أمير الانتقام.. الكونت دي مونت كريستو
بقلم : سامي فريد
لمن يمكننا أن نرجع نجاح هذا الفيلم؟ هل لضخامة إنتاجه.. أم لقوة قصته المأخوذة من الرواية الفرنسية “الكونت دي مونت كريستو” لمولفها الكساندر دي ماس؟ أم هذا الحشد البارع من الممثلين الذين لعبوا أدواره البطولية أو حتى الثانوية؟ أم لاهتمام القائمين على صناعه بكل التفاصيل فيه مهما كانت دقيقة أو بدت ثانوية.
بداية كان اختيار زمان ومسرح أحداث الفيلم في أحد عصور المماليك قريبا من الاكتمال لولا إهمال بعض الملابسات الدقيقة كمعتقل المغول و دور الوالي في الفيلم لكن يغفر لهذه الهنة اهتمام المنتجة آسيا باستدعاء الفنيين المتخصصين في معارك السلاح لتأتي معارك المبارزة شديدة الواقعية والاتقان.
يبدأ الفيلم بالمركب المنصورة ودعوتها إلى دمياط بعد رحلة طويلة في البحر زادت فيها عكا وعلى متنها الريس حسن الهلالي ريس المركب والبحار جعفر فنرى في لقطات قصيرة ومركزة ما يحمله جعفر البحار (فريد شوقي) للريس حسن الهلالي (أنور وجدي) من حسد وضغينة.
يعود حسن إذن يحمل رسالة من قائد الثوار في عطا إلى الريس عبدالجليل (محمد علوان) شقيق بدران (سراج منير) رئيس شرطة الولاية الذي ألقى أخاه في السجن زاعما أن قد توفي في دمشق.. لكن جعفر البحار يعرف أن الهلالي قد تسلم رسالة في عكا ويعرف لمن هى موجهة لكنه يعرف أنها شديدة السرية.. وفي دمياط يلتقى جعفر مع متولي المرابي (محمود المليجي) ويحكي جعفر لمتولي عن هذه الرسالة فيقرر أن يعرفا لمن هي مرسلة فيعرفان من تتبعها لحسن الهلالي أنها مرسلة إلى الريس عبدالجليل الذي غاب عن بيته ولا حد يعرف أين هو؟.
ثم يتسلق حسن الهلالي الشجرة تحت بيت ياسمينة خطيبته (مديحة يسري) التي رفضت الزواج من شاهين بك المملوك (كمال الشناوي) فيقرران جعفر ومتولي إخبار شاهين بك بقرب زواج حسن الهلالي غريمه الذي رفضته ياسمينة من أجل الزواج بحسن كما جاء في على سر الرسالة الموجه إلى السيد عبدالجليل.. الثوار في الولاية بأن يرسل شاهين رسالة يكتبها بيده اليسرى حتى لا ينكشف أمره إلى بدران رئيس الشرطة من أجل أن يسجن حسن فيتزوج شاهين بك من ياسمينة ويخلوا الجو لجعفر البحار الرئاسة المركب المنصورة .. وهكذا يمكن له أن يساعد متولي المرابي لنقل بضاعته من ميناء طرابلس إلى الولاية.
ثم يلقى القبض على حسن الهلالي ليلة زفافه إلى ياسمينة وبعد سؤاله عن سر الرسالة وبمجرد معرفة بدران أنها موجه إلى شقيقه عبدالجليل وخوفا من أن يكون حسن قد عرف مضمون الرسالة يلقى به في السجن على وعد بأن يعود إلى عروسه بعد تحقيق بسيط لا يستغرق سويى سواد الليل، لكنه لا يعود كن من يدخل سجن بردان ولا يخرج منه مطلقا أو يقضي حسن الهلالي السنوات الطوال في السجن ويتغير شكله وحاله حتى يسمع في إحدى الليالي أصوات دق على جدران زنزانته من الزنزانة المجاورة فيقرر التوقف عن الاضراب عن الطعام بعد أن يعود إليه الأمل في أن يحفر هو أيضا نقلا إلى الزانزنة المجاورة ليجد فيها بعد سنوات السجن الطويل الشيخ جلال عبدالله (حسين رياض) الذي يعيش ظلما وفي حياته يكشف لحسن الهلالي سر مؤاده أنه رجل شديد الثراء وأنه أخفى كنزه في صحراء السويس ويصف المكان لحسن الهلالي الذي يعتبره في منزلة ابنه وأنه الوحيد الآن.
وبشي من الحيلة يستطيع حسن الهلالي التخلص من الحراس ليضع نفسه مكان الشيخ جلال ويتنكر هو في زي أحد الحراس حتى يخرج من المعتقل إلى الحرية فيندفع إلى حيث السجن ليستخرج الكنز ومن هنا تبدأ نقطة التحول الرهيبة في حياة حسن الهلالي الذي يعود إلى دمياط والولاية كلها في زي الأمير عز الدين أمير إمارة (سندستان) التي لا يعرف أحد أين تكون؟، ومن خلال ثرائه الباذخ يسكن القصور ويستخدم ماله ونفوذه في الإيقاع بأعدائه الذين أدخلوه السجن للانتقام منهم واحداً بعد الآخر.
ويبدأ بالمرابي متولي (محمود المليجي) وعن طريق جوهرة من كنزه يشتري منه سر كل شيء فيقرر ضمه إلى صفه كوكيل لأعماله، وخلال فترة السجن الطويلة لا يكف الشيخ فاضل صاحب المركب المنصور (عبدالعزيز أحمد) عن رعايته لأسرة حسن الهلالي، بل يحاول إخراج حسن من السجن لكن متولي المرابي ينجح في الحاق جعفر البحار في المنصور كريس لها حتى يتمكن من خلاله من تهريب بضائعه إلى الولاية.
وفي حفل في قصر الأمير عز الدين يحضره بدران بك وشاهين بك والبحار جعفر ثم متولي المرابي تبدأ الحقائق تتضح لنعرف بمن سيدأ الأمير عز الدين انتقامة ويقدم لهم هو في الحفل عرضا بالربابة يحكي قصة من خانوه وزجوا به إلى السجن ويدعي الأمير أنه تعلم قراءة الكف ليحكي من خلال قراءته لكف البحار جعفر شيئا من مشواره في الخيانة وباقي الحكية يحكيها شاعر الربابة. لكن المتأمرين الثلاثة يبدأون في الإحساس بأن الأمير عزالدين يعرف الكثير فيبدأون في الخوف منه، لكن الأمير على الجانب الآخر يبدأ هو أيضا الترصد لهم فيزج بجاريته زمردة (سامية جمال) فيدفع بها إلى قصر شاهين بك من خلال مزاد لبيع الجارية، لكن المزاد يرسو على الأمير عزالدين في النهاية.
فيقرر أن يذهب بها إلى قصر شاهين بك لأهدائها له لتصحيح خطأ لم يكن مقصودا وعربونا لصداقة جديدة. ومن ناحية يسعى بدران لمعرفة أي شيء عن ولاية سندستان ثم عن الهاربين من معتقل المغول، فيعرف أن منهم كان حسن الهلالي لذلك يقرر دعوة الأمير عزالدين إلى حفل في قصر الوالي ليكشف أنه هو حسن الهلالي الهارب من المتعقل فيتم عليه، غير أن بدران يكون قد قرر إعداد حسن في نفس اليوم وفي معتقل المغول ثم إعدام شقيقه عبدالجليل المسجون في نفس المتعقل ليتخلص نهائيا من كل ما يربطه بالماضي.
لكن حسن وجميلة يعلبها خادمة نور (علي الكسار) مع الجارية زمردة يستطيع حسن الهلالي الهروب من المتعقل والنجاة من الاعدام ليلحق بالتأثر عبدالجليل لانقاذه لنرى معركة شخصية بين الأمير عزالدين وبدران تنتهي بمصرع المستبد بدران ووصول الوالي (عبدالرحيم الزرقاني) مع عبدالجليل لتصحيح الأوضاع فيتسلم عبدالجليل رئاسة الشرطة ويخرج عز الدين من الولاية قاصدا السفر إلى بلاد بعيدة.
أما ياسمينة فبعد أن انقذت ابنها من مبارزة مع الأمير عزالدين دفاعا عن الده شاهين بك فانها وبعد أن حكت لابنها خيانة أبيه والزج بخطيبها ليلة زفافه في السجن فتقرر هى وابنها العودة إلى دمياط بعد أن وصلت الطرق إلى المفترق إلى أصابها، وبعد وفاة شاهين بك منتحرا بعد أن عرف شخصية الأمير عزالدين الحقيقة يعيد إليه صكا بمائة ألف دينار مقابل عشر قوافل تأتي إلى الولاية من الشرق والغرب يتفق الأمير عزالدين مع الشيخ غراب رئيس عصابة اللصوص (رياض القصبجي) على اعتراضها وبيعها في الشام لرد أموالها إلى أصحابها، وهكذا ينتصر الكونت دي مونت كريستو المصري (أنور وجدي) وتنتج آسيا فيلما كبيرا ضخماً لم تبخل عليه بأن تكاليف.
كتب السيناريو للفيلم وأخرجه أيضا المخرج الكبري هنري بركات وساهم فيه حتى فريد الأطرش بموسيقى رقصات زمردة (سامية جمال) وغنت فيه فاطمة علي وشهرزاد أيضا.