بقلم : محمد حبوشة
في وقت عجزت فيه كافة وسائل الإعلام المصرية (مكتوبة ومسموعة ومرئية) عن التصدي لأكاذيب مستمرة ترددها قنوات الإخوان الإرهابية وكتائبها الإلكترونية، بشأن الاقتصاد المصري، ومحاولة التأثير عليه في ظل الإنجازات التي تشهدها الدولة المصرية من مشروعات ضخمة، واقتصاد قوي صمد أمام الأزمات وعلى رأسها جائحة كورونا، فعلى مدار الفترات السابقة رددت الجماعة الإرهابية عددا من الأكاذيب بشأن الاقتصاد في محاولة منها للتأثير على صموده في تلك الفترة، وذلك بإثارة الرأي العام بطريقة خبيثة.
ووالعجيب في الأمر أنه خلال فترة الأيام القليلة الماضية قبل رحيل عام 2020 ذكرت وسائل إعلام محسوبة على جماعة الإخوان الإرهابية مجموعة أكاذيب شيطانية تقل: أن الحكومة المصرية تستهدف زيادة الضرائب على المصريين خلال السنوات المقبلة، وذلك في محاولة منها لإثارة الرأي العام ضد الدولة المصرية، صحيح أن وزارة المالية سرعان ما واجهت هذه الأكاذيب مؤكدة أن وسائل إعلام الإخوان تلاعبت في تصريحات صادرة عن الدكتور محمد معيط، وزير المالية، واقتطاع جزء منها لتزييف وتغيير معناها، وكان هذا الرد هو بمثابة رد فاضح لهذه الأكاذيب، حيث أكدت الوزارة أن الدولة المصرية الحالي تستهدف تخفيض الضرائب على أصحاب الدخول الأقل، وتقليص الضرائب، وتبسيط النظام الضريبي، خصوصاً المتعلق بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
لكن كعادتها لم تتصدى لتلك الأكاذيب كل قنواتنا الغارقة في وحل التسلية، حيث تبارت ليلة رأس في اسضافة نجوم الغناء الشعبي كعدوية وبعض مطربي الراب الذين لاأعرفهم، فضلا مؤديي المهرجانات (عمر كمال وحمو بيكا) وغيرهم، بالإضافة لنجوم الغناء التقليديين كـ (صابر الرباعي وأحمد جمال)، وذلك دون حصر دقيق يمكن أن يلم بكافة الإنجازات التي تحققت خلال 2020 ، بحيث يمكن أن ترد على تلك الأكاذيب الإخوانية التي راحت تبثها عبر وسائلها المختلفة ومنها أن نشر موقع (العربي الجديد)، التابع لإعلام الجماعة الإرهابية، حملة من الافتراءات، لتشويه الإنجازات على أرض مصر، إذ روج مؤخرًا لمعلومات مضللة حول وضع الاقتصاد المصرى، وخاصة فيما يتعلق بالاقتراض الخارجي، وفي تقرير له تحت عنوان (مصر تطلب دعما دوليا لسداد الديون)، قال أن الاقتصاد المصري يعاني بسبب الديون، مشيرًا إلى أن الديون الخارجية المصرية وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، وأنه يتم إهدار الأموال في مشروعات تفتقد إلى الجدوى الاقتصادية، وإغراق البلد في الديون.
وجراء هذا التقرير الذي يقطر سما وفي غياب تام من جانب برامجنا وقنواتنا جاء الرد من المؤسسات الدولية والاقتصادية، ووفقا لخبراء ومسؤولين فإن الدين الخارجي المصري في الحدود الآمنة، كما أن مصر تسدد ديونها قصيرة الأجل، وتستبدلها بمحفظة قروض طويلة الأجل يمتد بعضها لـ 40 عامًا، وهو ماكان يتطلب أن تجتهد (برامج التوك شو) التى راحت غابت عن المشهد المرتبك الذي يشكل خطورة كبيرة بشأن تلك الأكاذيب، وذلك بالاستعانة بهؤلاء الخبراء لعرض رؤيتهم التحليلية للموقف المصري الحالي، بدلا من إعادة حلقات برامج فاشلة مثل برنامجي (قهوة أشرف) المرتجع من بعض الفضائيات الخاصة، و(أنا وبنتي) المكرر أيضا، رغم أنه يتمتع بقدر من السماجة والرزالة والاستخفاف من جانب (شريف منير) وابنته التي لاتحظى بأي قبول لها على الشاشة.
كنت أرقب تلك الأكاذيب الإخوانية عن كثب وأدوس على الريموت بين الحين والآخر متجولا بين القنوات المصرية لأجدها في واد آخر، وكأن الأمر لايعنيها، بينما استمرت وسائل الإعلام الإخوانية في بث أكاذيبها ضد الاقتصاد المصري، مستهدفة صندوق مصر السيادي، زاعمة غياب أى رقابة عليه أو أنه باب لخصخصة أصول الدولة، معتمدة على الشائعات من أجل نشر الفوضى والتشكيك في أي خطوات تتخذها الدولة المصرية من أجل التطوير والنهوض بالبلاد.
وكالعادة أيضا لم يجد الرد الحكومي الذي فند وكشف مزاعم تلك الجماعة الإرهابية، أي صدي من جانب قنواتنا لو حتى من باب زر الرماد في العيون بإذاعة رد وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الذي أكد على أنه لا صحة لتحصين صندوق مصر السيادي ضد الرقابة، مُوضحةً أن الصندوق السيادي يخضع للرقابة بشقيها المالي والقانوني، كما يتم مراجعة حساباته من قبل مراقبي حسابات أحدهما من الجهاز المركزي للمحاسبات، والآخر يعين من بين المحاسبين المقيدين لدى البنك المركزي أو الهيئة العامة للرقابة المالية، وقد جاء الصندوق في المركز الـ 43 بالتصنيف العالمي للصناديق السيادية وفقاً لمدى تطبيقه مبادئ الحوكمة، واستقلاليته عن الدولة.
كتمت غيظي جراء برامجنا وقواتنا على مضض، لكنى لم أغفر للتليفزيون المصري (ماسبيرو) جناية عدم الرد على محاولات إعلام الإخوان الإرهابي لاستهداف اقتصاد البلاد خاصة الفقراء ورقيقي الحال من أبناء الشعب المصري الذين يصرفون على (ماسبيرو) من جيوبهم جراء جباية متعسفة لضرائبهم، ففي وقت روجت قنوات الإخوان ومواقعها، إن اتجاه مصر تخفيض حصة المصريين من الخبر من خمس إلى ثلاثة أرغفة فى اليوم للفرد الواحد، لم يتصدى تليفزيون الدولة لكشف هذه الأكذوبة، رغم أن التموين أكدت عدم وجود أى نية لدى الدولة لتخفيض عدد الأرغفة أو المساس بالأمن الغذائى للمواطن المصرى، وأنها لا تزال مستمرة فى دفع الفرق بين الخمس قروش التى يدفعها المواطن والسعر الفعلى لرغيف الخبز.
وبينما نحن مشغولون بسخف وداع 2020، لم تترك الجماعة الإرهابية، مشروعا أو إنجازا اقتصاديا إلا وشككت وروجت أكاذيبها حوله من أجل إثارة الرأي العام المصري حول، حيث رددت الجماعة الإرهابية الكثير من الشائعات والأكاذيب حول الفائدة من قناة السويس الجديدة وجدواها اقتصاديا، وذلك بالتزامن مع افتتاح المشروع في 2015، وهو ما ثبت كذبه على مدار هذه الأعوام، لاسيما بعد أن بلغت عائدات قناة السويس بالجنيه المصري خلال العام المالي 2018 – 2019 حوالي 104.2 مليار جنيه.
وفي ظل غفوة قنواتنا النائمة في عسل الغباء، واصلت وشككت الجماعة الإرهابية في كل الإنجازات، حيث روجت أكاذيبها بشأن مشروعات الطرق في محافظات مصر، لمحاولة جديدة منهم في استمرار الأكاذيب لتشويه إنجازات الدولة، وللأسف لم تبرز قنواتنا رد الدولة الذي تحدث على أرض الواقع ، فقد استطاعت الدولة تنفيذ 7 آلاف كم طولي، بتكلفة 175 مليار جنيه، ليصل إجمالي شبكة الطرق الرئيسية إلى 30 ألف كيلو حتى العام الماضى، وشملت المشروعات العديد من المحاور والطرق الرئيسية الكبرى التي تربط بين المحافظات، وغيرها من الإنجازات غير المسبوقة في الطرق التي لم تشهدها مصر من قبل.
والذي أغاظني أكثر وأكثر أنه في ظل تلك الأجواء من فوضى الشائعات الإخوانية التي تستهدف النيل من إنجازات الرئيس عبد الفنتاح السيسي لفت نظري إعلان (شركة المتحدة للخدمات الإعلامية) عن حدثها الأكبر في الاحتفال برأس السنة الميلادية عبر عرض أسطوري من فوق كوبري (تحيا مصر)، يتم من خلاله عرض إنجازات الرئيس أمام العالم الذي يرقب ذلك الحدث، ولكن لست أدرى من صاحب تلك الفكرة الساذجة التي لاتعكس سوى خواء فكري، فقد انطلقت ألعاب نارية لاتحمل أية دلالة تاريخية أو حضارية لمصر، وكأننا في عرض شو بإحدى المسارح المعنية بهذا الضجيج الذي يجلب الصداع لرءؤس المصريين المتعبين بعناء عام يودع أنفاسه الأخيرة وهو قابض على موجة ثانية من فيروس كورونا.
ولدي سؤال حائر: ألم يدر بخلد ببال مخترع هذه الفكرة من الألعاب النارية أن يطلقها من الأهرامات (مثلا) حيث ترقد الحضارة المصرية هنا حول أبو الهول، وهو الأمر الذي يمكن أن يعكس وجه مصر الحضاري، أو فكر في إطلاق تلك الألعاب النارية من العاصمة الإدراية (درة تاج) إنجازات السيسي في مصر الآن، ثم ألم يخطر ببال القائمين على تلك الألعاب النارية أن يطلقوها من أنفاق قناة السويس، أو حتى من قصر عابدين الذي يحمل دلالات تاريخية مهمة .. حقا إنهم سفاء أساءوا لإنجازات هذا الرئيس البطل الشجاع الذي حقق إنجازات عجز عنها قرنائه من السابقين، ومن ثم كان يستحق أن تكون الاحتفالية بحجم الإنجاز وليس هكذا تورد الأبل ياسادة الإعلام المصري .. وتبقى خسارة مصر في أبنائها كبيرة للأسف.
أما كبيرة الآسافى التي أخجلتني شخصيا وأخجلت المصريين جميعا، هو ما قامت به قناة (سكاي نيوز عربية) بالنيابة عن كل القنوات المصرية، ففي عصر يوم 28 ديسمبر 2020، وفي إطار جردة حسابها في نهاية عام على وشك الرحيل، بثت قناة (سكاي نيوز عربية) فيديو عبارة عن 4 قائق و26 ثانية فقط لاغيراستطاعت من خلاله التفوق على كافة القنوات المصرية (الحكومية والخاصة) في رصد وجه مصر الحضاري، كما جاء بسواعد أبنائها الذي يضيئون وجه الدنيا بإنجازاتهم في سبيل الإنسانية، جاء فيه :
هى ثقافة الإنجاز وصناعة الذات فعلها أبناء النيل واعتلوا سدة التكريم في الرياضة قاريا وعالميا .. مصر بمنتخباتها وقطبيها احتكرت الألقاب وصنعت الأبطال .. تألق (صلاحها) في أقوى دوريات العالم وكان الهداف التاريخي، واعتلى (رامي) الكبير منصة الأقوياء التي يحلم بها الملايين.
موسوعة جينيس ملىء بأسماء المصريين اللامعة، فليس أقل منها في بلد يطل على بحرين ويتوسطها نهر عظيم، أن يحطم غطاسها (صدام الكيلاني) الرقم العالمي بالبقاء نحوأسبوعين تحت الماء.
في الفن هم رواده بأهرامات الغناء والموسيقى وفي السينما أبدعو فنالوا أرفع جوائزها العالمية بجيلين .. هم أهل الابتسامة ومنهم زعيمها وعباقرة صناعها.
مئة مليون وأكثر يعيشون بجواز الكنوز وفوقها، وفي كل يوم تميط الحضارة اللثام عن أسرارها في بلد من عجائب الدنيا .. كل ذلك وأكثر لكن لمصر كنوز لاتقدر بثمن.
عشرات العلماء المصريين انتشروا في شرق الأرض وغربها .. علومهم غيرت وجه المعرفة في أمريكا وبريطانيا وألمانيا والصين واليابان وغيرها.
عبقري الكمياء (أحمد زويل) الذي نال جائزة نوبل عام 1999 عن اختراعه ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره (فيمتو ثانية)، وحفر الدكتور (مصطفى السيد) اسمه من دهب حين ابتكر علاجا للسرطان بمركبات دقيقة من الذهب، ونال أعلى وسام أمريكي في العلوم (قلادة العلوم الوطنية).
البروفيسور (مجدي يعقوب)، نقل جراحة القلب إلى عالم آخر أقرب للمعجزة، لقبه الإعلام البريطاني بـ (ملك القلوب)، ومنحته الملكة إليزابيث لقب السير، وفي الفضاء كان (فاروق الباز) أبرز علماء وكالة ناسا باكتشافه جولوجيا القمر واختيار مواقع الهبوط عليه، ودرب رواد الفضاء في بعثات (أبوللو) على اختيار عينات من تربة القمر وتحليلها.
(أبو بكر الصديق بيومي)، أفضل عالم رياضيات في العالم عام 2010، رفض جميع الجنسيات الأجنبية حفاظا على هوية أولاده وانتمائهم لمصر، أما اليابان فإنها تدين للعالم المصري (شريف الصفتي) الذي ساهم اكتشافه في التخلص من الإشعاع النووي بعد كارثة مفاعل (كوكشين)، ورشحته طوكيو لجائزة نوبل لقاء ذلك عام 2013.
وتفخر ألمانيا بالمهندس المصري (هاني عازر) الذي صمم محطة قطارات برلين الأضخم في العالم، وكرمته أنجيلا ميركل بوسام الجمهورية الألمانية، وفي علوم الكمبيوتر يدين صناع التكنولوجيا للدكتور (مجدي بيومي) الذي ابتكر دوائر الكترونية تجعل الكمبيوتر يفكر بطريقة تشبه مخ الإنسان.
الطيران يحمل أيضا بصمة مصرية عبر (هاني مصطفى)، أبرز مهندس في صناعة محركات الطائرات والحائز على عشرات براءات الاختراع في تطوير محرك الطائرة ورفع كفاءته.
وقبل أن يقفل عام 2020 أبوابه برز اسم الباحثة المصرية (إلهام فضالي) التي صنعت أهم إنجاز عالمي في الفيزياء عن أبحاثها في التكنولوجيا الضوئية.
والختام في تاج العلوم وروحها وكأن العالم أراد أن يمنح شعراء مصر وكتابها بأكملهم جائزة نوبل حين منحها للعملاق نجيب محفوظ.. مصر المحروسة تتبختر بعقولها وأهلها، وقالوا عن المصريين إن في كل واحد منهم همة تغازل طموحه نحو القمة.
هكذا تبدو مصر في عيون إعلام الأشقاء العرب، بينما تبدو الصورة ضبابية كسيحة في عيون إعلامي مصر الذين يغرفون الملايين وتملتئ بطونهم إلى حد التخمة التي أعجزت عقولهم عن الابتكار في العلوم والمعرفة التي يمكنها التثقيف والتوعية ورد أكاذيب جماعات الشر التي تحيط بنا .. أليس هذا من صميم وظيفة الإعلام يا سادة الإعلام؟!