السفيرة عزيزة.. الحق دائما فوق القوة
بقلم : سامي فريد
هذا الفيلم بلا منازع هو فيلم الفنان الكبير والقدير الأستاذ عدلي عبدالحميد كاسب، المعروف فنيا باسم (عدلي كاسب)، والذي يقوم في الفيلم دور المعلم عباس الجزار القاسي والشرس والظالم. وهو – عدلي كاسب – الذي شاهده جمهوره في أكثر من دور كوميدي مثل دوره في فيلم (أم العروسة)، فكان الزوج الضعيف الذي تتحكم فيه إرادة زوجته، أو دوره في فيلم (البيه على فاضي) في مسرحية إلا خمسة، أو دوره مع مريم فخر الدين ورشدي أباظة في فيلم (لقاء في الغروب)، حتى جاء دوره الجبار في فيلم (السفيرة عزيزة) فكان شخصا مرعبا ومخيفا كرهه الجمهور رغم تسليمهم بمقدرته كممثل ورغم أن في الفيلم عددلا يستهان به من ألمع نجون الشاشة، منهم القدير شكري سرحان (أحمد افندي) مدرس المدرسة والقدير عبدالمنعم إبراهيم (الأستاذ حكم) مدرس اللغة العربية والفنانة الكاملة وداد حمدي زوجة المعلم ثم بطلة الفيلم السندريلا سعاد حسني.
ونعود إلى الفيلم: باختصار فهو يحكي عن أحمد أفندي المدرس الذي تم تعيينه في مدرسة بالحي الذي تعيش فيه السندريلا أو السفيرة عزيزة مع شقيقها صاحب البيت المعلم عباس (عدلي كاسب) ليكتشف أحمد أفندي أنه قد سقط في قفص الأسد ولا فرار منه بعد أن تعلق قلبه بالسفيرة عزيزة فأحبها وأحبته.
ثم تبدأ المشاكل .. فبعد عذاب الزواج حتى يرضى عنه المعلم بشفاعة الجيران فيقبل زواج (أحمد أفندي) من (عزيزة) التي تجدها فرصة لتحقق رغبتها الأكيدة والشديدة للحصول ميراثها الشرعي من أمها الذي استولى عليه شقيقها، وهى تريد عقد البيت الذي استأثر به لنفسه.
وتطالب عزيزة زوجها وهم في أول أيام شهر العسل بأنه يطلب عقد ملكية الشقة ميراثها من شقيقها ذلك الوحش المخيف، لكن أحمد افندي الرجل المتعلم والمسالم يحاول إقناعها بأن هذه مسألة شخصية لا يجوز له أن يتدخل فيها .. لكنها تصر على طلبها حتى تتهتم زوجها بعد قطيعة زوجته بالتردد فترة حتى أنها تتهمه بالخوف من شقيقها، ثم كانت الكلمة الصدمة التي استفزت الرجل المسالم عندما وصفته بأنه (مش راجل) .. ثم اندفعت خارجة إلى شقة شقيقها المواجهة لشقتها وتدفع الباب في وجه أحمد أفندي الذي يقف يدق الباب ويطالب زوجته بالعودة، لكنها ترفض فيضطر إلى أن يضرب الباب بكتفه ليفتحه ويدخل ويشد زوجته من شعرها عائدا بها إلى شقة الزوجية .. ويصل صراخها إلى شقيقها المعلم عباس الذي يندفع صاعدا إلى شقة عزيزة وزوجها بعد أن يوصي صبيانه في الجزارة بأن يفتعلوا معركة في الشارع أمام البيت بعد أن رأي بخبرته الشيطانية أن الشرطة قد ملأت المنطقة.
وكان الأستاذ حكم (عبدالمنعم إبراهيم) قد أبلغ الشرطة بأن المعلم عباس قد هدد سي أحمد أفندري بالموت إن عاد لموضوع شقة عزيزة .. وكان الأستاذ حكم أيضا من أحد ضحايا المعلم عباس الذي سبق أن طرد أحمد أفندي من الجزارة بعد أن وضع السكين في بطنه مهددا بأنه سيشقها إن عاد لمثل هذا الموضوع .. ثم يقول كلمته المشهورة: (صحيح.. اللي تحسبه موسي يطلع فرعون) .. تماما كما كانت كلمة عزيزة لزوجها (إنت مش راجل) هى التي أطلقت حمم البركان من داخل أحمد أفندي الإنسان المسالم الذي وجد نفسه مضطرا للمواجهة .. مواجهة الباطل والظلم بما في قلبه وضميره من الحق والرغبة في السلام.
ويدخل المعلم عباس لمواجهة أحمد افندي وكل الشر في عينيه صارخا: هو أنت يا تسرق فلوسها يا تضربها؟!.. ياويلك مني .. ويرد أحمد افندي وقد تجمعت كل قوة الحق والمقاومة داخله فيقول متحديا: إنت يا ويلك مني.
وتدور المعركة بين الشرس (المعلم عباس) والوديع الذي لم يعد وديعا (أحمد أفندي) وينتصر الحق على الباطل وينتزع أحمد أفندي عقد مبايعة الشقة ميراث زوجته عزيزة من صديري المعلم عباس الذي قد خر أمام انتفاضة أحمد أندي مهزوما.
لابد أن المعلم عباس سيحتوي أحمد افندي الذي انتصر عليه، بل يتخذه صديقا حتى لا تفقد سطوته وكبرياءه أمام أهل الحي .. هذا ما قد تشير إليه أحداث الفيلم بعد ذلك .. وهو ما حدث لينتصر المسالم والمثقف أحمد أفندي على البطش والظلم وأوهام القوة المتمثلة في المعلم عباس.
كان دور المعلم عباس هو أقوي أدوار عدلي كاسب على الإطلاق رغم تعدد أدواره في السينما والمسرح أيضا.. وهو دور يستحق عليه جائزة الإجادة .
قصة الفيلم كتبها المخرج طلبه رضوان وكان السيناريو والحوار بكل ما فيهما من جمال وطبيعية وتلقائية من وضع الكاتب أمين يوسف غراب، صاحب قصته (شباب إمرأة)، التي لعبت بطولتها القديرة تحية كاريوكا مع شكري سرحان أيضا.
أما الموسيقى التصويرية فهي إحدى روائع الفنان الكبير علي اسماعيل .. لهذا نجح الفيلم ذلك النجاح الكبير بنجومية أبطاله كما اجتمعت له كل أسباب النجاح.