دموع (سبعبع) التي أبكتنا وهو الذي أضحكنا كثيرا !
كتب : محمد حبوشة
الاستجابة للشائعات جريمة كبرى يرتكبها البعض بحسن نية غير مقبولة ولا مبررة، فيما يستجيب لها البعض الآخر بوعي وخبث وعدائية كبيرة، مستهدفين الإضرار بالشخص المعروف في المجتمع، خاصة الفنانين الذين تطاردهم الشائعات أينما ذهبوا، وهى تتسب لهم بالضرورة في أضرار مادية وتضربهم في حياته الشخصية وتجلب عليهم المهالك، وذلك ليس لهدف سوى مصلحة جماعات حاقدة، تكره النجاح وتحاربه بكل الأشكال غير المشروعة.
وأنجع علاج لمرض الشائعات الخبيث هو وأده في مهده، بعدم الاستجابة له، وإهماله، ورفض تداوله مع الآخرين، حينها ستخنق الإشاعة منذ إطلاقها ولن تكتب لها حياة، ولا مجال ليكون لها أي كيان أو تحظى بتأثير ولو كان بسيطاً، وهو ما فعله الفنان الفنان الكوميدي الرائع المعروف بتلقائيته وفطرته (شريف دسوقي) الشهير بـ (سبعبع) في مسلسل ( بـ 100 وش)، حين خرج علينا بدموع غالية مصحوبة بحالة من الحزن والحسرة، وظهر خلال هذا الأسبوع في أكثر من برنامج (توك شو) وآخرهم (الحكاية) مع عمرو أديب على قناة mbc – مصر، وهو في حالة نفسية يرثى لها مدافعا عن نفسه بعد انتشار شائعات تشير إلى دخوله مستشفي الأمراض العقلية تارة، وتارة أخرى الادعاء بأنه يدخل اللويكشن في حالة سكر بين، وبنبرة أسى قال أنا لا أحمل ضغينة لأحد، فقط أقوم بالتمثيل لأني لا أجيد التعامل مع الكائنات الخرافية – طبعا يقصد أحد أساء له أو يسيئ له دائما – التي تطلق عليه الشائعات التي تنال من همته.
وأوضح (شريف دسوقي) لعمرو أديب ردا على سؤال حول الزيارة التي قام بها مؤخرا لطبيب نفسي قائلا بابتسامة تعكس سخرية لاذعة على وجهه: هذه الزيارة كانت من عشرين سنة وقت أن انفصلت عن زوجتي أم إبني .. ساخرا: هو فيه حد بينفصل عن زوجته ينزل الشارع يرقص؟!، وعندما سأله عمرو عن إنه يعاني من كهرباء زائدة بالمخ وامتنع عن تناول الدواء وشقيقه ينقذه من الجيران، راح يسترسل في قصة كفاحه في التمثيل، حيث قال: بنيت نفسي بنفسي .. ربنا كرمني واشتغلت مع أهم مخرجين في مصروعلى رأسهم (شريف عرفة، كاملة أبو ذكري، أحمد الجندي، أحمد خالد موسى) وغيرهم.
وتساءل دسوقي في الوقت نفسه: إحنا في مصر ليه بنحارب الموهبين ليه ، وضرب مثالا بأديب نفسه الذي حورب ويحارب يوميا .. مؤكدا على أن هذه الجملة يسمعها من سنة 40 قائلا في أسى: (إحنا البلد اللي بتقتل الموهبين الحقيقيين)، وكأنه يلخص تاريخا الشقاء لأولئك الفئة من الموهبين الذين يضيعون فجأة في زحم الأضواء ولا تلسط عليهم الكاميرات.
آلمنى جدا الفنان شريف دسوقي عندما ذهب ليعرف بنفسه: أنا شريف دسوقي، ممثل، لي حالة خاصة في الوسط وهى إن أبويا (عم دسوقي أبو الفنانين) وهو مدير فرقة إسماعيل ياسين سنة 1948 وهو الذي رباني على المسرح والتمثيل، وفتحت عيني على الدنيا لأرى عمتي (زينات صدقي)، وخالي (عبد الفتاح القصري)، وغيرهم ممن كانو يمثلون جيشا عظيما داخل هذا المسرح، وتعلمت على أيديهم مهنة التمثيل وأنا طفل صغير حتى اجتهدت وأصبح مدرب لمادة التمثيل في أكاديمية الفنون وجامعات مصر كافة، رغم أنني خريج معهد فني صناعي بالأساس، ثم بدأت التمثيل في مشاهد صغيرة ومنها في فيلم روائي قصير، وفجأة حصلت على جائزة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 40.
هذه الجائزة هى التي جعلتني احتل مساحة أصبحت أحاسب عليها على أن لي تاريخ طويل في الوسط الفني لأني ظهرت في سن 53 سنة، وربما هذا أثار حفيظة البعض مني جراء خبرتي التي اكتسبتها من فترة وجودي بالأسكندرية حتى تبناني الدكتور أشرف زكي والدكتور سامي عبد الحليم، وبعده من الله على بالخبرة والموهبة في التدريس ولي تلاميذ كثر هم نجوم حاليا، والذي حدث أنني اصيبت بجرح بسيط في أثتاء عملي بمسلسل ورغم أنني أتمتع بصحة جيدة، لكن فجأة في 11 يوم جاءني ضغط وسكر وحمرة وقدم سكري، لا أدري من قبل أن عندي سكر ولم أتلقى أي علاج له، وعدت للبيت وفي اليوم التالي ذهبت للتصوير فوقعت وذهبت للمستشفى وفوجئت بأن زملائي انفضوا من حولي عدا (أحمد الجنايني) منتج فيلمي الذي سأدخله بعد المسلسل.
وبعد خروجي من المستشفي تكتمت خبر اصابتي بالسكر حتى لا يتعطل تصوير فيلم (وقفة رجالة)، وبعدها فوجئت بشائعات تقول أن شريف بيمشوه من المسلسلات علشان بيخش مخمور وسكران، رغم أنني تربيت في مسرح إسماعيل ياسين الذي كان جامع وكنيسه وكل ماله علاقة بالروحانيات، ثم أنا مدرب إنسان .. باشخص إنسان .. مستحيل أبقى نصاب لدرجة أني أدعي على أحد .. فقط أنا أطالب بحقي .. هو غلط اني باطالب بحقي علشان أتعالج؟ .. يدخل في نوبة بكاء فيقول له عمرو أديب : متعيطش إنت فنان عظيم ومحترم والمفروض ان الناس تحس بيك، لكن بكاء الحار ينفجر قائلا : الظلم حرام وعيب يتقال على بادخل اللوكيشن سكران!.
معروف أن شريف دسوقي كان يعمل موظفا بوزارة الثقافة، وأنه واحد من المدربين الحقيقيين للممثلين، وقد تخرج على يديه كثير من النجوم الحاليين، وعندما أصيب بأحد الأعمال لم تسعى النقابة لصرف التعويض المناسب من جانب الشركة المنتجة التي يكن لها الاحترام والتقدير، خاصة أنه اكتشف اصابته بمرض السكر الذي كان سببا في تورم أحد ساقيه وكاد يتعرض للبتر وظل يعالجه أكثر من 8 شهور على نفقته الخاصة دون أن يشكو لأحد أو يكشف ألمه حتى شفاه الله وعفاه وعادت ساقه إلى وضعها الطبيعي، فقط هو أراد دفعات من أتعابه التي لم يحصل سوى على ثلثها فقط من جانب المنتج المنفذ كي يتعالج لكنه صم أذنه.
يشكو (دسوقي) بأنه تم طرده من التصوير في مسلسل (القاهرة كابول) بعد إصابته بغيبوبة سكر.. قائلا خيرني الأطباء بين (بتر) قدمى أو الخضوع لعلاج قاس، مؤكدا أنه لن يتنازل عن مستحقاته فى (بـ 100 وش)، وهو عاتب على أشرف زكى الذي لم يساعده فى أزمته، وأشار إلى أن منتجى العمل لم يراعوا ظروفه المرضية، وكشف عن تقدمه ببلاغ ضد من رددوا أنه تم إيداعه بمصحة نفسية، كما كشف في الوقت ذاته عن استعداده لتقديم برنامج (المسحراتى) الذى يجوب فيه محافظات مصر، بالإضافة إلى عرض مسرحى يقدمه خلال الشهر الجارى، ومشاركته كضيف شرف فى مسلسل (نجيب زاهى زركش) بطولة الفنان يحيى الفخرانى.
على جانب آخر يقوم الفنان شرف دسوقي بعمل بروفات لأحد الأعمال المسرحية حيث يجرى التحضير لعرض جديد سيقدمه على المسرح الكبير بمكتبة الإسكندرية عن شخصية (حكواتي) يقوم بسرد قصة عائلة تسمى (آلـ روما) حيث أن القصة تحكى على مدار 200 سنة عن شخصين وهما (غانم وأبو زيد الهلالى)، وسيقدم العرض خلال الشهر الجاري، ويقول: أننا سنرى فى هذه المسرحية مواهب حقيقية، من عمر 4 سنوات حتى الأدوار الكبيرة.
جدير بالذكر أن شريف دسوقي حقق نجاحا كبيرا وذاع صيته قبل عامين تقريبا مع مشاركته في فيلم (ليل خارجي) مع المخرج أحمد عبدالله ، وحصل على جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وقدم في رمضان 2020 واحدة من أنجح الشخصيات التي تعلق بها الجمهور، وهو دور (سبعبع) في مسلسل (بـ 100 وش) مع الفنانة نيللي كريم والفنان آسر ياسين.
رحمة بفنان أستطاع أن يدخل البهجة والسرور في نفوسنا، عبر أداء كوميدي لافت للانباه، فليس أقل من أن نقف مع في محنته كي يعود بكامل حضوره ليمتعنا بفنه الجميل.