بقلم : محمد حبوشة
لايرى أن الكوميديا في المسرح مجرد متعة جمالية بحتة ـ إنطلاقا من قناعته بما يقوله الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون في كتابه (الضحك) – وإنما اختلطت بها أفكار اجتماعية، واقتربت من الحياة الواقعية أكثر مما تفعل التراجيديا، وهى عدا أشكالها الدنيا: الفودفيل والفارس، فإننا نجدها تسمو كلما امتزجت بالحياة لتقترب من الملهاة الراقية، أما التراجيديا – من وجهة نظره – فهي شكل من العمل الفني الدرامي يهدف إلى تصوير مأساة قد تكون مبنية على قصة تاريخية، والتراجيديا عموما تتعلق باستعراض أحداث من الحزن ونتيجة مؤسفة في النهاية، وهو يتفق مع أرسطو في إن (هيكل العمل التراجيدي لا ينبغي أن يكون بسيط بل معقد، وأن يمثل الحوادث التي تثير الخوف والشفقة، ومن هنا فهو ينحاز لرأي أرسطو في (أن التغير في الحال نحو التعاسة والمأساة لا يعود إلى أي خلل أو عيب أخلاقي ، ولكن إلى خطأ من نوع ما).
إنه الفنان الكبير والقدير(أحمد حلاوة) ضيفنا في (بروفايل) هذا الأسبوع، والذي يحمل كل صفات ومقومات الممثل المحترف ولديه يقين راسخ – كما يبدو لي على الأقل من خلال ماظهر في كثير من أعماله – أن التمثيل هو فن تقمص الشخصية المطلوب تمثيلها على خشبة المسرح بعد لبس جلدها والظهور في صفاتها بقدر المستطاع وتبعا لما رسمته من معالم الشخصية، وهو أداء مقيد بأصل أو بنص مكتوب، لكن ذلك مرهون بتوفر الإحساس و قوة التركيز للأفكار وقوة التذكر للحركة الجسمانية للممثل، حيث يعيش في الدور ويتسلل تحت جلد الشخصية، ولذل سوف ستجد أن (حلاوة) الذي يعد أحد أسطوات التمثيل في مصر تتوفؤ لديه المقدرة على إيجاد العلاقات الذهنية ومنطقية الإحساس والقدرة على التحليل النفسي، فإذا لم يكن هناك معين في داخله ليخرج منه هذه الأشياء عند قيامه بأحد الأدوار فهو ليس ممثلا.
عقل و جسم نشيط
أحمد حلاوة، في كل أدواره على المسرح وشاشة السينما والتليفزيون يتغير تغييرا كاملا في الشكل الخارجي لهيئته ويتقمص الشخصية التي يمثلها في كل مرة، وهو في هذا يمتاز بعقل و جسم نشيط، ففي هذا العقل والجسم النشيط تكمن القوة الديناميكية لتكوين الشخصية، كما أنه يخلص للدور الذي يؤديه، حيث يعيش في مجتمع الدور وبإحساس صادق، ويحاول الوصول إلى أكبر درجة من الإتقان، و على هذا الأساس يمكن تحديد قوة الممثل أو ضعفه أو ما يسمونه بالموهبة الفنية، كما أنه بحكم دراسته وتمرسه في العمل الأكاديمي فإن الثقافة مهمة بالنسبة له كممثل، حيث يشغل نفسه دائما بجمع الكتب التي تبحث في شئون المسرح و فن الممثل ويهتم بقراءة الشعر وزيارة المسارح والمتاحف (طبعاً الهادفة و ليست الهابطة!)، حتى يكون يكون ملماً بأغلب المشاعر و الأحاسيس، فالممثل من وجهة نظره لا يستطيع أن يؤدي الدور بإحساساته الشخصية وحده .
هنالك قاعدة مهمة تقول: إن الممثل الموهوب هو الذي يدرك الحياة حق الإدراك و يضعها في خدمة الدور عن طريق الشعور و الإحساس، والتعمق في كل لحظة من اللحظات تساعد حتما في تأدية الشخصية بملامحها وحركاتها وحواراتها وإيماءاتها ونظراتها، وهو ما يفعله (أحمد حلاوة) الذي يعنى جيدا بفهم تمثيل الإحساسات أو الإنفعالات التي تتولد من تلقاء نفسها عن الطريق الذي يحدث الحدث ولا يحتاج إلى تصنعها والتكلف بتمثيلها، كما يبدو أنه مؤمن بأنه كلما أحب الممثل دوره وأخلص له ظهرت الشخصية وهدفها الأساسي بنقل أفكار المؤلف وأحاسيسه للمشاهد، لكن ذلك بالطبع لا يخلو من الإلهام: فيجب على الممثل أن يعيش في الشخصية التي يمثلها، فالشخصية الشريرة تختلف عن الشخصية الطيبة، ولا بد من الكشف عن ظروف الشخصية وأحوال معيشتها.
مدرسة المعايشة الصادقة
ومن خلال متابعتي لأسلوب وطريقة الأداء عند (أحمد حلاوة) فيمكنني القول بأنه يتبع منهج ستانسلافسكي، في التركيز على السيكولوجيا الداخلية في تحليل الشخصية الإبداعية، حيث يقول ستانسلافسكي: (إن فننا هو أن تعيش في دورك في كل لحظة من لحظات أدائه، وفي كل مرة يعاد فيها خلق هذا الدور، يجب أن يعاش من جديد، ويجسد كأنك تؤديه لأول مرة)، إذن فأن مدرسة ستانسلافسكي هى مدرسة الداخل، ومدرسة المعايشة الصادقة، والاندماج في الدور إلى درجة تقمصه ذهنيا ووجدانيا وحركيا بغية إقناع المتفرج بالدور المؤدى، والإيهام بصدق الدور واقعيا ونفسانيا، لذا تجد (حلاوة) على طريق ستانسلافسكي الذي أوصى بضرورة أن يشعر الممثلون بأنفسهم داخل الدور الذي يلعبونه، ويتخيلوا ما يمكن أن يكون عليه هذا الدور الذي يلعبونه، ويتخيلوا ما يمكن أن يكون عليه هذا الدور خلال الموقف الدرامي على المسرح ولهذا يسير أحمد حلاوة على ذات الدرب في كل أعماله.
مثل لاعب مخضرم تجد (أحمد حلاوة) ينزل الملعب في أي وقت ليحرز هدفا، هو موهوب بالفطرة، ملامحه مرنة للغاية تجعله قادرا على الظهور كفلاح في مسرحية وضابط إسرائيلي في مسلسل، وها هو يتطابق مع شخصية (آينشتاين) العالم الأمريكي الشهير في فيلم (الحرب العالمية الثالثة)، ولو افترضنا أن كل شخصية قدمها هى طابق في مبنى يرتفع إلى أعلى مع كل عمل جديد، فإن هذا البناء يعتمد على أساس قوي ومتين كونه (حلاوة) عبر خلفية علمية ومعرفية سعى إلى تكوينها مبكرا من خلال الاستفادة أولا من كون المخرج المسرحي الراحل فايز حلاوة إبن عم والده، والاستزادة من كل الفرص التي حصل عليها للتعلم وتربية الخبرات، أول شهادة علقها على الحائط كانت عام 1969 من كلية الهندسة، وقتها كانت ممارسة الفن لا تحتاج لدراسة ولا تتعارض مع كونه مهندسا، لكنه سرعان ما غاص في التفاصيل، درس الديكور والتمثيل والإخراج والفن التشكيلي وصناعة العرائس .
تأثر بمنطقة العباسية
ولد أحمد صلاح رجب رمضان حلاوة في السابع من يناير 1949، وعن طفولته وصباه يقول: كنت تلميذا بمدرسة الدمرداش وكان بجوارها معهد المعلمات، وكانت هناك إحدى المتدربات بمدرستنا شاهدتني أقلد بعض الشخصيات الفنية بالفصل فطلبت مني الاشتراك معهم في عرض بمعهد المعلمات، وكنت وقتها في الصف الأول الابتدائي وبالفعل شاركت معهم وجسدت شخصية صعيدي صغير وأديب منولوج للراحل عمر الجيزاوي، وكانت هذه هي أول مرة أواجه فيها جمهور المسرح، وقد شجعني والدي على تنمية موهبتي فكان يصحبني معه للمسرح رغم أنه رجل أزهري ولكنه كان شاعرا وقارئا جيدا وعلى مستوى عال من الثقافة، وشاهدت معه وأنا طفل صغير بعض عروض فرقة مسرح الريحاني التي أصبحت فيما بعد عضوا فيها.
ويضيف (حلاوة): تأثرت أيضا بمنطقة العباسية التي نشأت فيها حيث كانت هناك منطق (عرب المحمدي) المجاورة لنا وكان بها سوق اسمه (سوق المحمدي) يقام فيه كل يوم خميس احتفال يضم السيرك والمطربين الشعبيين، وشاهدت من خلاله سيرك الحلو وعاكف والمطربة الشهيرة خضرة محمد خضر والفنان زكريا الحجاوي فعشقت هذا المناخ، وعندما وصلت للمرحلة الثانوية كان الفنان عدلي كاسب هو المشرف على نشاط المسرح المدرسي فاقتنع بموهبتي وأخذني معه الى فرقة الريحاني عرفني بالفنان الراحل السيد بدير وكان تأثري بهما كبير، كما تأثرت أيضا بالفنان عبد الله فرغلي الذي كان مدرسا للغة الفرنسية بمدرستي وكانت علاقتي به وطيده جدا ونصحني بالالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية بعد حصولي على الثانوية.
فرقة (نادي الجزيرة)
وخلال فترة الدراسة الثانوية التحقت بفرقة (نادي الجزيرة) المسرحية، وكان المشرف عليها صلاح منصور وسعد أردش والفنانة عزيزة حلمي، وكان من بين أعضائها نور الشريف وعائشة الكيلاني وخليل مرسى وأحمد راتب وأحمد عبد الوارث، ثم كونت فرقة مسرحية بمنطقة الوايلي المجاورة لنا بالعباسية، وكان معي في عضويتها أحمد بدير ومحمد متولي والمخرج محمود الألفي والمؤلف محمود الطوخي.
بعد حصوله على الثانوية العامة التحق (أحمد حلاوة) بالجامعة لدراسة هندسة الاتصالات وتخرج منها عام 1969، وفيما بعد حصل على شهادة الدبلوم من معهد ليوناردو دافنشي متخصص بالديكور، ومن ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية لينال درجة البكالوريوس بالتمثيل والإخراج، وتابع حلاوة تعليمه الفني لينال درجة الماجستير بنفس التخصص من المعهد العالي للفنون المسرحية، وفي عام 1990 نال درجة الدكتوراه من جامعة الفن المسرحي والسينما في (بوخارست) في فلسفة الفنون عن الرسالة التي قدمها تحت عنوان : (تقنيات إخراج الكوميديا في المسرح المصري المعاصر في عام 1994).
دخل (أحمد حلاوة) التلفزيون كمؤلف لبرامج الأطفال مثل برنامج شخصيات مرفوضة، وكان أجره وقتها ثلاثة جنيهات عن الحلقة، وعمل أيضا سينارست من الباطن في ورشة السينارست عبد الحي أديب ومع المخرج حسن الامام، وهناك فيلم بعنوان (دعاء المظلومين) كتبت له السيناريو بينما كتب الأغاني له محمود الجندي، ومثل في هذا الفيلم وكان أجر كل منهما 80 جنيها، ويعتبر حلاوة أن التمثيل هو الواجهة التي تقدمه للجمهور ولولاه ما عرفه الناس، أما الإخراج والتدريس فيعتبرهما هواية ورسالة.
ولأن الفنان أحمد حلاوة متعدد المواهب والإمكانات، فبالإضافة لكونه ممثلاً ترك بصمةً بفن التمثيل المصري خاصةً والعربي عامة، فهو أكاديمي وأستاذ محاضر بالمعهد العالي للفنون المسرحية، درّس خلالها التمثيل والإخراج، كما عمل أخصائي مسرح في وزارة الثقافة، بالإضافة لتدريسه المسرح بكليات التربية، كما عمل مخرجاً بالمسرح القومي بالإضافة لكونه مشرفاً فنياً لمسرح الطليعة، ويجدر بالذكر هنا أنه في أواسط تسعينيات القرن الماضي، وتحديدا في عام 1994، كان له دور في إنشاء قسم علوم المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان، وفيها قام بإخراج وتأليف العديد من المسرحيات التي شاركت بمهرجانات محلية وعالمية.
أدوار السهل الممتنع
أما على صعيد الفن فأحمد حلاوة له سجل زاخر بالأعمال الفنية التي ترك من خلالها بصمة في ذاكرة الجمهور المصري والعربي، واشتهر بتأدية أدوار السهل الممتنع، ولأنه فنان من طراز خاص جمع بين الموهبة والدراسة فتميز وظهر ذلك جليا خلال تجسيده لشخصيات مختلفة ومتعددة، تارة تجده كوميديانا، وتارة تجده شريرا، وتارة أخرى تجده حكيمًا، وبدأ مسيرته الفنية في مطلع السبعينات وذلك من خلال دوره في مسرحية بعنوان (السيرك الدولي) والتي تم عرضها في عام 1970، فضلا عن مسرحيات أخرى منها (كلام فارغ، إيزيس، دستور يا أسيادنا وطرائيعو)، وأيضا مسرحية (كوبري الناموس) في عام 1980، ومسرحية (ع الرصيف) في عام 1987، ولأن المسرح هو ملعبه الحقيقي فقد قدم مسرحيات (كلام فارغ، وكلام فارغ جدا، والعسل عسل والبصل بصل، والست هدى) مع المخرج سمير العصفوري، و(يحيا الوفد، شقلباظ، والباب العالي) مع عمه الفنان الراحل فايز حلاوة.
وفي السينما فإن سجله يضم حوالي 32 فيلم، منها على سبيل المثال قدم دور(الدكتور منصور) في فيلم (بنت اسمها محمود) والذي عرض في عام 1975، وذلك مع الفنانة سهير رمزي، ثم توالت أعماله الفنية وتميز بصوته وأدائه المتميز وشخصيته المحبوبة التي تقدم الكوميديا بطريقة مميزة، وفي عام 1988 ظهر في فيلم (أرملة رجل حي)، وفي عام 2003، فيلم (حرامية في تايلند)، وقد أدى (حلاوة) شخصية عمر والفيلم من بطولة كريم عبد العزيز وحنان الترك وإخراج ساندرا نشأت، وفي عام 2011، ظهر في فيلم (سامي أكسيد الكربون) بدور (العم سام)، وفي عام 2014، ظهر في الفيلم الكوميدي المصري بعنوان (الحرب العالمية الثالثة)، ولعب دور أينشتاين.
أما في عام 2016، فقدم فيلم (عسل أبيض) وهو فيلم كوميدي أدى فيه دور (عمارة)، والفيلم من بطولة سامح حسين وميرهان حسين وأحمد راتب ومن إخراج حسام الجوهري ومحمد طحاوي، وفي نفس العام شارك حلاوة البطولة في فيلم (الهرم الرابع) مع محمود الجندي ويوسف شعبان ومحسن منصور وريهام عبد الغفور من إخراج بيتر ميمي، وفي عام 2017، ظهر في فيلم (سمكة وصنارة) من إخراج طارق عبد المعطي، كما شاركه أيضا البطولة كريم قاسم وأمير صلاح ورحمة حسن، وفي نفس العام شارك بفيلم (آخر ديك في مصر)، وهو فيلم كوميدي أدى فيه شخصية (مديح)، وهو من بطولة محمد رمضان وهالة صدقي ومن إخراج عمرو عرفة، وفي عام 2019، ظهر في فيلم (عيش حياتك) من إخراج تامر بسيوني، وهو فيلم كوميدي رومانسي مصري، وأدى فيه دور (العم سليمان) وهو من بطولة سامح حسين وساندي وساميا طرابلسي وغيرهم.
بين الكوميدي والتراجيدي
أما على صعيد الشاشة الصغيرة فقد تجاوزت أعماله 77 عملا دراميا تنوعت ما بين الكوميدي والتراجيدي وأعمال المخابرات، ومنها على سبيل المثال (مسلسل دموع في عيون وقحة) والذي عرض لأول مرة عام 1980، وكان من بطولة عادل إمام وصلاح قابيل وغيرهم، كما شارك في الجزء الثاني والثالث من (رأفت الهجان)، وظهر في مسلسل (الحفار) في عام 1996، وقدم دور رائع في شخصية (عم بندق) مع النجمة دنيا سمير غانم والنجمة إيمي سمير غانم وذلك في مسلسل (نيللي وشريهان) في عام 2016، كما أدى شخصية (الشيخ صادق) في مسلسل (عفاريت عدلي علام) في عام 2017، من بطولة عادل إمام وهالة صدقي وغادة عادل ومن إخراج رامي إمام، كما شارك في نفس العام في مسلسل (لمعي القط) بطولة محمد عادل إمام.
كان لـ (حلاوة) ظهورا مميزا جدا في عام 2018، في مسلسل (كلبش2) من إخراج بيتر ميمي وبطولة أمير كرارة وهيثم أحمد زكي وهالة فاخر وغيرهم، كما ظهر في (سرايا حمدين)، وهو من بطولة سامح حسين ونرمين ماهر وراند البحيري، وشارك في مسلسل (عزمي وأشجان) بدور (مختار الجواهري) والمسلسل من بطولة حسن الرداد وسمير غانم وإيمي غانم، ومن إخراج إسلام خيري، وفي عام 2019، قام أحمد حلاوة بدور البطولة في المسلسل الكوميدي (البرنسيسة بيسة) من إخراج أكرم فريد، وشارك البطولة مي عز الدين ويوسي وأمير المصري وسليمان عيد وسامية مغاوري وغيرهم، وشارك أيضاً البطولة في مسلسل (ابن أصول)، من إخراج محمد بكير، وبطولة حمادة هلال ورانيا منصور وأحمد حلاوة وعماد رشاد وغيرهم، بالإضافة إلى مشاركته في مسلسل (أفرح إبليس 2)، وفي 2020 شارك في مسلسل (قوت القلوب 2).
قناة تعليمية مجانية
هو في النهاية واحد من نجوم الوسط الفنى الذين يحرصون دائما على انتقاء أدواره، مما جعل (الزعيم) عادل إمام يلقبه بـ (الجوكر)، كما أنه أصبح تميمة الحظ فى أفلام ومسلسلات نجوم كثيرين، وإيمانا منه بفكرة أن التعليم للجميع، فقد أنشأ مؤخرًا قناة تعليمية مجانية على موقع (يوتيوب) للطلبة وهواة التمثيل، يقوم خلالها بإلقاء دروس عن فن الأداء التمثيلي والإخراج والسيناريو والعرائس على أسس علمية وموضوعية في سبيل محاربة الفن الذبي يرى دون جدوى، ومن هذا المنطلق انتقد تجربة مسرح مصر قائلا: (مش كل واحد يغني في الحمام يبقى مطرب).
وفي هذا الصدد شن الفنان الكبير أحمد حلاوة، هجوما حادًا، على تجربة الفنان أشرف عبدالباقي في (مسرح مصر)، قائلا: (موجة أشرف عبد الباقي اللي مسميها مسرح مصر، دي مش مسرح، وعلميا وفنيا مش بنسميه مسرح)، واعتبر حلاوة، أن طريقة الحوار والكوميديا فى (مسرح مصر) ليست من فنون المسرح، مشبها حوارات مسرح مصر بين الفنانين، بأنها حوارات بين الأصدقاء، وليست نصا مسرحيا قائلا: (مش كل قاعدة هتبقى بيني وبين أصحابي اللي هقوله فيها هيطلع على المسرح)، وأكد أن الكوميديا في (مسرح مصر) تخالف فكرة نقل القيم الجمالية في المسرح، متابعا: (بيتعمل كوميديا شيك جدا وكوميديا بضحك، ولها قيم بعيد عن أي لفظ أو حركة تختلف مع جماليات المسرح).
وأخيرا: يروق لأحمد حلاوة دائما أن يجلس مسترخيا على أريكته، عائدا بذاكرته إلى الوراء، متذكرا وقت أن كان يسير في شوارع العباسية المرصوفة بأحجار البازلت، مع أصحابه منتشيا بملابسه الجديدة، في وقت كان فيه لا يخشى غبار الشارع، فتترائى الأشياء من حوله جميلة، حية يملاؤها الشوق والإحساس والنبض الذي تستمده من أرواح البشر الضاحكة الصافية حولها، مفكرا في اهتماماته الإبداعية فقط، حتى تمكن منه الإبداع، فظهرت كل الأعمال التي قدمها في التمثيل والإخراج والتأليف، حتى في فن صناعة العرائس الذي يعشقه فتخصص في (فن دمج العرائس بالفن البشري)، فكان بحق متعدد المواهب .. فتحية تقدير واحترام لفنان عشق فنه واحترمه فاحترمته الجماهير التي وضعته على قمة المبدعين كأبرز أسطوات التمثيل في مصر.