المليونير.. فيلم يفتح لنا صحفات مهمة
بقلم : سامي فريد
خفة ظل هذا الفيلم تجعلك تتغاضى عن أي أخطاء فنية قد يقع فيها الفيلم.. فالفيلم مثلا وكبداية يشرح بأسلوب كوميدي بسيط الشخصيتين الأساسيتين في الفيلم وهما: عاصم بك الاسترليني المليونير المترف اللاهي الذي يسقط في دوامة من الديون والمشاكل لأسباب كثيرة منها السهر والقمار والنساء وعدم اهتمامه بمتابعة أعماله وغير ذلك من الفوضى واللامبالاة التي يعيش فيها (بطولة اسماعيل يس).
والشخصية الثانية هى جزر دولار المونولوجست الفقير الذي يفاجأ به عاصم بك في أحد الملاهي فيراجع ما يراه على المسرح أثناء أدوار المونوجست وما يراه من صورته أمامه في المرآة على البار فيجد تطابقا في الشكل بغربة بأنه ربما يكون الحل الذي يهرب به من جريمة عشيق زوجته الفنانة (كاميليا)، هو في الحقيقة التي لا يعرفها الزوج شقيقها الخارج توا من السجن ولهذا السبب اخفت الزوجة عن زوجها عاصم بك الغيور أي خبر عنه، فكان أن أطلق عليه الرصاص ثم قرر الهرب والاختفاء إلى أن يجد حلا للجريمة التي ارتكبها واتفق مع خدم السراي على أن يكون الكلام بينه وبينهم عن (الديك) ويقصد به عشيق الزوجة الذي هو شقيقها ولهذا استبدلت الزوجة رصاصا المسدس بأخريات من الفشنك الذي لا يقتل.
فيظهر عاصم بك أنه قتله ولهذا يهرب في حين أن الشقيق مازال على قيد الحياة والزوج الهارب لا يعرف شيئا عن الموضوع، لكنه يتفق مع شبيه جزر دولار على أن يحل محله في بيته لفترة ويكون الاتصال بينهما بكلمة سرية يتفقان عليها عند احتياج أحدهما للآخر ويكون إغراء عاصم الاسترليني لجز كبيرا لا يستطيع أن يرفضه ويسأل عاصم بك الاسترليني لماذا اسمه جزر دولار؟ فيرد المونولوجست بأن أجره اليويمي هو دولار واحد أي 20 قرشا (!!) في بداية الخمسينيات!
وفي البيت يكاد جميع أهل البيت .. زوجة عاصم بك (كاميليا) وشقيقته (زينات صدقي) حتى الخدم لا يشكون لحظة في انه عاصم بك إلا أن الجميع يلاحظون اختلافا كبيرا في شخصية جزر دولار.. فهوا إنسان بسيط يتعامل بعفوية وتلقائية لكنه يرفض حياة عاصم بك المتشابكة المليئة بالمشاكل والعلاج والمساج وإحدى عشيقاته (وداد حمدي) ومعها حارس مخيف مدجج بالسلاح (سراج منير) الذي يقوم في الفيلم بدور عنتر الذي أتت به لإجبار عصام الاسترليني على الزواج منها لكن جزر دولار وبعفوية شديدة وذكاء وفطنة يهدد عنتر بقلم وجده في يده ويجبره على الخروج هربا بحياته.
وهكذا من المشاكل مثل مشكلة ديون القمار مع استيفان روستي وفريد شوقي ويقترح جزر دولار أن يلعبوا بأوراق اللعب (الكوتشينة) لإلغاء الدين أو مضاعفته فيلعب الجميع على رقم 9 الذي يفوز به دولار في كل مرة لدرجة أننا نجد استيفان روستي وفريد شوقي بالملابس الداخلية بعد أن خسروا كل شيء.
ثم تأتي مسألة البورصة ويتصل سكرتير عاصم بك (وهو هنا جزر دولار) ليبشره بأن أسعار القطن قد زادت ويسأله يلبيه؟، لكن جزر دولار لا يريد البيع لأنه لا يعرف أسعار القطن الذي هو ليس قطن فيرفض البيع حتى يأتي سكرتيره (قصب) ليخبره بأن البيك كان موفقا فقد زادت أسعار القطن مرة أخرى، وهكذا نجد أن جزر دولار يخرج عاصم بك من كل مشاكله.. مع ديون القمار وبيع القطن والمرأة التي تريد أن تتزوجه بالقوة.
وغير ذلك من المشاهد الكوميدية التي ينتصر فيها دائما جزر دولار.. مع دويتوهات الأغاني مع (بلية) سعاد مكاوي ومع كاميليا وخدم السراي (غرق في حرير وهدوم شمير وخدم وحشم وجواري ومع سعاد مكاوي (أنا عاوز أروح)، ومشهد البار والشاويش عزت الجاهلي الملحن، وهو يطرد كل سكاري البار.. ثم الحفل الذي يعلن فيه إنه في دويتو آخر من سعاد مكاوي انه ليس من هذه الأسرة التركية التي تتعجب لسلوك ابنها الغريب.
يذهبون به إلى مستشفى الأمراض العقلية حيت نستمتع باسكتش آخر نرى فيه المجانين وهم يؤدون أدوار نابليون ونيرون وعنتر وغيرها.. حتى يقنعه أحد نزلاء المستشفى بالكذب ومسايرة المجانين الحقيقيين خارج المستشفى، فيفعل ذلك ليخرج من المستشفى، ولن ننسى مشاهد إسماعيل يس مع الممرض رياض القصبجي قبل عودته إلى البيت.
وعندما تلقي الشرطة القبض على جزر دولار وفي التخشبية ينادي بالكلمة المتفق عليها مع عاصم بك الاسترليني فيجده معه في التخشبية، ويكاد شاويش القسم يصاب بالجنون عندما يجد أمامه مسجونين بنفس الشكل وهو لا يعرف من هذا أو من ذاك.
وتبدأ الأسرة التركية مع زوجة عاصم بك وسعاد مكاوي الذي أحبها جزر دولار في توضيح الأمور للشاويش.
ويخرج الجميع إلى سابق ما كانوا فيه.. فيعود عاصم الاسترليني إلى زوجته بعد أن تكشف له على أن من يظن أنه كان عشيقها وقتله لم يمت وأنه شقيقها.
ويتزوج جزر دولار من محبوبته بلية (سعاد مكاوي) في مشهد يجمع بين إسماعيل يس في شخصيتين أوالهما بكل التوفيق..
والفيم عامر بالكثير من المواقف عن الذين أصبحوا بعد ذلك من كبار الممثلين أمثال سراج منير وفريد شوقي واستيفان روستي وصلاح منصور وعبدالغني النجدي ولطفي الحكيم وعبدالرحمن الرزقاني وغيرهم.
ويتساءل كيف استطاع مخرج الفيلم الإمساك بكل هذه الخيوط دون أن تلفت منه واحدة منها؟.
قصة الفيلم لمأمون الشناوي وإخراج حلمي رفلة وانتاج سنة 1950، والسيناريو كتبة أبو السعود الإبياري والشناوي، وكان تلحين الأغاني من نصيب الملحن الكبير عزت الجاهلي، أما الكلمات فكانت للفنانين أبو السعود الإبياري ومأمون الشناوي.