كلام x الإعلام (19)
بقلم : علي عبد الرحمن
ظل الإعلام المصري لسنوات طويلة رائدا في كل مجالاته، انتاجا، وبثا، وتوزيعا، وتأثيرا، وتدريبا، وهو الذي قدم فنون الإعلام للمنطقة بأسرها، وهو الذي أنشأ لدول المنطقه محطاتها التليفزيونيه والإذاعيه، وهو الذي أعد كوادر المنطقة، وهو الذي أنتج ثم سوق ووزع حتي إمتلأت شاشات المنطقة بالمنتجات الإعلاميه المصرية وانتشرت لهجة أهل مصر بين شعوب المنطقه، وأصبح آنذاك نفوذ القوة الناعمة المصريه فاعلا.
ولكن مع تراجع كل أدوات الريادة تراجعت مساحة القوة الناعمة وتداخلت على الألسنة لهجات أخرى، ومنذ سنوات التراجع الإعلامي غطت الشاشات دراما غير مصرية ووثائقيات ليست مصرية الهوية وتقدمت صناعة الأخبار في دول كثيرة حولنا، أما الطامة الكبري فهي تفوق دول كثيرة شقيقة في صناعة برامج المنوعات والمسابقات الجاذبه للإعلان ومن ثم المواطن.
فبعد أن سبقت مصر دول المنطقه قاطبة في صناعة برامج المنوعات والفوازير تراجع إعلامنا اليوم في هذا المضمار لتتصدر مشهد إنتاج المنوعات الضخم المبهر عواصم ومحطات، مثل بيروت وقنواتها، ودبي وإعلامها، وشبكة mbc، وقد قدمت هذه الجهات أشهر برامج المواهب والمسابقات والمنوعات في مجالات عديدة، مثل (ستار أكاديمي وسوبر ستار، وأستديو المشاهير، وديو المشاهير، وإكس فاكتور، وآرب أيدول، وذا فويس، وذا فويس كيدز، وآرب جود تالانت، وماسكيد سنجر) وغيرها من برامج المواهب في الشعر وفنون التلاوة، حتي برامج المفاجآت والكاميرا الخفية، كل ذلك بعيدا عن مصدر الريادة عن هوليود الشرق القاهرة.
والأغرب من ذلك أن نماذج كثيره من هذا الإنتاج الضخم المتنوع تبثه قنوات مصريه ويمتلئ به بث النايل سات، ورغم حرفية صناعة هذه البرامج ومهنية تنفيذها وجاذبية محتواها لم يقدم أهل الإعلام في مصر محاولة لوضع موطأ قدم في عالم صناعة المنوعات، ونحن منبع هذه النوعية ومصدر الفوازير وبلد المواهب، ويبدو أن القائمين علي صناعة الإعلام في مصر اكتفوا بشراء حقوق البث لهذا الإنتاج المتنوع الضخم ومشاهدته فأين ماينفق علي منظومة إعلامنا، وهو باهظ جدا يصل الي مايقرب من عشرة مليارات ونصف،سنويا على شق الإعلام الرسمي، ومايقرب من ثمانية مليارات ونصف،علي شقه شبه الرسمي.
ولا أظن أن بلدا آخر في العالم تنفق مايقرب من عشرين مليار من الجنيهات سنويا وهي بعيده عن كل صنوف الإنتاج المهني المتقن بعيدا عن صناعة برامج الأطفال وصناعة المنوعات والدراما والوثائقيات والأخبار وغيرها من الإنتاج الديني والثقافي والإجتماعي.
هل يعلم أهل الإعلام أين تذهب هذه المليارات، ولماذا لم تعد بساط الريادة لمصر، ولماذا لم تقدم جديدا في مجال عودة نفوذ القوه الناعمه لمصر؟!، يا أيها المجلس الأعلي لللإعلام ويأيها القائمون علي إعلامنا راجعوا إنفاقنا، وراجعوا محتوانا، و من فوق ذلك كله راجعوا تراجعنا وقولوا قولة الحق في تصحيح مسار إعلامنا، تخطيطا، وإنتاجا، وبثا، وتوزيعا من أجل هوليود الشرق (أم الدنيا) ريادة، ولهحة، ونفوذا، وقوة، وحقا أرسته، وواجب مستحق العوده.. لكي الله يامصر..ولحديثنا بقايا كثيره قادمة.