(ماري وسليمان وفاتن) يتذكرون أول أفلامهم في رمضان
كتب : عمر أحمد
إن اللحظة التى يقف فيها الممثل أو الممثلة أمام الكاميرا للمرة الأولى هى أحرج اللحظات التى تمر بهما فى حياتهما الفنية، وعليها يتوقف نجاحهما أو سقوطهما، وفى هذا الحديث وبمناسبة شهر رمضان يتحدث بعض نجومنا على هذه اللحظات التى مرت فى حياتهم في أول فيلم لهم، كما جاء على لسانهم فى مجلة (الكواكب) عام 1952 .
الفنانة (ماري كويني) تقول: كانت أهم لحظات حياتي الفنية، تلك التى مرت بي عندما وقفت أمام الكاميرا للمرة الأولى في فيلم (غادة الصحراء)، لقد كنت وقتها ثائرة الأعصاب شديدة الاضطراب، وقد لاحظ المرحوم (أحمد جلال) الذي كان من بين من يتعاونون معنا في الفيلم، لاحظ اضطرابي وفزعي، فأجلسني بجانبه وراح يحدثني.
ولن أنسى تلك الإرشادات التى أوحى بها – رحمه الله إلى – فكانت أساس نجاحي السينمائي، لقد حدثني عن هدوء الإنسان وعدم خروجه عن الطبيعة، وقال لي إنه لايوجد فى الحياة شيئ يؤثر على مستقبل الفنان كاضطرابه وفزعه ومن كان يتهيب عملا فهو لا يتقنه أبدا، وكان مما قاله لي أيضا: لا تمثلي فى ساعة اندفاع، بل فكري فى الأمور بعناية وترو، ومتى وثقت من نفسك ومن صواب رأيك، فانطلقي فى التمثيل، ولا تدعي أي شيئ يثنيك عن عزمك.
ولقد كانت هذه اللحظة التى جلست أستمع فيها إلى هذه النصائح الغالية، من أهم ساعات حياتي، إذ أنها أفادتني بما لم يفدني بمثله أي شيئ آخر.
الفنان (سليمان نجيب) يقول: إنني أمرح دائما وأميل إلى الدعابة والمزاح حتى في أحرج الأوقات، ولقد سرت على هذا المنوال منذ طفولتي، ولم يتغير طبعي هذا عندما بدأت أعمل فى المسرح هاويا، ولكن طبيعتي تغيرت بالكلية عندما بدأت أعمل في السينما، عرفت وقتها أن هناك أوقاتا لا يملك الإنسان فيها أن يرمش بعينه.
لقد بدأت عملي السينمائي مع (محمد عبدالوهاب) فى فيلم (الوردة البيضاء)، وكان الوقت صيفا، فكانت الأنوار التى يسلطونها علينا وقت التصوير – ونحن في شهر يوليو – تبعث كحرارة البركان، وكان مما يثير أعصابي أن الظروف كانت تضطرنا أحيانا إلى إعادة أحد المناظر حوالي عشرين مرة، فنستغرق في تصويره ساعات طويلة، ومثل هذه المسألة كانت كفيلة بأن تغير من طبعي، وتجعلني أشعر برهبة الوقوف أمام الكاميرا، وإن كان هناك من أدين له بنجاحي في السينما، فهو الإخلاص للعمل، كنا نندفع فيه حتى يأخذ منا خير ما يمكن أن يقدمه اليه ممثل، وكان على الجميع ــ وأنا بينهم ــ أن يكونوا في يد المخرج كالعجينة اللينة يكيفهم كيف يشاء حتى يضمن له النجاح.
وتتذكر الفنانة فاتن حمامه أول أفلامها فتقول: إنها ميزة كبيرة أن يشتغل الإنسان مع أناس هو أصغرهم سنا، لقد بدأت عملي فى السينما طفلة فى فيلم (يوم سعيد)، فكنت أعتبر التمثيل أمام الكاميرا وقتها لهوا ولعبا، ولكني عندما عدت إلى السينما وأنا في سن الصبا، شعرت أنني أهاب الكاميرا عندما وقفت أمامها للمرة الأولى، ولقد أحسست أنني إنسانة ضئيلة بجانب عمالقة الفن الذين وجدتني بينهم، ولكنني لم ألبث حتى أدركت قيمة صغر سني فلم أعد أعتبره نقصا كما كنت أظن أولا، بل وجدت فيه عونا كبيرا.
لقد كان الجميع يسارعون إلى نصحى وإرشادي ومساعدتي وكان المخرج يغفر لي غلطاتي لصغر سني، وإجمالا كان كل إنسان يجتهد فى تقديم ما يريحني ويسرني، ولذلك فإني أعتقد أن نجاحي فى السينما بعد أن عدت إليها إنما يرجع إلى أن رفاقي فى العمل الذين كانوا أكبر مني سنا فكانوا جميعا أساتذة لي، وكنت لهم تلميذة مطيعة تقدر نصائحهم.