إعلام المومياوات
بقلم : علي عبد الرحمن
وسط كم الإحباط المتتالي من إعلامنا المتقوقع ظهرت طاقة نور مبهرة وللوطن وللحق وللمهنة، حتى أننا نقول (الله عليكي يامصر) أقصد على روعة التخطيط ودقة التنفيذ وجمال التنظيم وحرفية الإتقان .. كل شئ رائع في احتفالية مراسم الرحله الاخيره لموكب المومياوات الملكيه، مصر كلها كانت هناك رئيسا ينجز وحكومة تعزف تناغما وأثريين في محراب الوطن، وفنانون يعزفون لحن الوفاء لوطنهم (يسرا، أحمد عز،أحمد السقا، منى ذكي، خالد النبوي، نيلي كريم، كريم عبد العزيز،هند صبري).
شئ بديع أن ترد لوطنك جزءا من نجومية صنعها لك أهله وجيوش مقاتله من أطقم النقل البديع وموسيقيين يعزفون لحن التحدي غلب عليهم بنات النيل الموهوبات وأصوات مصرية شكلوا معا لوحة وطنيه حازت إعجاب أهل المعمورة وقتلت كمدا أعداء الوطن وحاقديه.
عمل أتقن التخطيط له وتحديد مساره وضبط ملامحه تفنن صانعوه في أن يكون كل شئ مبهرا كحضارة أهل مصر،عظيما عظمة ملوكها، رسالة شديدة الإنسانيه لشعب يقدس تاريخه ويقدر رفات ملوكه، أعد لهم موكبا ومسارا وتفاصيلا واستقبالا كأنهم ملوك أحياء علي عروشهم، تزينت لهم بقاع المسير، وانتظرهم رئيس مصر استقبال يليق بحضارة الأمه وملوكها وبما تهدف إليه مصر من رسائل إلي الإنسانيه، أننا أصحاب إرث البشريه المحافظون عليه المقدسون له.
ظهرت بقاع مصر من المتحف المصري إلي حديقته إلي ميدان التحرير بمسلته وكباشه في عرض فني بديع بشرا وأزياءا وإضاءة ومؤثرات، رأيت كل مصرفي قائدها وحكومتها وأطفالها وشبابها وفتياتها ومؤسساتها وبقاعها، شئ متقن في تفاصيله شكل عربات الملوك والعربات الحربية والخيول،والموسيقات الفرعونية الإيقاع، كأنك في حفل ملكي في معبد فرعوني في عاصمة أرض الكنانة، شئ يدعو للفخر بأننا نبت هذه الأمة بتاريخها بتحديها بطموحها برسائلها إلى البشرية جمعاء.
أحسست أن سعيد بأنني عشت ورأيت هذه اللحظات الفريده في عمر وطن تطول قامته وتعظم قيمته بين شعوب الأرض .. نعم شئ نبيل هذا الفكر وهذا العرض وهذا النقل، ظهرت مصر كدولة عظمي تقديرا لإرث الحضارة الإنسانيه حدث لم يغفل شيئا حتي إضاءة مباني المسار الملكي وصولا لمشهد مراكب البحيرة وحتي النهر الخالد بصفحته ونافورته، عمل في حب الوطن.
نعم إنهم ناس بتحب مصر نفذوابمشاعرهم ما جاء دقيقا متقنا، ووسط هذا العرس البشري جاء إعلامنا المنبطح ضيفا بكل كوادره وإمكاناته ونفقاته، سلم شاشاته للمبدعين من مخططي ومنظمي ومنفذي وناقلي الحدث العظيم، لقد حركت المومياوات إعلام اليوم الراكد، فلولا حركة موكبهم الملكي ماتحركت الشاشات لتعرض فيلما لم ينتجه الإعلام عن بعض معالم أم الدنيا، عار أن يحرك الأموات أهل إعلامنا الاحياء فهل انتظر الإعلام حركة هذه الرفات لنري على شاشاته بعضا من معالم مصر، وهل دفعت حركة الأموات أهل الميديا الأحياء لتعرض شاشاتهم بعضا من نماذج التفرد الإنساني لمصرنا، ألا يعلم أهل الميديا أن السياحه بسبب كورونا بعافيه شوية؟ ، ألم يخطر ببالهم أن ينتجوا أو حتي يعرضوا أفلاما أو تنيويهات أو برامج أو دراما من مواقع مصر السياحية تنشيطا للسياحة الداخلية، وحفاظا على روافد هويتنا ودعما الانتماء وجذبا لشعوب أهل الأرض.
إن المتابع لشاشات إعلامنا النمطيه لايكاد يري فاصلا أو تنويها أو برنامجا، أو فيلما قصيرا أو طويلا أو عملا دراميا يعرض هذ المعالم قديمها وحديثها أو يسوق لمصرنا إنسانيا وسياحيا، فهل مقبول وسط هذا الكم من الشاشات المتشابهة أن يخلو المشهد من قناة مصر السياحية، رغم أن الدراسات كامله وجاهزه لإطلاقها، أم أن برامج الاحلام والطبخ والدجل والملاسنة أهم من عمل سياحي لصالح الوطن وسمعته وموارده ولصالح مواطنيه إنتماءا وتشغيلا؟!.
أم أن أهل الإعلام تعودوا على أن يقوم الرئيس بشخصه بكل الأدوار، فهو المسوق لسمعة مصر، وهو المحرك لإنجازاتها، وهو الحامل أحلامها والمتقدم بها وهو المدافع عنها وهو المتحمل لأخطاء إعلامها، وهل صناعة مثل هذه الأحداث دوريا، سواء في ملتقى أو منتدى أو مهرجان أو مسابقة أوالتواجد وسط معالم مصر القديمة والحديثه، هل هذا أمرا يصعب علي الإعلام التفكير فيه أو تنفيذه خدمة للوطن وأهله،ام أنه لابد للسيد الرئيس وسط كل مهامه أن يفكر هو ويوجه بتنظيم حدث،او انتاج فيلم دعما لسمعة مصر دوليا، وفيما ينشغل إعلامنا وأهله؟، فليس في أجندته إنجازا يعرض،ولا سياحة تدعم،ولا هوية يحافظ عليها،ولا شعب يستحق إعلام مهني.
يا أهل إعلام المحروسه: هل تواريتم خجلا أن عملا لديها مثل ذلك الحدث ،تم التخطيط له ورسم تفاصيله وفرش إضاءته وتوزيع مؤثراته وانتقاء أزيائه ووضع كاميراته وترتيب فقراته دون أدني دور لكم، وهى أصلا مهمتكم أمام الوطن وأهله، أم تراكم تصدرون كذبا أن ماتم نقله فقط علي شاشاتكم هو من صنيعكم؟!، أو تري هل تتفاخرون بتواجده علي شاشاتكم كسائر شاشات أهل الأرض؟، أم هل ستعالجون فشلكم في التفكير لصناعة أحداث تسويقيه لوطننا وإسعاد أهله.
أيها القائمون على أمر إعلامنا راجعوا مكتبات هذه القنوات وأوقات خرائط البث ومحتوي القنوات ستجدون أرشيفا سياحيا قديما لايواكب نهضة مصر السياحيه وخرائط تخلو من محتوي سياحي جاذب، وقنوات ليس من بينها الإعلام السياحي،إن لم يكن لمصر وهى الأمينه على تلت إرث الانسانيه قناة وأكثر سياحية ؟ فلمن تكن هذه القنوات إذن؟!!!، وإن لم يكن لشاشات مصر محتوي سياحي وفير؟ فلمن يكن إذن؟، وإن لم يتغير وضع الإعلام السياحي لمصر فلماذا لاتتغيرون أنتم؟!.
مصرنا الجميلة حاضرة الدنيا وبستان العالم وكرسي الملك الجميله، من لم يرها لم ير شيئا، فهل سيري شعوب الأرض معالم ومزارات أم الدنيا؟، أم سنري نحن إعلاما غير إعلامنا وأهلا غير أهله فنري( ناس بتحب مصر).