(يا كسفتكم في حادثة عمرو )
بقلم : محمد شمروخ
السقوط الذريع كان هذه المرة من كان من نصيب الجمهور تجاه الحادث الذي وقع للمذيع المشهور عمرو أديب خلال الأسبوع الماضي، وبدون اعتذار ولا تبجيل لكلمة جمهور أو رأى عام أو حتى المجتمع، إذ أن الأعداد التى أظهرت شماتتها وتمنت الموت له كانت فوق الحصر، بل يمكن اعتبارها قطاعا كبيرا من الجمهور أو من الرأى العام أو المجتمع، لا يهم أن يكون أكثر أو أكبرأو معظم الناس، فيكفى أنهم كثيرون جدا.
ولا أكف منذ حين في مراجعة نفسي في تابوهات تمثلها كلمات (الجمهور والمجتمع والراى العام)، ففي النهاية ما هي إلا أسماء سميناها نحن وأسلافنا ما أنزل الله بها من سلطان ولكننا رحنا ننفخ فيها ونضخمها ونبجلها ثم نقدسها، فترى المذيع ينافق الجمهور، الفنان يفعل نفس الشيء، لاعب الكرة الأمر ذاتهن النقد الأديبن المفكرن كلهم يرهبون من أوثان تحت مسميات الرأى العام والجماهير والشعب والمجتمع وا وا وا.
فمن هو الجمهور؟!
من هو الراى العام؟!
وما هو المجتمع؟!
في النهاية محصلة مجموع أفراد يحملون جوامع الشخصية الإنسانية بكل ما فيها من مزايا وعيوب، وكما يفسد الفرد يفسد المجتمع وكما يضل المواطن يضل الرأى العام، وكما يتدنى المشاهد يتدنى الجمهور!.
أنا شخصيا كمشاهد لا يعجبنى أسلوب عمرو أديب ولكنى معجب جدا بنجاحه في الحفاظ عليه وفرضه حتى أنه أفلح في تكوين نموذج خاص به لم يتفوق فيه سواه، قد يكون بسبب مبالغة منه في إظهار التلقائية أو (أفورة) في تمثيل حركات وأسلوب الواد (البرم اللى مقطع البطاقة)، لكنه في النهاية صار ملمحه الأساسي والذي ينفع كثيرا لجذب الأنظار إلى شيء أو لفتها عن أشياء، فصار مؤثرا حتى فيمن لا يحبون أسلوبه وأنت ترى الآن أن نجاح النجم صار بسبب كثرة متابعة الكارهين له أكثر من المعجبين.
على أى حال بيدى وبيدك ريموت أو ماوس أو تتش، يمكنك بسهولة أن تتحول عنه، إلى ما لا يعد ولا يحصى من القنوات والبرامج الأخرى!.. حول وريح نفسك!.
وأكثر ما يغيظنى في منتقدى عمرو أديب ووائل الإبراشي وإبراهيم عيسى وأحمد موسي وغيرهم، أن كاريهيهم يتابعونهم باهتمام ويتشممون أخبارهم أكثر من معجبيهم وربما كما ألمحت آنفا، كان هؤلاء الكارهون والمنتقدون والحانقون هم الذين سيبب لمعان هؤلاء النجوم وغيرهم، ولعل صناع النجومية والنجوم الذين يقفون خلف الكواليس، يدركون هذا جيدا، بل وربما يسعون إليه لصناعة النجوم باستفزاز أدرينالين الكراهية في غدد ملايين المتابعين.
لقد أصابنى انفجار بالونات الحنق عل مواقع التواصل الاجتماعي، كرد فعل على الحادث الذي نجا منه أديب، إذ سيطرت الحماقة نفسها التى تتسم بها فيالق الحمقى -على حد تعبير المفكر والروائي الإيطالى العبقرى إمبرتو إيكو- على غالب تعليقات الجماهير في البوستات والتويتات التى زفت نبأ الحادث، لينفجر بركان السواد المفزع بشماتة رخيصة، ليس فقط بسبب أنها ضد شخص عمرو أديب، لكنى كدت أمسك بيدى مجسمات من الكراهية تنطلق من صفحات فيس بوك من فرط السواد.. “لماذا يا مدينتى.. لماذا؟!”
ما كل هذا السواد والحنق، فوالله لست مشفقا إلا على هذه القلوب، فأنى لها أن تحمل كل هذا الغل حتى لو كان هناك شخص أو أشخاص يستحقونه، فما الذي يجعلنى ألوث صدري ولسانى وأناملى بكا هذا الكره؟!
أدفاعا عن الحقن؟!.. فأى حق هذا الذي تطالب به قلوب حالكة السواد طمستها رغبة التشفى حتى درجة الشماتة مع تمني الموت له.
لقد تسرع البعض ورآه انتقاما من الله من شخص عمرو، أستغفر الله العظيم، وكأن عمرو كان بعيدا عن يد القدرة… رحمتك وغفرانك يارب
ها وقد نجا أديب من الحادث، فهل …………؟! والله لا أستطيع كتابتها، فلماذا رأيتم إرادة الله في البلاء ولم تروها في النجاة.. وهل نجا عمرو بإرادة أخرى؟!
ياستار يارب منهم .. لكنهم للأسف أعداد كثيرة حتى أن الأصوات العاقلة التى تنهي عن الشماتة باتت كالشعرة البيضاء في الثور البهيم.
مصيبة سودة أن نصل إلى كل هذا السواد ثم نشكو من أى شيء آخر، فأسوأ ما فينا هي القسوة التى لانشعر بها والسواد الذي لا نراهإلا في غيرنا!.
ها ولم يقدر الله موت أديب، فماذا لو قدره؟، هل ستنعم بالحياة أم تراك ستغتصب من الموت منجله الحديدى لتحصد بيديك تسعة أعشار البشر حتى يعيش العشر الباقي في سلام؟!
أهو ربنا كسفكم.. ولو حتى حين.. فمن منا لم تحدث له مصائب ومن منا لن يموت!
أرجوك أن تتحسس صدرك كل يوم ولتفرك عن قلبك عوالق القسوة ثم اغسل سواده وجرب أن ترى الدنيا بعد ذلك ولا يغرنك حماقة الفسابكة، فهؤلاء ما هم إلا ..
والنبي ما أنا مسود قلبى بسببهم وربنا يهدى الكل!.