كتب : محمد حبوشة
يبدو أن محمد رمضان دأب على صناعة الترندات من قلب مشاهد مسلسله الرمضاني الحالي (موسى) الذي أطلق عليه (ملحمة) لا ليختلف عن المسلسلات التي تحمل ذات الصبغة الصعدية فقط بل في إطار وضعه على رأس هرام المنافسة التي لايرى فيها أحد غيره، فقد عمد إلى إذاعة أطول مشهد (حوالي 20 دقيقة) من الظلام والكآبة وعدم وضوح الرؤية في شكل تراجيدى على غرار غرق السفينة (تيتانيك) ليتزامن المشهد مع الذكرى السنوية الـ 109 التي تمر عليها هذه الأيام، وجاء المشهد ليحاكي (تيتانيك) التي أودت بحياة أكثر من 1500 شخص، وكانت ومازالت تعتبر من أسوأ الكوارث البحرية فى التاريخ، حيث اصطدمت السفينة العملاقة فى جبل جليدى بشمال المحيط الأطلسي، وذلك بعد 5 أيام من بدء رحلتها التى انطلقت من ساوثامتون بإنجلترا، وكانت متوجهة إلى نيويورك.
غرق (تيتانيك) تحول إلى حدث تاريخى، فبعد وقوع تلك الكارثة، ظهر عدد لا يحصى من الكتب والأفلام الوثائقية والأفلام الدرامية التى تتحدث عن غرق واحدة من أعظم السفن فى التاريخ، لذا عمد رمضان بأن يواكب حدث غرق أهل قريته بالسيول مع ذكرى تيتانيك لتصبح حديث السوشيال ميديا ويركب الترند في إطار الهوس الذي يلازمه ليل نهار، فقد شهدت الحلقة السابعة من مسلسل موسى الذي يقوم ببطولته محمد رمضان، غرق حبيبته (نجاة) إثر تدفق السيول على قرية (مصاخة) في سوهاج، وهو ما أدى إلى وفاتها رغم محاولات موسى لإنقاذها، فضلا عن تصويره عشرات الجثث التي تطفو فوق سطح الماء على غرار مئات الجثث التي اختلطت بالجليد في المحيط الأطلسي عام 1912 في أكبر كارثة إنسانية.
وقد شبه الجمهور المشهد الذي تم تصويره بشكل رومانسي، بمشهد غرق (روز أو كيت وينسلت) في الفيلم الأسطوري تيتانيك، وذلك رغم محاولات حبيبها (جاك داوسن – ليوناردو دي كابريو ) إنقاذها، حتى آثر الموت فداء لها، ليتحول الفيلم إلى واحد من أهم الأفلام في تاريخ السينما العالمية، إلا أن الوضع في (موسى) كان معكوساً حيث توفيت حبيبته غرقا بعد كارثة مفزعة قد أحلت بالقرية الفقيرة التي كانت تعاني ظلم شيخ البلد والعمدة بالتواطىء مع الاحتلال الإنجليزي آنذاك، وقد جاء هذا المشهد الذي يعد (ماستر سين) حلقات موسى على النحو التالي:
يدخل موسى في عناق حار مع نجاة تحت المطر والسيول التي ضربت القرية النائية في صعيد مصر، ثم يتخذان ساترا حيث تقول نجاة : قلبي ما صدقش!!.
موسى : قلبك اللي نجاني يا نجاة .. قالولك اني مت.
نجاة : ما تنطقاهاش.
موسي : والله العظيم لو أشوف قلبك في عينيك كده ولهفتك دي كنت موت من زمان.
……………
تجتاح السيول كل بيوت القرية وتغرق الشوارع بالمياه التي تدفع بكل من نجاة وموسى وسط التيارات والأمواج العاتية.
……………
موسي ينادي بأعلى صوته : نجاة .. نجاة .. ويقاوم عنف الموج حتى يلجأ لنخلة يتثبث بجذعها وهى ماتزال صامدة وسط تدافع المياه حتى تسقط فتدفعه الأمواج نحو دفة أخرى، وفجأة يلمح شبح نجاة تقاوم المواج العاتي فيصرخ : نجاة .. نجاة.
نجاة من جانبها تستنجد به قائلة وهو ممسكه بنخلة عائمة على وجه الماء : موسى .. موسى.
……………
ينجح موسى في الإمساك بنجاة ويحاول أن يصل إلى الشاطئ البعيد.
……………
يظهر العمدة مع زوجته وسط الأمواج العاتية مناديا : نجاة .. نجاة بنتي .. ثم يقول لزوجته تعالي نروح من هنا حنلاقيها .. نجاة .. يا نجاة.
تسلط الكاميرا عدستها على شيخ البلد (شداد) وزوجته (صباح) ينظران من شباب منزلهما وهو يردد في خوف : يابوووووي.. بينما تقول زوجته في فزع: حنموتو.
يرد شداد وهو ممسك بذراعيها : متخافيش ياصباح إحنا بيتنا مبني بالحجر السيل ما حيأثرش فيه ، لكن تدافع المياه يبدأ في تكسير الجدران وصباح تصرخ : يارب نجينا.
……………
تنجح نجاة في اللجوء إلى سطح أحد البيوت وتحاول أن تسحب موسى، لكنه يقول لها خليك هنا حاروح ألحق أمي وجدي.
……………
تحمس ابنة أحد الصيادين أببيها ومرافقية لإنقاذ الأهالي بينما موسى يواصل رحلته في العوم صوب أمه وجده في وقت تعاني فيه نجاة من جرح في جنبها جراء اصطدامه بحجر وهى في عمق المياة .. يصل موسى إلى البيت مناديا : أمه .. جدي صالحين، وتدير الكاميرا حركتها إلى نجاة وهى تنقذ طفلة كانت على وشك الغرق.
……………
في لحظة لقاء موسى بجده وأمه ينهار سطح البيت الذي كانت عليه نجاة وتسقط في الماء من جديد ومعها الطفلة التي كان قد أنقذتها قبل قليل، وصوت أبوها العمدة يصرخ في ذات الوقت : نجاة .. نجاة ، وكأنه قلبه قد أحس بسقوطها في الماء.
……………
تعود الكاميرا إلى بيت موسى وهو متعلق بأمه التي تقول له : ربنا بعتنا عمران ، فيقول موسى : ربنا يحفظك ياعمران، ويحمل أمه ليضعه في أحد قوارب الإنقاذ التي كانت تقترب منهما ، وتعود الكاميرا إلى نجاة وهى تصارع الأمواج وموسى في رحلة عودته لها ينقذ أسرة كانت عالقة ببعض الأنقاض العائمة، بينما تمر الكاميرا على (كحلة) الغجرية التي جسدت دورها ببراعة الفنانة القديرة (فريدة سيف النصر) وهى تعتلي شجرة قائلة : يارب .. يارب.
……………
يصل موسى إلى نجاة مرة أخرى قبل أن تعصف بها الأمواج وتطيح بها إلى الإعماق السحيقة لتغرق ، ووتركز الكاميرا على موسي وهو يصحو مغطى ببطانية ثقيلة على سطح مركب على فاجعة موت حبيبته (نجاة) ثم تستمر الكاميرا في دوانها وهو يلقى عليها نظرة الوداع الأخيرة قائلا : آسف يا نجاة!!.