ياسر فرج .. عودة للتألق من جديد
بقلم : محمد حبوشة
المخرج العبقري الروسى (قسطنطين ستلانسلافسكي) يقول في كتابه الشهير (إعداد الممثل) ، والذي يعد مرجعا عالميا لفن التمثيل بلا منازع : (إن أي فعل لا يستند إلى إحساس داخلي هو فعل لا يستدعي الانتباه، وإن أي فعل على الشاشة لابد له ما يبرره تبريرا داخليا، ولابد أن يكون فعلا منطقيا ومتصلا ببعضه اتصالا معقولا وواقعيا)، وعلى حد قوله أيضا : (يجب على الممثل ألا يتخيل الأشياء دون أن يكون له هدف وراء هذا التخيل ومن أهم الأخطاء التي يمكن أن يقع بها الممثل هو أن يجبر خياله ويكرهه بدلا من أن يروضه ويلاطفه.
تلك الصفات الجيدة وغيرها دائما كانت وستظل منهجا يحتذى به من جانب ضيفنا (في دائرة الضوء) هذا الأسبوع الفنان الشاب “ياسر فرج” الذي يبدو شابا دائما ذو خبرة كبيرة في عالم التمثيل بفضل حرفيته في التجسيد الدرامي الذي جعله يخطو خطوات واثقة على سلم النجومية، بفرط من تلقائيته التي تشعرك بأنه واحد من الناس الذين تلتقيهم في حارة شعبية أو قرية نائية أو على أطراف وهوامش حياة البشر، من أولئك الكادحين والمعذبين، المتعبين في سبيل كسب لقمة العيش بشق الأنفس، لكن يعلو جبينهم دائما ابتسامة رضا وقناعة بالمكتوب والمقدر لهم وعليهم في رحلة الحياة بحلوها ومرها، بشقائها وعذبها ، إنهم باختصار ملح الأرض الذين يجعلون لها طعم بفضل تضحياتهم ودفاعهم بالروح والدم من أجل تراب هذا الوطن.
(ياسر فرج) الذي طل علينا في عودة جديدة مؤخرا في حكاية (أيامنا الحلوة) ضن حكايات (وراء كل باب)، وهو نفسه المممثل الذي يعتمد بالأساس على قوة تخيله للشخصيات التي يجسدها معتمدا على قاعدة (إن كل اختراع يقوم به خيال الممثل يجب أن يسبقه تفكير طويل في تفاصيله وأن يبني على أساس من الحقائق، بحيث يستطيع الممثل أن يجد فيه الإجابة على الأسئلة التي يوجهها إلى نفسه (متى وأين ولماذا وكيف) لكي يضع صورة أكثر تجديدا لكيان متوهم، وهو في بعض الأحيان لا يحتاج إلى كل هذا المجهود من المجهودات الذهنية الشعورية لأن خياله قد يعمل بالنظرة وبالبديهة، ولكن هذا لا يمكن الاعتماد عليه لأن التخيل بصورة إجمالية ومن غير أن يقوم على مشروع محدد تحديدا جيدا ويفكر فيه الممثل تفكيرا طويلا هو عمل عقيم!.
هكذا أرى وأتصور “ياسر فرج) حياته في التمثيل، فهو صاحب مدرسة تعتمد على التلقائية الواقعية في أبسط صورها، كما جسدها في أعمال كثيرة تشير إلى موهبة فطرية سليمة قد توفرت لديه منذ صغره، فهو إبن بنها محافظة القليوبية الذي ولد في يوم الأربعاء الموافق 23 فبراير 1980 في أسرة متوسطة الحال، درس في مدرسة بنها الابتدائية والإعدادية ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتميز بموهبته الرائعة التي جعلت المخرج أحمد توفيق يستعين به في مسلسله الجديد (الحسن البصري) الذي بدأ به حياته الفنية مع الفنان الكبير عزت العلايلي، ثم بعد ذلك عمل في مسلسل (عباس الأبيض في اليوم الأسود) مع الفنان الكبير يحيى الفخراني، وتعود الجمهور على لقائه في المسلسلات والأفلام من بعدها في أدوار الشر والأدوار القيادية، لمع كثيراً في السينما المصرية والدراما.
بدأ الفنان ياسر فرج أعماله الفنية منذ صغر سنه وهو في عمر الـ 20 والسبب في ذلك موهبته الكبيرة التي أعجبت الكثير من المخرجين فبعد أن اختاره المخرج أحمد توفيق ليؤدي دوراً في مسلسله الجديد عام 2000 (الحسن البصري) مع الفنان القدير عزت العلايلي وتلى ذلك العمل مسلسل (عباس الأبيض في اليوم الأسود)، لمع الفنان ياسر فرج بجوار الفنان يحيى الفخراني، وبالاشتراك مع الفنان أحمد عزمي، وتوالت الأدوار عليه بعد ذلك في السينما والمسرح والتلفزيون المصري وقدم الكثير من الأفلام والمسلسلات مثل فيلم (خليج نعمة، وعبده مواسم، والأكاديمية)، وقدم العديد من المسلسلات الناجحة مثل مسلسل (حدائق الشيطان) مع الفنان السوري جمال سليمان.
خاض الفنان (ياسر فرج) بعد ذلك تجربة سينمائية ناجحة مع الفنان مصطفى شعبان والفنانة منى زكي، قدم دور (معتز) رجل الأعمال الذي يسعى لبيع أرضاً ذات مساحة كبيرة بداخل إحدى المناطق السياحية في سيناء إلى شركة فرنسية كي تستثمرها، ولكن يقف أمامه ضلع ناقص وهى قطعة أرض صغيرة تصر صاحبتها (نهى) وهي الفنانة منة شلبي على عدم بيع الأرض حتى لا تباع للشركات الأجنبية، وذلك لأنها تريد أن تحافظ علي الأرض التي دافع عنها والدها وأوصاها أن تحافظ عليها من الضياع.
يدور صراع كبير بين (نهى) صاحبة الأرض و (معتز) الذي يريد أن يشتريها وتدور الأحداث حول نهى وأصدقائها الذين يساعدونها في عمل مشروع على تلك الأرض وينجح المشروع ولكن يستمر نزاع (معتز) لها وصراعه معها، وشارك في بطولة الفيلم الفنان مصطفى شعبان، الفنانة منة شلبي، الفنانة منى زكى، الفنان رامز جلال، الفنان القدير أشرف زكي ونخبة من كبار النجوم وقد تم عرضه في عام 2005.
يعتبر مسلسل (أفراح إبليس) نقطة تحول كبيرة في حياة (ياسر فرج) حيث يحكي المسلسل عن عمدة القرية جمال سليمان الذي يجسد دور الشر، والذي يحاول أن يزوج ابنه (بدر) الذي يجسد شخصيته الفنان ياسر فرج من ابنة نائب انتخابات القرية حتى يؤمن مستقبل ابنه ومصالحه الشخصية وتجارته غير القانونية، ويتفاجأ الأب بأن ابنه (بدر) يريد أن يتزوج من فتاة أخرى يحبها وقد عرفها خلال دراسته في القاهرة، ولكن أبيه يرفض فيحاول (بدر) أن يتزوجها بدون علم والده حتى يضعه أمام الأمر الواقع ولكن والدها يرفض بشدة.
هنا يصبح بدر في حرج شديد ويتزوج كما يرغب أبيه، فيفاجأ أبيه ببعض المصائب التي تحل عليه ويقتل ابنه أمام عينه فيصاب بالشلل وينقل إلى المستشفى ليقضي باقي حياته جليسا في الفراش أو على كرس متحرك وتتوالى الأحداث، ويشارك في بطولة المسلسل الفنان القدير جمال سليمان، الفنانة القديرة عبلة كامل، الفنانة دينا فؤاد، الفنان أحمد سعيد عبد الغني، الفنانة ريهام عبد الغفور وغيرهم وقد حقق المسلسل نجاحاً كبيراً.
قدم الفنان ياسر فرج العديد من الأعمال الفنية سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون المصري وفيما يلي قائمة مفصلة بهذه الأعمال:
على مستوى الدراما التليفزيونية، مسلسلات (الحسن البصري- 2000، بدارة عام 2000 أيضا، عباس الأبيض في اليوم الأسود 2002 وفي نفس العام مسلسل نجوم في سماء الحضارة الإسلامية، وبدأ سلسلة (قسمتي ونصيبي) في عام 2003، ناهيك عن مسلسلي (قمر سبتمبر، وغدر وكبرياء في نفس السنة، أما مسلسل (على نار هادئة) فكان في عام 2004، وفي عام 2005 قدم مسلسلات (سارة، الست أصيلة، قضية نسب، علي يا ويكا، ومسلسل (بنت بنوت) في عام 2006، ثم مسلسل (بلاغ للرأي العام)، ومسلسل (حدائق الشيطان) في عام 2007، وبعد غياب استمر 6 سنوات عاد بمسلسل (صاحب السعادة) في عام 2013، وبعده مسلسل (حالة عشق) في عام 2014، ومسلسل (أفراح إبليس – ج? في عام 2019.
في السينما قد أفلام (أحلام عمرنا 2005، عبده مواسم 2007، خليج نعمة في عام 2008 ، غرفة 707 – 2008، وفي نفس العام فيلم ( نمس بوند، أما فيلم (الأكاديمية فجاء في عام 2009، مع فيلم (آخر أيام الأرض)، وفيلم (ابقى قابلني) في عام 2010، وفيلم (عايشين اللحظة) في عام 2011، كما قدم مسرحية (ولاد اللذينة) في عام 2010م.
عاش الفنان ياسر فرج تجربة مريرة على أثر وفاة زوجته، مُتأثرة بإصابتها بفيروس «كورونا» المستجد، عقب تدهور حالتها الصحية ونقلها إلى العناية المركزة بإحدى مستشفيات العزل، وعبّر الفنان قبل وفاتها بأيام عن مشاعر الخوف من زيارة أحد الأقارب والأصدقاء داخل تلك الغرفة بالمستشفى، مؤكدًا على صعوبة الموقف الذي لم يكن يتخيل يومًا، بدخول زوجته إلى العناية المركزة، داعيًا لها بالشفاء العاجل.
وقال الفنان عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وقتها (إنا لله وإنا اليه راجعون، صلاة الجنازة من السيدة نفيسة عصرًا)، وكان الفنان غمر صفحته الشخصية، منذ أسبوع، بالدعاء إلى زوجته ميادة، حيث قال: ( يا مَن لا يَشغَلُهُ شَيءٌ عَن شَيء، يا مَن أحاطَ عِلمُهُ بِما ذَرأ وَبَرأ، وَأنتَ عالِمٌ بِخَفِيّاتِ الأمورِ، وَمُحصِي وَساوِسَ الصُدُورِ، وأنتِ بِالمَنزِلِ الأعلى، وَعِلمُكَ مُحِيطٌ بِالمَنزِلِ الأَدنى، تَعالَيتَ عُلُواً كَبيراً، يا مُغيثُ أغِثنا من المَرَضِ اللَعْين واشْفي ميادة، يا مُغيثُ أغِثنا من المَرَضِ اللَعْين واشْفي ميادة».
وتابع: (الأمل بالله حبل لا ينقطع) في حينه واستكمل عن غرفة العناية المُركزة: (طول عمري وأنا بخاف من الباب ده، كل ما أروح أزور حد مريض وأعدي بالصدفة من قدام الباب ده بشوف ناس واقفة قدّامه منهارة على عزيز ليها داخل العناية المركزة وكان بينتابني احساس بالحزن الشديد، والرعب من أني أكون في يوم من الأيام مكان واحد من الناس دي، النهاردة كنت واحد منهم بعد دخول مراتي وأم أولادي للعناية المركزة، عمري ماكنت أتخيل أني هقف الوقفة دي علشانك إنتي يا ميادة، ومفيش حاجة كبيرة على ربنا، وإن شاء الله يخرجك ويخرجنا منها على خير .. لكنها فارقت الحياة وتركت غصة في قلبه.
كثرت فجائع الموت .. وفقدنا بعض الأقارب والاصدقاء والزملاء والأصحاب .. وكل يوم تصدمنا وسائل الاعلام. وشبكات التواصل الاجتماعى بحالات وفاة واصابات .. لنصاب بحزن عميق ووجع مؤلم، ونحن نعلم ان الموت حق.. وكل نفس ذائقة الموت ..وأن الكل سيموت فى موعده المكتوب الا سبحانه ذو العزة والجبروت.. ولكن علينا ان نتقبل الحياة بحلوها ومرها وافراحها وأحزانها .. ونعمل ونصيب ونخطئ.. ونتوكل على الله ونسعى فى الأرض لعمل الخير ..فالأعمال الصالحات هى طريقك الى الجنة.. تحيو تقدير واحترام للفنان الشاب الواعد (ياسر فرج) ونتمنى لها أيام قادمة مشرقة بالأمل والأعمال الجيدة التي تضاف لسجله الفني المتخم بالجيد والنفيس.