بعد وضع صورته على الـ (مائة يورو ) .. نحتفي بعاشق مصر شارل أزنافور
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو ” سيلفي” بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
منذ أسابيع قليلة أصدرت فرنسا عملة ورقية من فئة الـ 100 يورو تحمل صورة الفنان العالمي الراحل (شارل أزنافور) الذي كان عاشقا لمصر بعد أن زارها أول مرة عام 1952 قبل أن يبزغ نجمه كأحد أشهر المطربين فى تاريخ فرنسا، حيث جاء مصاحبا لأم كلثوم فرنسا المطربة الراحلة (إيديت بياف)، وكان وقتها مجرد كاتب لأغانيها، وقد قدمت (بياف) للجمهور المصرى حفلا وحيدا على مسرح (إيوارت) بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكان الراحل متيما بصوت (أم كلثوم) وعقد صداقات مع (محمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، وورده، وفيروز).
ولم تقتصر زيارة (أزنافور) على هذه المرة، ولكن زارها أكثر من مرة بعد ذلك، أما الزيارة الأخيرة التى قام بها (أزنافور) لمصر فكانت عام 2008، وكان وقتها فى الـ 84 من عمره، وقد أصبح رمزا لفرنسا، وخلال زيارته لمصر قام بإحياء حفلين غنائيين خيريين واحدة في دار (الأوبرا) بالقاهرة، وواحدة أخرى في مقر الأوبرا بالإسكندرية، برعاية وزارة السياحة بالتعاون مع جمعية الخير والبركة المصرية.
وخلال زيارة 2008 زار أزنافور كاترائية (الأرمن الأرثوذكس)، وفاء لأصوله وثقافته الأرمينية، وهناك التقى بمجموعة كبيرة من المثقفين والفنانيين المصريين، وبعض الشخصيات السياسية الهامة، وفى الصورة التى نراها الآن في باب (سيلفي النجوم) نجده واقفا مع أحمد ماهر وزير خارجية مصر من عام 2001م إلى 2004م، والنجم العالمي الكبير (عمر الشريف) والفنانة إيمان، والدكتورة (هدى وصفي) أستاذة الأدب الفرنسي بكلية الآداب جامعة القاهرة ورئيس مركز الهناجر للفنون ومقرر لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة سابقاً.
ولم يقتصر دور (أزنافور) على الغناء، لكنه مثل أي فنان عظيم كان له جانبه الوطنى والذى دعاه لمناصرة قضية الشعب الأرمنى الذى يدين له بأصوله العرقية، فقام بتأسيس مؤسسة خيرية تحمل اسم (أزنافور وأرمينيا) لمساعدة الشعب الأرمنى داخل الاتحاد السوفيتى، ثم كانت فرحته الكبرى عام 1991 حين استقلت أرمينيا عن الاتحاد السوفيتى، وهو ما لم يكن يتصور أنه سيحدث خلال حياته.
لم يكن المطرب الفرنسي الراحل (شارل أزنافور)، الذي وافته المنية عن عمر 94 عاما، بعيدا عن الموسيقى العربية والمصرية تحديدا، فأسطورة الغناء أرميني الأصل كان معروفا بمد يد العون للمطربين الجزائريين والمغاربة الناشطين في فرنسا منذ التسعينيات، وقبل ذلك بعقود، كان هو السبب في تعرف شريحة عريضة من المجتمع الفرنسي بكبار المطربين المصريين، حيث لعب (أزنافور) دور العراب في استضافة كوكب الشرق أم كلثوم على مسرح الـ (أوليمبيا) الشهير في باريس بعد نكسة يونيو 1967.