كتب : أحمد السماحي
بعد أن نشرت مجموعته القصصية الأولى (القمر يقتل عاشقه) حققت نجاحا كبيرا بين أصدقائه وزملائه والمقربين من كاتبنا المبدع الراحل (وحيد حامد)، لكنه بذكائه الفطري شعر أن كلمات أصحابه من باب تشجيع أديب جديد جاء مهاجر من الريف إلى المدينة، وقرر أن يحصل على تأشيرة دخوله إلى عالم الأدب من كاتب كبير، فلم يجد أمامه سوى الكاتب والأديب الكبير (يوسف إدريس) الذي كان فى قمة تألقه وتوهجهه، وقبلة كل الأدباء الشباب.
كان اللقاء – وكما ذكر الكاتب المبدع الراحل فى أحد حوارته – فى مطعم (بابريكا) الشهير والكائن بجوار مبنى (ماسبيرو) حتى اليوم، بعد أن قرأ الأديب الشهير المجموعة لم يبدي يومها أية ملاحظات نقدية للكاتب الشاب سواء ملاحظات إيجابية أو سلبية، ولكنه تحرك نحو نافذة المطعم ثم نده على (وحيد حامد) وأشار بيده نحو مبنى ماسبيرو، وقال للكاتب الشاب: مكانك هناك يا وحيد فى التليفزيون!.
حيث أدرك الكاتب المبدع أن الكاتب الشاب يمتلك مقومات الكتابة الدرامية وليس الأدبية، فأشار إليه حيث يجب أن يكون، وبالفعل سمع (وحيد حامد) نصيحة (يوسف إدريس) واتجه إلى مبنى (الإذاعة والتليفزيون) وعمل بداية فى الإذاعة، الطريف وكما ذكر (وحيد حامد) فى ندوة تكريمه فى مهرجان القاهرة السينمائي الأخير أن الكاتب الكبير (يوسف إدريس) كان كلما قابل (وحيد حامد) أو اتصل به ليهنئه على نجاح عمل فني له، يذكره بأنه أول من دله على الطريق السليم، ويطلب منه مازحا أن يحول عمل أدبي من أعماله لفيلم سينمائي يكتب له السيناريو والحوار وحيد حامد.
وإذا كان (يوسف أدريس) رفض أن يعطيه تأشيرة دخول عالم الأدب، لكنه لم يحبط وظل يكتب، لكن تحولت كتاباته من قصص أدبية إلى مقالات رائعة مليئة بالوجع والاهتمام بكل ما يحدث فى مصر المحروسة، ولعل مقاله الشهير منذ حوالي عامين عن (مستشفي 7575 ) أعطى قبلة حياة للصحافة الورقية، وأكد أنها قادرة على كشف الفساد والتزييف لو وجدت فرسان فى بلاطها مثل كاتبنا المبدع الراحل.
وفى إحدى المرات كتب مقالا للنشر في مجلة (روزاليوسف) وبعد أن انتهى من كتابته، تركه على مائدته المعتادة بفندق (الميريديان)، وذهب ليتمشى قليلا فى طرقات الفندق، وعندما عاد وجد المنتج (عصام إمام) يقرأ المقال، ويقول له فكرة المقال رائعة وتصلح أحداث لفيلم سينمائي، وأنا على استعداد تام لإنتاج هذا الفيلم، فابتسم (وحيد حامد) وقال: على بركة الله.
وكان هذا المقال هو قصة واحد من أقوى وأنجح أفلام وحيد حامد وهو فيلم (طيور الظلام).