لعبة الست .. لعبة الأيام في زمن الحرب؟!
بقلم : سامي فريد
قصة هذا الفيلم تدور أحداثها زمن الحرب العالمية الثانية ولا يهتم فيها مؤلفاها وهما بديع خيري ونجيب الريحاني بأحداث الحرب ولا من انتصر على من ولا كيف تسير أحداثها فهذا كله موضوع آخر ربما للصحف أو للساسة والعسكريين، ولكن كل ما يهتم الثنائي المؤلف للقصة والسيناريو هو ما تحدثه الحرب بآثارها وتداعيتها في نفوس الناس والمجتمع المصري بكل أطيافه بل وربما بما حوله ومن حوله.
فالبطلة الفتاة لعبة (تحية كاريوكا) لا تريد لزواج من ابن خالتها بلالايكا (عزيز عثمان) فتهرب يوم زفافها إلى بيت خالتها فلا تجدها، ولكن تجد شخصا آخر لا تعرفه ولا هو يعرفها هو حسن وابور الجاز (نجيب الريحاني) الذي ترجوه أن تقضي الليلة عنده وتحكي له حكاياتها.
لكنها وفي الطريق إلى بيت خالتها تمر بمشهد سينمائي لمعاكسة بين شارب رفيع واحدة لابنات البلد.. ويكاد مخرج الفيلم يشد شعره للأداء المتدني للبنت التي تعرض للمعاكسة لكن (لعبة) تؤدي المشهد بشكل يبهر المخرج (حسن فايق) فيسأل لعبة إن كانت تحب أن تعمل معهم في السينما..
من هنا تبدأ تتشابك خيوط الرواية عندما يصل بلالايكا إلى بيت الخالة فلا يجدها ولكن يجد حسن وابور الجاز الذي يضطر لأن ينكر أنه رأي لعبة أو يعرف من هى لعبة رغم تهديدات وتحذيرات بلالايكا إن كان يكذب.
وتكتشف لعبة طيبة أصل وابور الجاز الفقير وحماته وعطفه رغم فقره لكنها تضطر إلى تركه بعد أن هربت من ليلة الفرح.. لكن حسن وابور الجاز يعرف عنها ما أراد أن يعرفه عن بلالايكا وأباها إبراهيم نفخو (عبدالفتاح القصري) وأمها سنية جنح العالمة وهى أسرة تعمل بالفن فالأب قانونجي (ضارب قانون) دقة زمان والأم عالمة أفراح وابن الأخت مطرب (عزيز عثمان).
لكن الأيام في زمن الحرب تدور دورنها فيلمع نجم لعبة في التمثيل والرقص وتخبئ الأيام لحسن وابور الجاز مفاجأة عندما تأتي الحرب بعد ذلك من الفقر وسكنى غرف السطوح إلى الثراء الباذخ.. وهذا ما يحكيه الريحاني وبديع خيري من خلال السيناريو المدهش الذي يفصله الاثنان تفصيلا لتسير أحداث الفيلم كا يريدان.
ويتقدم حسن وابور الجاز لخطبة لعبة بعد أن التحق بعمل في شركة رجل الأعمال اليهودي الخواجة – وهو من أنصار الحلفاء بينما رومال الألماني قائد القوات النازية الذي استولى على العلمين وأصبح يدق أبواب الأسكندرية، وهذا ما نعرفه من الخواجة (سليمان نجيب) الذي يقرر مع عدد من اليهود المصريين الهرب إلى جنوب أفريقا خوفا من ملاحقة النازي لهم.. ولا يجد الخواجة أمامه إلا الرجل الأمين الطيب حسن وابور الجاز فيضع له المحلات بمبلغ كتبه الخواجة في عقد بيع مقابل أن يضع حسن في البنك باسم الخواجة مبلغا شهريا حتى يكمل ثمن المحلات، فيصبح حسن صاحب المحلات وينتقل بعد مشوار الفقر إلى خانة الأثرياء المعدودين في البلد.
ولا يحدث هذا إلا بعد عودة النجمة فاتنتسا من لبنان بعد ما انتهاء التصوير أحد أفلامها هناك وبعد أن اقنعتها الأم وامتنعها الأب بأنها أصبحت لا تليق كنجمة كبيرة مشهورة تنشر المجلات الفنية صورها وأخبارها، وبعد أن تكون الأسرة قد تعرفت في لبنان على المليونير (بشارة واكيم) ورجل الأعمال اللبناني نبيه بك الشابورى (بشارة واكيم) الذي يصف ثراؤه بأنه يملك من الأرض ما لا يستطيع فرس يجري فيها ثلاثين يوما لكنه لا يبلغ منها النهاية وفي عودتها وأسرتها من لبنان إلى مصر تبدأ المواجهة بين فاتينستا وأسرتها مع حسن وابور الجاز والشابوري بك لا يعرف سوس أنها كما صورت له أسرتها كانت نخطوبة لهذا الرجل وأنهم سيفسخون الخطوبة ليتزوجها الشابوري بك.
وفي سهرة بأحد التياتروهات يفاجأون بحسن وابور الجاز ينفق على نفسه ومن حوله في مباراة يكيدون له فيها ويكيد هو لهم أيضا فينفق بسفه لافت للنظر ولا يجد بلالايكا حلا سوى أن يخبر الخواجة بما حدث في التياترو حتى يتم فصل حسم وابور الجاز، لكنه يفاجأ أكبر مفاجأة لم يكن ينتظرها إذ أصبح حسن وابور الجاز هو مدير وصاحب المحلات فيسرع ملهوفا ومهموما إلى الأسرة ليخبرهم بما حدث ويعرف الشابوري بك أن النجمة الساطعة فاتينتسا لم تكن مجرد خطبيته لحسن وإنما كانت زوجته فيقول بشهامة الرجل الشريف لأسرتها كلمته الماجأة: شو كنتو بتظنوا فيّا.. بأجي من بلادي لهون من شان أخرب البيوت العمرانة بالزوجية؟!.. نحنا ما نسوي هيك.. نحنا عندنا شرف”..
يحدث هذا بعد أن كانت لعبة قد عرضت على زوجها حسن وابور الجاز الفقير قبل أن تهبط عليه الثروة شيكا بمبلغ ألفي جنيه ليطلقها منه وفيما يشبه الحكمة أو الدرس مزق الشيك ويلقيه في وجهها فيرد إليه هي أيضا البريزة (العشرة قروش الفضية) التي كان حسن قد أعطها لها لجلب لها الحظ.. ويلتقطعها حسن من على الأرض ليعود إليه الحظ ويتخلى عنها بعد أن يعود الشابوري بيك إلى بلده في حين تكون أمها ثنية جنح تكاد أن يصبها الجنون لما يحدث.
(هكذا تدور الأيام بالناس في الحرب العالمية التي نسمع عنها مجرد كلمة قالها الخواجة الهارب وتكتشف لعبة الآن بعد أن عادت إلى اسمها القديم أنها مازالت تجد في هاذ الرجل الطيب الأصل الذي رفض 2000 ج ليطلقها وكان في حاجة إلى 2000 مليم ليعيش..
وتبدأ الأيام تبتسم لحسن وابور الجاز الذي يعطى قطعة العملة (البريزة) المغشوشة إلى صاحب محل الفول (رياض القصبجي) والذي كان قد ألقاها في وجهه أيام فقره يعيطها له فيقبلها الرجل مبتسما أما سعادة البك الذي ينتظهر الأوتومبيل أمام المحل وفيه السائق وفيه أيضا (لعبة) التي أحبها.. وفي مشهد أجاده كل من الريحاني ورياض القصبيجي يستعيد الريحاني الفاسوخة من صاحب محل الفول ويعلمه بدلا منها ورقة بئة الجنيهات العشرة.. لكن يفاجأة (بلعبة) تنتظره في السيارة تعلن أنها ظلمته ولم تكن تدرك قيمتها وتخرج من حقبيتها زجاجة السم لتشربها ويكاد حسن بك يموت أمام مشهد انتحارها فيخطف منها زجاجة السم، لكنه يفاجأ بأن رائحتها هي رائحة القرنفل فتضحك لعبة أو فانينتسا التائبة سعيدة بعد ان ادركت صدق حب واخلاص هذا الرجل البسيط الذي لم تغيره الأيام ولا الفقر ولا الغني.
وتعود الزوجة إلى زوجها رغم الحرب التي تدور على أبواب الأسكندرية والتي لا تعرفها من الفيلم لكن تعرفها – مما كان يدور في مصر في ذلك التوقيت والذي يفاجأ العالم كله بهزيمة روميل بل وهتلر نفسه.. وهكذا
الجميع من خلال هذا الفيلم البديع وكل طاقمه الجميل.. وكان الفيلم من إخراج المخرج ولي الدين سامح وهو مخرج قد لا يعرفه الكثيرون رغم حرفيته ومهارته!!، والذي قد لا ينساه جمهور الفيلم مطلقا هو أغنية فرح لعبة وحسن وابور الجاز التي غناها بلالايكا الحزين بطلوا دا.. واسمعوا دا !!