كتب : محمد حبوشة
طال الفنان السوري المبدع (تيم حسن) حجم كبير من الانتقاد بعد انتهاء عرض مسلسل (أنا) منذ أربعة أيام، حيث جرى عرض المسلسل على منصة (شاهد)، والذي لايزيد عن (10 حلقات)، وقد تعرض المسلسل لحملة واسعة من النقد طالت بالأخص (تيم) الذي عود الجمهور على مدى سنوات باختيار النصوص الأفضل والأداء المتمكن، لكنه هذه المرة عاد – من وجهة نظر البعض – إلى الشاشة باهتا دون جديد يذكر على صعيد المعالجة أو الأسلوب الإخراجي، رغم محاولاته الإمساك بالأداء بالشكل الكافي لهفوات ملأت النص خاصة في ظل غياب المعالجة الدرامية التي تكسب المشاهد واقعيتها وتضفي على الحوار لمسة خاصة، ولم تكفي من وجهة نظرهم أيضا لوكشينات التصوير الجديدة التي ذهبت إليها عدسة المخرج لأنهم يرون أن حالة التصعيد المطلوبة للوصول إلى ذروة العمل غابت، وتلاشى معها عنصر التشويق أيضا.
ومن جانبي أتفق مع كثيرين من تلك الآراء حول القصة وغلوها في الخيانات المتعددة، والتي لاتعكس بالضرورة ما يحدث في مجتماعنا العربية على غرار ما دار في خلد (الدكتورة عبير شرارة) فيما استغرقت فيه من خيال يخرج عن المألوف في حياتنا، رغم تطورات العصر والتكنولوجيا التي حتما ولابد أن تغير في نمط الحياة العربية – طبعا هذا يتم بحسب مفهوم المنصات الرقمية التي يسيل لعابها لعرض كل ما هو خارج عن المألوف، مكتفية بوضع عبارة (فوق 18 سنة) – لكني في ذات الوقت أختلف تماما مع ذهب معه كثيرون إلى انتقاد أداء تيم حسن، الذي أراه ناعما شفافا ويحمل قدرا من الرومانسية الحالمة، حيث تدور أحداث المسلسل الممتد على مدى عشر حلقات فقط في إطار اجتماعي درامي رومانسي حول (كرم) الذي تضعه الحياة أمام مجموعة من التحديات بين المبادئ والمغريات، وكأن أداء (تيم) هنا يشبه استراحة مقاتل تحجرت مشاعره جراء أربعة أجزاء من مسلسل (الهيبة) الذي استغرق كثيرا في العنف والأكشن الذي ملته الجماهير وأنا واحد منهم.
لست مع من قال أنه مسلسل لا طعم له ولا لون ولا رائحة، فعلى الرغم من أن القصة باهتة لا عناصر إبهار فيها، إلا أن تيم حسن، بدا لي ممثلا من الوزن الثقيل الذي لايفقد هيبته ممهما اختلفت الظروف والملابسات في ظل نص ضعيف أو مرتبك، وحتى ولو كانت البطلتين (رازن جمال ورولا بقسماتي) إلى جانبه على هذه الدرجة من البرودة في بعض المشاهد وليس كلها، فقد جاءت ردات فعلهن غير مقنعة في أحيان كثيرة حيث ملامح وجهيهما هى نفسها، حتى نبرة الصوت لا تتغير مع أي انفعال أو حزن، ويبدوان في حالة صمود بنفس صلابة ربطة شعر تيم التي لم تتغير بعد مرور سنوات على زواجه في العمل، وهنا مصفف الشعر يستحق التحية.
لقد بدا لي أن تيم حسن، كان يحمل العمل على كتفيه في إطار تغيير الصورة الذهنية عنه كممثل استغرق طويلا في الأكشن والإثارة على جناح العنف، ورغم أن شخصيته (كرم) التي جسدها تبدو مهزوزة على غير العادة، لكنه أراد أن يقدم ما هو مختلف عما يقدمه في (الهيبة)، وهذا ما لم يكن موجودا بذات الزخم في تجربته المختلفة أيضا مسلسل (العميد) التي صدرت قبل حوالي السنة ، حيث كانت مشجعة واستبشر الجميع أن تيم قرر التغيير، وهو ما نجح فيه من وجهة نظري الشخصية في (أنا) عندما اعتمد في أدائه على التحكم بحرفية على مستوى المشاعر المكبوتة والاكتفاء بإشارات وحركات مع زوجته (أسيل) وابنه وابنته، تنم عن أوجاع كثيرة يحملها في صدره جراء أوضاع حياتية أجبر عليها، أو حتى عندما لعبت المصادفة دورها في الانزلاق إلى علاقة عابرة مع (جودي) تحولت إلى مأساة إنسانية في النهاية.
وجدير بالذكر أن المسلسل من إنتاج (الصباح إخوان)، وإخراج سامر البرقاوي، وتأليف دكتورة عبير شرارة، وشارك تيم مجموعة من النجوم اللبنانيين من بينهم القدير جوزف بو نصار ورزان جمّال في أول إطلالة لها في الدراما العربية المشتركة، إضافة إلى رولا بقسماتي، ديامون بو عبود، إيلي متري وغيرهم، وقد حاول تيم حسن، أن يصنع أكثر من ماستر سين في الحلقات الثمانية الأولى إلى أن استطاع أن يمسك بخيوط اللعبة الدرامية المؤثرة ويعزف بحنو بالغ على أوتار المشاعر في الحلقة التاسعة، على أثر معرفته بمرض (جودي) بسرطان العظام ومن ثم ينبغي عليها البدء فورا بجلسات العلاج، لتبرع رزان جمال في أدائها أمام تيم حسن في هذا المشهد (ماستر سين) الذي جاء على النحوالتالي:
تعود (جودي – رزان جمال) إلى بيتها وتستقر على كنبة في الصالة بعد أن حملها (كرم – تيم حسن) على يديه من السيارة ووضعها في مكان مريح ومحبب لها.
كرم : منيح هيك .. ثم يحمل الريوموت قائلا : شو رأيك نتفرج على تي في؟
جودي : ما على بالي .. كنت أحضر كتير .. وقفت.
كرم : طيب شوي ونشوف موفيز؟ .. ثم يضع الريموت على الطاولة ويقول : تعرفي هيك فكرة: انتي لازم تاكلي .. يتجه نحو الباب ثم يعود في تردد : لا مو الأكل .. لازم تنامي وترتاحي.
جودي تنادي على كرم : تعال فيجلس بجوارها ثم ترتمي في أحضانه.
……………………………
الكاميرا تسلط أضواء كاشفة على وجهها وفي عينيها أسئلة حائرة بينما كرم يحاول استنطاقها عبر لغة العيون التي تنطق بالحقيقة المرة.
……………………………
جودي تعتدل جالسة أمام كرم : لما كنت عم اجرب أقولك أهرب منك .. ما كنت عم اتحمل السؤال اللي بعيونك ولا بعيونك غيرك.
كرم : حبيبتي مابدو هالحكي هلا.
جودي : بلا بدي أحكي .. أنا ماكان بدي أتعلق بحدا ولا حدا يتعلق فيا .. عشان هيك عملتي عالمي (تنظر إلى معالم بيتها) .. ما كان بدي وجعي يظهر لبره يوجع أمي وإخواتي في غربتهم واصحابي .. شو ذنبن .. وانت كرم انت محلك مش هاون.
كرم في حنو بالغ : جودي .. أهلنا وأصحابنا موجودين لحتى يساعدونا ويخففوا عنا .. أنا هاون لأني بدي أكون هاون .. لأني بحبك ولأنه هادا اختياري ولأنه فييييه .. ايه في أشياء ما إلها جواب .. متل الحب، ثم يتارك نفسه قائلا : فيه شيئ صاير عم إحكي كأني باهلوس.
جودي بابتسامة تزيل بعضا من وجعها : ليش عم تقول هيك؟.
يقترب جاد من جودي قائلا: جاااااد : بتحبيني؟
تدخل جودي في حضنه قائلا: بامووووت فيك؟
يذهب كرم للمطبخ ويحضر شيئ لتأكله جودي، وعندما يقدم لها الطبق تقول : لا ما بدي تعاملني هيك كأني مريضة.
كرم : هيك هيك لازم تقتنعي.
يرن جرس الموبايل وهو يقرب الطبق من فمها فينظر له لتبرز الشاشة على (Home)، ثم يدير وجهه لينظر لها في ريبة من أمره، فتقول له رد بالكي ولادك بدهم منك شيئ.
……………………………
يرد كرم على الموبايل : نعم فيأتيه على الطرف الآخر صوت ابنه فيقول له: ريمو حبيب بابا كيفك؟
ريمو : بابا امتى راح تيجي؟
يرد كرم في حالة ارتباك : والله حبيبي أنا في محل بعيد شوي .. شو تحتاج مني وخبريني ليك بدك (جيفتز) شو عم بتفكر وقولي قبل ما ارجع .. ايه.
ريمو : ايه طيب.
كرم : طيب ياحبيبي جود نايت؟
……………………………
جودي : ليش قلت له انك في محل بعيد .. شوفت .. قلت انه ما لازم تكون هاون.
كرم : هيك أحسن.
جودي شي يعني هيك أحسن ..بدي إفهم؟ .. ومرتك ماراح تسألك؟
كرم : أسيل؟
جودي : أسيل!!
أنا وأسيل خلاص فيه أشياء اتعلقت بينا.
جودي : كنت حاسة إن هيك حيصير.
كرم : ياحبيبتي ما خصك بهاي القصة .. أنا باحل مشاكلي لحالي وبعدين أصلا كل حياتي كركبة .. حتي شغلي قصقصوني جوانحي فيه لأن سيرة الناس ما بتكفي .. المهم انتي هلا .. مابعرف ليش حاسك انك مثلا حدا واقف على حافة .. حدا بيقع ويوقع الناس معه : ليش؟ .. لازم تتعالجي .. لازم تكفي حياتك.
جودي : أوكي بتعالج بس لازم تلاقي طريقة ترجع ع بيتك.
كرم أنا ماني جيت لحتى إرجع .. وبعدين أنا مقتنع إن كل شيئ بده وقت.
جودي : أنا بارتاح أكتر إذا كل شيئ بيرجع متل ما كان.
كرم : متل ماكان ؟
جودي تهز رأسها بالموافقة.
ينتهي المشهد عند هذا الحد، لكن كرم يتمتم بكلمات غير معلنة على شفتيه تجيب على رفضه للعودة مرة أخرى لوضعه الذي كان.