رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

نادية الجندي .. نجمة الجماهير التي تربعت على عرش السينما

قعدت أول 10 سنين أعمل أدوارا تافهة

بقلم : محمد حبوشة

قد تكون النجومية نتيجة صدفة أو حظ أو مفاجأة، وهذا نادر ما يحدث على أرض الواقع العملي، ولكن معظم حالات النجومية تأتي نتيجة لخطة وفرصة يصنعها الإنسان صنعا بنفسه على جناح الاجتهاد، ولا يكفي أبدا التعب للوصول للنجومية، بل يجب أن تتعب في الوقت نفسه للمحافظة عليها عن طريق (القيم، التخطيط، العلاقات، المهارات والإنجاز)، وحتما فإن كل تلك المقومات لابد أن تصنع لك الشهرة، أي أن تكون معروفا والأضوء مسلطه عليك ومتداول بين الكثير أو الجميع، ومعروف لدرجة أن من يراك يعرف من تكون، والنجومية ليس لها كتالوج، ومن ثم فالحفاظ عليها له شروط ومعايير والتزامات دقيقة لا يمكن التهاون فيها.

وتثبت الظروف والأيام أن النجومية رزق يحتاج مجهودا شاقا للحفاظ عليه، فالساحة مليئة بالمواهب، والكل يتصارع على قلب الجمهور، والنجم الذكى هو من يدرك أن القلوب تتقلب، والجمهور سريع الملل يحب التجديد، وإذا لم يجد التجديد عنده، سيبحث عنه عند آخرين، والفنان الذكى يعلم أيضا أن النجومية تكليف لا تشريف، وأنه يحتاج دائما إلى الفوز باحترام جمهور و ليس فقط حبهم، وأن الجمهور الذى وضعه على القمة، يمكن أن ينصرف عنه، ويزيحه عنها فى لحظة، بسبب موقف أو كلمة، أو حتى صورة.

وضيفتنا في (بروفايل) لهذا الأسبوع النجمة الكبيرة (نادية الجندي) التي تربعت على عرش نجومية السينما لأكثر من ربع قرن، هى من نوعية أولئك الذي يدركون جيدا أن النجومية تكليف لا تشريف، لذا فإنها تحرص دوما على  الفوز باحترام الجمهور إنطلاقا من أن الجمهور الذى وضعها على القمة، يمكن أن ينصرف عنها، ومن هنا فإنها ظلت النجمة الحقيقية التى حرصت طوال حياتها على علاقتها بجمهورها، وهذا هو سر نجوميتها الدائمة، فهي فنانة قديرة تسعى فى فنها إلى الانحياز لقضايا وهموم الوطن والمواطن، لا تغضب أحدا، حريصة منذ صغرها على صورتها وسمعتها أمام جماهيرها، ومن ثم فلا يستطيع أحد اغفال الموهبة التمثيلية الكبيرة التي تتمتع بها والتي وضعتها كواحدة من أهم نجمات السينما المصرية.

مشهد من أحد أفلامها

أدركت (نادية الجندي) منذ انطلاقتها الفنية الأولى أن الشهرة تكتسب عندما تكون شخص لديه من المواهب والأمور التي تجعلك متميز ومختلف عن الآخرين، وربما شهدت السنوات الأخيرة غيابا تاما لانفراد فنانة ما ببطولة فيلم، على خلاف ما كان معمولا به من قبل في فترة الثمانينات أو ما سبقها من طغيان نجوميتها، فقد تقلصت المساحة التي كانت تمنح لنجمة واحدة، وتغيرت معايير الجذب والإثارة النسوية سواء العاطفية أو الفكرية، التي كانت رائجة، فهل يمكن أن تعود هذه الظاهرة في زمن المنصات الرقمية؟.

ظني أن هذا مستحيلا الآن في ظل تقلبات السوق وإنهيار الصناعة بمقايس العصر العصر الحالي، فقد حازت (نادية الجندي) حتى العقد الأخير من الألفية السابقة على لقب (نجمة الجماهير)، الذي أطلقته شركة الإنتاج السينمائي الخاصة عليها، كلقب تجاري في المقام الأول، لكنه عكس إقبالا حقيقيا للجمهور على أفلامها، حتى وصل الأمر بالشركات المنتجة وقتها، إلا أنه لم يكن مهما لديها أسماء النجوم المشاركين من الرجال بجانب نجمة الجماهير، وكان اسمها وصورتها على أفيش الفيلم كفيلين بملء دور العرض وتحقيق النجاح التجاري.

تحتفظ برشاقاتها الدائمة

استمرت الظاهرة مع (نادية الجندي) سائدة طوال التسعينات وحتى تقديمها لفيلمها الأخير (الرغبة) الذي حقق نجاحا جماهيرا ونقديا كبيرا ، بعدها حدث هزة في السينما ترجع إلى تقلبات السوق الإنتاجي جراء بعض المتغيرات المجتمعية التي انعكست بشكل مباشر على الجمهور وغيرت قناعاته واختياراته، وفي مقدمّها ظهور الإنترنت وانتشارها في المجتمع، ما فتح نوافذ جديدة للجمهور العام للإطلال على مشاهد أكثر إثارة وأكشن، وليس سرا أن جانبا كبيرا من جمهور نجمات السينما في الثمانينات كان يرى في (نادية الجندي) نموذجا للأنثى المشتهاة، ما يدفع الشباب إلى التعلق بها باعتباره من نساء الأحلام، ورأى البعض من الجمهور أن مشاهد الإثارة المنطوية في أفلامها ضمن سياق أحداث الفيلم فرصة للإطلال على متعة شبه غائبة عنه.

تعرضت على مدار مشواري لحروب كثيرة

صحيح أن شبكة الإنترنت قلبت بفضاءاتها اللامحدودة وما أتاحته من مشاهد أكثر إثارة في أفلام عالمية كانت محجوبة من قبل بواسطة الرقابة، الكثير من موازين تلك المعادلة، ولم تعد هناك حاجة لتقبل الأداء الفني المتوسط أو المتواضع تحت شغف مشاهدة لقطات مثيرة، كما أن نجمات السينما الرائدات مثل (نادية الجندي) بزغن في ظل تمدد حقيقي لتيار النسوية في البلاد العربية، وبدا ذلك في  تكرار تيمة واحدة في معظم الأفلام  تعتمد على تقديم نموذج لامراة خارقة، وشديدة البأس، وصلبة النفس، وتتمتع بذكاء شديد، وهى دوما منتصرة على الجميع، ما يمثل خروجا عن الصورة المعتادة للمرأة، وهو ما كان مثيرا للانتباه، وأصبح له أنصار ومؤيدون.

لكن العامل المهم والأقوى في معادلة انحسار مفهوم (نجمة الجماهير) على طريقة (نادية الجندي) يرجع بالأساس إلى تدهور صناعة السينما ككل بعد زمن من الثورات والاضطرابات والتحولات الخطيرة، وأدى التراجع الكبير في الظروف المعيشية للعامة إلى تراجع الاهتمام بالسينما، وتحولها إلى شأن فرعي أو هامشي، وكثيرا ما ينظر إليها باعتبارها نوعا من الترف، ونجم عن ذلك اهتزاز كبير في الصناعة، واختلال كبير في الكثير من الظواهر الفنية، وأفل نجم (الجندي) سينمائيا لتتحول إلى دفة الدراما التلفيزونية كي تثبت حضورا مميزا، وقد أثبتته بالفعل من خلال أعمال إجتماعية تخوض في أعقد قضايا المجتمع، لكنه ليس بذات بريق نجومية الثمانينيات والتسعينات من القرن العشرين.

وربما توصف (نادية الجندي) هذه الفترة تحديدا من عمر السينما قائلة: العملية صعبة جداً كى أجد موضوعا يجذبنى للعودة للسينما، أنا مُقلة، وليس معنى أننى مُقلة فى السينما أن أكون (كسلانة)، فهناك فرق بين الكسل وبين أننى أصبحت أقل تقديما للأعمال السينمائية لأننى أحمل مسؤولية كبيرة، فعندما تصل لمكانة معينة تصبح خائفا من كل خطوة تخطوها بسبب هذه المكانة، فتحاول بشتى الطرق أن تحافظ عليها إذا لم يكن للأفضل والأحسن والتقدم بنفس المستوى، ووجودى فى مكانتى دون تقديم أعمال يكون أفضل فى ظل هذه الأيام.

لم يعد هناك من يكتب أعمالا جيدة

وتضيف: لم يعد هناك من يكتب أعمالا جيدة، ولا توجد سيناريوهات، والكتاب الكبار ليسوا متواجدين، ففى الفترات الماضية كنت أجد أعمالا أدبية لـ (نجيب محفوظ وإسماعيل ولى الدين ويوسف إدريس)، وتجد مؤلفين ومؤلفات لهم كتابات غنية وكتاب سيناريو كبار أمثال (بشير الديك ووحيد حامد ومصطفى محرم)، لكن حاليا لا توجد موضوعات تقدم، ولا أحب أن أقدم الفن للفن ومجرد موضوع عادى، لابد أن يكون هناك (مورال) ورسالة وموضوع ساعة يهم الناس ويهم جديدهم وليس مجرد (عمل وخلاص)، وأنا قدمت كل الموضوعات والأعمال التى تتماشى مع الناس، وأصبح لزاما على أن أبحث عن موضوع يهم الناس كى أعود للسينما، وهذا صعب أن نجده، لكننى فى حالة بحث مستمر، ويأخد وقتا.

ولدت (نادية محمد عبد السلام الجندي) اسمها بالكامل، وعاشت لفترة من حياتها في الإسكندرية، وفازت بجائزة ملكة جمال الإسكندرية التي نظمتها (مجلة الجيل) وعمرها لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً، كان حلمها هو أن تصبح ممثلة، لدرجة إنها بدأت التمثيل في عمر الثالث عشر، عندما ظهرت عام 1959م في فيلم (جميلة بوحيرد)، وكان المخرج يوسف شاهين معترض على دورها لصغر سنها لكنها استطاعت أن تقنعه بموهبتها، وأن شكلها وقته لم يكن مجرد فتاة بالثالثة عشر من عمرها، كما أن الفنانة ماجدة تمسكت بوجودها بالفيلم، لكن تم حذف مشاهد كثيرة لها لصغر سنها، لذلك لم يتعرف عليها الكثير في هذا العمل.

مع محمود ياسين

في عام 1960  شاركت في فيلم (زوجة من الشارع) مع كمال الشناوي وعماد حمدي ومن إخراج حسن الإمام، وفي هذه الفيلم تعرفت بشكل شخصي على الفنان عماد حمدي وتزوجت منه رغم فارق العمر الكبير وأنجبت أبنها الوحيد (هشام عماد حمدي) ولم تكن قد بلغت سن ستة عشر سنة.

خلال فترة الستينات وأوئل السبعينات شاركت  نادية الجندي في بعض الأعمال بأدوار صغيرة ومتنوعة، بعضها كان في السينما اللبنانية، ومنها أفلام: (تحت سماء المدينة، عاصفة من الحب، ألمظ وعبده الحامولي، الخائنة، أيام ضائعة، الحب الخالد، فارس بني حمدان، غرام في أغسطس، صغيرة على الحب، كرم الهوى، مراتى مجنونة مجنونة مجنونة، ميرامار، بنت الشيخ، الحب والثمن، الثعلب والحرباء، أمواج، عالم الشهرة، الضياع، فندق السعادة)، ومسلسل (الدوامة).

مع عبد الله غيث

عام 1974 قدمت أول أدوار البطولة المطلقة لها في الفيلم الإستعراضي الغنائي (بمبة كشر) مع سمير صبري وسعيد صالح ومن إخراج حسن الإمام، أنتجت بنفسها هذا الفيلم بالإضافة إلى قيامها بتصميم ملابسها وإكسسواراتها، ومن المفارقات الغريبة أن  شركات التوزيع لم ترض أن توزع هذا الفيلم لأن بطلته لم تكن معروفة للجمهور إلى أن وافقت وزارة الثقافة في عهد (يوسف السباعي) على توزيعه عام 1975، ونجح الفيلم نجاحا كبيرا واستمر عرضه في دور السينما لمدة سنة كاملة حاصدا أعلى إيرادات مما جعل الوسط الفني بأكمله يطلق عليها لقب (نجمة الجماهير).

بعد هذا الفيلم أخافها النجاح الكبير، فقررت التحول إلى خيارات دقيقة في ما تقدمه للجمهور كي تحافظ على نجوميتها واللقب الذي أطلق عليها فقدمت حتى نهاية السبعينات فقط ثلاث أعمال هم: فيلم (شوق – 1976)، مسلسل (قطار منتصف الليل) وفيلم (ليالي ياسمين- 1978)،وفي عام 1980  تزوجت  (نادية الجندي) من المنتج السينمائي (محمد مختار) والذي أصبح ينتج لها أفلامها بعد ارتباطهما، وخلال فترة الثمانينات قدمت العديد من أهم أعمالها والتي نالت عليهم جوائز كثيرة ومنها على سبيل المثال: أفلام : (الباطنية، أنا المجنون، القرش، وكالة البلح، خمسة باب، وداد الغازية، عالم وعالمة، الخادمة، جبروت إمرأة، المدبح، صاحب الإدارة بواب العمارة، شهد الملكة، بيت الكوامل، الضائعة، عزبة الصفيح، ملف سامية شعراوي، الإرهاب).

مع عادل إمام
مع الفيشاوي ومحمد مختار ومع رياض

خلال فترة التسعينات قدمت (الجندي) نوعية مختلفة من الأفلام التي تعتمد على الإثارة والتشويق وأعمال الجاسوسية والمخابرات مثل: (شبكة الموت، عصر القوة، مهمة في تل أبيب، رغبة متوحشة، الشطار، الجاسوسة حكمت فهمي، إمرأة هزت عرش مصر، إغتيال، إمرأة فوق القمة، 48 ساعة في إسرائيل، الإمبراطورة، أمن دولة)، وبدخولها الألفية الجديدة أصبحت (نادية) مقلة بأعمالها مع اتجاهها إلى الدرما التليفزيونية فقدمت فقط خمسة أفلام هم: (بونو بونو – عام 2000، الرغبة – 2002)، ومسلسلات: (مشوار إمرأة – 2004، من أطلق الرصاص على هند علام – 2007 ، ملكة في المنفى – 2010).

واللافت للانتباه في مسيرة النجمة الكبيرة (نادية الجندي)، أنه رغم ظهورها بالأدوار السلبية أو المرأة الشريرة في كثير من الأعمال لكن الجمهور أحبها وتفاعل معها وأحب ثقتها الكبيرة بقدراتها، وتوقع نجاحا كبيرا لها، وبالفعل انتقلت نقلة ثانية بعدما لعبت دور البطولة الأولى لها من خلال فيلم (بمبة كشر)، الذي كان علامة فارقة في حياتها الفنية وشكل نقطة تحول، ما جعلها تعتبر نفسها ممثلة أولى ولم تتنازل عند أن تقدم الدور الأول بأي عمل تقوم به، ونجحت فعلا لتكون (نجمة الجماهير).

في فيلم (بمبة كشر)

ولقد تعرضت بسبب هذا الفيلم وأيضا على مدار مشوارها لحروب كثيرة وهو أمر يحدث مع كل إنسان ناجح وهى كانت تندهش بشدة لهذا خاصة أن الإنسان الناجح لابد أن يكون قدوة ومثلا أعلى يحتذى به، ولهذا لم تهتم أبدا بهذه الحروب فلقد كانت تركز على عملها،  وربما لك يأتي لقب (نجمة الجماهير من فراغ ، ومع ذلك لم تكن أبدا أنانية فلقد كانت تختار الممثل القوى لكى يقف أمامها لإيمانها أن الممثل الصغير سيضعف العمل وعليه كل من وقف أمامها فى أفلامها أصبح نجما الآن وله جمهوره.

بعد وصولها لمرحلة النضج والنجومية الطاغية، بدأت (نادية الجندي) الاتجاه نحو الأعمال الذي بها فكرة وتعرض الكثير من السلبيات التي يتعرض لها المجتمع العربي، بجانب الكثير من الأفلام السياسية التي نشاهدها حتى الآن وتعتبر من روائع السينما المصرية، ومن الملاحظ أنه يوجد في كل عمل تقوم به رقصة واستعراض تقوم به، الأمر الذي جعل معظم أفلامها تحقق نجاحا كبيرا تجاريا وجماهيريا، فمثلا شاهدنها في أفلام: (وكالة البلح، خمسة باب ، الخادمة، شهد الملكة، المدبح، جبروت امرأة، الضائعة)، وهى أفلام أظهرتها امرأة قوية حازت على إعجاب كثير من النقاد والجمهور.

مع فاروق الفيشاوي

وكان للأفلام الاجتماعية التي مثلتها من خلال طرح قضايا سياسية منها (شبكة الموت، الإرهاب، ملف سامية شعراوي، الجاسوسة حكمت فهمي، امرأة هزت عرش مصر، وعصر القوة) أثر كبير في نضج شخصيتها التمثيلية ما أهلها لتقديم نوعية من أفلام تعرضت لمناقشة أزمة الشرق الأوسط، مثل (مهمة في تل أبيب و48 ساعة في إسرائيل، وفيلم أمن دولة وفيلم الإمبراطورة وفيلم بونو بونو، فضلا عن آخر فيلم لها وهو الأكثر إثارة للجدل لكنه نال الكثير من الجوائز وتسبب في الكثير من الخلافات، ربما لأنه مأخوذ من مسرحية أجنبية باسم (عربة اسمها الرغبة) للكاتب تينيسي وليامز.

حول ما يحدث من تراشق بين نجوم الدراما الحالية قالت (نجمة الجماهير): ما يحدث حاليًا عيب، (عملية ردح) بالبلدى، وهذا غير لائق للفنان، فالفنان قدوة، لابد أن يحافظ على شكله أمام الناس كى يقتدوا به، وما يحدث جعل الفنان أمام الناس (مش حلو)، مع احترامى للكل، ما يحدث يجعل الناس تضحك عليهم، والناس لا يعجبها هذه الأوضاع، يقولون (أنا الأول وبيتخانقوا وده يطلع يقول أرقام والتانى يرد عليه ويقوله أرقامك مضروبة)، دعوا الجمهور ليحكم، من الأهم ومن الأول، ممكن تبقى الأول النهارده بعمل جيد جداً، وممكن تقدم عمل (متبقاش بيه الأول)، كله حسب العمل، العمل هو الأول مش الفنان.

وعن مقولة (الجمهور عاوز كده) تعلق قائلة: الجمهور عمره ما اختلفت نوعيته، الجمهور هو الجمهور، هناك بعض الناس يتهمون الجمهور بمقولة (الجمهور عاوز كده) لا، الجمهور مش عاوز كده، الجمهور لما يشوفلك عمل وحش أو يشوف المستوى العام للذوق فى الفن انحدر لهذه الدرجة، فمن الطبيعى ستكون أنت السبب وليس هم، طول عمر السينما فيها طبقة معينة بتحب أفلام معينة، وهى الطبقة الشعبية والحرفيون، طول عمرهم موجودين، طول عمرهم يحبون نوعية معينة من الضرب والأكشن، عمرهم ما تغيروا ولن يتغيروا هم نفس الناس.

ما يحدث من تراشق بين نجوم الدراما عيب

وتستطرد قائلة: النجم الشعبى زمان كان فريد شوقى اللى بيضرب، والناس كانت تحبه وتجرى على أفلامه، هم نفس الجمهور، لكن اليوم هنالك حالة من الجنون تحدث للفنانين الجدد، الذين أتمنى أن يفهموا الفن صح، لا أريد التعميم، هناك منهم ملتزمون جدا، وبعضهم عندهم نوع من الشططان، يمكن الإبهار السريع والوصول السريع للشهرة يكون سببا فى ذلك، نحن كى نصل (قعدنا سنين)، قعدت أول 10 سنين أعمل أدوارا تافهة، بدأت بدرى كنت تلميذة، لم أكمل وقتها 13 سنة، الفترة الأولى تخبطت فى أدوار صغيرة جداً، والفترة التى بعدها حين وصلت لأدوار صغيرة فى (ميرامار) قبل (بمبة كشر) كانت فترة طويلة جدا.

ولذلك فإن الفن عند (نادية الجندي) له قيمة، فعلى حد قولها: وصلت خطوة وراء الأخرى، درجة وراء درجة، لم آخذها صدفة، لكنهم وصلوا بسرعة، ونزولهم سيكون سريعا، والإبهار لما وصلوا إليه يجعلهم يعتقدون أنهم حققوا النجومية، فلا يعرفون كيفية الحفاظ عليها وتجدهم يختفون سريعا.

أما أكثر المواقف التى لا تنساها (نادية الجندي) في حياتها: عندما قابلها صحفى إسرائيلى وقال لها: (أفلامك حلوة عن إسرائيل نشاهدها فى تل أبيب كل يوم جمعة ونتابع أعمالك)، وهناك أيضا صحفية إسرائيلية سألتها: أنت إمتى جيتى صورتى فى تل أبيب، فقالت لها: أنا لم أذهب مطلقا إلى هناك، وكل الفيلم صورته هنا فى ديكورات ولكنها من شدة المصداقية فى الصورة والديكورات اعتقدت أننى صورت فى تل أبيب، ولم تصدق ذلك، ومازالت معتقدة أننى سافرت إلى إسرائيل، وبالمناسبة قيل فى الإذاعة الإسرائيلية، إن الأفلام التى قدمتها (نادية الجندى) عن إسرائيل كانت تثير الشعب المصرى ضد إسرائيل، وتزيد من رفض الشعوب العربية للتطبيع، وأن هذه الأفلام وغيرها هى التى تجعل العرب يكرهون إسرائيل.

آخر مسلسل لها (سكر زيادة)

ويبقى في سجل مسيرة (نادية الجندي) حصولها على مجموعة من الجوائز نذكر منها: جائزة مهرجان الإسكندرية الذهبية عن دورها في فيلم (الخادمة)، وحصلت على عدة جوائز من مهرجان جمعية الفيلم بمصر عن أفلامها (أمن دولة، إمرأة فوق القمة، الرغبة، كما كرمت عن مشوارها السينمائي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2006، وكرمها أيضاً مهرجان قرطاج السينمائي الدولي بتونس، وكرمها مهرجان دمشق السينمائي الدولي عام 2008 عن مجمل أعمالها، كرمتها منظمة الصحة العالمية عن أفلامها التي قدمتها وحاربت فيها تجارة المخدرات والإدمان.

تحية تقدير واحترام لنجمة الجماهير(نادية الجندي) التي ماتزال تحتفط ببريق نجوميتها على جناح الكوميديا الخفيفية كما جاء في مسلسلها الأخير (سكر زيادة)، والذي بدت فيه أكثر رشاقة وجاذبية جعلتها تحتفظ برونقها كنجمة استمرت على عرش الفن لأكثر من 60 عاما ولاتزال تحتفظ بأداء قوي يضعها في مصاف النجوم الكبار كقامة وقيمة ستظل راسخة في حياتنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.