رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

تخاريف محمد أمين راضي وبلادة إحساس ريهام حجاج

بقلم : محمد حبوشة

يعد فن امتلاك مهارات صوتية أدائية من أهم صفات الممثل القادرة على اجتذاب الجمهور وإجبارهم على الإصغاء، وهى واحدة من أهم صفات الممثل الناجح حيث تمكنه من التحكم بدرجة صوته وتنويع نبراته وإيقاعاته، كما أنها ملكة تشي بمدى التطور الذي أحرزه الممثل في تطوير ذاكرته العاطفية التي يختزن من خلالها صور تجسدات الأصوات المختلفة وتلوناتها، وهى أكثر صفة لم تتوفر على الإطلاق في أداء الممثلة الشابة (ريهام حجاج) كما جاء في مسلسل (وكل مانفترق)، الأمر الذي أفقدها التحكم في تجسيد أربعة شخصيات أدتها ببلادة إحساس ومشاعر فاترة (قمر، نور، مأمونة، زينب)، وذلك لأن الصوت يشكل عاملا مهما في إظهار التباين بين الناس، كما أنه يحدد نمط الشخصية وصفاتها النفسية والملامح والسمات والطبائع التي تتمتع بها وعمرها في كثير من الأحيان فللصوت شخصية وروح لم تظهر على الإطلاق في أداء (ريهام) هذا العام على عكس أدائها في مسلسل (لما كنا صغيرين) العام الماضي.

أداء ساذج ينم عن بلاهة وعدم إدراك لشخصية نور

رغم ما حاول أن يبذله المخرج كريم العدل من جهود في حركة الكاميرا إلا أن (ريهام) كانت تصر دوما على إظهار البكاء والعويل (والشحتفة) وحشرجة الصوت ومخارج ألفاظ غير مفهومة بطريقة ساذجة، وذلك في تعمد واضح من جانبها على السير نحو نهج جديد في الأداء الانفعالي غير المحسوب تراجيديا، وكأن لسان حالها يقول: (أرجوكم تعاطفوا معي فأنا مظلومة والله)، وهى على مايبدو لاتعلم أنها بالأساس (أوت أوف كادر)، فلاهى أحست بمشاعر أي من الشخصيات التي لعبتها وهى امتلكت القدرة على أداء فعل درامي يمكنها من جذب الجمهور والتعاطف معها من خلال التلوين الصوتي والمكياج والملابس  التي جاءت في غالبيتها بشكل لايتناسب مع تنوع الشخصيات، ومن ثم فإن الميل المتعمد في رأسها قادها إلى وهم أنها نجحت في امتلاك زمام الشخصيات الأربعة التي تؤديها بنفس الإيقاع الممل الذي يشير إلى أن شخصياتها تعاني من نوع (العته المنغولي النارد).

لقد عمدت ريهام في كل حلقة على أن تتحفنا بوصلة من بكائيات مصحوبة بدموع مزيفة، فضلا عن مايسيل من أنفها بطريقة مقززة، وهى غير مكترثة بأدائها البارد إلى حد لايطاق، لأنها ببساطة لا تملك أضخم أصوات النساء، التي يطلق عليها (الباس أو الباريتون النسائي)، ومنطقته الحنجرة ويصلح لأدوار الثورة والغضب، فـ (الباس) صاحبته تصلح لأدوار العظيمات والواعظات والكبيرات في السن وأدوار الوقار والحشمة، بما يحدثه أغلظ الأوتار الصوتية ويدعوه الموسيقيون العرب (القرار) أي العمق، أما الباريتون، وهو يشترك مع الباس في منطقته ويؤدي نفس الأدوار (التينور) الذي يعد أوسط الأصوات وأقدرها على التنغيم والتلوين وطبيعته خفيفة رنانة وحركته سريعة، ومنطقته الحنجرة ويصلح لتمثيل أدوار الشباب الأقوياء كما في حالة ريهام في أدوار (قمر ونور وزينب).

شخصية زينب لا تختلف كثيرا عن نور وقمر على مستوى برودة الأداء

ربما يرد على قائل بأن هذا الكلام ينطبق على أداء المطربة، و (ريهام حجاج) هنا لاتؤدي دور مطربة في أي من شخصياتها الأربع، لكني أوكد على قول خبراء التمثيل بأن (تونات) الصوت وتلوينه تلعب دورا حقيقيا في التجسيد الدرامي، وتبرز أهمية الصوت في الأداء التمثيلي السليم، لذا لابد للممثل أن يسعى سعيا حثيثا على تطويره والحفاظ عليه نظرا لما يمكنه أن يلعب من دور مهم في التجسيد الدرامي، ومن هنا فقد شعرت بأن صوت (ريهام) مصاب إما بمرض عضوي، وإما نتيجة الإهمال، والمرض يعالج بالطب، فيما الإهمال يعالج بالتمرين، وقد انعكس ذلك في صوتها الصوت المكتوم الخافت جراء ابتعاد الأوتار الصوتية عن بعض، وهذا الصوت لا يكون مطربا وأداؤه التمثيلي سيئ وغير معبر، وهو يستعمل منطقة الرأس وحدها غالبا، كما الصوت الأنفي الأخنف عندها سببه ضغط اللسان أو انكماشه إلى الداخل، بحيث يصبح عائقا أمام خروج الصوت كله من الفم وهو ما يجعله يتسرب إلى الأنف، ناهيك عن ذلك الصوت الأجش الخشن الذي كان يصدر منها، ومن ثم  فإن الخشونة التي كانت واضحة في صوتها إذا لم تكن أمرا طبيعيا في الخلقة فهي ناجمة عن إجهاد الصوت أو بسبب إصابة بالبرد.

معذرة للاستغراق في الحديث عن عيوب صوت (ريهام حجاج)، لكني عمدت إلى ذلك، لأن التمثيل كما هو معروف لون من ألوان الفنون التعبيرية التي هى بحاجة لتظافر كافة العوامل الإخراجية والفنية والأدائية الممكنة، والتي يعكس نجاحها عن مدى استيعاب المخرج للنص ومدى نجاحه في تجسيده واستشعار الممثل للدور الذي يقوم على تأديته والذي يعتمد في أحد أوجهه على بلاغة الحوار والبناء الروائي أو ما يسمى الفن الدرامي الذي يلزم الممثل بضرورة أن يتمتع بسلامة النطق للغة الأدبية التي كتب بها النص، كما يتمتع بوضوح مخارج الحروف والقدرة اللغوية على التعبير بشكل فني بديع وهو إن لم يكن هذا هو العامل الوحيد لنجاح العمل الفني بشكل عام غير أنه يبقى عاملا مهما كما في حالة ريهام حجاج التي لا تستطيع أن تفسر الحوار على لسانها حيث تسقط كثيرا من الحروف بطريقة (الشحتفة) التي ظنت أنها قمة الأداء التراجيدي من جانبها.

عمد محمد أمين راضي بث روح الرعب والفزع في الجمهور بطريقة ساذجة

نأتي الآن إلى صلب الحبكة الدرامية في قصة (وكل ما نفترق)، والتي اعتمدت على تخاريف وخيال فانتازي واهي ومزيف لايقترب من الواقع المعاش في قرية يفترض أن أهلها يعيشون في القرن الواحد وعشرين، حيث يستخدمون كل وسائل التكنولوجيا الحديثة من موبايل وانترنت وغيرها، وفي المقابل هنالك مجمتع مخملى بالقاهرة يعد أكثر تطورا من خلال أسرة تتاجر في المخدرات يتواز مع مجتمع القرية، وبالتالي ليس من المنطقي أن يسكن في خيال هؤلاء الناس قصصا تعيد حكايات مفتعلة عن (أمنا الغولة) التي أصبحت من تراث الماضي البعيد.

وعلى الرغم من أنه لا يختلف اثنان، على الموهبة التى يتمتع بها السيناريست (محمد أمين راضى)، وليس هذا من قبيل المجاملة، ولكنها حقيقة، وهو ما دلل عليه بنجاحاته فى أعمال (نيران صديقة – السبع وصايا – العهد) والتى يجوز لنا أن نقول إنها (كسرت الدنيا) في رمضان في مواسم سابقة، وحصلت على الإشادات، سواء على المستوى الجماهيرى أو النقدى، بل إن القنوات الفضائية المصرية ما زالت تتنافس على شراء تلك الأعمال حتى الآن، وبالمناسبة لابد لي أن أوضح عدم الإشادة بمسلسله أيضا (مملكة أبليس) في جزئيه (أسطورة الأساطير، ونار الجنة) واللذين يجنحان نحو نفس تخاريف على غرار (وكل ما نفترق) من حيث البناء والحبكة الدرامية التي تذهب نحو خيال مريض ومسكون بالجن والعفاريت، وهى نوعية من دراما الفانتازيا التي لا تحمل رسائل تربوية بقدر ما تثير الرعب والفزع في نفوس الناس المتعبة أصلا بفعل ضغوط الحياة!.

مشاهد ليلية كثيرة تخفي ملامح ريهام الباردة

ورغم موهبة (راضي)، التى لا شك أنها تثرى الحياة الدرامية، وخاصة تلك الجوانب (المظلمة) التى يجيد اللعب فيها، ولكن يبدو أن لعنة ما قد أصابت (محمد أمين راضى) نفسه هذه المرة، وفشل في صنع خيال مغاير في (وكل ما نفترق)، على جناح الاستسهال والغرور والذي تزامن مع غرور بطلة المسلسل (ريهام حجاج) التي خاضت التجربة خالية الوفاض إلا من أزمات طاحنة بينها وبين فريق العمل وحتى طالت اشتباكتها الجمهور الذي سخر من أدائها، وربما ساهم ذلك في خلق نوع من التوافق بينها وبين مؤلف اعتاد في كل مشروع درامي يدخله أن تحوم حوله المشكلات التى قد تعصف به، مثلما حدث لمسلسل (دم مريم) لرانيا يوسف وروبى وسوسن بدر، الذى كان (راضى يكتبه)، إلا أن مشاكل وقعت بينه وبين مخرج العمل أسامة فوزى، وهو ما أدى إلى عدم استكمال العمل، وتأجيله لأجل غير مسمى.

على أية حال حاول كريم العدل بشق الأنفس أن يصنع عملا دراميا يمكن أن ينافس في حلبة الدراما الرمضانية هذا العام من خلال المزج بين الزمن الحالي والعودة بالـ (الفلاش باك) من حين لآخر في محاولة لإضفاء نوع من الإثارة والتشويق، لكن أخطاء قاتلة أوقعت المخرج في شرك المغامرة غير المحسوبة،  جراء إصرار متعمد من جانب (ريهام) على رسم ملامح الشخصيات على هواها وحسب رؤيتها القاصرة على مستوى (اللبس والميكاب) وحركات وايماءات الشخصيات، وهو ما يؤكد مقولتها في تصريحات سابقة: (برجي الميزان، ومخي جزمة في حاجات كتيرة ببقى عاوزة أعمل حاجة معينة في الماكياج وبقول للماكيير والاستايلست يعملوها)، فقد ظهرت في أحد المشاهد متنكرة في شخصية رجل صعيدي، حيث ارتدت العباءة السوداء التي تعتبر من ضمن الزي الرئيسي في محافظات الصعيد، مع ارتداء العمة التي يحرص الرجال على ارتدائها.

القُصة التي أثارت الجدل حولها في الحلقة الرابعة

ومن ضمن الأخطاء الفادحة أنها ظهرت في هذا المشهد، بـ (قُصة) على وجهها مما جعل الكثير من رواد التواصل يعلقون على هذا المشهد، متسائلين في دهشة: هل الرجل بشكل عام يكون على وجهه هذه (القُصة) التي تعتبر من تصفيفات الشعر النسائية؟، هذا بخلاف ظهورها في هذا المشهد أيضا وهى تضع بعض مستحضرات التجميل التي لم تغير ملامحها لتبدو رجلا صعيدا متخفيا بشكل احترافي، وهذه الأخطاء وقع فيها الـ (كوافير) المسئول عن الفنان الذي يقوم بتغير ملامح الوجه أو تغير المظهر الذي يناسب الشخصية المجسدة على الشاشة، حتى لا يشعر المشاهد بالغضب، ومثل تلك الأخطاء توصل رسائل غير مرضية بالنسبة للعمل الدرامي ولا تسيئ فقط للفنان وحده في حالة الإصرار على وجهة نظره القاصرة في شكل وملامح الشخصية على النحو الذي يراه، والمثير للدهشة أنها لم تحتمل النقد فقد تحدتها إرادة الجمهور وكتبت عبر خاصية (ستوري) على (أنستجرام) في بلاهة تدل على جهلها قائلة: (هى الناس اللي بتقول إن شخصية زينب ولد صعيدي بقُصة!! بتخترعوا ليه؟ .. يعني لو اللي بيتكلم مجنون فالمستمع عاقل أكيد إزاي هعمل دور راجل والشخصية اسمها زينب).

جدير بالذكر أن هذا العمل الدرامي أثار الجدل قبل عرضه على شاشة الدراما الرمضانية، بسبب اعتذار المخرج وعودته عدة مرات – وليته اعتذر – أما المشكلة الأكبر والتي شهدت سجالا يتسم (بالردح) من جانب (ريهام) تلك التي حدثت بينها وبين والفنانة أيتن عامر التي ضجت بممارساتها غير المنطقة وعدم احترامها لزميلة تسبقها في المجال بأمثر من عشر سنوات على الأقل فقررت الانسحاب على الفور من العمل الدرامي بسبب ممارسات ريهام حجاج  التعسفية معها، ولم تكن تلك هى الواقعة الأولى التي أثارت الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في مسلسل مليء بالأخطاء التي تبعد في معظمها عن حياة الصعيد من ناحية المنازل، العادات والتقاليد والملابس واللهجة الخاصة بهم.

وجه جميل لايصلح إلا لأدوار رومانسية لكن شريطة أن تتلقى تدريبا مكثفا

وفي النهاية عقلي يحدثني أن (كريم العدل) غير راض تماما – وربما يعتذر – عن مسلسل سادت فيه أجواء التصوير الليلية بشكل مبالغ فيه في محاولة لتلافي عيوب أداء (ريهام حجاج)، وحتى لايظهرها بلهاء حاول أن يصنع حالة من الغموض أحاطها بالرعب والفزع المصنوع بخيال مزيف مع موسيقى صاخبة كي يساهم في التشويش على بلادة إحساسها على نحو يؤكد فقدانها الموهبة والاستعداد النفسي للإقبال على تجربة درامية صعيدية ناضجة، وكانت النتيجة الطبيعية أنه جراء ضعف إمكاناتها وعدم قدرتها على تقمص الشخصيات غرقت في بحيرة آسنة موصومة بوحل الفشل بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى التي تستحق عليها جائزة (أسوأ ممثلة في رمضان 2021)، وعليه أنصحها بالابتعاد قليلا ومحاولة الدخول بجدية في دروات تدريبية مكثفة في توظيف الصوت والأداء الاحترافي، خاصة أنها تحمل ملامح جميلة يمكن أن تقوم من خلالها بأدوار رومانسية، وأن تبتعد عن البيئة الفلاحية والصعيدية التي لا تناسب ملامحها، وأخيرا : ياريهام تواضعي قليلا، ولا تعتمدي على خوض تجارب أكبر من موهبتك وخبرتك لمجرد أنك تنتجين بفلوسك !! .. فتلك النوعية من الفنانات أعمارهن قصيرة ولك العبرة والعظة في نجمات سابقات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.