الأغنية التى غناها العندليب وعمل فيها (عبدالمطلب) كورس
كتب : أحمد السماحي
غنى العندليب الأسمر (عبدالحليم حافظ) للشاعر الرقيق المبدع (حسين السيد) ــ الذى نحيي هذه الأيام ذكرى رحيله وبالتحديد يوم 27 فبراير ــ العديد من الأغنيات العاطفية التى مست شغاف قلوبنا مثل (أهواك، قولي حاجة، بيع قلبك، توبة، كنت فين، ظلموه، كان فيه زمان قلبيين، فاتت جنبنا) وغيرها من عشرات الأغنيات التى مازالنا نستمتع بها حتى الآن.
وفى الغناء الوطني قدم له عدة أغنيات أشهرها (صوت الجماهير، والجيل الصاعد)، اليوم سنتوقف عند حدوتة واحدة من أغنياته الوطنية الأخرى وهى أغنية (يا حبايب بالسلامة) التى قام (حليم) بغنائها عام 1963 بمناسبة عودة القوات المصرية من حرب اليمن.
فى هذا الوقت صدر فرمان تكليف من الرئيس (جمال عبدالناصر) للموسيقار (محمد عبدالوهاب) بصنع أغنية لـ (عبدالحليم حافظ) لاستقبال جنودنا العائدين من حرب اليمن فى أسرع وقت، وامتثل الموسيقار (محمد عبدالوهاب) للتكليف!، ونسى يقول للرئيس (عبدالناصر) أن (حليم) في الكويت ومعه الفرقة الماسية التى ستعزف اللحن اعتقادا منه أنهم سيعرفون كيف يأتون بـ (حليم) إلى مصر؟!، وبعد انتهاء مكالمته مع الرئيس اتصل (عبدالوهاب) بصديقه الشاعر(حسين السيد)، وطلب منه كتابة الأغنية على وجه السرعة.
وبالفعل كتب الشاعر الأغنية التى تم تلحينها على عجل، وتم البحث عن (عبدالحليم حافظ) لحفظ الأغنية، لكنه لم يستطع الحضور لمصر نظرا لارتباطه بحفظ وغناء وتصوير بعض الأغنيات الوطنية والعاطفية لدولة الكويت، ووقع (عبدالوهاب) فى حيرة وسأل صديقه (حسين السيد) ما العمل يا وزير كلها أيام والجنود ستعود لمصر؟ فقال له: اتصل ببعض المسئولين الذين تعرفهم، يجوز يرشحوا لك أحدا بدلا من (حليم)، وبالفعل اتصل (عبدالوهاب) وجاءه الرد القاطع: لابد أن يغني (عبدالحليم حافظ) تحديدا هذه الأغنية، انتهي أنت من اللحن واحنا هنتصرف!
انتهى (عبدالوهاب) من اللحن، وجاءته التعليمات أن هذه الأغنية سترسل (لعبدالحليم) فى الكويت! وعليك أن تعمل ما يلزم لغنائها في الكويت، فكتب (عبدالوهاب) النوتة الموسيقية للحن، وسجل اللحن بصوته على العود، وارسل النوتة وعليها ملاحظاته لعبدالحليم وللفرقة الماسية وقائدها (أحمد فؤاد حسن) فى الكويت، فكتب (هنا تكرر اللازمة، هنا كمان منفرد، هنا الإيقاع بطئ، هنا سريع، هنا كورس) وهكذا.
ويومها قامت طائرة حربية تحمل اللحن والنوتة وملاحظات عبدالوهاب إلى (عبدالحليم وأحمد فؤاد حسن) اللذين شرعا في تنفيذ تعليمات الأستاذ بحكم دراستهما الموسيقية، وكانت المشكلة التى صادفتهم هى (الكورس) فكيف سيأتون بكورس يتكلم ويغني اللهجة المصرية بطلاقة، وبعد تفكير تم الاهتداء إلى مجموعة من المصريين العاملين فى الإذاعة الكويتية وبعض المغتربيين، فضلا عن وجود المطرب الكبير (محمد عبدالمطلب) الذي تصادف أنه كان موجودا في الكويت لتسجيل بعض أغانيه، فعندما علم بالمشكلة تطوع بأن يغني مع الكورس، وليس هذا فقط بل تولي على مدى ساعات مهمة تحفيظ (الكورس) اللحن والكلمات، وبعد انتهاء التسجيل تم تسليم أحد الضباط الشريط الذي سجلت عليه الأغنية، وأخذه وعادت به الطائرة الحربية التى انتظرت حتى تم تسجيل اللحن بنجاح.