بقلم : عمر علي
في نهاية الصيف الماضي أعلن عن قبول فيلم (حظر تجول) للمخرج أمير رمسيس في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ليكون بذلك الفيلم المصري الوحيد في المسابقة الرسمية وذلك بعد سنوات عديدة من عدم تمثيل السينما المصرية في المهرجان.
ومثلما أعاد (حظر تجول) الفيلم المصري للمسابقة الرسمية بالمهرجان فإن هناك اثنين من صناعه الأساسيين يعودان بعد غياب طويل عن الشاشة الفضية أولهم مؤلف ومخرج الفيلم أمير رمسيس الذي يعود بعد غياب خمس سنوات كاملة منذ آخر أفلامه (بتوقيت القاهرة)عام 2015، وبطلة الفيلم النجمة إلهام شاهين، التي تعود بعد أربع سنوات إلى السينما منذ آخر أفلامها (يوم للستات) عام 2016.
وقصة الفيلم نفسها تحكي عن عودة (فاتن) إلى حياتها الطبيعية بعد أن قضت عشرون عاماً في السجن بعد أن قتلت زوجها، وعندما تخرج من السجن تجد ابنتها (ليلى) في انتظارها مع زوجها (حسن)، ومنذ لقائهم الأول تجد فاتن مقابلة فاترة وغير مرحبة من بنتها ليلى ، تعود فاتن معها إلى بيت زوجها، وتفاجئ بليلى تطلب منها أن تغادر في أقرب وقت ممكن لأنها لا تتحمل وجودها معها في منزل واحد.
وتستكمل أحداث الفيلم في ليلة واحدة وهى التي ستقضيها فاتن في بيت ابنتها قبل أن تنصرف صباح اليوم التالي وتعود إلى بيت أسرتها في طنطا، وخلال تلك الليلة تحدث مواقف بين فاتن وابنتها تجعل ليلى تغير موقفها من أمها وترى فيها جانب إنساني رائع وتجعلها تتقبل فكرة أن فاتن ليست مجرمة ولا قاتلة مثلما كانت تظن.
بداية يجب أن أقول أن (حظر تجول) هو أفضل فيلم من أفلام أمير رمسيس الروائية الطويلة، إذ قدم قبله أربعة أفلام كانت تشوبها الكثير من المشاكل سواء في الحكي أو الإيقاع أو اختيار ممثلين غير مناسبين لأدوارهم، ولكننا في (حظر تجول) أمام فيلم جيد إلى حد كبير نجح في شد انتباه المشاهد منذ الدقائق الأولى وزرع العديد من الأسئلة التي تمكن المشاهد من المتابعة أولهم ما هو سبب سجن فاتن؟، وما هو سبب فتور علاقتها بابنتها؟، ومع مرور الأحداث تمت الإجابة على هذه الأسئلة باستخدام تقنية الفلاش باك، وكان على السيناريو توصيل كل تلك الأحاسيس وذكر تاريخ الشخصيات باستخدام الحوار الآخاذ الواقعي للغاية والذي يجب أن يحدث كل التغييرات في الشخصيات في ليلة واحدة سيقضونها معاً.
على مستوى الإخراج فإن أمير رمسيس كان أمام تحدي نجح فيه بجدارة، فهو يقدم فيلم يدور في عدد محدود من الأماكن وعدد من الشخصيات، وكان ممكن نتيجة ذلك أن يقع الفيلم في فخ الملل والرتابة إلا أن إيقاع الفيلم كان مثالياً بالنسبة إلى نوعه وموضوعه.
على مستوى التمثيل فيمكن اعتبار ما قدمته إلهام شاهين هو الأداء الأفضل لها على شاشة السينما منذ سنوات طويلة، فعلى حسب ما أذكر أن آخر فيلم قدمت فيه إلهام شاهين أداءاً جيداً كان (واحد صفر) عام 2008، وما بين هذا الفيلم وبين (حظر تجول) قدمت حوالي أربعة أفلام لم تكن فيهم بكامل لياقتها الفنية، ولكنها استعادت لياقتها الفنية الكاملة في هذا الفيلم وقدمت أداء لا يمكن نسيانه بأي حال من الأحوال، أداء جعلها تتوج بجائزة أفضل ممثلة في ختام المهرجان.
أيضاً أمينة خليل قدمت واحداً من أفضل أدوارها السينمائية في هذا الفيلم ونجحت في عكس جميع التناقضات التي تشعر بها شخصية ليلى ما بين حبها الشديد لأمها وافتقادها لها وفي نفس الوقت كرهها لها لأنها تسبب في مقتل والدها، إلى إاتصر حبها لأمها في مشهد الختام وهي تحتضنها وتودعها وتطلب منها أن تكرر الزيارة من حين لآخر بعد أن كانت ترفض أن تبقى معهم في البداية.
بالنسبة للممثل الكبير كامل الباشا في مشاركته الأولى في السينما المصرية أدى دور الجار العاشق لفاتن على أكمل وجه ولكن كان هناك مشكلة رهبية لديه في إتقان اللهجة المصرية.