كلام X الإعلام (14)
بقلم : على عبد الرحمن
كل عام وحضراتكم ومصر وأهلها بخير بفضل الله، ولقد تعودنا من الإعلام في أرجاء المعمورة أن يقدم في الأسبوع الأخير من كل عام أو في ليلة رأس السنة حصادا لعام مضي يتم انتقائه بعناية بحيث يعرض أهم ماتم لصالح الوطن ومواطنيه، ورغم سرعة الإنجاز وتنوعه وارتفاع تكلفته وأهميه مردوده جماهيريا إلا أن إعلام مصر في ليلة رأس السنة إفتكس – كعادته – شيئا لم يألفه الإعلام ولا يمت للإعلام الحديث بصلة فلم يقدم حصادا جماهيريا ولم يقدم تهنئة من قائد لشعبه أو من شيخا لمريديه أو من بابا لمحبيه، أو من مشهور لجمهوره.
ولكن قدم منظرا ثابتا لصواريخ تطلق في الهواء، ليتها عند أهرامات مصر، أو علي صفحات نيله أو في شوارع عاصمته ومدنه أو ليتها فوق قناة السويس أو تحت أنفاقها أو فوق طرقه وكباريه أو من داخل العاصمة الإداريه، أو من مدينة العلمين أو من داخل أي إنجاز ضخم تحقق، ولكنه كان فرحا بلديا تتناثر فيه أضواء الألعاب النارية بدون هدف أو معزي أو رسالة في مكان ما لا يعلمه إلا الله ومنظمي هذا الوصلة البلدي من إفلاس الإعلام ومحركيه.
وبدلا من عرض تهنئة من القائد لشعبه أو عرض إنجاز تحقق نجد وسط هذا العرس الشعبي المصطنع ألعابا نارية وشاشة تضيق عن عرض الإنجاز بتفاصيله، اللهم لا لشئ إلا لنري هذه الألعاب الناريه تتطاير بلا رؤية وكالدبة التي قتلت صاحبها في تمام الثانيه عشر مساء ومع أول لحظات العام الجديد والناس إما في منازلهم أو في سهراتهم أو يتطلعون لجديد نتفاءل في أول لحظات عامهم تري هذه الشاشات تتخبط في هذا العرس البلدي، فلا احتفال مبهج تم ولا جديد تم تقديمه ولا حصادا أراح الكثيرين مما يحملون هموم اليوم للغ، ولا تهنئة واجبة تم تقديمها، ولا ترفيهيا تم في ليلة تم منع الناس حرصا على سلامتهم من الاحتفال بسبب كورونا.
وقد تضر تلك الافتكاسات أكثر من تخيل صانعوها أنها تفيد، فمن العبقري صاحب هذه الفكره السطحية ومن النوابغ الذين فكروا وخططوا ونفذوا وأنفقوا وأفسدوا ليلة حبيسة كهذه، وهل لامهم أحد؟، وهل علموا أن دعم الدولة قياده وشعبا لايكون بهذا المباشرة السطحية، وأن الدعم والمحتوي المذاع له أسس وله أدوات وله طرق غير مباشرة؟، وهل يعلمون أن الضرر أكثر من النفع في حالة المباشرة السطحية؟، ألم يعلموا أن تهنئة ودودة كانت أفضل دعما، ألم يتخيلوا أن حديثا مبشرا كان هو الدعم بعينه، ألم يخطر ببالهم لقاءا ودودا مع مسئول أو أكثر، ألم يفكروا حتي في بث مادة جاذبة جديده بثمن ما أنفق علي الألعاب الناريه ونقلها، ألم يجدوا في مكتبات قنواتهم إنجازا يطمئن خلق الله في مصر، ألم يحلموا بتقديم صورة متوقعه لمصر الجديده في عام 2021 ألم يقدموا هوية جديدا لوسائلهم كسائر محترفي الإعلام من حولنا؟، وأخيرا: هل تم عقد اجتماعات ومكالمات ورصد ميزانيات لهذا الهراء السطحي الضار؟.
إن ما حدث إعلاميا ليلة رأس السنة لهو دليل واضح علي الفراغ الفكري والإفلاس الإعلامي وعدم الفطنة في صياغة الرسائل وحسن توظيفها واختيار وقتها الملائم، وماحدث يتفق تماما مع ما نعيشه إعلاميا من تشابه النوافذ وتكرار المحتوي وغياب الرؤي وانعدام التخطيط وسطحية الفكر والسباحة ضد تيار الوطن والمواطن، وإنه أدعي أن توضع خطط استراتيجيه مرحلية لإعلام مصر، تحدد أهدافه، وحاجة الوطن والمواطن وتترجم ذلك لمحتوي مهني جاذب ينفذه كوادر تدرك دور الرسالة وحاجة الوطن اليها ويتابعه خبراء يدركون دور الإعلام وحجم ماينفق عليه وأصول صياغة الرسائل غير المباشرة.
ويعلمون أيضا أصول اختيار وقت البث وجمهوره، ثم من يتابع كل ذلك وتأثيره ويقيمه ويصوب مساره وصولا لرسائل إعلاميه مهنيه ذكية ومحتوي جاذب مفيد وشاشات يلتف حولها أبناء الوطن، وعرض لما تحقق وماينفذ مصحوبا بأهداف وتكلفة وإيجابية دوره في بث إعلامي يزرع الأمل في الغد، ويطمئن النفوس ويفند كيد الخائنين ويصوب إنفاق الوطن على وسائل بثه، ذلك هو المرجو من إعلامنا اليوم وما ينتظره الوطن وما يتوقعه المواطن.
ينبغي إعداد رسائل وطنيه ذكيه وحسن توظيفها بمهنية واحتراف ودقة اختيار شكلها ووقت بثها طبقا لجمهورها المستهدف، ولا نسير خلف شعار أهل الإعلام: (ما كل ما يتمني المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن)، ولكن لنرفع شعار الوطن والمواطن(تجري الرياح كما تجري سفينتنا،،نحن الرياح ونحن البحر والسفن)، إن الذي يرتجي شيئا بهمته يلقاه لو حاربته الإنس والجن، فأقصد (إلي قمم الأشياء تدركها، تجري الرياح كما أرادت لها السفن)، وكل عام ومصر وأهلها بألف خير، وللحديث بقايا قادمه…