عشق الفن منع استمرار حب فاتن حمامة وعز الدين ذوالفقار
* مؤامرة كمال الشناوي وجليل البنداري وعزالدين على أحمد حمامة
* كان قلب النجمة الشابة يقول لها : ابحثي عن الراحة، عن الحب، وكان الوسواس الخناس يقول : هذا ليس حبا، هذه نزوة عابرة!
* ألقت (فاتن) نظرة على الزجاجة وابتسمت، كان اسمها (غرامي الأول)!
* كان زواج فاتن مثيرا لم يعرف أحد به إلا بعد أن كتبت الصحف وأسهبت، عن قصة الهروب فى الليل والزواج
* بدأت الخلافات تعرف طريقها إلى البيت الصغير بسبب انشغال الزوجين في عملهما الفني
كتب : أحمد السماحي
بعد أن صرح (عز الدين ذوالفقار) بحبه لفاتن حمامة، عادت إلى منزلها وهى مشغولة البال، ودخلت إلى غرفتها، وأخذت حمام دافئ، وغيرت ملابسها، وحاولت أن تنام لكن النوم جافها، فقد تقلبت على فراشها قلقة، عيناها ساهدة هجرها النوم، وساوس كثيرة ملأتها، هواجس دقت لها ناقوس الخطر، إلى أين هى ذاهبة؟! هل تتزوج من (عز) الذي يكبرها بحوالي 20 عاما للتخلص من سيطرة والدها؟!.
فتاة السابعة عشر
فى الصباح ذهبت إلى الاستديو بصحبة والدها لتكملة مشاهد فيلمها (خلود) وقابلت زميلها (كمال الشناوي) شريكها في بطولة الفيلم فهنئها على مشاهدها أمس، كانت تسمع له وهى سارحة فى عرض (عزالدين ذوالفقار) فى الزواج، لكنها كانت تعلم جيدا أن والدها لن يسمح لها بالزواج فى هذه الفترة من عمرها، فهى لم تزل فى السابعة عشر من عمرها، وقالت هذا لـ (عز الدين) فى الاستراحة بين مشهد وآخر.
فقال لها : لن يقف أبوك ولا غير أبوك عقبة في طريقي.
فاتن : طيب بس هنعمل ايه؟
عز : أنت واثقة مني؟
فاتن : طبعا
عز : إذن اتركي لي المسألة فسأهرب بك ونتزوج بعيدا عن أهلك، وبعدين نرجع لهم متجوزين، فيه حاجة اسمها (الأمر الواقع)!
مدموازيل فاتن
جرى هذا الحديث الخطير في نصف ساعة فقط، هى فترة الراحة بين مشاهد الفيلم، وفجأة صاح المصور : مدموازيل (فاتن) تتفضل احنا جاهزين، وسمعت (فاتن) كلمة (مدموازيل) وكأن لها جرسا خاصا لم تألفه من قبل، وأحست بأن المصور قد أخطأ، وأن الواجب كان يقضي بأن يقول لها : (مدام عز أو مدام فاتن)، ألم يقل لها (عز) من دقيقة واحدة سأتزوجك واضع أهلك أمام (الأمر الواقع)، إذن فهي زوجة إذن فهي مدام، وبعقلية وعاطفة ابنة السابعة عشرة أحست بفرحة كبرى تجتاح عقلها وعاطفتها وكل كيانها.
هي غارقة في الحب، وهى أيضا محبوبة ومن من؟ من فارس الأحلام الشاب الأشقر الذي كان إلى عهد قريب يرتدي البذلة الكاكي وقد زين كتفيه بالنجوم الثلاث اللامعة، وبعد انتهاء إحدى مشاهد الفيلم، نظرت فوجدت والدها يراقبها من بعيد، فعادت تتجه نحو (عز الدين) نحو الأمل، وطلبت منه كلمة على انفراد وسألته هامسة : وإلى أين سنهرب؟
قال عز: إلى الفيوم
فاتن : وبابا كيف نهرب منه؟
عز : لقد اتفقت مع (كمال الشناوي، وجليل البنداري) على الجلوس معه حتى نهرب نحن من الباب الخلفي للاستديو، يوم الخميس القادم.
فاتن : كما تريد ولكن أنا خايفة!
عز الدين : خايفة من ايه؟!
فاتن : من بابا أنا لم أشق عليه عصا الطاعة أبدا.
عز الدين : سيغضب ليوم أو اثنين وسنرجع نصالحه.
أحمد حمامة
انتهى اليوم وعاد الأستاذ (أحمد حمامة) إلى البلاتوه ليصحب ابنته إلى البيت، وأحست النجمة الشابة أن القيد الذي يحيط بقدميها ويديها قد بدأ يتسع، أصبح أكبر على قدميها ويديها مما كان، وقالت لنفسها : خلاص مرة كمان وبعدها أصبح سيدة نفسي أدخل وأخرج من غير حارس من غير كونستابل من غير بوليس!.
ويبدو أنها كانت تتحدث بصوت عال لأنها اضطربت عندما سمعت والدها يسألها : مالك يا بنتي سرحانة فى ايه؟ فقالت متلعثمة: مافيش يا بابا أحاول أن أحفظ باقي مشاهد فى الفيلم، وسكت الأب، إذ لم يكن يدر فى خلده أن الحمامة الوديعة الرقيقة تفكر فى الزواج بدون علمه، ولهذا أيضا أحست (فاتن) بخوف شديد وخجل من نفسها لم تحس به من قبل فى حياتها، خجل شعرت أن لهيبه يكاد يحرق خديها ويحيلهما إلى جمرتين من النار المستعرة، وعندما استلقت (فاتن) على فراشها عاودها التفكير فى كل حرف قاله لها (عز الدين ذوالفقار) لقد باح لها بحبه، وباحت له بحبها وطلب يدها واجابته إلى طلبه.
الأمر الواقع
سمعت (فاتن من عز) لأول مرة ما أسماه (الأمر الواقع) ووافقت على طلبه، ولكن ظلت تفكر فى (الأمر الواقع) وبكت فى ليلة عيدها، ليلة انتصار حبها وسماعها كلمة الحب الأولى في حياتها، بكت لأنها فكرت فى عصيان والدها، وهى لا تريد أن تكون عاصية، وعاصية على والدها بالذات، وبكت لأنها ستتزوج بعيدا عن جوها العائلي، وعن قبلة الأب الحنون وزغرودة الأم التى ستسعد بوحيدتها، بكت لأنها ستفسد على والديها ما أعداه لنفسيهما ولها من فرحة عائلية عندما تتزوج.
غرامي الأول
لكن هل هذا كله يساوي مرارة ما تشعر به من السجن الأبوي ومن القيد الذي قيدوها به، وأحست باختناق وبالأرض تدور بها فصاحت وصرخت، وفى ثوان كانت والدتها على رأسها بجوار فراشها والهلع يكاد يأكل قلبها وصاحت الأم: مالك يا بنتي؟! وقالت الأبنة: شوية صداع، وأسرعت الأم إلى زجاجة الكولونيا وسكبتها على وجهها فى حنان بالغ، وألقت (فاتن) نظرة على الزجاجة وابتسمت، كان اسمها (غرامي الأول)!.
نزوة عابرة
كادت الأم تطير من الفرح عندما شاهدت ابنتها تبتسم، ولم تكن تدري أن الذي رد الروح لها هو اسم الكولونيا وليس ما بداخل الزجاجة، وخرجت الأم من حجرة ابنتها بعد أن اطمأنت عليها، وعاود (فاتن) الوسواس الخناس، كان يقول لها : (عيب يا بنت)!، وكان قلبها يقول لها: ابحثي عن الراحة، عن الحب، وكان الوسواس الخناس يقول: هذا ليس حبا، هذه نزوة عابرة، وهكذا قضت ليلها نهبا لهذه الهواجس، حتى أشرق الفجر، فألقت برأسها على الوسادة وأغمضت عينيها.
التردد والحيرة
عندما استيقظت أحست بوعكة وصداع، ورفضت الذهاب لأول مرة إلى الإستديو حتى لا ترى (عز الدين) وحتى لا يأخذها معه إلى الفيوم لعقد قرانه عليها، وتعطل العمل فى الفيلم، لأن المناظر الخارجية كانت ستؤخذ فى صحراء الفيوم، واتصل بها (عز الدين) تليفونيا، فقالت له: مش قادرة يا أستاذ، فصاح وبعدين: يا حبيبتي، فقالت : يا عز أعطني فرصة، ورد عليها: ومشروعنا، حبنا، زواجنا، الفيوم!، قالت: مش قادرة، فرد عليها: مش قادرة ايه؟! قالت : مش قادرة أزعل بابا.
السجينة
كادت تسترسل فى المكالمة الهاتفية لولا أنها سمعت صوت أمها من الداخل تناديها: يا فاتن : كفاية كلام انتي تعبانة، وكاد الدم يخرج من أذنيها، إنها وهى النجمة التى يتهافت على رؤيتها وتحيتها الألوف لا تملك حرية التكلم فى التليفون، ومع من؟ مع من أحبه قلبها، وها هى أمها تنهرها لأنها أطالت الحديث مع الممثل والمخرج والحبيب معا، إذن فهى مسجونة، أذن يجب أن تخرج من هذا السجن، ولم تدري إلا وهى تقول لـ (عز الدين): بكره، خلاص بكره.
الزواج فى الفيوم
وضعت (فاتن) السماعة، وسألتها أمها: بكره ايه يا بنتي؟! فقالت فاتن : بكره رايحة الفيوم، رايحة الصحراء، فيه تمثيل خارج الاستديو، أكبر لقطة فى حياتي كلها، لقطة جديدة مدهشة، لقطة كل الجرائد حتكتب عنها، ولم يخطر ببال الأم أن تعرف مكنون كلام ابنتها، وقد صدقت (فاتن) فإن الصحف كلها تحدثت عن هذه اللقطة، لقطة (عز الدين ذوالفقار وفاتن حمامة) فى أول زواج لهما، وأول حب لهما، وأول مغامرة بين بطلين فى عالم السينما المصرية منذ قيامها، زواج فاتن حمامة ومخرج فيلمها عز الدين ذوالفقار.
الصحافة تقف مع العروس
كان زواج فاتن مثيرا لم يعرف أحد به إلا بعد أن كتبت الصحف وأسهبت، عن قصة الهروب فى الليل والزواج، كما لم تكتب عن أي نجمة أخرى خفق قلبها للحب، فآثرت أن تضع له نهاية سعيدة، ولأول مرة تقف الصحافة فى صف النجمة الصغيرة التى لبت نداء قلبها، وسارت مع هواها، فسارعت إلى الزواج وعلاج الحرمان بالحب الحلال، وانفجر الوالد (أحمد حمامة) بالغضب، لكن غضبه لم يستمر وكما توقع (عز الدين) سوى خمسة أيام ثم انتهى وأعلن رضاه عما وقع وحدث، وبارك هذا الزواج بزيارة لمنزل الزوجية هو وأم فاتن.
حب ودموع
بكت (فاتن حمامة) عندما رأت والدها أمامها فى الصالون الصغير، وارتمت على صدره، وهى تقول في عصبية: (معلش يا بابا طاوعت قلبي)، وبكى الأب الطيب، وقال لها وهو يمسح دموعها بأصابع يديه المرتعشة: (مبروك يا بنتي ربنا يهنيك ويسعدك)، وكانت الأم تقف في زواية الصالون وتبكي بحرقة، وهى تقول: (إنها ليست غاضبة ولا زعلانة، إلا لأن (فاتن)، تزوجت بسرعة ودون أن تترك لها الفرصة لتقيم فرحا يتحدث عنه القريب والغريب)، وكان (عز الدين) يسمع ما يدور ويشهد الموقف الدرامي بين أفراد العائلة دون أن يحرك ساكنا، وانتهت العاصفة بقبلات من عز الدين لعروسة لحماته وحماه.
حلم الأمومة
مرت الأيام والشهور الأولى وكانت (فاتن) تحس أنها فى حلم، حلم رقيق ينساب في وجدانها في رفق وهدوء، بيت صغير أنيق وزوج محب، يجيد فن الحديث في الحب وغير الحب، وتوهج الحب أكثر عندما علمت أنها حامل، وجاءت (نادية) إلى الدنيا وملأت حياة الأسرة الصغيرة بالسعادة والفرح.
اللهب يخفت
بعد مضي سنوات قليلة من الزواج خبأ الوهج، وبدأ اللهب يخفت ويخف رويدا رويدا، ولقلة خبرة (فاتن) فى شئون الحب، ولأنها كانت تعيش بخيال العذارى، فقد تصورت أن الحب منزه تماما عن كل شائبة، وأن فارس الأحلام يجب أن يظل دوما فارس الأحلام، وأن تظل هى متمسكة بذراعه، وقد أركبها جواده الأبيض ليطير بها كل ليلة إلى الفردوس الموعود، فلما أصبحت الحياة داخل العش الهادئ عادية زوج وزوجته وابنة، وقبلة عادية في الصباح!، ومثلها في المساء، ثم تمضي الحياة رتيبة شأنها شأن الحياة التى لمستها بين والدها وأمها، أحست بخيبة أمل ثم كبرت خيبة الأمل لتتحول إلى ضيق ثم تحول الضيق إلى حزن.
الخلافات تكبر
بدأت الخلافات تعرف طريقها إلى البيت الصغير بسبب انشغال الزوجين في عملهما الفني، فكلا منهما لا يرضى بغير الكمال في عمله، وكل هذا يأتي على حسب البيت الصغير، وبدأت الخلافات تكبر وتكبر، والهوة تتسع وتتسع، وبدأت (فاتن) تثور، وبدأ (عز الدين) يغضب ويخرج عن طوره هو الآخر، وأحست النجمة الشابة أن حبها يختنق، وأنها هى الأخرى تختنق، ومع الأيام ازدادت قسوة الخلافات واشتدت بين (فاتن وعز) حتى أن (عزالدين) كان يترك البيت أياما عديدة دون أن تعرف هي أين هو؟!، ولا أين ذهب؟، وكانت بدورها لا تسأله لماذا ترك البيت؟ وأين قضى الليالي بعيدا عن بيت الزوجية؟ وبدأت تسمع شائعات كثيرة عن خيانة زوجها له، ولما لا فهو مخرج كبير يتمتع بالجاذبية والوسامة والرجولة.
كفرت بالحب
ذات يوم كان على (فاتن حمامه) أن تحسم موضوع حياتها، وأن تواجه الموقف بينها وبين زوجها وحبها الأول بشجاعة، فقالت لـ (عزالدين) وهما يمضيان السهرة الصامتة فى البيت: أنت زوجي ووالد ابنتي، ولكن الحياة بيننا كما تحسها أنت واحسها أنا أصبحت لا تطاق، وقال (عزالدين) وهو يواصل قراءة الجريدة ودون أن يرفع نظره عن الصحيفة التى بين يديه: هذا صحيح، فقالت له: إذن لماذا تعذب نفسك مع زوجة لا تحبها وتعذبني معك؟! ورد الزوج ثائرا هذه المرة: ومن قال انني لا أحبك؟!
ردت فاتن: اذا كان هذا الذي يحدث بيننا دليل حب متبادل، فبئس هذا الحب، وأنا أول من يكفر به، ورد عزالدين بهدوء وقد وضع الجريدة جانبا: أن كرامتي تأبى على أن أجبرك على المعيشة معي وأنت كارهة لي، وقالت فاتن : وأنا أيضا تأبى علي كرامتي ما تأباه كرامتك عليك، ما رأيك لو انفصلنا، فقال عزالدين : وهو كذلك.
وبعد أيام من هذا الحديث يحدث الطلاق بين النجمة الشهيرة ومخرج أفلام الحب الشهير، ويسدل الستار على أجمل قصة حب حقيقية، وتطلع الصحف حاملة النبأ الحزين في اليوم التالي.