(على مسرح مصر.. فشل حتى في الإسفاف)
بقلم : محمد شمروخ
على الرغم من أن فكرة اللوكاندة التى يقدمها مسرح مصر يمكن أن تتيح له مساحات واسعة تستوعب الكثير من الأحداث والشخصيات والمواقف التى تصلح لتقديم مواد مسرحية وفكاهية جيدة، إلا أن ما نشاهده لا يمكن إطلاق عليه اسم تمثيل مسرحي ولا ما تمثله يمت إلى ما يمكن تسميته نصوص مسرحية بأى صلة، بل هو عبث عشوائي غبر قادر على تقديم شيء ذي قيمة، حتى الإسفاف فقد قدرته فيه على جذب الجمهور!.
هل يمكن أن نصف فشلا بأكثر من أنه فشل حتى في الإسفاف؟!
ولا أدرى ما دعا فنانا بحجم وقيمة أشرف عبد الباقي أو بالأحرى، ما الذي دهاه، أن يجيز تقديم مثل هذه الفقرات على خشبة مسرح أراد أن يحيي به تجارب المسرح الكوميدي منذ الريحانى وإسماعيل ياسين والمهندس ومدبولى وحتى عهد قريب كان يذكر فيه اسم “مسرح”؟!
فهل مات المسرح الكوميدي أم تراه عجز عن تقديم نصوص يمكن أن تستحق وصفها بالفن المسرحي؟!
ألا يكفي أن المسرح نفسه سبق أن استسلم تحت ضغط الجماهير المصرية والسياح العرب وجنى الأرباح بالملايين، للكوميديا حتى صارت المسرحية نوعا من العرض الضاحك، فنسينا كل أنواع المسرح الأخرى وقرنا بين الكسرح وبين فن الإضحاك دون غيره من فنون التمثيل؟ّ!
والعجيب أن المسرحيات التراجيدية كانت تلقى رواجا كبيرا، ولنا في تجربة “الملك لير” للفنان يحيى الفخراني مثلا، لكنها للأسف لم تتكرر وتوقفت ولا يبدو أن هناك محاولة لإعادتها أو تقديم ما يشبهها وكأن المسرح يأبى غير الكوميديا وهو ما نفاه الواقع ولكن فرضته إرادة المنتجين!.
لا يا سادة.. لا تتحججوا بالجمهور، فالفن الحقيقي سواء كان كوميديا أو غير ذلك، له جماهيره العريضة التى تقدر الفن ورسالته الحقيقية بعيدا عن هذا اللامسمى الذي ظهر أخيرا في مسرح مصر وتوابعه.
بيد أن في أثناء متابعتى لما قدمه مسرح مصر في (اللوكاندة) صعب علي حال الممثلين والممثلات، فهؤلاء أصحاب وجوه محبوبة وقدرات حقيقية وسبق أن حققوا جماهرية لا بأس بها في وقت قياسي حتى غدا بعضهم نجوما واعدين، وأحبهم الجمهور في أعمال سابقة قدموها على الشاشة الصغيرة، قلت يصعبوا علي، لأنهم يبذلون مجهودات جبارة لإضحاك الناس باجتهادات شخصية، من المؤكد أنها بعيدة عن (النص الجاف) الذي يوقف مواهبهم ويرميهم في مقتل بتجميد أدائهم!
أما أشرف عبد الباقى نفسه، فقد أخطأ خطأ عظيما باعتماده على رصيده السابق وقبول الجماهير له، لكنه يستحلب المواقف والإفيهات، فتأتى فاترة بلا لون أو طعم ولا حتى فيها رائحة كوميديا ولا مسرح ولا تمثيل أساسا!
كذلك صعبان علي الجمهور المسكين الذي يفرح برؤية الممثلين وجها لوجه “وهذه أهم مميزات المسرح” لكن الجمهور يضحك من حركات الممثلين وأدائهم لأن النص معدوم، مع أن فكرة المسرحية كان يمكن أن تتيح ما لا حصر له من المواقف التمثيلية والكوميدية كما قلت آنفا، أو يضحك الجمهور بسبب أن الأسرة التى خرجت ودفعت الشيء الفلانى أو جلست أمام الشاشة مستعدة للضحك، تريد أن تسعد برؤية وجوه الممثلين الضاحكة بغض النظر عن (اللانص) الذي يرددونه لسحب الضحكة بالعافية من المشاهد الغلبان.
لكن المآل كان الفشل والتوقف عن الضحك، لأن الحركتين هما هما والكلمتين لم بختلفا والممثلين حتما سيصيبهم الملل والفتور وستبدو أدوارهم باهتة وشيئا فشيئا سيذبل أداؤهم لا محالة ليتحول مسرح مصر إلى قصة قصيرة نسيها مؤلف في جيب البنطلون باشت سطورها بسبب الغسيل فلم يعد يدرى ماذا كتب ولمن كتب وقدمها هكذا ليستنتج كل ممثل دوره في الورق البايش من الغسيل.
خسارة أن يضيع كل هذا الجهد وكل تلك القدرات في هذه التجربة التى فيما يبدو “واخدينها عافية” وبالذوق بالقوة هنمثل وانتم تتفرجوا وتضحكوا غصب عنكم وهي كد ولو عاجبك!.