غرام نجمة الأغراء برلنتي عبدالحميد بالمشير عبدالحكيم عامر (1/3)
* كانت ندوة الخميس بداية معرفتهما، وخجلت من نفسها عندما سألها المشير قرأتي القرآن؟!
* عندما شاهدته لأول مرة لفت انتباهها ملامحه التى تحمل طيبة نادرة، وحديثه الذي ينم عن رجولة فائقة
* جرأتها لفتت انظار المشير وأنقذت والد صديقتها
* لم يخطر ببال النجمة المثيرة أن القائد الكبير سوف يحاورها فى الأدب العربي والغربي، ويعقد المقارنات بين تولستوي وديكنز، وبين العقاد وطه حسين
* نادرا ما كان المشير يهتم بالنساء، أو يستمع اليهن، أو يقتنع بكفاءتهن، لكنه أمام هذه المرأة شعر أنه مشدود رغم ارادته
* بعد العروض التى انهاليت عليها تساءلت (برلنتي) هل أصبحت فجأة نجمة عالمية ؟!
كتب : أحمد السماحي
من أشهر علاقات الغرام في حياة النجوم علاقة غرام المشير (عبدالحكيم عامر)، بنجمة السينما (برلنتي عبدالحميد)، فكل من عرف القصة وقتها أو فيما بعد تساءل في دهشة واستغراب ما العلاقة بين (تمام يا فندم) التى تلتقطها آذان المشير عشرات المرات في اليوم، وبين (كلاكيت) التى تلتقطها آذان نجمة الاغراء السينمائية في مواقع التصوير؟.
لم تكن هناك علاقة ما بين السلاح الذي يخوض الحروب بشراسة، والكاميرا التى تدور بتصوير الأفلام بنعومة، بين الثكنات العسكرية المكدسة بالعتاد والمعدات، والبلاتوهات المشغولة بالإضاءة وكاميرا التصوير، بين ساحات الحروب الشرسة وقاعات العروض بمقاعدها الوثيرة، فكيف ولدت علاقة القائد الكبير الذي كان نموذجا للصرامة والجدية، بالنجمة السينمائية التى كانت نموذج لرقة الحسناوات ونعومتهن؟!
نظرا لحساسية هذا الغرام فقد رجعنا في سردنا لهذه القصة الغرامية إلى موضوع (غرام الجنرال) للكاتب الصحفي محمد رجب، وإلى النجمة (برلنتي عبدالحميد) نفسها التى روت قصة تعارفها بالمشير من خلال كتابين أصدراتهما الأول (المشير وأنا) والثاني (الطريق إلى قدري… إلى عامر)، فضلا عن حوارها مع الإعلامي المتميز صاحب الانفرادات الاعلامية الكثيرة (عمرو الليثي) الذي استضافها في برنامجه (واحد من الناس) وحكت فى حلقة ممتعة للغاية كل شيئ منذ بداية تعارفها بالمشير، حتى التشكيك في وفاته!، وسيقتصر دورنا على توثيق المعلومات الفنية، وبعض الخيال في الوصف والمواقف التى تتحمل هذا.
ندوة الخميس
كانت الفنانة (برلنتي عبدالحميد)عام 1961 قد أصبحت نجمة شهيرة خاصة وأنها بدأت مشوارها الفني عام 1952، وشاركت فى العديد من الأفلام السينمائية التى حققت نجاحا كبيرا منها (ريا وسكينة، درب المهابيل، رنة خلخال، سر طاقية الاخفاء، فضيحة في الزمالك، صراع في الجبل، أحلام البنات) وغيرها، وأطلقت عليها الصحافة الفنية أكثر من الألقاب منها (مارلين مونرو، ونجمة الإغراء، والنجمة المثيرة)، ونظرا لحبها لعالم الأدب فقد كانت تنظم ندوة ثقافية فى نهاية كل أسبوع تطلق عليها (ندوة الخميس) يرتادها بعض الشخصيات العامة، فضلا عن بعض الصحافيين والكتاب، والشعراء، والفنانيين.
وفى صباح أحد الأيام رن جرس التليفون فى منزل (برلنتي) وكانت المتحدثة صديقة صحفية تعمل في مجلة (روزاليوسف) من الذين يرتادون (ندوة الخميس)، وطلبت مقابلتها لأمر هام، وفى الموعد المحدد قالت لها الصحفية: لقد رشحتك للعمل معنا! تسألت برلنتي بدهشة: أنتم من؟! قالت الصحفية : أنت تعرفين أن أعداء الثورة كثيرون، وإننا يجب أن نعمل على حمايتها من أي عدو لمصلحة الوطن، والجماهير الكادحة، ولبقاء الدافع الثوري مستمرا لابد من إزالة أي عائق في طريقة، ونحن نعمل من أجل ذلك.
وقد رشحتك للانضمام معنا، وهناك اجتماع سوف يعقد غدا ولابد من حضورك، فردت عليها نجمة السينما قائلة : أنت تعرفين أنى لا اهتم بالسياسة، ولا اتحدث غير في الفن، فقالت الصحفية: السياسة لا تنفصل عن أي شيئ فى الحياة، وتدخل في كل نواحي نشاطنا اليومي، والسلطة يهمها أن تعرف ما تعاني منه الجماهير لتعمل على رفع المعاناة، ومقاومة السلبيات التى قد تضر بمصالح الناس، وقد تم انتقاء الأفراد ذوى السمعة الحسنة والجريئة والأخلاق الطيبة، ليقوموا بمهمة إمداد السلطة بالصورة الحقيقية لواقع الحياة المصرية لإصلاح أي خلل أو انحراف.
رجولة المشير
بعد طول تفكير وبدافع الفضول، وافقت (برلنتي) على الذهاب مع هذه الصحفية إلى الاجتماع، لم يكن اللقاء الذي حضره (المشير عبدالحكيم عامر، وعلى شفيق، وصلاح نصر، وعباس رضوان) مؤتمرا سياسيا أو شعبيا بالمعنى المفهوم، لكن أجهزة الأمن الرفيعة كانت تختار عينات وشرائح تمثل الرأي العام، يكتفي بها قادة الدولة فى لقاء خاص يتعرفون من خلاله على نبض الشارع المصري ورأي المجتمع فى النظام والحكم والسياسة العامة، ورأت (برلنتي المشير) لأول مرة نظراتها لم تفارقه لحظة واحده، وهى تجلس فى الصف الأخير، ربما لا يراها، بينما عيناها تراقب أدق حركاته وهو يتصدر المنصة، بسيط للغاية في ملابسه، حذاؤه لا يلمع، ملامحه تحمل طيبة نادرة، حديثه ينم عن رجولة فائقة كما يبدو من نبرة صوته.
جرأة النجمة
عندما تحدث الرجال أشادوا بالحكم وتغزلوا فى النظام وتغنوا بسياسة الدولة، أقاموا حفلات تكريم للقادة والثوار فى كلماتهم، وكاد اللقاء أن يتحول إلى مظاهرة تأييد ونفاق لولا أن جاء الدور على (برلنتي) لتتكلم!.
كانت النجمة الجريئة تجلس فى الصف الأخير، فلم يصل صوتها إلى أذن المشير الجالس فوق المنصة، أو لعله أراد أن يستمتع بالصوت أكثر، والجسد الممشوق الذي ينضح بالأنوثة، فدعاها للتقدم إلى الأمام، تحركت من مكانها فى ثقة، سارت في كبرياء، لم يرهبها الموقف، ولم تفقدها الحراسة المشددة تركيزها، وقفت أمام المنصة كأنها على خشبة المسرح تصول وتجول، وما كادت تنطق حتى تكهرب الجو!، اندفعت أيادي تغمزها من الخلف، وصيحات من القاعة تستنكر الحديث، واحمرت وجوه الواقفين، واصفرت ملامح الجالسين، واتجهت كل الأبصار نحو المنصة بالتحديد نحو وجه المشير، لكنه أشار إلى نجمة السينما بمواصلة الحديث.
هاجمت (برلنتي) بعض السلبيات انتقدت بعض أوجه القصور، طالبت بالتحقيق في بعض الوقائع، ضربت مثالا عن صديقة لها تم اعتقال والداها دون سبب أو مبرر أو سند من قانون أو واقع، وكيف طال غياب الأب عن أسرته وفاضت دموع أبنائه وبناته!
تبادل التليفونات
نظر المشير إلى مساعديه فوعدوه بالتحقيق فورا، انتهى اللقاء وانصرف الموجودون، لكن المشير حرص على أن يصافح نجمة السينما الشجاعة قبل مغادرته للمكان، مدت إليه يدها وكأنها قدمت قلبها ليصافحه، ومد المشير يده وكأنه مد إليها عمره.
تعمد الرجل الثاني في الدولة المصرية أن يطيل الحديث ليؤكد لنفسه شيئا ما، واكتفت (برلنتي) باندفاع نظراتها إلى الرجل الكبير تنقل اليه رسالة أعجاب مثير!، وعندما أوشك اللقاء على نهايته، منع الخجل نجمة السينما من افتعال مناسبة، بينما علا صوت المشير وهو يؤكد لها أن تحقيقا عاجلا سوف يجريه فى الواقعة التى ذكرتها، وأنه سوف يطمئنها بنفسه، لو كان بمقدوره أن يحدثها تليفونيا، على الفور منحته (برلنتي) رقم تليفونها ومضت تشع عيناها بوميض يشق ظلمة الليل كالسهم.
تكرر اللقاءات
بعد يومين من الاجتماع اتصل بها المشير وأخبرها بالإفراج عن والد صديقتها البرئ، وتكرر الاتصال، وتكررت اللقاءات، كانت (برلنتي) تعتقد أن الضباط ليس لديهم أي نوع من الثقافة!، ولم يجدوا وقت لتثقيف أنفسهم، وأن ثقافتهم العامة توقفت عند الثانوية العامة، وكانت دائما تقول لنفسها ما الثقافة التى حصلوا عليها؟!، فقد خرجوا من الكلية الحربية إلى الجيش ثم الحرب، فمتى وجدوا وقتا للقراءة ؟!، لهذا فوجئت بالمشير يسألها فى أول لقاء بينهما هل قرئتي القرآن؟! ولم يخطر ببال النجمة المثيرة أن القائد الكبير سوف يحاورها فى الأدب العربي والغربي، ويعقد المقارنات بين تولستوي وديكنز، وبين العقاد وطه حسين، جلسات طويلة من المناقشات الفكرية والثقافية بعيدا عن السياسة، ولعنة السياسة!، ولم يخطر ببال القائد أن النجمة السينمائية على هذا القدر من الذكاء الحاد والثقافة الواسعة، والجمال المثير، نادرا ما كان المشير يهتم بالنساء، أو يستمع اليهن، أو يقتنع بكفاءتهن، لكنه أمام هذه المرأة شعر أنه مشدود رغم ارادته.
النضج والثقافة
لفت انتباه المشير (عبدالحكيم عامر) في (برلنتي عبدالحميد) نضج عقلها وثقافتها بينما كان يكفيها أن تعيش على جمالها وشهرتها دون أن ترهق عينيها في القراءة أو فكرها في التأمل أو أعصابها فى المناقشات، عندما تكلمت أمامه فى اللقاء الأول لم ترتبك أو تهتز أو ترتجف مثل كثيرين من أصحاب الجمال، لم تستعرض أنوثتها ولم تلعب بجمالها ولم توجه سهامها، حتى أن جمالها الصارخ أعلن نفسه في شخصيتها دون أنوثتها، هكذا كسبت عقل المشير منذ الكلمة الأولى التى نظقت بها.
البحث عن الحنان
لم تخشى برلنتي من اللقاءات المتكررة، فالرجل لم يكن مراهقا أو مبتذلا أو ذئبا جائعا، منذ الوهلة الأولى في اللقاء حددت شخصيته، لم يكن (المشير) فى حاجة إلى امرأة أو نزوة أو رغبة محترقة بل كان مدفوعا للبحث عن ينبوع حنان .. وآه يا حنان!.
إمرأة كالإسفنجة تمتص آلامه وهمومه ومشاكله وتظلل عليه حياته الشاقة، كان مدفوعا بالبحث عن امرأة ليست تافهة، مهما كانت فتنتها ومهما بلغ جمالها، لكنه لم يصادق تلك المرأة حتى تزوج من إحدى قريباته وأنجب منها أبناءه وبناته، لكن زوجته لم تستطع أن تتجاوز دور الزوجة والأم.
وكبار النجوم والشخصيات العامة لا تملأ عيونهم سوى امرأة فى قوة الجبال ورقة النسيم وذكاء العباقرة، وصبر أيوب، وكانت (برلنتي عبدالحميد) هذه المرأة التى ظن المشير أنه لن يعثر عليها أبدا.
صفقات فى الخفاء
اعتقدت (برلنتي) أن وجه (المشير) كان قدم السعد عليها حيث بدأت تنهال عليها عروض التمثيل وأدوار البطولات التى يجري تصويرها فى مصر، واستديوهات أوروبا، لم تكن تدري سر صفقات المال التى تسيل اللعاب وتلقى بها العروض تحت قدميها، وكانت تتساءل هل أصبحت فجأة نجمة عالمية؟، هل اكتشفتني هوليود فجأة لتملأ بها فراغ كبار نجماتها؟، هل أصبحت المرأة الأخيرة فى مصر التى يتهاوى عندها كبار رجال العمال والشخصيات العامة طامعين فى الزواج منها، والعيش معها مدى الحياة؟.
لم تخبر (برلنتي) المشير بكل هذه العروض والصفقات التى تضعف أمامها النساء وتخطف أبصارهن وتسحر عقولهن، خشيت أن تصارحه فيظنها تتدلل وترفع من قيمتها وأهميتها، خافت أن يظنها تدفعه دفعا إلى الزواج منها.
لكنها استيقظت في يوم من الأيام على كابوس كاد أن يقضي على مستقبلها الفنى والشخصي!
…………………………….
إلى اللقاء فى الحلقة القادمة..