* لحن وألف 6500 أغنية ومقطوعة موسيقية
* 98 مطرب ومطربة من كبار المطربين غنوا ألحانه
* أول لحن له كان (ما أحلاها) لنصري شمس الدين
* لحن لفيروز (دخلك يا طير الوراور) فى خمس دقائق
* تم غناء لحن (حنا السكران) فى العديد من دول العالم منها روسيا وأسبانيا
* تركيا سرقت منه (250) أغنية منذ عام 1965 وحتى 2015
* ندم على لحن (سلامات سلامات) الذي غناه وائل كافوري
* صابر الرباعي سرق منه موسيقى (نينا ماريا) وقدمها في أغنية (اتحدى العالم)!
* ألف العديد من الكتب مثل (الذئاب تصلي)، (نافذة العمر).
كتب : أحمد السماحي
لم يكن نبأ رحيل الموسيقار اللبناني العبقري (إلياس الرحباني) الذي رحل عنا أول أمس الاثنين مفاجئا خاصة بعد إصابته بفيروس كورونا وكبر سنه (83 عاما)، فكانت لبنان فى حالة انتظار مشفقة بآمل ألا يتعذب أو يتألم الجسد الواهن لأحد عباقرة الموسيقى الذي ظلمته شهرة شقيقيه (الأخوين منصور وعاصي الرحباني) العريضة على مستوى العالم العربي، وتقديمهم موسيقى مصحوبة بالغناء بصوت واحدة من ملائكة الغناء الحديث وهى جارة القمر (فيروز)، عكس (إلياس الرحباني) الذي اعتمد معظم شغله على التأليف الموسيقى الذي لا يحظى بشهرة عريضة فى العالم العربي توازي شهرة الغناء.
وبالتالي وقع ظلم كبير على الأخ الأصغر (إلياس الرحباني) الذي كانت حياته عميقة بغزارة إنتاجه الموسيقي والغنائي الذي لم يتوقف على امتداد ستين عاما، وعبقرية الإبداع وغزارته لا علاقة لها بطول أو قصر سني الابداع وسنوات العمر، علاقاتها تكمن فى ارتباط الفنان بمجتمعه بقدر ما تكون الموهبة أصيلة وسخية وابتكارية، وبقدر ما يكون أصدق تعبيرا عن (جوهر) أمته وانسانيته، وأعمق أثرا في إلهامها وتنويرها وتوحيدها وتحريكها نحو أشواقها وطموحاتها، بقدر ما تكون العبقرية ويكون الخلود.
وخلال رحلة (إلياس الرحباني) شغل الناس وانشغل بهم، وقدم لهم العديد من الأغنيات المليئة بالبهجة والمرح والأمل، والمؤلفات الموسيقية التى لا تنسى، فمن منا ينسى موسيقى (حبيبتي، ودمي ودموعي وابتساماتي، وأجمل أيام حياتي، هذا أحبه وهذا أريده) وغيرها من الآلاف من المقطوعات الموسيقية التى ارتقى فيها بمشاعرنا ووجداننا وهذب أرواحنا.
كما قدم الموسيقى التصويرية والألحان لمسلسلات: (ألو حياتي، ولا تقولي وداعاً، وعازف الليل، وديالا)، وهي جميعها بطولة (عبد المجيد مجذوب، وهند أبي اللمع) وغيرها من الأعمال، وأنتج وألّف عدة مسرحيات منها: (وادي شمسين، سفرة الأحلام، إيلا).
واستطاع (إلياس الرحباني) أن يكون مواكبا للعصر فى كل آن، وخرج على الناس بالرائع والمتميز فى بعض الأحيان، فكان له فكره الموسيقى المختلف والمتطور والمتجدد، وحاول كثيرا التمرد على الأشكال الموسيقية المتعارف عليها.
كثيرة ومتشعبة كانت اهتمامات الراحل (إلياس الرحباني) الموسيقية، فهو قاد الأوركسترا لعزف عدد كبير من ألحانه في كونسيرتات عديدة ما بين لبنان وعدد من المسارح العربية، ورفض قيادة الأوركسترا السيمفوني لدولة فرنسا.
شقيقته تعلمه العزف على البيانو
ولد (إلياس الرحباني) في قرية أنطلياس من قضاء المتن في محافظة جبل لبنان، شمال بيروت، عام 1938، فى أسرة تتكون من ثلاث أشقاء، وثلاث شقيقات، وفى سن الخامسة رحل والده، فعاش في كنف الأخوين (عاصي ومنصور) اللذين أشرفا على تربيته ونشأته الموسيقية، واللذين يكبرانه بحوالي 13 و14 عاما، وعندما وصل لعمر الثامنة وجد (بيانو) فى منزلهم مثل عادة كثير من الأسر اللبنانية و المصرية فى الثلاثينات والأربعينات، ووجد شقيقته (سلوى) تعزف على البيانو بمهارة حيث تعلمت العزف في مدرسة الراهبات، فطلب منها أن تعلمه، وبالفعل قامت بتعليمه العزف على البيانو، وزاد تعلقه وحبه للموسيقى بعد أن وجد شقيقيه (عاصي ومنصور) يشقان طريقهما بنجاح فى عالم الفن.
أستاذة فرنسيين
لفت عزفه انتباه أشقائه فقرروا تقديم أوراقه فى الأكاديمية اللبنانية لدراسة الموسيقى، ثم المعهد الوطني للموسيقى، إضافة إلى تلقيه دروساً خاصة لمدة 12 عاما، تحت إشراف اثنين من الأساتذة الفرنسيين في الموسيقى، في التاسعة عشرة من عمره (1957) أراد التوجه إلى روسيا ليكمل دراسته الموسيقية، لكن إصابة في يده اليمنى منعته من ذلك، وكاد هذا الحلم أن يصيبه بصدمة عظيمة له، لكنه صمم على المتابعة بيده اليسرى، ووجه اهتمامه إلى مجال التأليف الموسيقي.
وفي العشرين من عمره عام (1958) استدعته إذاعة (بي بي سي) البريطانية بفرعها في لبنان، وتعاقدت معه على تلحين 40 أغنية و13 برنامجاً، وبالفعل كتبهم ولحنهم ووزعهم، فكان ذلك أول عمل رسمي له بأجر بلغ (3900) ليرة لبنانية.
لحن لـ (98) مطرب ومطربة
كان عام 1962 محطة رئيسة في حياته، فقد بدأ فيه التعاون مع المغنين المعروفين، بأغنية (ما أحلاها) التى أعجب بها المطرب (نصري شمس الدين)، وتوالت أعماله لكبار المطربيين فغنت له السيدة فيروز (لاتجى اليوم، إيفيفا، كان عنا طاحون، دخلك يا طير الوروار، ليل وأوضة منسية، معك يا حبيبي، يالور حبك)، وقدم لوديع الصافي الكثير من الأغنيات نذكر منها (يا بومرعي، يا قمر الدار، جينا الدار يا أهل الدار، قتلوني عيونا السود، البياعين وموال الصيف، بدنا ناكل، غزلان بلادي، غيم يا صيف)، ولحن للشحرورة صباح أكثر من 65 أغنية (يا حبيب القلب حبيتك، وقالوا عني مجنونة، وليالي الحب، وميلوا علينا، ونوسي نوسي، وهاشلي بربارة، وهالي، ولد يا ولد، ورقصني دخلك يا حبيبي، وعدوني ونطروني).
كما لحن لكلا من جورجيت صايغ (ياي ياي يا ناسيني، ورقصة زينا)، محمد جمال (كنا أنا وأنت)، عايدة (يا ريت تعود، في بيت شبابيك حمر)، رونزا (قولك)، جوزيف ناصيف (بذكر من زمان)، سامي كلارك (آه على هالأيام) وغيرهم من المطربين الذين تعاون معهم كما ذكرهو حوالي (98 ) مطرب ومطربة منهم (سامي كلارك، ماجدة الرومي، ملحم بركات، جوليا بطرس، باسكال صقر، هيفاء وهبي) كما لحن العديد من الأغنيات الأجنبية لكثير من المطربين الفرانكو آراب.
أول من قدم ألبومات للأطفال
لم يقتصر نشاط (إلياس الرحباني) على التأليف الموسيقى، ووضع الموسيقى التصويرية للأفلام والمسلسلات، أو تقديم مسرحيات غنائية، ولكنه فاجأ الجميع فى بداية السبعينات بتقديم ألبوم غنائي للأطفال، كان الجديد فيه غناء أطفاله (غسان وجاد) للأغنيات، ولم يلجأ إلى مطرب مشهور أو مطربة معروفة فى هذا الألبوم، ولكنه قدم رسائله التى يريد توصيلها من خلال الأطفال، وحمل الألبوم الذي كتب كلماته وألحانه إسم (حكايات وأغاني الأطفال)، كان يتضمن أغنيات (كلن عندن سيارات، طلع الضو عالوادي، عيدك يا ماما، فصول السني، فى عنا شجرة، شتي شتي، عمي بو مسعود، خلصت السني، البطة بتعمل، مبروك يا بابا، يلا نعمر).
صابر الرباعي يسرقه
عام 2004 صدرت أغنية (أتحدى العالم) غناء المطرب (صابر الرباعي)، وعندما أستمع إليها (غسان) ابن موسيقارنا الراحل، اتصل بوالده وأخبره بالتشابه المطبق بين لحن الأغنية ومقطوعة (نينا ماريا) التى ألفها والده فى فترة السبعينات في حب زوجته (نينا خليل) فاعترض إلياس لدى الشركة المنتجة (روتانا)، لكنهم لم يقبلوا التفاوض معه، مما أدى إلى رفع دعوى ضد الملحن والشركة في القضاء اللبناني لأجل حقوق الملكية، فتم إجراء تحقيق فني متخصص من قِبل لجنة الاستماع في جمعية المؤلفين والملحنين، وربح (إلياس الرحبانى) الدعوى بصدور حكم بإلزام الشركة بسحب الألبوم من الأسواق وإضافة اسمه عليه.
إلياس يتحدث
فى أحد برامجه التليفزيونية صرح الموسيقار الراحل (إلياس الرحباني) بأنه ألف ولحن ووزع حوالي (6500) أغنية ومقطوعة موسيقية وإعلانات تليفزيونية، واتهم تركيا بأنها سرقت منه حوالي 250 أغنية ومقطوعة موسيقية منذ عام 1965 وحتى عام 2015، وأحد المسئولين الكبار حاول الصلح معه.
وأكد في الوقت ذاته ندمه على لحن (سلامات سلامات) الذي قدمه للمطرب الرائع الصوت (وائل كافوري) الذي أداه بطريقة سيئة.!
وصرح (الرحباني) بأنه لحن أكثر من أغنية فى خمس دقائق أشهر هذه الأغنيات (دخلك يا طير الوروار، ياي ياي يانسيني، موري موري).
فيروز تنعي إلياس
نعى كبار الشخصيات السياسية والفنية الموسيقار الراحل (إلياس الرحباني) حيث نشرت الصفحة الرسمية للسيدة (فيروز) مقطع فيديو اختصر جملاً ومراحل زمنية ذهبية واكبها العالم المحب لموسيقى العمالقة الرحابنة منصور وعاصي وإلياس، وقدمت لجمهور الرحابنة مقطع فيديو ثميناً بفحواه، تضمن موسيقى من تلحين “الأخوية الرحبانية” لأغنية (هجروا الأحبا الحارة).
كما أعادت (ريما ابنة فيروز) نشر الفيديو نفسه، مودعة على طريقتها عمها بعبارة: (بخاطرك وسلملي ع الحبايب).
وكتب (راغب علامة) عبر حسابه على التوتير: (يا ضيعانك يا صديقي إلياس الرحباني الرحمة لروحك الحلوة، برحيلك رحلت قطعة رومانسية كبيرة من بلدنا الجريح وراح الكثير من الأغاني التي تزرع الفرحة والراحة والحب، وراح عمود من أعمدة بعلبك، وراحت الروح الحلوة التي تجسدت بكلماتك وجملك الموسيقية السهلة لدرجة الصعوبة.. إلى جنة الخلد)
كما نعاه رئيس الوزراء اللبناني المكلف (سعد الحريري) على تويتر قائلا : (إلياس الرحباني .. غصن آخر من الشجرة الرحبانية يهوي بعد مسيرة حافلة في الإنتاج الموسيقي الراقي، أحر التعازي لزوجته وأولاده وعموم عائلته ومحبيه).
وكتبت الفنانة (كارول سماحه): رحل كبير من بلادي وأخذ معه أجمل حقبة موسيقية في تاريخ الأغنية اللبنانية .. وداعا إلياس الرحباني، شكرا لعطائك، ولوفائك لوطننا لبنان، أعمالك خالدة في الذاكرة والوجدان، أتقدم بأحر التعازي للعائلة الرحبانية أجمع وبالأخص (نينا، جاد، وغسان).
العباقرة لا تموتون
العباقرة لا يموتون .. وسيبقى (إلياس الرحباني) حيا بأعماله الراقية التى استعرضنا منها جزء قليل، وعندما يزورنا القبح ويزداد الإنحدار الغنائي سنبحث عن مؤلفاته الموسيقية ومسرحياته الغنائية نروى بها عطشنا الروحي إلى كل ما هو أصيل وجميل.