كلام x الإعلام (21)
بقلم : علي عبد الرحمن
منظومة الإعلام الرسمي وشبه الرسمي والخاص وكله مستقل تعمل هذه المنظومه في كل بلدان العالم المتقدمة وبلدان العالم التي تمر بمراحل التحول الديمقراطي وفق سياسة استراتيجية لدولة البث وسياسة تحريرية لوسيلة البث ووفق مبادئ وأعراف تم الاتفاق عليها ضمن العقد الاجتماعي لمجموعة المواطنين في هذه الدول، احتراما لتقاليدها ومعتقداتها الدينية والاجتماعية، ويراقب ذلك وزارة أو مجلس أو جماعات الخبراء وهيئات المجتمع المدني، وقد تعمل هذه المنظومات بدون كل ذلك وفقا لمعايير الضمير المهني والوعي بالمسئولية المحتمعية للمنظومة أمام مواطنيها.
ولكننا ومع وجود وزارة الدولة للإعلامأوالمجلس الاعلي لتنظيم الإعلام وهيئات الصحافة والإعلام ونقابات الصحافة والإعلام وهيئات المتابعة والتوجيه ولفيف من خبراء الإعلام ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق المشاهدين والمستهلكين من متلقي الخدمة والهيئات الدينية وغابة التشريعات والقوانين، مع وجود كل ذلك والذي لامثيل له حتي في دول منطقتنا نصحو من حين لآخر علي كارثة قد تهدد أمن المجتمع وسلامه الاجتماعي، نتيجة الخروج على النص المجتمعي الذي يدون تقاليده وقيمه وأعرافه بسبب التصرفات الشخصيه لمقدمي المحتوي ولغياب آليات المتابعة والمحاسبة وأكواد المحتوى والسياسة التحريريه للوسائل، وكذا صورية الجزاء وضآلة العقاب،حتي فقدت التشريعات وهيئاتها هيبتها وسلطانها.
وهذه الأيام أهان أحد مقدمي البرامج أهل صعيد مصر شبابا وشيوخا وفتيات ومن قبله أهان الإعلام أيضا علي لسان مسئول كبير سيدات صعيد مصر كما سبقه إهانات جسيمه في النكات التي تلقي تحت مسمى واحد بلدياتي، وبعيدا عن إهانة أهل صعيد مصر فقد أفلت من منظومة إعلامنا إهانات كثيره لشرائح اجتماعية وطبقات مهنية وجماعات دينية، حتي أن معظم شرائح مجتمعنا تمت إهانتها إعلاميا فتارة تنال من سيدات مصر وأخرى من فتياتها وثالثة من صغارها، ومرة من عمالها ومرة تنال من رموزها، وكل ذلك يسبب شرخا مجتمعيا داخليا وألما نفسيا لملايين المصريين في الخارج.
وفي كل سقطة وإهانة يتدخل رأس الدوله بوعي لإصلاح ما أفسده الإعلام – وهذا ليس دوره – ويثار جدل مجتمعي وترفع قضايا وتصدر إدانات وأحكام وقد يبدو صاحب السلطه مضطرا باعتذار شكلي بعد خراب مالطة وجرح أهل الإهانة وألم أبنائنا في الخارج، وينعم الله علينا بالستر دون تهديد كبير لأمننا الاحتماعي وسلامة نسيجه المتآلف المتجانس، وقد تصدر إدانة وزارة أو مجلس أو نقابة تحت وطأة غضب الرأي العام وتدور معارك وملاسنات وشتائم ونعرات عصبية نتيجة تهور ورعونة وعدم وعي ومسئولية ومهنيه صاحب السقطة، وغياب السياسات والأكواد والمواثيق ومراجعة المحتوي وغيبة القائمين علي المنظومة، ولولا فضل الله ووعي القيادة لدخلنا في متاهات أهلية وعصبية لايعلم مداها إلا الله.
ورغم تكرار هذه الإهانات والسقطات، ورغم تعدد مرات الغضب الشعبي،ورغم الجراح التي تتركها هذه التصرفات بين نسيج مجتمعنا لم يتحرك ساكن من قبل رعاة المنظومة والمكلفين بتنظيمها وتقنينها وتصويب مسارها وإخضاعها لأصول وقواعد المهنة مثل سائر خلق الله تحت الشمس، ورغم وجود الجهات المسئولة والتشريعات الكافية إلا أن المصيبة هى في عدم تفعيل دور كل ذلك، ورغم وجود الأكواد رهينة الملفات في أدراج المكاتب ورغم وجود لجان متخصصة تتقاضي مبالغ كبيرة من أموال الشعب إلا أن ثقافة الثوابت المهنية والقواعد المجتمعية والسياسات التحريرية والمتابعة والتصويب مازالت غائبة عمدا.
فهل يظل مشهدنا الإعلامي منفلتا دون قواعد وأكواد وسياسات ودون جهات ومجالس وهيئات،ودون تقنين وتوبيخ ومحاسبة؟، وماذا يمنع كل ذلك؟، هل لعدم توافر من يقوم بهذه المهمة أم لعدم توافر تشريعات هذه المهم؟ أو لعدم جاهزية هذه الجهات؟، أو لعدم علمها بما يحدث أو لرضاها عما يحدث؟، أو لعدم إدراكها لخطورة نتائج مايحدث؟، أو أنها تركت مهامها طالما أن السيد الرئيس يعالج كل موقف، وهذا ليس دوره؟ .. إلى متى ننتظر أمام هذا الانفلات الإعلامي تجاه أهالينا بالداخل وأبنائنا في الخارج؟ ،ومن يحافظ على نسيجنا الاجتماعي المتعايش، وكذا من يمنع سقطات الإعلام من تهديد علاقات مصر بدول شقيقة وصديقه؟.
لدينا جهات،ولدينا تشريعات ولدينا أكواد، ولدينا سلطات وقوانين فما الذي يؤخر تحركنا وما الذي يمنع تصرفنا، ومالذي يوقف إنفلاتنا؟، إن سلامة المجتمع وأمنه وحسن تعايش فئاته وطبقاته وكرامة أبنائنا في الخارج وأهمية علاقات مصر بمن حولها يحتم علينا سرعة ضبط المشهد الاعلامي، وتفعيل أصول الممارسه الإعلاميه والحفاظ علي المسئولية المجتمعية للإعلام أمام شعبه وتنقية المشهد من شوائب الإهانات والسلطات والانفلات والتحريض، فليقم كل بدوره ولنعلي قيم التعايش والاحترام وكفانا تنمرا وإهانات وسقطات وانفلات، وليظهر للمشهد أهله وللوطن حراسه ولشعبه قيمه وثوابته وإلا فلتغق شاشات الفتنة وليختفي صناع الإهانات، ولينعم المجتمع وأهله بأمنه الاجتماعي وسلامة نسيجه وكرامة أهله، ولتحيا مصر دوما، بلد التعايش والتآلف والاحترام والتسامح، وليذهب إلى الجحيم من يعكر صفو مصر ومزاج أهلها المعتدل.. وللحديث بقية ان شاء الله.