنها ترتبط بحالته التجسيدية التي تنبع من عقله الباطن ودواخله اللامحدودة في رسم مسار وحركة شخصياته التي لعبها في قلب الدراما المصرية خلال السنوات الخمس الماضية، وكتبت لها الإجادة والقدرة على التجسيد الحي.
الإحساس بالصدق هو منهج (محمد علاء) في تأدية دوره الذي لفتت أنظار الجمهور من أول طلة له في رابعة وحتى سقوطه برصاص الشرطة في حلقة الأمس (19)، ما جعل كثير من الناس يتفاعلون على صفحات التواصل الاجتماعي مع شخصيته، وعلى كراهتها وبغضها إلا أنهم عبرو عن وجهة نظرهم بأنهم سيفتقدون (جاميكا) بأدائه العذب رغم تجسيده لشخصية إرهابي خطير، وربما يرجع ذلك إلى أنه سعى طوال الوقت على توفير المزاج أو الجو الخلاق في أثناء التمثيل، وذلك بالبعد عن التمثيل الآلي والقوالب الزائفة التي يلجأ إليها الدجالون المشعوذون ممن يحترفون حرفة التمثيل لكي يصفق لهم الجمهور.
ولأجل كل ماسبق نجح النجم الشاب (محمد علاء) في تجسيد شخصية واحد من أخطر الإرهابين، الذين يمتلكون خبرة كبيرة في مجال تصنيع المفرقعات والعبوات الناسفة التي تستخدمها المنظمات الإرهابية، لزعزعة أمن واستقرار الوطن، كذلك ظهر ضمن الأحداث كأحد قيادات جماعة (أنصار بيت المقدس) الإرهابية التي انشق عنها ليؤسس حركة (أجناد مصر) التي سعى من خلالها إلى تجنيد شباب صغار وقام بتدريبهم على تنفيذ العمليات ضد أقسام الشرطة والمنشآت العامة، قبل أن يلقى مصرعه رميا بالرصاص بعد مقاومة القوات بسلاحه الآلي ليسقط في أحد أركان الشقة التي اتخذ منها سكنا له ولزوجته وأبنائه التسعة ومقرا لصناعة العبوات الناسفة والتخطيط والتدريب طوال (19) حلقة تمتع خلالها بذكاء شديد وقدرة على المراوغة والتخفي.
جدير بالذكر أن (محمد علاء) بدأ العمل عام 2004 من خلال مشاركته في مسلسل (رمال) لكنه بدأ في المشاركة في أعمال تلفزيونية عديده وناجحة منها دور (سامح) في مسلسل الحارة عام 2010م، وقدم دورا آخر في مسلسل (المواطن إكس) ، لكن دوره مع الفنانة غادة عادل في مسلسل (سر علني) كان من الأدوار التي حققت له قدرا من الشهرة، وأيضا مسلسل (أعلى سعر)، الذي جسد فيه دور مدرب الرقص، نظراً لأجادته الرقص الحديث على المسرح، ويعد دور (على) في مسلسل (سابع جار) كان واحد من القفزات المهمة في حياة (محمد علاء)، وربما ساعده في ذلك أداءه التلقائي بصدق وواقعية أكسبته أرضية كبيرة عند الجمهور، فضلا عن الجدل الذي أثاره المسلسل، وقد لعب هذا الدور على نحو يتسم بنعومة شديدة مع لمسات رومانسية حالمة غاية في الروعة، كما أنه برع في تجسيد حالة الحيرة بين فتاتين إحداهما قريبة له، والأخرى زميلة دراسة وترأسه في العمل.
ويعد عام 2018 هو عام الانطلاق الحقيقي له بمسلسل (اختفاء) الذي شارك بقوة في نجاحه على جناح النوستالجيا والغموض، لكن عام 2019 هو الأكثر إضاءة في حياة (محمد علاء)، حين قام بلعب أدوار مهمة في ثلاثة مسلسلات في موسم رمضان هى (حرملك، قمر هادي، زي الشمس)، ثم خاض (محمد علاء) تجربة الشر لأول مرة في مسلسل (طاقة حب) عام 2020، الذي يعد عام النجومية، حيث جسد من خلال دور نصاب احترف تزييف المستندات، واعتاد التحايل على القانون في الاستيلاء على الشركات المالية، وهو ربما أهله للعب دور (ياسر) في مسلسل (البرنس)، وبدا ملحوظا هنا أنه لديه طاقة هائلة وقدرة فائقة على التميز في أدوار الشر بتكنيك يعتمد على برود الأعصاب بملامح حادة وأداء هادئ حمل طابع الغموض، بحيث أصبح واحد من أقوى أدواره في مسلسل يعد المسلسل الأكثر مشاهدة وإثارة للجدل في المارثون الرمضاني 2020.
وتعتبر سنة 2020 مهمة في حياة (جاميكا) حيث جسد فيها أهم مسلسل بالنسبة له في رمضان وهو (البرنس)، فالمسلسل فجر قنبلة نجاح كبيرة، وحقق مؤخرا نجاحا كبيرا بدوره في حكاية (ضي القمر) مع كندة علوش ضمن مسلسل (إلا أنا)، والذي قال عنه: بالرغم من إن طريقة شغلي واحدة التمثيل كله مرهق بالنسبة لي، لإني بفكر في كل مشهد وإزاي أكون إنسان طبيعي، لكن دوري في حكاية (ضي القمر) كان أصعب دور أقدمه خصوصا إنه دور واحد متجوز وعايز يخلف، وهى أصعب من شخصية (ياسر البرنس)، لأن دور ياسر البلطجي يحمل (قماشة) الممثل يقدر يتعامل معها بأريحية، لأنه واحد بلطجي له ريأكشنات وطريقة لبس وشكل وهيئة ونظرة لذا الشخصية كانت مليئة بالتفاصيل وكلها عوامل كانت مساعدة ليا كـ محمد علاء، وبعد كل مامضى نرفع القبعة لمحمد علاء في تحوله نحو الأداء الناضج والاحترافي الذي حتما سيفتح له آفاق مستقبل واعد في قلب معادلة الدراما المصرية.