رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

كلام X الإعلام (17)

بقلم : على عبد الرحمن

يقترب يوم الخامس والعشرين من يناير الذي تحتفل فيه مصر بعيد الشرطة، ذلك اليوم من عام 1952 الذي استبسل فيه رجال الشرطة في الدفاع عن ثكانتهم بمدينة الاسماعيلية متلاحمين مع الفدائيين في الدفاع عن الأرض والعرض والممتلكات، وقد تزامن ذلك مع ما أطلق عليه ثورة الخامس والعشرين من يناير2011 التي تداخلت فيها أطراف شتي فلم يتضح حتي الآن.

وبعد 10سنوات هل هى انتفاضة الشباب أم انتفاضة غياب العدالة الاجتماعية؟، أم انتفاضة ضد تزوير إرادة الشعب في انتخابات 2010؟، أم هى حركة المنتفعين والمتآمرين علي الوطن؟، ورغم كل هذا الالتباس وكل هذه السنوات وكل هذه الأموال التي أنفقت علي الشبكات والقنوات وعمليات الإنتاج والبث، إلا أن أعلامنا – كعادته – لم يواكب الأحداث تحقيقا وتأريخا واستقصاءا وتوثيقا، فلم يقدم خلال الأعوام التسع الماضية انتاجا يبحث ويحقق ويدقق لحقيقة ماحدث ولم يخصص ولو جزءا يسيرا مما انفق لانتاج سلسلة من برامج التحقيق والاستقصاء، أو الأفلام الوثائقيه التي تؤرشف الأحداث منذ الخامس والعشرين من يناير 2011.

فلم يفكر قادة الميديا الرسميه وشبه الرسميه في فيلم وثائقي استقصائي حول ما تم تداوله عن رحلة مجموعة من الشباب في إحدي دول أوروبا الشرقيه للتدريب علي أحداث الفوضى ومن تحمل نفقات ذلك؟، وكيف تمت دعوتهم وسفرهم وتنقلهم وتدريبهم ومحتوي التدريب وعودتهم؟، وهو أمر هام لإجلاء الحقيقة للرأي العام، كما لم يقدم إعلامنا فيلما لوثائق تدين دولا وأجهزه وجماعات خططت وشاركت في تنفيذ ماحدث.

ولم يقدم إعلامنا علي أن يتعب نفسه سفرا وتنقلا وبحثا وراء من دخل ومن فتح السجون ومن حرق الدنيا ومن قتل ومن تآمر؟، وكأن ذلك ليس من مهامه، رغم أن قنوات من حولنا تقدم إنتاجا راقيا استقصائيا ووثائقيا،حول أجزاء مما حدث، ولكن من وجهة نظر ممولي هذه القنوات وظل الإعلام مخيبا للآمال في التجهيز لهذه الذكري لإفهام المواطن ولكتابة التاريخ ولاقتناص شهاده من شارك وشهد قبل أن يوافيه الأجل.

ولست أدري إلى متي ينتظر إعلامنا حتي يعلم أن عليه التوثيق والتدقيق والأرشفة، وهى أسس وظائف الإعلام كما يدرس طلابه، ولاننا نملك الشاشات الأكثر عددا والأعلي إنفاقا والأدني تنوعا والأخيب محتوي، ولاننا لا نمتلك قناة وثايقية رغم أنه مشروع قتل دراسة وبحثا منذ عام 2009، وأعيد طرحه في عام2012 ودراسة جدوي هذه القناة ومحتواها والجهات التي ستطلقها والمراكز التي يمكن أن أمدها بالوثائقيات.

كل ذلك جاهزا والوطن وتاريخه وأجياله  القادمه في حاجة ماسة إليه، إلا أن الإنفاق علي هذا المحتوي الهابط يحتل مرتبة أولي لدى قادة الميديا لا لشئ إلا أن القناه الوثائقية قد لا تدر دخلا إعلانيا لانها تذيع مواد وثائقية وليست مواد متنوعه أو دراميه أو رياضيه أو طبخ أو موضه أو تفسير أحلام، وذلك مردود عليه بأن قنواته هذه لاتدر أيضا دخلا يلائم حجم ماينفق.

ولأن قنوات وثائقيه مثل (ناشيونال جيوجرافيك، أو الجزيره الوثائقية) وغيرها تستحوذ علي نسبة مشاهدة عالية ومن ثم تدر دخلا ليس بالقليل وذلك لم يثر شهية قادة الميديا عندنا، رغم أنهم أجمعين ذو خلفية إنتاجية تمكنهم من حساب الإنفاق والعائد، ولكن كل هذه الأحداث في تاريخ مصر القديم والمعاصر، وكل هذه الإنجازات الضخمة المتتالية وكل هذا الاحتياج لتنشيط السياحه  ودعم كتابة التاريخ وتساقط شهود العيان عند انتهاء آجالهم لم يحرك ساكنا لدى صناع المحتوي الإعلامي الصادم للمشاهد والخبراء والساسة ولأهل الإعلام أيضا.

فمتي تنطلق الوثائقية المصرية لتؤرشف وتؤرخ وتدعم هوية الوطن وانتماء المواطن؟، ومتي تنطلق من مصر أيضا قناة أفريقيى بلغات شعوبها لتحمل محتوي يقرب ويجمع ويحبب ويخدم قضايا مصر المتشعبة والمتداخلة في العمق الأفريقي، أليس عرض قضايا القاره المصيرية وثرواتها وتكاملها وطوحاتها وجهود مصر في التعليم والتدريب والتداوي والاستثمار، وكذلك جهود الأزهر والكنيسة والري وسائر الأجهزة وجهود القطاع الخاص في دول أفريقيا، أليس كل ذلك بكاف لإطلاق صوت مصر إلى أفريقيا؟.

إن منظومة الإعلام المتشابهة والمكررة ذات المحتوي الذي يفتقد إلى التنوع، والذي يهمل الأهم ويهتم بالأدني، أهمية تلك المنظومه تحتاج إلي خطة قومية استراتيجية لقطاع الإعلام تراعي حاجة الوطن داخليا وخارجيا ومتطلبات المواطن في الداخل والخارج وتخدم خطط الوطن وطموحه وتدعم هويته وتدفع قواه الناعمة الي الانتشار والتأثير.

تلك الخطة العاجلة تحتاج إلي تلاقي الخبراء وصناع المحتوى وبعضا من مختصي الآجهزه والوزارات ذات الصله بصورة الوطن وأمنه وطموحه حتي نضع خطة قوميه استراتيجية واعية تنفذ بمهنية عالية وتراقب جودة محتواها قبل البث للتأكد من مطابقته للخطة وتتابع بعد البث للوقوف على أثرها وتأثيرها، حتي يكون للوطن منظومة إعلامية ليست بكثرة شبكاتها وشاشاتها وليس بكثرة إنفاقها، ولكن بجودة محتواها وجدوى إطلاقها ومدي الرضي الذي تحققه وحجم ماتخدم به خطط الوطن وأمنه القومي.

فهل تجد دعوانا أذان وطنية تسمع وتفكر وتقرر وتنفذ، اللهم قد بلغنا حبا في الوطن وحرصا علي المواطن ودعما للمهنة .. اللهم فأشهد .. وللحديث بقايا وشجون قادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.