بقلم : محمد حبوشة
هي فنانة راقية، ومذيعة مثقفة، تعشق القراءة وتجيد الكتابة.. استطاعت بموهبتها الفريدة أن تترك رصيدا فنيا مميزا، وأن تشغل مكانة خاصة على الساحة الفنية، لم يملأها أحد سواها رغم أن عمرها الفنى والسينمائى لم يتجاوز سنوات قليلة، هى فتاة الجامعة الأمريكية ومذيعة الأطفال (أنتي لولو)، واستطاعت تلك النجمة القديرة بجمالها وموهبتها أن تخطف قلوب الجماهير منذ الوهلة الأولى لظهورها، وأصبحت علامة فنية بارزة فى مصر والعالم العربى، هى نفسها في الحقيقة على شاكلة أدورها، لا يعرف التكلف لها طريقا، هى عنوان للذوق والرقي والنقاء، ومثالاً للفنانة المثقفة المتحررة صاحبة الرأي التي تملك حضورا لافتا وتملك أداء معبرا في تفاصيل أي عمل تقدمه.
إنها الفنانة الجميلة (لبنى عبد العزيز) ضيفة (بروفايل) لهذا الأسبوع، والتي تقول عن نفسها: شخصيتى تحمل بعض المتناقضات، فرغم إننى هادئة وخجولة ورومانسية، إلا أننى طول عمرى ماشية بدماغى ضد التيار، فجدتى هى التى ربتنى وغرست داخلى كثيراً من المفاهيم القديمة التى تمسكت بها، ولكنى فى نفس الوقت تعلمت فى مدرسة (سانت مارى إنجليش سكول) والتحقت بالجامعة الأمريكية فى وقت لم يكن يلتحق بها سوى الأجانب، فكانت أفكارى عصرية.. لكنى متمسكة ببعض التقاليد التى تجعلهم يرونى أحيانا (دقة قديمة).
وتضيف (لبنى): والدى أكثر شخصية أثرت فى حياتى، كان صحفيا بالأهرام اسمه حامد عبد العزيز، وكان صاحب فكر عصرى، وكنت أنا ابنته الكبرى المقربة وسط ستة أبناء، كان يدفعنى للقراءة، ويشترى لى الكتب بدلا من اللعب، ويشجعنى على العمل والاستقلال، وكنت أحب الرياضة وأمارس رياضة الطائرة والسلة والباليه والقفز الطويل، أما والدتى فكانت سيدة جميلة جدا.. تلعب البيانو وتجيد التطريز والكروشيه.. ولم تكن تؤيد أفكارى ولا حبى للعمل والفن،ولأنى كنت أكبر إخوتي كان أبي بالنسبة لي كل شئ، فكان عندما يقولي لي كلمة كنت أعتبرها (نازلة لي من السماء)، وكان دائماً يهديني كتبًا بدلاً من الألعاب والعرائس، وإذا حكى قصة لي قبل النوم فكانت تكون عالمية، فجعل لدي خيالا واسعا، وتعطنى معلومات قيمة، وكنت معظم وقتي أذهب للمكتبة وأقوم بشراء الكتب، فهذه كانت نشأتي، نحن عائلة فنية ونحب الذهاب للمتاحف والمسارح والأوبرا، فكنت أحب التمثيل ومثلت عندما كان عمري 3 سنوات .
كانت تتمنى دراسة الصحافة
كانت لبنى عبد العزيز تتمنى دراسة الصحافة والعمل بها.. لكن لغتها العربية كانت ضعيفة – على حد قولها – فقررت الالتحاق بالجامعة الأمريكية، ووافقنى أبى رغم اعتراض شقيقه كبير العائلة، لكن اختياري كان تحدٍ لي إلى حد ما، فكان لا يُعترف رسمياً بالجامعة أول سنة، وعندما قدمت قالوا لي لا نستطيع قبولك بسبب صغر سنك، فواصلت الحصول على كورسات حتى أصبحت بها بشكل رسمي، وكان لي قريب بها يأتي لزيارتنا فكان والدي يحضرني لأقول شعر أمامه فأعجب بي وقال لي: ما رأيك أن تعملي معنا في الراديو، فيوجد ركن أطفال إنجليزي، فأصبحت جزءًا من البرنامج، ثم قدمت برنامجا خاصا بي، وقمت بعمل الكثير من المسرحيات على مسرح الجامعة، وكان يأتي في ذلك الوقت مخرجين ومنتجين وكانوا يقولون لي نريدك أن تمثلي، وكنت أضحك لأنني أعلم أن أسرتي لن توافق، فهذا الموضوع بالنسبة لعائلتي كان من الممنوعات .
وكنت متفوقة، فتخرجت وعمرى 18 عاما، ورشحتنى الجامعة لمنحة فولبرايت بأمريكا، وتم اختيارى مع ستة آخرين من بين ألف مرشح، وحصلت على الماجستير فى الدراما من جامعة كاليفورنيا ثم عدت لمصر، لكن كنت منذ صغرى وأنا أحب الفن، وأمثل فى المدرسة والجامعة، وبعد عودتى من أمريكا عملت مذيعة أطفال بالبرنامج الأوروبى باسم (أنتى لولو)، ثم بدأت أكتب للأهرام مقالات بالإنجليزية ويترجمها أبى للعربية، وحينما طلبوا منى مقالا عن الفرق بين الاستوديوهات الأمريكية والمصرية، اصطحبنى زميل والدى لزيارة ستوديو النحاس، وكان هناك مصور يلتقط لى صورا كثيرة، بعدها فوجئت بشركة الإنتاج التى يملكها رمسيس نجيب وجمال الليثى تتصل بى وتعرض على المشاركة فى ثلاثة أفلام، ورفضت لأننى كنت أريد التجربة أولا، وبعد مرور أسبوع وافقوا على شرطى بعمل فيلم واحد أولا.
كان إحسان عبد القدوس جارهم
من حسن حظ لبنى عبد العزيز أنه كان إحسان عبد القدوس جارهم فى جاردن سيتى، وتقول أن والده كان صديق والدى، وكان يتمنى أن أمثل روايته (أنا حرة) التى سيخرجها صلاح أبو سيف، وكان يقول لى إن ظروف بطلة الرواية تشبه ظروفه حيث عاش مع عمته وكان يتحدى المجتمع بأفكاره، واتفقنا مبدأيا.. إلى أن التقيت بالفنان عبد الحليم حافظ فى دعوة غداء بمنزل زميلتى الإذاعية تماضر توفيق، وأقنعنى أن أكون بطلة (الوسادة الخالية) لإحسان عبد القدوس وصلاح أبو سيف أيضا، ليكون أول أفلامى.
عن أول يوم تصويرتقول لبنى عبد العزيز: كانت مصر كلها موجودة بعد أن وضعوا صورى على أغلفة المجلات كفتاة الجامعة الأمريكية والمذيعة (أنتى لولو) التى اقتحمت أبواب الفن، (كنت مضطربة.. ومش عارفة أطلع سلم الاستوديو)، وفى هذا اليوم جاءت الفنانة (فاتن حمامة) لتهنئتى فى الاستوديو فشكرتها وعدت لمكانى، وفوجئت أن (الدنيا اتقلبت)، وقال الناس إننى تجاهلتها وعاتبنى المنتج من أجلها، والحقيقة أننى تصرفت على طبيعتى فأنا خجولة جدا ولا أتكلم كثيرا.
لبنى عبد العزيز، هى الممثلة المصرية الجميلة التي حطمت القلوب في (الوسادة الخالية)، وعروس النيل صاحبة العينين الخضراوين (هاميس)، وهى الفتاة الفقيرة الرومانسية التي سحرت الجميع في (غرام الأسياد)، وعلى قلة أعمالها الفنية لم تقف عائقاً أمام شهرتها ومحبة الجمهور لها، وترسخت أدوارها في ذاكرتنا الجماعية، وهى كانت مقلة في أعمالها عن قصد لأنها لا تسعى وراء الربح المادي أو الظهور، بل تنتقي أدواراً تطبع فينا بصمات لا تنسى، فهي الجميلة الناعمة الرقيقة والمرأة الفولاذية المستقلة في (أنا حرة)، رفضت عروضاً عالمية كثيرة بسبب تعلقها ببلدها، وعلى الرغم من أنها عاشت قسماً من حياتها في أميركا، إلا أن الدم المصري شدها وأعادها إلى بلدها.
ولدت لبنى عبد العزيز في القاهرة، والتحقت بمدرسة سانت ماري للبنات، ثم تابعت دراستها في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وسرعان ما شاركت في مسرحيات الجامعة حتى لقبت بـ (فتاة الجامعة)، ولم تتوقف عن متابعة تحصيلها العلمي بل كانت نهمة على العلم، فأكملت دراستها ونالت درجة الماجستير في التمثيل، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.
جاءت بداية لبنى عبد العزيزالفنية الأولى في الإذاعة، عندما كان عمرها لا يتجاوز الـ 10 سنوات في برنامج (ركن الأطفال)، وبدأت بتقديمه حين لم تتعد الرابعة عشرة من العمر، وذلك لإجادتها التحدث باللغتين الفرنسية والإنكليزية، إلى جانب العربية، وظلت تعمل مقدمة لركن الأطفال بدون أجر حتى صار عمرها 16 عاما، وهى ذات الفترة التي التحقت فيها بالدراسة في الجامعة الأميركية بالقاهرة، شأنها شأن أبناء الطبقة المثقفة، ورغم الدراسة، لم تقطع صلتها بالإذاعة، بل زادت مسؤوليتها عن البرنامج، بعد أن باتت تتولى إعداد البرنامج وتقديمه وإخراجه أيضاً، ومن المفارقات المذهلة في حياتها عندما علم خالها بأن لديها رغبة في التمثيل صفعها على وجهها ولكن هذه الصفعة كانت بمثابة حافز لها دفعها إلى أن توقن أن هذا هو المجال الذي تحبه وستسلكه.
زواجها من رمسيس نجيب
التقت لبنى عبد العزيزلأول مرة بالمنتج رمسيس نجيب عام 1957، ووقع في غرامها سريعًا وعرض عليها الزواج، فحققت نجاحًا كبيرًا على المستوى الاجتماعي والعملي أيضًا، وحققت نجاحًا في أولى بطولاتها أمام العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في فيلم (الوسادة الخالية) الذي أنتجه نجيب، إلا أن هذا الزواج تطلب من رمسيس نجيب أن يتخلى عن ديانته المسيحية ليتزوج من لبنى عبد العزيز، وفي لقطة نادرة ظهرت عروس النيل مع زوجها نجيب رمسيس، وذلك قبيل انفصالهما في أوائل الستينيات، وكان هذا الزواج سبباً في إشراك لبنى عبد العزيزفي العديد من الأفلام التي لا تنسى أمام أهم النجوم، منهم رشدي أباظة وفريد الأطرش وعمر الشريف وأحمد مظهر.
ثم تزوجت لبنى عبد العزيزعام 1965 من الدكتور إسماعيل برادة، وعاشت معه حياة زوجية سعيدة جمعت بينهما لمدة 45 عامًا أثمرت ابنتين هما سارة ومريم، وقد ارتبطت به بعد قصة حب جمعتهما داخل أروقة الإذاعة التي كانت تعدها لبنى بيتها الثاني، وسافرت معه إلى الولايات المتحدة عام 1968، وراسلت جريدة الأهرام واشتغلت في بعض الأعمال العادية، وحصلت على درجة الدكتوراه. وكان آخر أفلام لبنى عبد العزيزقبل سفرها (إضراب الشحاتين) أمام الممثل الراحل كرم مطاوع، إخراج حسن الإمام، ثم عادت مع زوجها واستقرت في القاهرة عام 1998، وقدمت مسلسلها الإذاعي (الوسادة لا تزال خالية)، كما شاركت في بطولة مسلسل (عمارة يعقوبيان) وتلته في عام 2010 مشاركتها في بطولة مسرحية (فتافيت السكر).
وعن هذه الفترة من حياتها تقول: ذهبت لبنى عبد العزيز إلى الولايات المتحدة الأميركية، في غضون حرب عام 1967، وصرحت في أحد اللقاءات الصحفية، قائلة: لأنني تركت كل شيء من أجل زوجي إسماعيل برادة، الذي كان يدرس في منحة دراسية بأميركا، وتنازلت عن الشهرة والأضواء والمجد والمال من أجله، وقضيت معه هناك ثلاثين سنة بعيداً عن مصر، لم أشعر بطعم الحياة في أميركا، العلاقات الاجتماعية هناك محدودة، وعندما ذهبنا في أعقاب النكسة عشنا سنوات من القهر والاضطهاد بسبب هزيمتنا في حزيران 1967، وبعدها أعادت لنا انتصارات أكتوبر 1973 وجهنا العربي المشرف وطالت رؤوسنا وقهرنا الهزيمة والألم، الذي عشناه منذ 67 حتى 73″.
حليم ساهم في شهرتها
قالت لبنى عبد العزيزفي أحد حواراتها الصحفية: ذات يوم استدعتني السيدة فضيلة توفيق رئيستي في العمل (في الإذاعة) آنذاك، تخبرني أن عبد الحليم حافظ يريدني ويريد التعرف عليّ، ورفضت في البداية، ولكن مع ضغوط أبلة فضيلة وافقت وتم اللقاء: طلب حليم مني أن أشاركه بطولة فيلمه المقبل، وكان يحضر اللقاء الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، الذي كان جارنا في جاردن سيتي، والمخرج الراحل صلاح أبو سيف، وطلب مني الثلاثة التوقيع على عقد الفيلم، ومن هنا ظهر فيلم الوسادة الخالية الذي كان فيلما عظيما ورومانسيا، وبلغ أجري عن الفيلم حينها ألف جنيه.
لكن في الوقت الذي ساهم فيه عبدالحليم حافظ في شهرتها، رفض عملها في فيلم (رسالة من امرأة مجهولة)، وتقول في هذا: عندما علم بمشاركتي في الفيلم مع فريد الأطرش، فوجئت بعبد الحليم، يقوم بمجهودات كبيرة حتى لا أشارك في الفيلم، لكن العمل أعجبني وقررت أن أقدمه، وحقق نجاحًا واسعًا، وعندما علمت لبنى عبد العزيز بعدها بخبر رحيل عبد الحليم حافظ وهى في أميركا، وذلك بعد وفاته بثلاثة شهور، فأسرتها عرفت موضوع الوفاة وأخفته عنها، وعندما عرفت لبنى أُصيبت بإنهيار عصبي.
وصرّحت ذات مرة حول تأثير وفاة عبد الحليم عليها، قائلة: (حزنت كثيراً على وفاته)، وتابعت: (إن صريح جدًا، واللي في قلبه على لسانه، وتعاملت معه في فيلم (غرام الأسياد)، وكان يقدم شخصية الأخ الأصغر للفنان أحمد مظهر، وأنا التي اقترحت عليه هذا الدور، وكانت مشاهدنا معا تاريخ ممتع لن يُنسى).
20 فيلما للسينما المصرية
قدمت لبنى عبد العزيز، على مدار مشوارها الفني، 20 فيلما للسينما المصرية، منها 5 أفلام جمعتها بالممثل الراحل رشدي أباظة، وهى (العيب، بهية، آه من حواء، عروس النيل، واإسلاماه)، وكانت إلى جانب التمثيل، تربطها معه علاقة صداقة وطيدة، وكشفت عبد العزيز في أحد الحوارات طبيعة هذه العلاقة قائلة: (علاقتي برشدي تخطت مرحلة الصداقة بكثير، لذلك كان النجاح حليفنا في أفلامنا الخمسة، كما كنت أُعجب بطريقة تعامله مع السيدات، حيث كان يقف عند قدوم أي سيدة إليه، ويقبل أناملها.
وتقول لبنى عبد العزيز أنها تعتبر رشدي أباظة من أنقى وأجمل الشخصيات التي عرفتها، فكان يتمتع بخفة ظل وروح جميلة، فكنت كل يوم أذهب إلى غرفتي في التصوير وأجد فيها ورد، أما عن مقالبه فلن أنس عندما كنت أصور مشهد تطفيش العريس في فيلم (آه من حواء)، وكنت أحرك أنفي وحواجبي نصف ساعة دون أن يوقفوا التصوير، وهم يضحكون خلف الكاميرا، واشترك معه في المقلب فطين عبد الوهاب .
اعتزال لبنى عبد العزيز
بعد أن تزوجت الفنانة لبنى عبد العزيز من زوجها الثاني دكتور إسماعيل برادة قررت أن تبتعد عن الفن، وذلك بسبب بعض المشاكل السياسية قرر زوجها السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لذلك قررت أن تترك الفن وتعتزل وذلك بعد زواجها بخمس سنوات، وفي السنوات الأولى عشت أياماً صعبة، بعد انخفاض المستوى المادي لأقف بجانب زوجي الذي ذهبت معه الولايات المتحدة ليحصل على درجته العلمية بعد تخرجه من كلية الطب، فتعملت كل شئ من الطهي وغسل البلاط، فكان لا يخطر في بالي يوماً أن أتعلم هذه الأشياء بسبب أننى كنت ابنة مدللة لعائلتي، وعندما دخلت عالم الفن صارت وسائل الراحة متوفرة لي أكثر، تركت الفن من أجل الوقوف بجانب زوجي.
وآخر أعمالها قبل السفر هو فيلم (إضراب الشحاتين) وذلك مع الفنان كرم مطاوع عام 1967، لكنها عادت بعد عودتها إلى القاهرة عام 1998 وقدمت مسلسل (الوسادة لا تزال خالية) ثم مسلسل (عمارة يعقوبيان) عام 2007 وآخر أفلامها (جدو حبيبي) في عام 2012.
أبرز أقوالها :
** الفن وسيلة سريعة للتأثير على الناس، ولذا فهو أخطر وأسرع وسيلة للتأثير فى المجتمع بالسلب أو بالإيجاب، وسأكون صريحة معك، وأقول إن كثيرات لا يفهمن ولا يطبقن مفهوم الحرية بمعناه الصحيح، فالحرية لا تعنى الانحلال أو التزيد، فأفعل تحت هذا الشعار كل ما أريد حتى لو كان غير أخلاقى، فالحرية تعنى أننى أتخذ قرارات تناسب طموحى فى الحياة عبر نظرة مستقبلية، والمرأة هى الأدرى بما تريده فى الحياة، وللأسف أرى الكثير من النفاق الأخلاقى والدينى والمجتمعى؛ فالصورة التى يفرضها ويريدها المجتمع للبنت، شكلية لا ضميرية أو جوهرية؛ فصارت تعلن رفضها الأعراف الشكلية؛ فيما جوهر سلوكها أو أخلاقها فى كثيرمن الحالات قد لا يتفق مع الظاهر الذى يبدو متينا، وكأن البنت ترضى المجتمع وليس الدين، ما يشكل تناقضا، فنراها أخذت أشياء من المظهر والسلوك الغربى المتحرر للنهاية، الذى يبيح الحرية الأخلاقية على اتساعها، ما يمثل تناقضا وتضاربا، فتجمع بين ما تريده وتتشبه به، على ألا تخرج عما يريده المجتمع المعنى بالشكل فتعطيه بالشكل والمظهر، وقديما كانت الفتيات يرتدين المينى جيب والمايوهات ولم يتحرش بهن أحد، والآن هناك تحرش رغم أن هناك حجابا ونقابا، فالإنسان هو الرقيب الأول والأخير على نفسه وسلوكه وأخلاقه.
** تيارات الإسلام السياسى، من الإخوان إلى القاعدة وداعش وكل صاحب فكر متطرف ينأى عن الإسلام الوسطى المعتدل المتسامح، هم من أساءوا للإسلام، فالذى يؤمن بالحوار والجدل بالتى هى أحسن هو على الطريق الصحيح، ولذا على الدول الإسلامية خلق ماكينة دعاية ضخمة متطورة ومؤثرة لتبرز الصورة الصحيحة للإسلام، التى هى بمنأى عن قتل الأبرياء والعنف والإرهاب والتدمير، لأن الغرب لا يفرق بين الخارجين عن صحيح الدين، والدين الحنيف والوسطى المعتدل القادر على إقامة حوار متحضر ومعاصر مع الآخر مهما يكن هذا الآخر، فلابد من دور يصحح هذه الرؤية المغلوطة لدى الغرب، حتى لا يتخذها ذريعة لمهاجمة الإسلام (عمال على بطال)، ويبرر كل أفعاله ضد الدول الإسلامية، وأنا على استعداد لقبول أى دور مهما صغرت مساحته، شريطة أن يكون مكتوبا جيدا فى عمل جيد يسعى لتصحيح صورة الإسلام والدفاع عنه أعنى عملا على شاكلة (وإسلاماه، أو الناصر صلاح الدين).
** أنا غاضبة من القائمين على صناعة السينما، ليس فقط لأنهم عادوا بالسينما إلى الوراء وأسسوا محطة لتراجعها الصارخ وأصابوها بالتردى وإنما لأنهم أساءوا لتاريخ السينما المصرية المشرفة، حين كان الفيلم المصرى مطلوبا فى كل أنحاء العالم، وكان ينافس الفيلم الهندى فى شعبيته، وكان حاضرا فى كل المهرجانات الدولية والعربية وكثيرا ما خاض منافسات وحين تتأمل فقرات برنامج أى مهرجان دولى أو عربى سوف تصاب بالإحباط الشديد، خاصة حينما تجد أفلاما عربية وإسرائيلية وتركية وإيرانية تخوض المنافسات بقوة.
** لم أر مصر الزمن الجميل، وحتى الفن لا يعبر عن حياتنا أو واقعنا أو ما نعيشه، الفن يظلم الإنسان المصري، لا أرى الأفلام و المسلسلات الكثيرة هذه، كيف يتابع المشاهد هذا الكم الآن، إبداع الكم لا الكيف، أنا أخجل مما أسمعه من ألفاظ فى المسلسلات والأفلام، فهل هذا هو الواقع الرقص والمخدرات والقتل؟!! ليس هذا هو المجتمع، مطلوب تدخل الدولة الفورى وعمل منظومة خاصة للفن والإبداع خاصة السينما والتليفزيون.
** كذلك الإعلام أسمع وأشاهد التراشق بالألفاظ التى لا تجوز أبدا وقضايا لا علاقة لها بالناس مازلنا فى حقبة أهل الثقة فى كل شيء فقط مازال أهل الكفاءة بعيدين عن العمل، كما أن الإبداع الحقيقى والفكر الحقيقى يحارب قال لى محمود السعدني: (أنت مفكر إذن أنت كافر، ويجب أن تموت)، لماذا لا أعرف؟!. وقال لى دكتور زويل: (ما زال أهل الكفاءة بعيدا وهذا أمر يجب أن يتغير حتى نرتقى بالمجتمع وتعود مصر للريادة السابقة كما كانت).