بقلم : محمد حبوشة
حققت مصر العديد من الإنجازات فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تم تنفيذ مئات من المشروعات القومية ضمن عملية إصلاح اقتصادى، والتى وضعت مصر على بداية الطريق الصحيح، فى ظل ظروف شديدة الصعوبة ومتغيرات محلية وإقليمية وعالمية غير مسبوقة، حققت خلالها مصر إنجازات هائلة فى كافة المجالات خلال السنوات الست الماضية، وخلال السنتين الأخيرتين، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي حملاته المهمة في صالح مواطني مصر، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر مبادرة (حياه كريمة)، فضلا عن جهود حثيثة لصندوق (تحيا مصر)، وكذلك مساهمات (بيت الزكاه والصدقات المصري)، ناهيك عن (الحمله القومية لعلاج الأمراض المزمنة)، والمبادره الرئاسية (١٠٠مليون صحة)، وغيرها من جهود كبيره أخري للرعاية والوقاية من أمراض الصغار والكبار في ريف مصر وحضرها.
وفي ظل قصور إعلامنا الميمون وتراجعه عن القيام بدوره المنوط به في رصد تلك الإنجازات وتقديمها في صورة معلومات موثقة توضح حجم الإنجاز وروعة البناء والتنمية للجمهور المصري، خاصة لقطاع كبير من الشباب الذي أصبح يتأثر كثيرون منهم ببعض وسائل الإعلام الإخوانية والغربية التي تشكك في تلك الإنجازات، فإن كبرى المؤسسات العالمية أشادت بهذه الإنجازات التى حققتها مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، فقد أكدت (مجموعة أكسفورد) مؤخرا أن تلك الإنجازات هى التى عززت صمود مصر أمام جائحة كورونا وتقلبات الاقتصاد العالمى التى صاحبتها.
وأشادت المؤسسة البريطانية بما تحققه مصر من إنجاز سريع على صعيد تحسين مستوى البنية التحتية من خلال المشروعات القومية العملاقة، واعتبر تقرير(أكسفورد) أن نموذج تطوير البنية التحتية فى مصر لا سيما مشروعات الطرق المحورية والربط الكهربى يجب أن يتكرر فى كل بلدان القارة إذا كانت تنشد مبادلات تجارة انشط على مستوى القارة، ولفت التقرير فى هذا الصدد إلى أهمية تطوير مشروعات الطرق والمعابر الحدودية بين بلدان أفريقيا المتجاورة، كما أشار التقرير إلى أن مشروع الطريق السريع (القاهرة – كيب تاون) هو فكرة طموحه اكتسبت زخمها مع تولى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، حيث أعاد الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى الحياة لهذا المشروع الذى سيكون محور الربط بين شمال أفريقيا وجنوبها وبين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط على أصعدة التجارة والاستثمار والتصنيع على مستوى القارة الغنية بمواردها وبما يحقق نقلة نوعية لبلدان القارة وشعوبها المتطلعة إلى غد أفضل.
وفي الوقت الذي تحقق مصر تقدما ملحوظا على كافة الأصعدة، فقدت عجزت كل وسائل إعلامنا المطبوع والمسموع والمرئي عن التعبير بواقعية عن جوهر تلك المشروعات القومية والتنموية الكبرى فى منطقة شرق قناة السويس، ومشروعات أنفاق قناة السويس، ومشروع جبل الجلالة، والعاصمة الإدارية الجديدة، التى ترسم واقعا جديدا للحياة المصرية، وإضافة مئات الآلاف من الأفدنة للرقعة الزراعية، ومشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروعات الإسكان الاجتماعى فى الأسمرات ومشروع تل العقارب وعزبة الهجانة التى يعاد بنائها بعد هدمها بالكامل، ومثلث ماسبيرو، ومشروع أكبر مصائد سمكية فى الشرق الأوسط فى بركة غليون، ومبادرة المشروعات الصغيرة التى تكلفت 200 مليار جنيه على مدى أربع سنوات بفائدة متناقصة، ومشروع متحف الحضارة الكبير، وتطوير وتحديث ميدان التحرير.
نعم لم يعبر الإعلام المصري عن واقع حال التنمية الكبيرة التي حدثت فيما يشبه المعجزة في عهد السيسي، يكتفي البعض منها بلقطة من هنا وأخرى من هناك أو يبث مايرسل إليه من مراكز إعلام الوزارات، وكأنه جهة بث وليس جهة إنتاج معنية بالتوعية والتثقيف، رغم ماتنفقه الدوله من مليارات الجنيهات علي الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، وهكذا ظلت القنوات والصحف والمحطات الإذاعية في حالة ثبات عميق ولم ترقى إلى مستوى طموح الرئيس الذي يكتب كل يوم سطرا جديدا في تاريخ حياة مصر والمصريين، ففي عهده تم الانتهاء من نحو 14762 مشروعاً حتى 30/6/2020، بتكلفة تقديرية بلغت نحو 2207.3 مليار جنيه مصرى، كما يتم تنفيذ نحو 4164 مشروعاً بتكلفة تقديرية تبلغ 2569.8 مليار جنيه مصرى، وهذه المشروعات تستهدف فى المقام الأول تحسين مستوى معيشة المواطن المصرى.
ربما شكّلت أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، اختبارا لوسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، والتي كانت تسعى من خلالها إلى كسب ثقة الجمهور والمحافظة عليها وسط الاهتمام العالمي بالأخبار المتعلقة بالجائحة، وكان للتليفزيون والفضائيات المصرية نصيب الأسد لدى المواطنين في تلقي المعلومات، فكان الإعلام المصري هو الوسيلة الأهم للحصول على المعلومة الموثقة والموثوقة، والمسندة إلى مصادرها الأصلية، وحظي الإعلام المصري بإشادات عديدة من الكثير من المسؤولين في الدولة والقيادة السياسية وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهكذا فهم الإعلام أنه يلعب دورا مفصليا في أزمة كورونا، ويتلقف القضايا التي تهم المجتمعات ويحرص على حسن الأداء فيها ومعالجتها وفقا للمعايير المهنية إنصافا للحقيقة لذلك نجده دائما المتصدر في التصدي لمختلف الأزمات التي تواجهها المجتمعات.
وكما لعب الإعلام المصري دورا مهما في أزمة فيروس كورونا المستجد، وقام بتسجيل الموقف سواء داخل مصر أو في العالم كله، لحظة بلحظة، كان ينبغي أن يسعى بذات الهمة لتشكيل وعي حقيقي لدى المصريين ، لكن للأسف يفتقر غالبية الإعلاميين إلى المهنية، وحتى عندما يجتهدون خارج التعليمات يرتكبون عادة أخطاء فادحة، فقد قامت مذيعة موتورة بإهانة المصريات اللاتي يعانين من السمنة، وقالت إنهن عبء على أسرهن والدولة، وبعد كل جريمة إعلامية من هذا النوع تقدم شكاوى يتم التحقيق فيها بواسطة المجلس الأعلى للإعلام الذي أصبح غطاء غير واق من شطط البعض من المذيعين والمذيعات بوصفه أكبر جهاز يدير الإعلام في مصر.
ويأتي ذلك في وقت احتضرت الصحافة الورقية في مصر ثم ماتت وتراكمت الديون بمليارات الجنيهات على المؤسسات الصحفية، وعبثا حاولت الدولة أن تنقذ الصحافة الورقية، فتم عقد لقاءات واجتماعات قيلت فيها أسباب كثيرة للأزمة الا السبب الحقيقي الذي يتعلق بغياب المهنية، ومن ثم ماتت الصحف الورقية، فما الذي يجعل المواطن المصري يشترى جريدة لن يجد فيها إلا غثاء السيل، ناهيك عن تراجع نسب مشاهدة برامج التلفزيون التي تقل شيئا فشيئا حتى وصلت إلى أقل معدلاتها، إن فيديو واحد يحمل واقعة مفبركة أو رأيا إخوانيا على جناح التلفيق أصبح يحقق نسب مشاهدات على فيسبوك أكثر من توزيع الصحف المصرية كلها مجتمعة، بل وأحيانا أكثر من مشاهدي برامج أنفقت عليها ملايين لإنتاجها.
قبل ثلاث سنوات من الآن دشنت إحدى الشركات الإعلامية الوطنية حملة تواجه من خلالها جماعات الفشل فى الفضائيات وأكاذيب عواجيز الفرح الإعلامى فى مصر، ووقتها كتب أحدهم: بعد أن أغرقوا المحطات بالديون وأفسدوا سوق الإعلانات، جاءت هذه الشركة بإدارة رشيدة وبرامج جماهيرية رائدة ورسالة وطنية جادة، وظل بعض الإعلاميين يهللون لمستقبل الإعلام المصرى تحت تلك الإدارة الرشيدة عبر برامج جماهيرية رائدة، و محتوى ترفيهى متنوع، ورسالة وطنية جادة، وأجور عادلة لجميع التخصصات وليس للمذيعين وحدهم على حساب فرق العمل الأخرى، أيضا تم التنويه وقتها إلى إحداث نوع من التوازن فى سوق الإعلان وضمان نجاح الفضائيات ماليا لمصلحة العاملين بها وليس لمصلحة رجال الأعمال وحدهم.
وبدلا من طرد جماعات الفشل فى الفضائيات الذين أغرقوا المحطات فى الديون وحرموا العاملين من المرتبات لأشهر طويلة ثم أفزعتهم خطط الإصلاح المالى والإدارى والفنى لتلك الشركة التي يفترض أنها تؤسس لمرحلة جديدة لإصلاح وتطوير السوق الإعلامى وتحقيق أرباح (شرعية) للفضائيات تنعكس على المهنة ولا تصب سرا فى الحسابات الخاصة لملاك الفضائيات فى الخارج ولا تنشغل بأكاذيب عواجيز الإعلام الذين ضاعت عليـهم (كعكة المكاسب الحرام) بعد ضبط السوق)، إلا أنها سرعان ما أعادت تدوير نفس جماعات الفشل فى الفضائيات ذاتها مرة ثانية ربما بأرقام أكثر من التي كانت تتقضاها بزعم إعادة هيكلة الإعلام الوطني من جديد.
وللأسف فإن هؤلاء الفاشلون من أصحاب الوجوه الكريهة التي أصبح يلفظها المواطن بارعون فى النميمة فقط، ومعروف أن أنصاف الموهوبين هم الأكثر ثرثرة فى سوق الإعلام، وفى العادة تخرج هذه الشائعات مباشرة ربما من جانب رجال أعمال من ملاك بعض المؤسسات الإعلامية فى السابق الذين لفظهم السوق، وكشفت ألاعيبهم المنظومة المؤسسية الجديدة، أو قد تخرج من منتج فاشل أو مخرج نصف موهوب، ممن كانوا يدمنون فى السابق لعبة المكاسب السريعة بالخديعة والتدليس على المعلنين، ثم جاءت موجة التنظيم المؤسسى فى القطاع الخاص لتطيح بأرباحهم الحرام، وتلفظهم خارج سوق الإعلام الخاص بالكامل.
والسؤال الجدير بالإجابة الآن : من الذي يقف وراء موجات الشائعات وعمليات الإرباك الموجهة لسوق الميديا؟، خاصة بعد أن تصدر المشهد أكبر مجموعة إعلامية مؤسسية تستهدف إعادة هيكلة شاملة لهذا السوق الذى عمته الفوضى، وسادته أموال الكواليس، والحسابات السرية، ولم تنتفع به مصر، اقتصاديا أو إعلاميا، بل انتفع به (شلة من أهل البيزنس)، هؤلاء الذين اعتادوا على تحويل حقائب الأموال سرا، وتركوا الإعلام المصرى بلا تطوير، وبلا رسالة، وبلا هدف، وكانوا مستعدين طوال الوقت أن يفرطوا فى القيم المهنية، وفى كل أسس الاستقرار الوطنى لكل من يدفع أكثر، أى شخص، أو جهة، أو أى دولة، إلى حد أنه كانت تستطيع أن توجه رسالتها للداخل المصرى متى شاءت، ولمصالحها الخاصة، بينما كانت مصالح مصر والمصريين تحت أقدام قادة تلك الفضائيات الخاصة فى البلاد.
ظني أن عدم الإلمام بالمهنية واحترافية العمل الإعلامي من جانب من يديرون تلك الشركة أو المنظومة المؤسسية، وفي ظل تراجع دور وزارة الإعلام والمجلس الأعلى للإعلام، هما السبب الرئيس والجوهري في فشل منظومة الإعلام في الحفاظ على الدولة المصرية وهويتها وثقافتها، بفضل أصحاب المصالح الضيقة من الداخل وفشلهم في التصدي لكل من يتآمر على مصر وسائل إعلام إخوانية بالتوطؤ مع بعض القنوات والصحف والوكلات الغربية التي تكيد لمصر، ولم يكن المشهد فى حاجة إلى ذكاء خاص لاكتشاف تفاصيله، فالنتيجة الحتمية أن بعض الفضائيات الإخوانية تسعى من خلال الفبركة والتلفيق وتمارس مهام إعلامية منظورة، وغير منظورة، و لم يكن أمام إعلامنا الوطني سوى أن يواجه الحقيقة بمعلومات صحيحة وبحسم وشجاعة وبقرارات جراحية تستأصل أصل الداء فى السوق الإعلامى فى البلاد؟
هذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة صارت تحترف اليوم ترويج الشائعات والطعن فى عمليات الهيكلة والتطوير داخل إطار منظومة الإعلام المصري، وهى نفسها التى أفزعتها خطط الإصلاح المالى والإدارى والفنى التى بدأها قطاع مهم من داخل الدولة بعد أن دخل فى شراكات متعددة فى الفضائيات، أو استحوذ بالكامل على بعض القنوات الأخرى، وبعد أن كانت القيادة المالية والإدارية والمهنية للشركة الجديدة تعرف تفاصيل ما جرى، وحقيقة ما يجرى فى هذا السوق، فبدأت خطة الهيكلة على هدى من المعلومات، وبوعى كامل باستراتيجية تحويل السوق الإعلامى إلى سوق يحقق أرباحا اقتصادية، أصبحت لاتعرف حقيقة سوق يسيطر عليه السماسرة، وتسوده أجواء عدم العدالة، وجاهز دائما لخدمة من يدفع أكثر، لقد صارت الآن في وضع مرتبك لأن قيادتها تفتقد لأبسط قواعد وأسس المهنية.
الغاية في النهاية هى مصرياسادة، والأهداف المنشودة من إصلاح حال الإعلام المصري هى رقى السوق الإعلامى وتأسيسه على قواعد احترافية ومهنية واقتصادية تسمو به فوق المصالح قصيرة النظر وكعكة المكاسب الحرام على حساب مصر والمصريين، ومن ثم فأن مستقبل الإعلام المصرى يحتاج لإدارة رشيدة، وبرامج جماهيرية رائدة وحقيقية تعكس الواقع بتفاصيلة عن طريق محتوى ترفيهى متنوع، ورسالة وطنية أكثر جدية ووعي وإدراك لحقيقة مايقوم به الرئيس في إنجازات تصب في خانة المواطن والوطن، وثم سيحدث توازن فى سوق الإعلان، الذي يضمن بالطبع نجاح منظومة الإعلام المصري ماليا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا، لمصلحة البلد أولا ثم لمصحلة العاملين به والذين هم بالضرورة جزء من النسيج الوطني لمصر.