كتب : محمد حبوشة
فنان من طراز خاص، حقق نجاحات كثيرة من خلال أدواره المتنوعة، ولفت إليه الأنظار بأدائه التمثيلي المتميز، وحسه المرهف، وقدرته على التجسيد الدرامي، حتى نال إعجاب الجمهور، وأثبت أنه موهوب، وتكمن براعة الممثل وتظهر موهبته الحقيقية إذا أتقن دورا يختلف تماما عن شخصيته الحقيقية، وهذا ما برع فيه ضيفنا (في دائرة الضوء) لهذا الأسبوع من تقديم أدوار مختلفة على مستوى الشر الممتع ؟، ولطالما باتت أدوار الشر تحدياً أمامه كممثل، لكنه سعى في محاولاته لنقل الصورة التي يجسدها العقل عن الشر؛ تلك الصورة التي تحمل قدرا كبيرا من الوحشة، والخوف، والفزع، والألم، وذلك من زاوية أخرى حيث اتجه في تقديم شخصياته إلى مدرسة أقرب إلى الواقعية؛ فالشر جزء من تركيبنا جميعاً كبشر، والفارق الوحيد هو إرادة الإنسان والتي تتحكم في جزء الخير عن الشر فتنمي ما تريد منهما، وتكبح جماح الآخر.
أنه الفنان (ماجد المصري) الذي أصبح مؤخرا في قلب (دائرة الضوء) من خلال أداء احترافي مكنه بالضرورة من تقديم شخصيات حقيقية تعيش بيننا على اختلاف أشكالها وملامحها، صحيح أنه قد تختلف التفاصيل، فهناك الشر النفسي الجواني، وهناك الشرير العنيف أو الشرير الكريه أو حتى الشرير الساذج، وقدمت السينما المصرية عبر تاريخها، عددا من النجوم الذين ما زالوا يعيشون بيننا بأدوارهم الشريرة التى لطالما تظل فى أذهان الجميع، ولكن يظل عدد من النجوم يحتفظون بتألقهم وريادتهم في أداء أدوار الشر، حتى خلفهم جيل جديد ومنهم (ماجد المصري) فى لعب هذه النوعية من الأدوار، والتى حققوا من خلالها نجاحا كبيرا وأصبحوا (أيقونات الشر) فى الدراما والسينما.
ولد ماجد المصري في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، في 18 مارس عام 1963، وأثناء دراسته في مراحل التعليم المختلفة حتى الثانوي تلقى دروسًا في الرقص والغناء ساعدته في بداياته الفنية، وكان متفوق في الدراسة خلال التعليم الأزهري، فقد اتصف بالموهبة المميزة في الفن والتمثيل، ولكنه كان يحب التعليم ولم يبعد عنه حتى وصل إلى مرحلة الثانوية الأزهرية، فكان من الطلبة المتفوقين، ولكنه في هذا الوقت كان يحاول أن ينمي موهبته في التمثيل من خلال متابعة الأفلام والممثلين المصريين والتعلم منهم ومن مواهبهم، ومن هنا قدم الفنان ماجد المصري الكثير من الأعمال المميزة والرائعة في السينما والمسرح والتلفزيون، فهو من أشهر الفنانين المصريين الذين قدموا أدوار مختلفة مازالت خالدة في أذهان المشاهدين.
ولأنه يُعد واحدا من الفنانين متعددي المواهب، فهو ممثل ومغنى ومخرج إعلانات، استطاع بتعدد مواهبه أن يصل إلى قلوب الناس بعد أن شاهدوه في عدة أعمال متميزة، وذلك بعد أن اتجه (ماجد المصري) بعد التخرج من كلية الشريعة بجامعة الأزهر إلى الغناء في المهرجانات والنوادي الليلية، ودخل المجال الفني مع زوجته (منى إش إش) – آنذاك – كثنائي غنائي (ماجد ومنى)، حيث بدأ الغناء في الملاهي الليلية والفنادق، ثم قدم ألبوم غنائي بمفرده لكنه لم يلق النجاح، وتم اكتشافه كممثل من قبل المخرج حسام الدين مصطفى، وقدمه للسينما في فيلم (الجاسوسة حكمت فهمي 1994)، مع النجمة الكبيرة نادية الجندي، فقرر التخلي عن الغناء مقابل التمثيل.
شارك (ماجد المصري) في 1996 بأدوار ثانوية في أفلام: (المرأة والساطور، سارق الفرح وتفاحة)، ودخل مسلسل (التوأم) مع الفنانة ليلى علوي 1997، وكان لهذا الدخول لعالم التليفزيون دورا مهما في أن يحظى فيها بأعمال وشهرة كبيرة، كما حظي بدور مساعد في فيلم (امرأة وخمسة رجال) مع فيفي عبده وحسن حسني، وبدأ 1998 بمسلسل (أحلام العصافير)، تلاه أعمال أخرى مثل (أشغال شاقة، الحرب العائلية الثالثة، ست الستات، ومسلسل ألف ليلية وليلة)، وفي العام التالي قدم مسرحية (ملاعيب) التي تعد أول تجاربه المسرحي، ثم عاد في 2000 إلى السينما بمشاركة البطولة في (الكلام في الممنوع، زنقة الستات وفرقة بنات وبس)، وبعدها مسلسل (خيال الظل).
كرر (ماجد المصري) تجربته المسرحية في 2001 بمسرحية (ادلعي يا دوسة)، وشارك في العام نفسه بفيلمي (نحب عيشة الحرية واتفرج يا سلام)، وكان له مشاركة مهمة مع النجم الكبير الراحل كمال الشناوي في بطولة مسلسل (دواعي أمنية 2002)، وحصل على أول بطولة مطلقة في فيلم (فرار مومياء 2003)، ثم ظهر (المصري) ضمن مسلسلات تليفزيونية متنوعة مثل (مسلسل حرب الدخان في 2004، لا أحد ينام في الإسكندرية، أولاد الغالي، الحب بعد المداولة عام )2006، وهو العام نفسه الذي شارك فيه بمسرحية (ريا وسكينة في المارينا)، تلاها مسلسل (قلب امرأة) مشاركا إلهام شاهين البطولة في عمل هام وناجح ضمن مسيرته.
ظهر (المصري) في عمل مسرحي عام 2008 وهو (زي الفل)، تلاه ثلاثة مسلسلات: الهاربة (جزء أول)، قلب الخطر وعزيز على القلب، وعاد للمسرح في 2009 بمسرحية (يا دنيا يا حرامي) ومسلسلي (صبيان وبنات، ولا أملك إلا نفسي)، لكن مع بداية 2010 أصبح ماجد من أهم رموز الدراما المصرية مشاركا بأعمال ضخمة الإنتاج أبرزها: (تلك الأيام )2010، ثم (آدم 2011) مع تامر حسني، و (مع سبق الإصرار 2002) إلى جانب غادة عبد الرازق، (لعبة الموت 2003) مع سيرين عبد النور، و(كلام على ورق 2004) من بطولة هيفا وهبي، إضافة لكون هذه الأعمال متعددة الإنتاج حققت نجاحا كبيرا ونجومية عربية لماجد خارج حدود مصر.
ونظرا لنجاحه بمشاركة البطولة مع نظرائه من نجوم الدراما العربية فقد جعل منه ممثلًا مرغوبا ضمن الأعمال ذات الإنتاج الضخم والمشترك والتي نجح معظمها بتحقيق نسب مشاهدات عالية وتقديم محتوى درامي جيد، ومن ثم كان 2015 عاما حافلًا بالنسبة لماجد، حين شارك البطولة في: (عيون القلب، علاقات خاصة وقصة حب)، وظهر في العام التالي بمسلسل (مدرسة الحب) ضمن طاقم مكتظ بالنجوم العرب، ثم تكرر ظهوره مقابل غادة عبد الرازق بمسلسل (الخانكة) المهم، تلاه دور رئيسي في مسلسل (الطوفان 2017)، والذي قدم منخلاله دورا لامس فيه مساحة من الكوميدية الخفيفة التي كسرت حدة التراجيديا في المسلسل الاجتماعي الذي عاني من التفسخ العائلي على أثر النزاع على الميراث، والذي أدي اتفاق الإخوة على قتل الأم بطريقة مأساوية.
عاد (ماجد المصري) عام 2018 بأدوار رئيسية إلى عالم السينما بعدة أفلام ناجحة أولها (عقدة الخواجة)، ثم (البدلة ) إلى جانب تامر حسني، وكذلك (الكهف وكارما)، تخللها مشاركته في مسلسل (كلبش) بجزئه الثاني، وحقق مسلسل زلزال 2019 الذي ظهر فيه مع محمد رمضان شعبية كبيرة، كما عرض له في نفس الفترة مسلسل (بحر) من بطولته المطلقة، وكانت له عودة قوية إلى المسرح في 2019 عبر بطولة المسرحية الكوميدية (لوكاندة الأوباش)، وظهر في العام نفسه كضيف شرف ضمن فيلم (ولاد رزق 2: أسود الأرض) الناجح تجارًيا.
وعرض له مؤخرا في نهاية 2020 مسلسل (الوجه الآخر) مع النجمة العربية (نسرين طافش)، وقدم من خلاله دورا من أروع أدواره في الدراما المصرية على جناج النضج والعزف على أوتار الرومانسية التي لم تنفي عنه إظهار وجه الشر الذي تمتع به في غالبية أعماله، وشارك الفنان ماجد المصري في مسلسل (الاختيار)، حيث قدم دورا مميزا في هذا العمل الفني الضخم، قام بدور النقيب هشام الذي كان يسير جنباً بجنب مع البطل المصري أحمد المنسي، وكما هو معروغ فقد درات أحداث المسلسل حول (أحمد المنسي) الذي استشهد نتيجة لتنفيذه مهمة وطنية للكشف عن العناصر الإرهابية التكفيرية في سيناء ضد الإرهابي هشام عشماوي، وهو من أهم المسلسلات التي عرضت في ملحمة رمضان 2020 ،وحصل على أعلى نسب مشاهدة من الجماهير المصرية والعربية.
وعن أصعب الشخصيات التى قدمته (ماجد المصري) في مشواره الفني هي شخصية (سيف الحديدى) في مسلسل (آدم)، لأنها على حد قوله: كانت شخصية ضابط شرطة سادي يتعامل بعنف شديد مع الأشخاص الذين يحقق معهم، حتى إن تلك الشخصية أثرت علي في حياتي الشخصي، وكان المخرج بيقولي إن مينفعش أخرج بره الشخصية دي حتى بره اللوكيشن، فكنت بدخل مبسلمش على أي حد، والمفاجأة أن الضرب اللي في المسلسل كان حقيقيا وأنا إيدي كبيرة وقوية، والوحيد اللي مكنتش بقدر أضربه هو الفنان حجاج عبدالعظيم، جه قالي أنا ودني دي بايظه قولتله هضربك على التانية، المهم كان كل ما آجي ألمسه يخبي وشه ويصرخ من الخوف، بطريقة كوميدية فكنت ببعد عنه وبروح على اللي بعده من كتر الضحك.
أما عن قدوة الفنان المبدع (ماجد المصر) في مجال التمثيل فيقول: هو الفنان العالمي (أنتوني هوروويتز)، والذي يعد من أهم فناني العالم ذى الشخصية المركبة والتركيبة النفسية المزدوجة، وهذا ما ألجأ له وسبق أن قدمت بعض الشخصيات المركبة ومنها (زياد الرفاعي) بمسلسل (مع سبق الإصرار) الذي خدع المشاهدين لمدة 60 حلقة بأنه الفتى الوسيم الرومانسي ليفاجأ الجمهور فيما بعد بشخصية تحمل الكثير من الشر والعنف، ومع ذلك فإن البطولة المطلقة لا تفرق معي شئ ولا تشغلني، فأنا متواجد منذ فترة كبيرة ولي جمهوري والناس حبتني، فأنا دائما بطل في أعمالي، الدور الجيد هو الذي يجذبني سواء دور أول أو ثاني.
بقى لنا القول أن (ماجد المصري) جراء اجتهاده والعمل على نفسه ومعايشته الكاملة التي لهعلها في السينما والمسرح والتليفزيون استحقت التقدير والاحترام، ومن حاز بعض الجوائز المهمة التي تضيء مسيرته الفنية، ومنها: تكريمه من اتحاد المنتجين العرب في الأردن عام 2005، وتكريمه عن مجمل أعماله الفنية من مهرجان (روتردام) للأفلام السينمائية بدورته العاشرة، وأيضا تكريمه في الدورة العاشرة لمهرجان (فرسان الجودة) بالتعاون مع مؤسسة الأيزو العالمية في دبي 2013، فضلا عن فوزه بعدة جوائز مصرية وعربية عن غالبية أعماله.. تحية تقدير واحترام لماجد المصري لاعب الشر في الدراما المصرية والعربية.