* الشاعر(صالح جودت) كان بمثابة أبي الروحي، وله فضل كبير على
* (نزار قباني)، أبدى إعجابه بألحاني، وطلب مني أن نتعاون فى قصيدة (رسالة من إمرأة)
* (عمر بطيشة) أعتبره أحد اكتشافاتي، وإنسان على خلق ومهذب، وكانت بداية تعاوننا أغنية (زمان غريب يا زمان)
* (مجدي نجيب)، و(سمير الطائر)، قيمتهما كشاعرين أكبر بكثير من شهرتهما!
* فايزة لم تكن إمرأة ذات جمالا مبهر، ولا صارخا أو مثيرا، لكنها كانت تمتلك جمالا روحانيا رائعا.
* أخشى أن أظلم كروان الشرق إذا قلت إنها كانت السبب فى انفصالنا، أو أظلم نفسي إذا قلت إننى السبب فما حدث بيننا (حاجة بتاعة ربنا)!.
حوار : أحمد السماحي
تمر الأيام وتمضي بنا السنون تثقل كاهلنا التجارب والنجاحات والاحباطات، وتثري محصلتها المشاعر والأحاسيس التى نكتسبها من علاقاتنا وتعاملنا وفي غمرة السباق نحو هدف معلوم أو مجهول تسقط أسماء ووجوه من الذاكرة بينما تعلق بها أخرى، فتلتصق بالوجدان ويبقى الفنان وسط هذا الكم من المتناقضات كيانا نابضا بالأمل، متوهجا بالإبداع، مشتعلا بالإحساس.
والموسيقار (محمد سلطان) من الأسماء التى دوت ومازالت بطول الشارع الفني وعرضه، وفى الحلقات الماضية توقفنا عند طفولته وكيف كادت والدته أن تقتله بسبب عشقها للموسيقار (محمد عبدالوهاب) وأول أغنية قدمها فى إذاعة الإسكندرية، وسر رفضه للمطربة (سعاد محمد)؟! وأحب الأغنيات التى قدمها إلى قلبه، والتطور الذي أحدثه في الموسيقى، وإليكم الجزء الثالث من (حوار العمر) مع هذا العملاق الذي يعيش بيننا:
* تعاملت مع شعراء كثيرين عبر مشوارك، لكني يهمني أن أتوقف أمام ثلاثة قدمت معهم أعمالا قوية هم (عمر بطيشة، صالح جودت، نزار قباني) ماهى ظروف تعاونكم ؟
** الشاعر الكبير (صالح جودت) كان بمثابة أبي الروحي، وله فضل كبير علي، حيث احتضنني من بداية مشواري، وكان دائم الاتصال بي، وتوطدت علاقتي به بعد زواجي من (فايزة)، وقدمت معه أعمالا مهمة مثل (شارع الأمل، قاهرتي، وحياتك ياغالية) وغيرها.
أما الشاعرالشهير (نزار قباني) فكنت معجبا بأشعاره منذ كنت طالبا، وهو الذى سعى للتعرف على بالمناسبة، حيث فوجئت فى أحد أيام نهاية الستينات بعد أن حققت شهرة كبيرة فى عالم التلحين بالتليفون يرن، وعندما رددت فوجئت بأن المتحدث (نزار قباني) الذى أبدى إعجابه بألحاني، وطلب مني أن نتعاون فى قصيدة جديدة كتبها، ولا يرى مطربة تصلح لغناء هذه القصيدة غير (فايزة أحمد)، وكانت القصيدة بعنوان (رسالة من إمرأة).
أما الشاعر (عمر بطيشة) فأعتبره أحد إكتشافاتي، وإنسان على خلق ومهذب، وتعرفت عليه فى الإذاعة حيث كنا نلتقى كثيرا، وبمرور الوقت اكتشفت أنه شاعر، وطلبت منه أن نتعاون سويا فقدم لي أغنية (زمان غريب يا زمان) التى كانت بداية التعاون بيننا، وبعدها لحنت له عشرات الأغنيات.
* من هو الشاعر الذى تعاونت معه وتشعر أنه لم يأخذ حقه من الإعلام والشهرة؟
** اثنين أولهما (مجدي نجيب)، والثاني (سمير الطائر)، فقيمتهما كشاعرين أكبر بكثير من شهرتهما.
* من التجارب الغنائية القليلة في مشوارك غنائك (ديوغنائي) قدمته مع (فايزة أحمد) بعنوان (إحنا النهارده ايه) ماهو ظروف تقديمك لهذا العمل ؟
** كانت (فايزة) مقتنعة جدا بصوتي، وتحب أن تستمع إلى كثيرا وأنا أحفظها اللحن، وفى نهاية السبعينات عرض على بطولة مسلسل إذاعي بعنوان (أعلنت عليك الحب) مع (ماجدة، وصفية العمري)، وكانت البطولة الغنائية لـ (فايزة أحمد)، ومن ضمن أغنيات المسلسل (ديو غنائي) بينها وبين أحد المطربين، فأصرت على غنائي لهذا (الديو)، لكنني رفضت، وأثناء تحفيظي العمل لها فى الاستديو اتفقت مع مهندس الصوت على تسجيل (الديو)، وفى نهاية التسجيل قالت لي ضاحكة : (شكرا يا فندم أحسنت الغناء)، وبهذه الطريقة سجلناه.
* والآن دعنا نلتقط أنفاسنا ونرسو على شاطئ الحب – بحكم صداقتنا – أعرف أنك مررت بأكثر من تجربة حب، من بين النساء اللاتي عرفتهن، فمن كانت الحب الحقيقي فى حياتك ؟
** (فايزة أحمد) بالتأكيد هى الحب الحقيقي فى حياتي، رغم أنني سبق وأن مررت بأكثر من تجربة حب قبلها، لكن حبي لها كان الحب الذى بنيت عليه أسرة، وعرفت من خلاله معنى الاستقرار.
* هل تتذكر كيف تقابلتما وبدأت شرارة الحب الأولى بينكما ؟
** أسند ضهره قليلا للوراء قائلا: أول لقاء بيننا كان عام 1963 حيث أقام الموسيقار(فريد الأطرش) حفلة ودعاني إليها بعد أن توطدت علاقتي به في فيلمنا (يوم بلا غد)، ودعا في نفس الوقت (فايزة أحمد)، وكان لقاء تعارف لم يترك فى نفسي أي أثر!.
وفى هذا الوقت كانت (فايزة) مطربة مشهورة، وأنا كنت نجما سينمائيا قمت ببطولة بعض الأدوار التى لفتت الأنظار إلى موهبتي، ورشحتني لاحتلال أدوار البطولة مع نجوم الصف الأول، وبعد عام من هذا اللقاء تقابلنا مرة ثانية في مطعم بأحد الفنادق الشهيرة، وقدمني لها صديق صحفي، وعزمتني على بطيخ بارد ويومها عرفت أني ملحن، فطلبت منى لحن.
وكان اللقاء الثالث لقاء عمل، حيث لحنت لها أغنيتي الأولى وكانت وطنية بعنوان (هاتوا الفل مع الياسمين)، والثانية عاطفية (أؤمر يا قمر) وتوالت اللقاءات بيننا وحدث ارتياح نفسي بيننا، وكانت فى هذا الوقت تفكر جديا فى ترك مصر بسبب الحرب الشديدة عليها، لكن حبي لها وحبها لي، جعلها تعدل عن الفكرة، وتستقر فى مصر، وتزوجنا في 4 يوليو 1964 ، واستمر زواجنا 17 عاما.
* كنت تتمتع كشاب وفنان بوسامة شديدة جعلتك محط أنظار الجميلات ورشحتك الفنانة (شويكار) فى بداية الستينات للقب ملك الجاذبية والوسامة، ما الذى جذبك لـ (فايزة أحمد) التى لم تكن تتمتع بجمال صارخ ؟
** قال ضاحكا: الحب يصنع المعجزات، ولقد أحببت صوت (فايزة أحمد) جدا، فهى كانت تمتلك صوتا من أجمل وأقوى وأعذب الأصوات، صحيح إنها لم تكن كإمرأة ذات جمالا مبهرا، ولا صارخا أو مثيرا، لكنها كانت تمتلك جمالا روحانيا رائعا، وكانت تركيبة إنسانية غنية جدا، فهي طيبة جد، وشفافة، وواضحة جدا، ودمعتها قريبة جدا.
إذا غضبت فتغضب في ثانية، وبعد ثانية أخرى تصفو كأنه لم يحدث شيئ، وتحب الناس، وتعشق البسطاء وتعطف عليهم، وفى نفس الوقت ثائرة جدا، ولا تقبل أن يعتدي أي أحد على عملها، أو ينال منه، وأنا ضعيف أمام هذه النوعية من البشر.
* رغم الحب الكبير الذى جمعكما لماذا حدث الانفصال بينكما ؟
** أفضل أن أحتفظ بأسرار انفصالنا لنفسي، لأنني أخشى أن أظلمها إذا قلت إنها كانت السبب، أو أظلم نفسي إذا قلت إننى السبب فما حدث بيننا (حاجة بتاعة ربنا)، والانفصال هذا تم عدة أشهر فقط، ولا أسمى ذلك انفصالا لأننا كنا مستمرين معا، وكأننا كيان واحدا، حتى أن أولادي منها (طارق وعمرو) لم يعلما بانفصالنا، وقبل وفاتها عادت إلى عصمتي، ولقد عدنا في وقت كانت فيه فى أمس الحاجة لي، وكانت تبكي على كتفي عندما يشتد عليها الألم، أذكر أنها – رحمة الله عليها – كانت تغني لي أغنيتي (أيوه تعبني هواك)، وكانت تأتي عند مقطع (أيوة تعبت تعبت) وتنفجر فى البكاء.
* لماذا لم ترتبط عاطفيا بعد رحيلها ؟
** لم يصادفني الحب الحقيقي، ولم أجد المرأة التى تعوضني عنها.