نجوم رأس السنة بين الأمس واليوم
كتب : أحمد السماحي
لشد ما تغيرت الدنيا وتغير الناس، ولشد ما تبدلت أوضاع الحياة وأنماطها بين الأمس واليوم، ففي الأربعينات والخمسينات لم تكن القاهرة كما هى الآن، مدينة مترامية الأطراف صاخبة مدوية، يتدافع الناس فيها هذا التدافع المضطرب العنيف، والفوضى تضرب فى جوانبها، كانت القاهرة واحدة من أجمل مدن العالم، تعيش هادئة قانعة، مخمورة بذكريات الماضي، وكان المجتمع القاهري يعيش محكوما بالتقاليد الموروثة والأوضاع المألوفة، فالناس بعضهم لبعض يجمعهم الآخاء والتآلف، وتربطهم المودة والتعاطف، وكانت منازل الأسر المصرية تجتمع فى المناسبات خاصة ليلة (رأس السنة) تلقى فيها الفكاهة الحلوة الممتعة بجوار الأكلة الحلوة الشهية، مع الاستماع لبرامج الإذاعة التى كانت تحرص فى هذا اليوم على نقل مسرحيات لـ (يوسف وهبي والريحاني والكسار)، مع بعض الأغاني المحببة لكوكب الشرق أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وصالح عبدالحي وليلى مراد، وأسمهان، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي وغيرهم من نجوم هذه الفترة.
وتطورت أوضاع الحياة، فخرج الناس من دائرة الهدوء والتحفظ بين جدران المنازل إلى حياة أرحب بالحرية والانطلاق والصخب، فكانوا يرتدون (الملاهي الليلية) والتى كانت عامرة بالغناء والرقص وقراءة الطالع، كما قامت حفلات عامة يشدو فيها نجوم ملء السمع والبصر، وطاب لبعض الأسر أن يقضوا رأس السنة فى الذهاب لسماع ومشاهدة نجم يحبونه أو مطربة يعشقون صوتها، وكان الذهاب لهذه السهرات بمبالغ زهيدة للغاية.
وفي الوسط الفني كانت ليلة رأس السنة، من الليالي التي يحرص النجوم على الاحتفاء بها، من خلال حضور السهرات التي يقيمها بعضهم لاستضافة زملائهم، ليودعوا معا عام مضى ويستقبلون الساعات الأولى من عام جديد، وكان لهم طقوس خاصة من أجل الاحتفال بهذه الليلة، حيث كانوا يحرصون على ارتداء الملابس التي تناسب هذه المناسبة، وكان لا يخلو احتفالهم من مظاهر المرح والسعادة وخفة الدم والمقالب، فقد كانت ليال جميلة تزيد المودة والترابط بين نجوم الفن؛ ليثبتوا لكل محبيهم أنهم رغم المنافسات الفنية الشديدة أصدقاء وأحباب، ومن أشهر النجوم الذين كانوا يقيمون هذه الجلسات (فريد الأطرش، ومحمد فوزي، وصباح، وماجدة، ومريم فخر الدين، ووداد حمدي) وغيرهم.
وعلى صعيد الحفلات والغناء كانت أم كلثوم تبتعد تماما عن إقامة حفلاتها فى هذه الليلة، حيث كانت تفضل قضائها مع بعض الأصدقاء مثل (محمد التابعي، كامل الشناوي، أحمد رامي، القصبجي)، أما (فريد الأطرش) فكان يشترط على متعهدي الحفلات أن تنتهي فقرته فى الواحدة ليعود لمنزله لاستكمال سهرته مع أصدقائه، وكذلك كان يفعل عبدالحليم حافظ.
ومع مرور الأيام والسنين أصبح الاحتفال بأعياد الكريسماس ورأس السنة من الحفلات التى يحتفل فيها نجوم الفن في مصر والعالم العربي بطقوس خاصة كأن يشتروا شجرة عيد الميلاد ويقومون بتزينها، أو إرتداء ملابس بابا نويل، أو ارتداء اللون الأحمر، وغيرها من الطقوس التى أصبحت عادة من عادات نجوم الفن للاحتفال باستقبال العام الجديد.