إعلام السنة وإعلام الشيعة
بقلم : على عبد الرحمن
لعبت كثيرا من الدول ذات النوايا السيئه على النعرات الطائفية والقبلية والدينية في منطقتنا بهدف إضعاف وتفكيك الدول والأنظمة الحاكمة، وقد عرقلت هذه الألاعيب الخبيثة مسيرة بعض الدول مثل لبنان وسوريا واليمن وليبيا ودولا أخري أثارت فيها الفرقه بين شرقها وغربها وشمالها وجنوبها وكان اللعب بين شرائح المجتمعات قبليا ثم علي وتر الديانه والأقليات دينيا، ولكن يظل الصراع المذهبي هو اللعبة الأخيرة والخبيثة لهذه الدول كما يحدث في باكستان والعراق واليمن وجزءا من لبنان وسوريا وصراعات تحت الرماد في دول المنطقة الشقيقة والصديقة، وطبعا يستغل في ذلك سلاح الإعلام المؤثر جماهيريا، وخاصة الإعلام الديني الذي يبدو وكأنه تثقيف ديني، وهو في حقيقة جوهره أفاعي تبث سموم الفتنة عبر قنوات في أجود تصنيف لها هي قنوات الفتنة والتي تقف ورائها دولا ترفع شعارات دينيه تحت عباءات خبيثة.
وهذه القنوات تم التخطيط لها بعناية شيطانية فهي تبث أخبار مسمومة وتقارير ملوثة ودراما مزورة في أحداثها ومعلومات مغلوطة في توثيقها، بل وترفع شعارات تدغدغ بها مشاعر المسلمين مثل تحرير القدس وتطهير الأقصي وتنقية البقاع من دنس الصهاينه، وهذا مايجذب إليها البسطاء من جمهور المنطقة، وداخل هذا الجذب تبث سموم الفتنه القاتلة ولا ضابط ولا رابط لمراجعة المحتوي أو أخلاقيات ومواثيق البث، ولا مراعاة هنا للمواثيق المحلية والاقليمية والأممية الخاصه بشرف المهنة وحيادية المحتوى ونزاهة الوسيلة وحقوق البشر وقوانين وأعراف الأمم.
ولقد بثت قناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية تقريرا عن بعض هذه القنوات التي تبث هذه السموم وسط شعارات جهادية وتحريرية زائفة، وهى ليست من قنوات الشيعة التي تمولها إيران التي تتاجر بمعاداة الصهاينة وبتحرير القدس والأقصى، هذه القنوات الإيرانيه الست هى (آل البيت، الحسين، فداك، الغدير، العالمية، الأنوار)، والتي تبث على القمر الصناعي الإسرائيلي عاموس (Amos)وتبثها شركة إسرائيليهة ا سمها(R R Sat) وهى مملوكة لرجل أعمال يهودي، وهذه القنوات تبث الفتنة وفي نفس المحتوي تدعو لتحرير القدس والأقصي.
أي انفصام هذا إيران وقمر يهودي وشركة يهوديه ورجل أعمال يهودي ومناداة بتحرير القدس والأقصي، هل يعقل هذا؟، ولماذا لم تتجه إيران إلي أقمار المنطقة وهى كثيرة للدعوه لتحرير القدس أم أن سم الفتنة بين السنة والشيعة حال دون البث على أقمار دول المنطقة التي تعلي قيم التسامح وتمنع بث قنوات الفتنة علي أقمارها، والغريب أننا بلد الأزهر قبلة أهل السنة في الأرض وشيخه إمام أهل السنه في العالم، ولكن ذراع الأزهر الإعلامي تأخر كثيرا دون مبرر فللأزهر جامعة وجامعته ومرصده وبعثاته، ولكن ليس له صوت إعلامي يرسي قيم التسامح والوسطية ونبذ الخلاف بين المسلمين في الوقت الذي تزكية دول أخري بالمنطقه.
ومع غياب الذراع الإعلامي للأزهر وتأخر تنقية كتب التراث وفوضي المحتوي الديني الإلكتروني وغياب المحتوي الديني الفاعل من على شاشات البث المليئة بالمنوعات وبرامج الطبخ وتفسير الأحلام وجلب الحبيب وتقوية الفحولة، مع غياب كل ذلك وغياب الوعي الاستراتيجي بأهمية وجود ذلك تركنا الباب لقنوات الفتنة لتطعن في الثوابت الدينية وتشوش المعتقدات، كل ذلك مدسوس تحت شعارات زائفه لتحرير القدس وتطهير الأقصي، فإلي متي يختفي المحتوي الديني الجيد برامجيا ودراميا من علي شاشات إعلامنا المنهك في فسافس الأمور وتوافهها، وإلى متي يتأخر صوت الأزهر في مواجهة قنوات الفتنة، وإلى متي يظل تراثنا الديني دون فلترة وتنقية وتوثيق.
إلى متي نترك المحتوي الديني الإلكتروني غير موثق، رغم أن الشباب والأسر علي السواء عندما يعن لهم الاستفسار عن شأن ديني فغالبا مايرجعون للشيخ جوجل أو أحد المحدثين في مجال الفتوي والإرشاد حتي اختلط الأمر على النشئ والعامة والبسطاء وماتزال ساحة الإعلام الديني ومضمار إعلام أهل السنه خاويا، رغم أننا بلد الأزهر مشيخة وشيخا، جامعا وجامعة، علماء ومجددين، وبلد خبراء الإعلام وصناع المحتوي، ننفق ببذخ على محتوي تافه ونترك المحتوي المستهدف ذو الصلة ببناء البشر وصناعة الهوية ودعم الانتماء وبث الوسطيه والتسامح.
فاذا كان إعلامنا مارقا يسير بغير رؤى فهل ظهور قناة دينية وسطية متنوعة للأزهر أمرا مستحيلا؟، وهل وجود محتوي ديني عصري متنور وسطي جاذب برامحيا ودراميا أصبح كالعنقاء والخل الوفي؟! .. إنها مسئوليتنا أمام الله وأمام شعوبنا وأمام ضمائرنا المهنية، كفانا الله شر سموم قنوات الفتنة، وشر غفلة إعلامنا، وشر تأخر كل ماهو مطلوب على وجه السرعة لصالح الوطن وأهله ومستقبل نشئه .. لتحيا دوما مصر وسطية رائدة قبلة أهل السنه وطليعتها.