بقلم :عمر علي
منذ ثلاث سنوات تقريباً وأثناء متابعتي لفعاليات الدورة الأربعون من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي .. كنت أبحث عن فيلم أختم به يوماً مزدحماً كان مليئاً بالعروض والندوات ، أخذت نظرة سريعة في كتالوج المهرجان وعثرت على فيلماً أمريكياً بعنوان (الحياة نفسها) سيعرض في التاسعة ونصف مساءاً على هامش عروض المسابقة الرسمية ، جذبتني فكرته عندما قرأتها وأحببت أن أشاهده. لكني لم أكن أعرف أن في انتظاري واحداً من أجمل وأهم الأفلام التي شاهدتها في حياتي.
رغم بساطة الفكرة إلا أن السيناريست والمخرح (دان فوجلمان) تمكن من تقديمها بأسلوب سرد متفرد لم يطرح كثيراً في السينما وهو أسلوب السرد الأدبي ، إذ قام بتقسيم أحداث الفيلم إلى فصول مثل الرواية ، لكل فصل عنوان منفصل وكل فصل يحكي حول شخصية ما من شخصيات الفيلم وفي النهاية نكتشف أن جميع شخصيات الفيلم مرتبطة ببعضها بشكل كبير.
تتمحور أحداث الفيلم حول حادث سير يحدث لزوجين حديثي الزواج تتوفى فيه الزوجة وهى حامل في شهرها التاسع ولكن عجائب القدر تعجل جنينها يظل على قيد الحياة ، وبعد الحادث يدخل الزوج في حالة اكتئاب شديدة تجعله يقدم على الانتحار بعد 6 أشهر من وفاة زوجته ، لتنتقل حضانة ابنته (ديلان) إلى جدها وتتبع باقي أحداث الفيلم مسيرة الابنة ونموها مع جدها ولقاءها بزوجها بعد ذلك.
وفي أحد الفصول يتم سرد قصة هذا الزوج نفسه وتتبع قصة نموه منذ طفولته وعلاقته بأبيه وأمه ، وهذا الطفل نفسه كان جزءاً من حادثة الحافلة التي صدمت الأم وهو لم يكن بالطبع يعلم أن الحافلة التي كان يركبها صدمت الأم التي كانت حامل في زوجته المستقبلية.
المعنى المقصود من كل هذا التداخل في الحكايات هو ما حمله اسم الفيلم فـ (الحياة نفسها) هى ما تجعل الإنسان يخوض تجارب لم تكن تخطر على باله ويقابل بعض البشر بصورة عابرة ثم يقابلهم مرة أخرى في وقت لاحق بصورة تجعلهم يغيرون حياته للأفضل ويصبحون جزءاً أساسياً منها ، الحياة نفسها هة أكبر مغامرة يمكن للمرء أن يعيشها.
أجاد المخرج (دان فوجلمان) اختيار ممثليه بداية من (أوسكار إيزاك) في دور (ويل) بطل القصة الذي نجح في التعبير عن كل انفعالات الشخصية وكل تحاولاتها في عدد قليل من المشاهد وأيضاً (أوليفيا وايلد) في دور (آبي ديمسي) التي جسدت دور زوجته الذي كان وفاتها هو مفتاح الدخول للقصة وعبر شخصيتها التي كان تعمل باحثة في الأدب، حيث طرح (فولجمان) فلسفة الفيلم وفكرته.
وأيضاً الممثل القدير (أنطونيو بانديراس) الذي اختاره المخرج لتجسيد الفصل الثالث في الفيلم والأطول في زمن الأحداث ، والشخصية التي قامت بتغيير مسار أحداث القصة ، حيث جسد (بانديراس) شخصية صاحب المزرعة الأسباني الذي يعمل عنده والد الطفل الذي كان في الحادث ، والذي يساعد الطفل على خروجه من حالة الصدمة التي أصابته بعد رؤيته للحادث.
الكاتب والمخرج (دان فوجلمان) له أيضاً مسلسلاً مميزاً بعنوان (هذا ما نحن عليه) بدأ تقديمه عام 2016 على قنوات NBC وحقق نجاحاً كبيراً على مستوى العالم وفي وفي مطلع العام الحالي 2021 تم عرض موسمه الخامس مواصلاً نفس النجاح وأثناء تقديمه لفيلم (الحياة نفسها) كان يقدم بالتوازي معه الموسم الثالث من المسلسل ، والمسلسل أيضاً على نفس تكنيك السرد الذي يعتمد عليه الفيلم.