الأغنية التى لحنها (زكريا أحمد) لـ (شهر زاد) فى مدخل العمارة!
كتب : أحمد السماحي
كان الملحن الكبير (زكريا أحمد) الذي نحيي هذه الأيام الذكرى الـ 60 لرحيله من المحبين لصوت مطربتنا الكبيرة (شهر زاد) ويعتبر صوتها من الأصوات المسرحية الهامة فى تاريخ الغناء، لهذا لحن لها العديد من الأغنيات سواء فى الأعمال المسرحية أو السينمائية أو الإذاعية، من هذه الأعمال (نلت المنى بعد هواني) التى غنتها عام 1941 فى فيلم (إمرأة خطرة)، و(آدى الحق وآدي الجهد عهد الظلم خلاص اتهد، وآه يا بلح على الشجر أو السوق، وحلوة يا بلدي) والأغنيات الثلاثة غنتهم فى فيلم (مسمار جحا)، كما قدم لها أكثر من أغنية إذاعية منها (يا أغلى حبايبنا أو واخد هواك على فين) عام 1958.
لكن هناك أغنية تغنت بها المطربة (شهر زاد) من ألحان شيخ الملحنيين، ولها حدوتة لطيفة تستحق أن نتوقف عندها ونسمعها من مطربتنا الكبيرة (شهر زاد) كما حكتها لي فى أحد حواراتنا التى أجريتها معها ونشر بعضها في جريدة الحياة اللندنية، ومجلة (الأهرام العربي)، فتعالوا نسمع حدوتة الأغنية من مطربتنا الحبيبة (شهر زاد):
فى البداية تقول صاحبة الحنجرة الماسية: كنت قد اتفقت مع الشيخ (زكريا أحمد) على لقاءات كثيرة ليقوم بتحفيظي بعض الألحان غير أننا أنا وزوجي كنا ننعم فى هذه اللقاءات بحديث الشيخ دون أن أنعم بحفظ اللحن.
وفي عام 1956 التقينا في معهد الموسيقى العربية فنظرت له معاتبه دون أن أتفوه بأي كلام!، فابتسم ابتسامه لطيفة وأخذني في حضنه، وطلب مني أن نتوجه فورا إلى منزلي، ليحفظني أغنية جميلة جدا كتبها الشاعر (مرسي جميل عزيز) وهى أغنية عبارة عن ديالوج غنائي بيني وبين الكورس بعنوان (كنت في حالي) بمعنى أنا أقول (كنت في حالي) والكورس يرد ( وبعدين) وهكذا.
وفعلا توجهنا إلى منزلي وإذا بنا أمام مفاجأة! لقد انقطع التيار الكهربائي عن البيت، وتوقف المصعد، وأنا أسكن فى دور مرتفع، وفى هذه الفترة وأثناء العدوان الثلاثي على مصر كان النور ينقطع كثيرا، فنظرت وأنا غاضبة من (النحس) الذى يمنع لقائي مجددا بالملحن العظيم (زكريا أحمد) فنظر الي وقال مبتسما: ولا يهمك، هحفظك اللحن الآن، لأنني لوتركتك ومشيت معرفش إمتى نتقابل تاني؟، ولا هشوفك إمتى؟! واللحن بيطن في وداني!.
فقال نصبر شوية أكيد التيار خمس دقائق وهيرجع! ولكن التيار عاند ومرت الدقائق الخمس ولم يأتي النور، فاضطررنا إلى الوقوف في مدخل العمارة حتى يعود التيار الكهربائي، ويومها طلب الشيخ (زكريا) من البواب شمعة ومقعدين، مقعد لي، ومقعد له، وجلس على ضوء الشمعة يدندن على العود، ويطلب منى أن أردد وراءه اللحن، وبعد نصف ساعة كان جميع سكان العمارة يلتفون حولنا ويسمعون اللحن الجديد والشيخ (زكريا) سعيد بهم وطلب منهم أن يكونوا (كورس) لي وحفظهم ما يقولونه.
ومن شدة فرحتى بجمال اللحن (تجليت فى الغناء) وإذا ببعض سكان العمارات المجاورة يقفون على باب العمارة وأنا أغنى وأقول: (كنت في حالي)، وسكان العمارة يردون (وبعدين)، أقول: (رمشه ندالي) فيردون مرة أخرى: (وبعدين)، أرد عليهم (ياما جرالي) فيغنون : (وبعدين)، وبعد ساعتين كان الشيخ (زكريا أحمد) قد انتهى من تلحين الأغنية، وأثناء ذلك جاء النور، فرفض أن يغادر مدخل العمارة، وقال لي ضاحكا : هو أنا هلاقي كورس أحلى من كده!
وبعد أن حفظت اللحن، وجدت معظم سكان العمارة والعمارات المجاورة يغادرون أما كنهم وهم يغنون:
كنت في حالي …. وبعدين، رمشه ندالي …. وبعدين
ياما جرالي …. وبعدين، يما يما يما، يما جرالي
أنا شفته روحت في حالى، دى حقيقة ولا خيالي
وعينيه الحلوة قالولي خليك مشغول البال
وسلام فكلام حبيت ما دريت، وحكاية تمام زي الحواديت
كنت في حالي .. وبعدين، رمشه ندالي وبعدين
يما يما جرالي يما يما جرالي
سلم، سلمت عليه، وعنيه قبل عينيه
بتقوله يا فرحه عمري يا ترى مكتوبلنا ايه
وسلام فكلام حبيت ما دريت، وحكاية تمام زي الحواديت.