(هوليود الشرق ونيليوده)
بقلم : علي عبد الرحمن
ظلت القاهره عاصمة الفن والميديا والطباعة والنشر والأدب والرياضة والعلم فهي هوليود الشرق، وهي دولة التلاوة، وهي طاقة القدر لكل موهوب، ومن هنا سادت قوتها الناعمة المنطقة بأسرها، ولظروف ما تراجعت المكانة وصعدت بيروت علي عرش الطباعة والنشر، ثم تسلقت عالم المنوعات والمواهب وسبقنا في عالم الأخبار قنوات من حولنا، ثم تربعت محطات عربية علي عرش برامج المنوعات والابهار والتثقيف.
وظلت القاهرة تراقب المشهد والبساط ينسحب حتى احتلت دولا عربية ومجاورة عرش الدراما أيضا، وإنفرط عقد الغناء وباتت قوتنا الناعمة خاملة ونحن في أشد الحاجة إليها، ولم يهتم أحد بحال قوتنا الناعمة ولا نفوذها المتراجع ولا بصعود دول وقنوات من حولنا، وتخيلنا جميعا أن فترة التحول الديمقراطي وإعادة ترتيب البيت من الداخل ستشمل حتما استرداد مصر لعرشها في عوالم الفن والميديا والنشر والعلم والتلاوة وغيرها، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث!.
ولأن مصر كانت هوليود الشرق، ولأنها صاحبة أول قمر صناعي ولكنه ليس الأكثر ازدحاما بالقنوات، وهي صاحبة أقدم مدينة إنتاج ولكنها ليست الأشهر ولا الأنشط، وهي صاحبة أقدم ستديوهات صوت وصورة ولكنها ليست الأبدع إنتاجا، وهي صاحبة أقدم الإذاعات ولكنها ليست الأجود محتوي، وهي صاحبة أقدم الشاشات وأكثرها عددا ولكنها ليست الأكبر تأثيرا، وهى صاحبة أقدم المطابع ولكنها ليست الأكثر إنتاجا، وهي صاحبة أكبر عدد من العلماء والأدباء والفنانين الرياضيين والأصوات في كل مجال، ولكنها لم تعد الأكثر نفوذا أو تأثيرا، وهى صاحبة أكبر الأماكن المفتوحه للتصوير ولكنها ليست الأكثر تشغيلا، وهي بحق قلب المنطقة وعقلها وأجنحة تحليقها.
وإذا كانت المغرب مثلا تدر دخلا سنويا يصل الي 2 مليار دولار كعائد تشغيل مناطق التصوير المفتوحة بها، في مدينة (ورزازات)، ثم المواقع الأردنية، وإذا كانت مدن الإنتاج المتعددة في دبي أصبحت الأعلي شهرة ودخلاوتشغيلا، وإذا كانت سوريا لولا الحرب قد تفوقت في مجال الدراما التاريخية والدينية والاجتماعية أيضا، وإذا كانت السعودية قد دخلت وبقوه سوق الميديا والإنتاج والترفيه، وهاهي تبني مدينة انتاج لها، وإذا كانت الهند قد تقدمت في مدن الترفيه والإنتاج بل ولدي نيجيريا هوليود الجنوب، وكل ذلك بخبرات ليست مصرية نظرا لتراجع فلسفة الريادة المصرية، وغض الطرف عن روافد قوة مصر الناعمة، ونحن الأقدم والأجدر بالسبق في كل هذه المجالات.
ألم يكن قد آن الأوان ونحن نرتب لمصر الغد أن تتضمن خططنا خطة لاستعادة قوة مصر الناعمة، (فكرا وإنتاجا وتجويدا وتوزيعا وتسويقا)، فكما قلنا إن مصر بحاجه إلي هيئة عليا للتسويق، ومجلس أعلي للقوة الناعمة (غناءا وتمثيلا وعلماة وأدبا ونشرا)، فان المشروع القومي لـ (هوليود الشرق أو نيليود الشرق) لهو مهم أهمية إقامة العواصم والأبراج والكباري والأنفاق والمدن الجديدة، ومن ثم فقد آن الآوان إلي لجنة أو مجلس أعلي أو هيئه قومية للتأسيس لمدينة الفنون والترفيه والإنتاج والتوزيع والتسويق، وليكن مقرها العاصمة الإدارية، وليكن في تمثيلها خيرة كوادر مصر الفنية والإعلامية وأساتذه الإعلام والتكنولوجيا والتسوق والاقتصاد، ومندوبي الماليه وأجهزة المعلومات والقوه علي السواء.
فليجتمعوا وليخططوا وليدرسوا روافد قوة مصر الناعمة وكيف نستردها وكيف نخطط لإنتاج فريد جاذب ونخطط لكيفية تسويقه، ولتصبح مصر الجاذبه في مجال مواقع التصوير المفتوحة، وليتم تسهيل الإجراءات، ولتظهر للنور (نيليود الشرق) باستديوهاتها ومعداتها ومبدعيها، ولنتفوق برامجيا، ودراميا، ومسرحيا، وفي مجال الفنون الحديثة، ولتصبح مدينة الفنون والإنتاج والترفيه المصرية مزارا للشرق والغرب، وليملأ انتاج القاهرة شاشات الدنيا، وليصبح في (نيليود الشرق) مركزا لصناعة الهوية، ومركزا لفنون الجرافيك، ومركزا للترجمه، ووحدة للدوبلاج،ومعهدا للتدريب المتقدم، ولتمنح شهادات، وتنظم مهرجانات،وتقيم أسواقا، لتصبح هذه المدينة الفنيه قبلة أهل الابداع وكعبة أهل الفن ومحراب أهل الشرق قاطبة.
إن مصر مؤهلة وتستحق، ونحن نجهز لمصر الجديدة القوية الفتية، وماذا لو بادر القطاع الخاص بذلك أو تشارك مع الدولة ليحدث مايمكن حتي ترى (نيليود الشرق) النور، ولتعود القاهرة (هوليود الشرق ونيليوده)، تبدع وتنتج وتسوق وتسترد قوتها الناعمة، لانها مصر ولأنها تستحق ولأنها تستطيع ولأننا ننتظر.. ولتحيا مصر مهدا للإبداع ومصدرا مستديما وسرمديا للقوة الناعمه لاينازعها فيها أحد..اللهم آمين.