(فشلي مع المومياء)
بقلم : محمد شمروخ
بمناسبة احتفالات نقل المومياوات وجدتنى عند تقليب القنوات التلفزيونية أخشى أن تقف يدى على الريموت كنترول على قناة تعرض فيلم المومياء الشهير للمخرج الراحل شادى عبد السلام
لماذا؟!
لأنى بصراحة مضطر أن أتوقف بالريموت لأشاهد الفيلم مرة أخرى بعد سنين طويلة من رؤيته للمرة الأولى وذكريات مع الفيلم ليست سعيدة، لانى كنت متلهفا لرؤية هذا الفيلم بشغف مراهق لتلقى أول رسالة من فتاة أحلامه.
لكن يا خسارة لم تمر عشر دقائق من بداية العرض حتى بدأ الملل يتسرب إلي رغما عنى فشحذت فكرى واستجمعت كل طاقتى وجحظت عيني للرؤية وارهفت أذني للسمع وأغلقت كل ما يمكن أن يشغلنى إلا بالتركيز على الشاشة وما يدور فيها.
لكن للاسف وجدتنى أسقط في دائرة إحباط عنيفة متهما نفسي بكل تهمة تحمل معانى التخلف والغباء والجهل والتغفيل والظلامبة
ليه؟!
لأنى لم أجد أي متعة في متابعة أحداث الفيلم لا عقليا ولا قلبيا ولا روحيا ..
معقول؟!
كل هذا المجهود الذي بذله شادى عبد السلام في فيلم تاريخى عالمي اتخذ مكانة ممتازة بين أهم مائة فيلم في تاريخ السينما العالمية ثم لا تجد متعة ولا استفادة ولا حتى تكمل الفيلم للآخر؟!
يعنى أخدعك وأقول آه.
آه الفيلم جمع بين كل العبقريا.
عبقرية الإضاءة وعبقرية الديكور والأزياء والسيناريو والحوار والمؤثرات الصوتية والمناظر الطبيعية وغير الطبيعية والواقعية وغير الواقعية.
كل هذه العبقريات ولا تستمتع بالفيلم؟!
بس ارجع وأقول لنفسي: ما يمكن كثافة هذه العبقريات هى التى جعلت هذا العمل التاريخي يبدو مثل كوكتيل عصير مركز فيه أكثر أنواع الفاكهة فائدة صحية ولكن لم يخفف بنقطة ماء واحدة ولا حتى ملعقة سكر صغيرة، فصار كوكتيل العصير بعد كل هذا مستعصيا على البلع والهضم!
ولماذا لا؟!
وقد جاء الحوار باللغة العربية وهى من أحب لغات الحوار عندي ولم يحل تقديم أفلام باللغة العربية من نجاحها وانتشارها.
عندك مثلا أفلام (الشيماء وصلاح الدين وعمر المختار والرسالة)، فضلا عن المسلسلات التاريخة، كلها يمكن أن أراها بشغف المرة الأولى ولو شاهدتها ألف مرة
فلماذا فيلم المومياء مر ثقيلا حتى أنى لم أكمله؟!
طيب اعمل مثقف قدام نفسك ولو بالكدب
لكن لم أتحمل الادعاء بذلك ووجدت اتهام الجهل أيسر لي من الكذب على نفسي، وبقى السؤال حائرا.. لماذا كثف العبقري شادي عبد السلام كل عناصر النجاح؟! هل فقط لينال العالمية ويخسر المحلية؟!
هل هي خصلة اكتسبها من رفيق دربه يوسف شاهين الذي أذل أعناقنا بغموض مفتعل وعمدي وباشتغالاته العالمية منذ تجربة إسكندرية ليه؟!
هل شرط العالمية أن يبدو المشاهد كالأبله أمام العمل الفنى؟!
طيب يا جدعان ما احنا شفنا العالمية وجربناها مرارا وتكرارا منذ الأخ كلارك جيبل والست فيفيان لي في “ذهب مع الريح” وممكن نشوف الفيلم نشوف الفيلم ألف مرة ثم إن ترتيبه الرابع بين اهم ١٠٠ فيلم في السينما الأمريكية.
يعنى القصة ليست قصة عالمية!
والله يجازيك يا أستاذ شادى لأنك كان ممكن تخفف العبقرية علينا شوية وتمتعنا بأحلى مشاهدات مع كل مناسبة، لكن يا خسارة مع إن أحداث القصة كانت رائعة لا سيما أنها حقيقية والممثلون أجادوا أداء أدوارهم باقتدار ومشاهد الصحراء والآثار والمنازل كلها فوق المذهلة.
لكن النتيجة فشل.. فشل شخصي.. فشل جماهيري
لكن في النهاية فشلت في الانبهار بالفيلم.
يا خسارة كان نفسي استمتع بالفيلم بمناسبة أو من غير مناسبة
المصيبة إنه حتى الأن لم يتم إنتاج عمل فنى مصرى كبير عن أي من قصص أو أحداث التاريخ الفرعوني إلا مومياء شادى عبد السلام وآدى آخرتها ولا له أي صدى جماهيري كمثل باقي الأعمال التاريخية الكبري.
يا خسارة يا مومياء