أبوزيد الهلالي .. أيقونة شهر رمضان من إبداع سمير عبدالباقي
كتبت : صبا أحمد
تعتبر السيرة الهلالية وأشخاصها وأبطالها أيقونة من أيقونات شهر رمضان الكريم، حيث كانت الإذاعة المصرية فى سبعينات القرن الماضي تذيعها بصفة مستمرة، من خلال إذاعة (الشعب)، وكان يقدمها الشاعر الكبير (عبدالرحمن الأبنودي) مع (جابر أبو حسين) الذي يعتبر من أشهر شعراء السيرة الهلالية في العالم العربي، وكان موهوبا، ولديه القدرة أن يحفظ مليون بيت شعر من القصيدة – كما ذكر الأبنودي – وبدأ الناس التعرف عليه أكثر حين قدمه الخال في الإذاعة ليقص شيئا من السيرة الهلالية، كما أن أحد الباحثين الأميركيين، وهو (جون رينولدز)، سجل له مئات من الساعات للسيرة الهلالية.
لكننا هذا الأسبوع سنتوقف فى باب (غلاف ألبوم) عند واحدة من أهم شخصيات السيرة الهلالية وهى شخصية (أبوزيد الهلالي)، كما قدمها الشاعر المبدع (سمير عبدالباقي) في ألبوم )أبوزيد الهلالي) الذي يعتبر واحدا من ألبومات الكتاب المسموع الذي أنتجته دار (صوت العرب للثقافة والإعلام) فى منتصف الثمانينات، وكان يقوم المشروع على إنتاج شرائط كاسيت تتضمن أعمال كبار الأدباء من مؤلفات وكتب أدبية وثقافية في قالب فني جديد يزواج بين الفكر الأصيل والانفعال الصادق والفن الجميل، حيث كانت تقدم هذه الكتب من خلال أداء تمثيلي وفى إطار موسيقي غنائي يؤلف خصيصا لكل عمل.
قدم العمل الإعلامي الكبير (جلال معوض)، وإخراج عادل جلال، والألبوم عبارة عن صورة شعرية من وحي السيرة الشعبية يستلهم فيها (سمير عبدالباقي) تغريبة بني هلال ورحلتهم من الحجاز إلى تونس، ويؤكد على الروابط التى تجمع الشعوب العربية، ويجسد مظاهر التضامن الجماعي فى مواجهة الأخطار، كما يمجد قيم الشجاعة والعدالة والديمقراطية، ويصور بأسلوب فني راقي كثيرا من المشاعر الإنسانية النبيلة.
قام بالأداء (عبدالغفار عودة، محمد الشويحي)، موسيقى وألحان أشرف الشركسي، غناء (ممدوح بيرم، أحلام سعد، أشرف الشركسي، بكر حسن، سمير عمر، وشاعر الربابة إدريس شمندي)، فضلا عن فرقة ليالي السويس.
الجميل أن العمل نجح فى تحويل قصة (أبوزيد الهلالي، والزناتي خليفة، ودياب بن غانم) إلى عمل يحفل بالغناء والموسيقى فمثلا تقول إحدى الأغنيات:
الأرض قايدة نار، إتزلزل الجبل
ونار بلا أمل.
نشرب كبار وصغار، المر في العسل
مفيش شجاع ينام، مفيش ميت يقوم كلمات من أغنية طويلة تصف إحدى معارك (أبوزيد الهلالي) ضد (الزناتي خليفة) تغنيها فرقة ليالي السويس، وقد نجح أشرف الشركسي فى
تلحين هذه الأغنية وإضفاء الطابع البدوي عليها، واقتصر على استخدام آلات موسيقية شعبية مثل الربابة والناي والمزمار والطبلة، وجعل الألحان شبة إلقائية بسيطة اللحن جدا، ولكن بعضها كان ينتهي بقفلة غنائية صحيحة، وبين الكوبليهات قنطرة نغمية لا تتغير، كأنها (اللازمة) التى تؤدي عملين فتفصل الكوبليه عن الآخر، وتفضي بهذا إلى ذاك.
وكما يحدث في الأوبريت يغني الأبطال حتى ولو كانوا غير مغنيين، فنسمع فى هذا الألبوم أغاني من (أبوزيد الهلالي، والزناتي خليفة، ودياب بن غانم)، و(السيدة سعدي) التى عالجت (الهلالي) بالبلسم من المرض الشديد الذي أصابه فشفي وهزم اعداءه، وغنى أحد الجنود أو القادة، كما غنى الفنان (محمد الشويحي) الذي كان يؤدي دور الراوي أكثر من أغنية، ومنها واحدة تقول بعض كلماتها:
الليل طويل، وليل المعركة أطول
والحرب نصل الجنون لو فيه جنون أعقل
أهين يا دم القرايب، حين تسيل بحور
يا مهون الغربة هونها، وأنا باقتل حبال الصبر
أدى (الشويحي) هذا الكلام على طريقة الموال ارتجالا بلا تلحين، والكلام مكتوب فعلا على وزن الموال ليعبر عن الأسى العميق الذي ملأ قلوب رجال (الهلالي) ورجال (الزناتي) وهم جميعا عرب.
لقد طوى الزمن الربابة وشاعر الربابة وأغانيه وسيرة (الهلالي والزناتي ودياب) ولكن هذا الألبوم المتميز الرائع استطاع أن يقتنص لأسماعنا أصداء جميلة باقية من الربابة وأغاني شاعرها.