رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أنغام .. لسه الأغاني الجميلة ممكنة !

حب بيعيش بالسنين مستخبي في ذكريات

بقلم : محمد حبوشة

الصوت الجميل هبة من الله سبحانه وتعالي يختص به من يشاء من عباده ، والصوت كان وما زال وسيلة اتصال بيننا وبين البشر، نستطيع عن طريقه نقل مشاعرنا وأحاسيسنا المختلفة .. فرحا أو حزنا .. حبا وكراهية، كل ألوان وأشكال المشاعر التي نحملها في نفوسنا ننقلها عبر نغمات الصوت، خاصة إذا كان صوتا جميلا ومعبرا وصادقا مثل المطربة مصرية الهوية قلبا وقالبا (أنغام)، شرقية الهوى في رصانة تجتاز أسوار الصخب والضجيج، تلك المطربة التي تحمل في ذات الوقت نغمة صوتية لا يمكن أن تشبه نغمة أو حركة صوت أحد غيرها على مستوى العذوبة والنقاء والشجن المحبب إلى القلب والعقل والوجدان، ناهيك عن التعبير عن أصدق المشاعر الإنسانية، وهى على قدر كبير من الذكاء في استخدام الحروف مع الموسيقى كأوعية للمشاعر، وتعي جيدا أن بعض المشاعر لا تسعها أوعية محددة، فصوتها مثل العطر في تحوله إلى وجوه، أماكن، ألوان، مشاعر، وابتسامات.

المطربة الجميلة والرقيقة (أنغام) واحدة من أصدق من عبر عن المشاعر المؤلمة التي نكابدها في طفولتنا، ونظل نحس بمذاقها الحاد مهما بلغ بنا العمر، مشاعر الخيبة والخذلان التي لم تقدر على حملها بقلوبنا، لكنها أودعتها هى بقلبها بخفي حنين حينما أستحل الحبيب فراق حبيته، وكأن لسان حالها يقول: هكذا يعلم الفن الإنسان عن الإنسان، يوقظ مشاعر راقدة يضعنا في حضرة اهتمامات الروح الحقيقية.

في حب بيروح بالسنين والأسية والمسافات

لاشك أن الغناء لم يعد صوتا جميلا تشدو به الفنانة، وإنما يصحبه أيضا مشاعر وأحاسيس، وهو ما تلمسه مع صوت (أنغام) الذي يبدو لنا قويا في لين وطواعية في قدرة فائقة على التعبير، وحنون في صلابة تقوى على تدفق فيض المشاعر الإنسانية، وهى في ذات الوقت صاحب بصمة خاصة جدا تعرفها من بداية انطلاقها برقة وعذوبة لا تقاوم، أما في حالة الغضب فصوتها يكون حزينا راجيا يستدر الرحمة، وذلك لأن صوت (أنغام) من الأصوات التي لديها بالفعل قدرات صوتية مؤثرة وصلت بها إلى الناس إحساسا وآداء ونجاحا، عبر كلمات تعبئ المشاعر الطيبة والرائعة، ومن ثم نقترب من بعضنا البعض أكثر على جناح الحب وبكل مشاعر طيبة يمكنها أن تبني مجتمعا راقيا وجميلا يدفع الجميع على الشعور بالطاقات الايجابية التي تملأ حياتنا بكل ما هو جميل وراقي.

والسهر آه م السهر يتعب عيوني

كل مامضى وأكثر هو ما تجسد لي في أغنيتها الجديدة (هو نفس الشوق) التي أطلقتها قبل يومين في فيديو كليب فيه قدر كبير من الشجن الذي يعبر عن الحالة الغنائية التائهة وسط ضجيج المهرجانات وغيرها من أشكال النهيق الغنائي الذي يحاصرنا حاليا، فقد جاءت الأغنية كحالة خاصة من الشوق والحب الرومانسي على الطريقة الكلاسيكية بكلمات وموسيقي تنساب في نعومة عبر صوتها وإطلالتها بفستان أحمر شيك في إشراقة صباحية على الماء والوجه الحسن وزقزقة العصافير وكأن الكون كله يتهيأ للغوص مع صوتها الساحر في ملكوت الله الرحب الفسيح بين النخيل في تواز مع موسيقي شرقية خالصة.

أول إطلالتها المشرقة في الكليب

تتوقف (أنغام) في الكليب مستندة على أحد أعمدة البيت الذي بني بطريقة القباء التي ابتدعها المهندس العظيم حسن فتحي وتطل من حولها تتأمل الكون البديع ثم بشعر منسدل في دلال تنطلق بفيض من مشاعرها المتدفقة مغنية:

هو نفس الشوق في قلبي

وبحلاوته وبعذابه

يظهر ان الشوق ياقلبي

عمره ما يفارق صحابه

والسهر آه م السهر يتعب عيوني

والأماني والحنين يجوا يزورني

لما سيرتك تيجي تيجي تصحي فيا كل حاجة

كل حاجة حتى نار الغيرة لسه قايدة أهى

زي ماهى.

مبدعون أثروا في حياتها وحياتنا

تتلمس خطواتها مابين الجدران والفضاء الذي يتوسطه حمام السباحة، حيث تلتقي حبيها الذي يدثرها بفرو يمنحها قدرا أكبر من دفئ المشاعر حين يجلس بجوارها وتبدأ لغة العيون في حوار غزلي غير محكي، وعلى إيقاع شرقي خالص تدخل إلى البيت العتيق بفستان أبيض كلاسيكي تتملس الذكريات من خلال صور لإناس لعبوا دورا في حياتها وحياتنا ورحلوا عن عالمنا، لكنهم مازالوا راسخين في الذاكرة الحية بنفس الشوق والحنين ومنهم: عمها المطرب صاحب الشجن (عماد عبد الحليم)، الموسيقي الرائع (طارق عاكف)، المبدع الموسيقي أيضا (رياض الهمشري)، والمايسترو صاحب البصمات الخاصة في الموسيقى (خالد فؤاد)، الغواص في بحر النغم (عمار الشريعي)، وعباقرة التمثيل (أحمد زكي، محمود ياسين، عزت العلايلي) والراحلات (شويكار، مديحة كامل، سعاد حسني، ماجدة، رجاء الجدواي) وغيرهم ممن تركوا لنا تراثا فنيا بديعا.

لم نفترق .. شعار حملته على صدرها وفي قلبها

وعلى ذات الموسيقى الشرقية تتفقد صور هؤلاء الرحلين و:انها تناجي أروحهم التي تتحلق من حولنا، في استعراض من داخل البراويز مرتدية (قميص فوق جوب قصير) تتصدره عبارة (لم نفترق)، لتؤكد كلمات أغنيتها المشحونة بالشجن والحنين إلى أيام هؤلاء المبدعين في ألقهم وإبداعهم الذي مازال يحيي فينا الأمل في غيبة من وعينا، وتستعرض بصوتها الساحر تلك الذكريات الجميلة وهى مغادرة تاركة نفس الوجوه المشرقة على جدران البيت حاضرة بفنها وعطائها الذي لايتوقف قائلة:

في حب بيروح بالسنين والأسية والمسافات

وحب بيعيش بالسنين مستخبي في ذكريات ..

في حب تاني

حب أقوى من اللي بيحسوه الحبابيب وقت ما بيتجمعوا

يعرفه بس السهارى والحيارى

اللي سرقت منهم الأيام حبايب عمرهم ما هيرجعوا

تبان في تنهيدة وكلام ما بيتحكيش

وعيون بتسرح

وعيون بتدارى في ضحكة عشان تعيش.

من حق الجمهور وأنا واحد منهم أن ينحاز لمطرب عن مطرب آخر، يفضل أغانيه وينتظرها ويستمع بها ومن ثم يدافع عنها، لأنها تشكل وعينا وتنمي عواطفنا الجياشة، ونحن في واقع الآمر لا نمتلك فى مصر أفضل من صوت المطربة المتألقة (أنغام) التي تستحق لقب مطربة مصر الأولى، بكل ما تحمله من فن يضعها طوال الوقت محل اتفاق وإعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، ولعل اختياراتها التوقيتات الموفقة لطرح أغنياتها هى التي تتوج الحالة الغنائية في مصر، ومن ثم في كل مرة تطرح فيها أغنية جديدة تتوجها متربة ،على عرش الغناء العربي من خلال اختيار كلمات وألحان تواكب العصر من ناحية وتحافظ على شرقيتها الأصيلة، وفوق هذا وذاك يغلبها إحساس دائم بأن الناس عطشى للأغنية الكلاسيكية، تماما كما هي حالة (في نفس الشوق)، مؤكدة أن هذا الاحساس سيظل يعيش بيننا، ولن يتوقف الناس عن الحب مهما تغيرت الظروف والأحوال.

والسهر آه م السهر يتعب عيوني

تحية حب وتقدير للمطربة المتربعة على عرش قلوبنا (أنغام)، التي تطل علينا بين الحين والآخر متألقة في شياكة ورقي وجمال عبر أغانيها وكلماتها وموسيقاها الرائعة لتضفي على أيامنا نوعا من البهجة والتفاؤل والحب والشجن، وقت أن نحتاج إلى جريان الغناء العذب النقي في نهر كلاسيكي شرقي أصيل يتدفق بالمشاعر الإنسانية الراقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.